شوقى فى
رثاء حافظ
قَد كُنتُ
أوثِـرُ أَن تَقـولَ رِثائـي **** يا مُنصِفَ المَوتى مِـنَ الأَحيـاءِ
لَكِن سَبَقتَ وَكُـلُّ طـولِ سَلامَـةٍ **** قَـدَرٌ وَكُــلُّ مَنِـيَّـةٍ بِقَـضـاءِ
الحَقُّ نادى فَاِستَجَبتَ وَلَـم تَـزَل **** بِالحَـقِّ تَحفِـلُ عِنـدَ كُـلِّ نِـداءِ
وَأَتَيتَ صَحراءَ الإِمامِ تَذوبُ مِـن **** طولِ الحَنينِ لِساكِـنِ الصَحـراءِ
فَلَقيتُ في الـدارِ الإِمـامَ مُحَمَّـداً **** فـي زُمـرَةِ الأَبـرارِ وَالحُنَفـاءِ
أَثَرُ النَعيـمِ عَلـى كَريـمِ جَبينِـهِ **** وَمَراشِـدُ التَفسـيـرِ وَالإِفـتـاءِ
فَشَكَوتُما الشَـوقَ القَديـمَ وَذُقتُمـا **** طيبَ التَداني بَعـدَ طـولِ تَنائـي
إِن كانَـتِ الأُلـى مَنـازِلَ فِرقَـةٍ **** فَالسَمحَـةُ الأُخـرى دِيـارُ لِقـاءِ
وَدِدتُ لَو أَنّي فِداكَ مِـنَ الـرَدى **** وَالكاذِبـونَ المُرجِفـونَ فِـدائـي
الناطِقونَ عَنِ الضَغينَـةِ وَالهَـوى **** الموغِرو المَوتى عَلـى الأَحيـاءِ
مِـن كُـلِّ هَـدّامٍ وَيَبنـي مَجـدَهُ **** بِكَرائِـمِ الأَنـقـاضِ وَالأُشَــلاءِ
ما حَطَّموكَ وَإِنَّمـا بِـكَ حُطِّمـوا **** مَن ذا يُحَطِّـمُ رَفـرَفَ الجَـوزاءِ
أُنظُرُهُ فَأَنتَ كَأَمسِ شَأنُـكَ بـاذِخٌ **** في الشَرقِ وَاِسمُكَ أَرفَعُ الأَسمـاءِ
بِالأَمـسِ قَـد حَلَّيتَنـي بِقَصيـدَةٍ **** غَـرّاءَ تَحفَـظُ كَاليَـدِ البَيضـاءِ
غيظَ الحَسودُ لَها وَقُمتُ بِشُكرِهـا **** وَكَمـا عَلِمـتَ مَوَدَّتـي وَوَفائـي
في مَحفَـلٍ بَشَّـرتُ آمالـي بِـهِ **** لَمّا رَفَعتَ إِلـى السَمـاءِ لِوائـي
يا مانِحَ السـودانِ شَـرخَ شَبابِـهِ **** وَوَلِيَّـهُ فـي السِلـمِ وَالهَيـجـاءِ
لَمّا نَزَلـتَ عَلـى خَمائِلِـهِ ثَـوى **** نَبـعُ البَيـانِ وَراءَ نَبـعِ المـاءِ
قَلَّدتَـهُ السَيـفَ الحُسـامَ وَزُدتَـهُ **** قَلَماً كَصَـدرِ الصَعـدَةِ السَمـراءِ
قَلَمٌ جَرى الحِقَبَ الطِوالَ فَما جَرى **** يَـومـاً بِفاحِـشَـةٍ وَلا بِهِـجـاءِ
يَكسـو بِمِدحَتِـهِ الكِـرامَ جَلالَـةً **** وَيُشَيِّـعُ المَوتـى بِحُسـنِ ثَنـاءِ
إِسكَندَرِيَّـةُ يـا عَـروسَ المـاءِ **** وَخَميلَـةَ الحُكَمـاءِ وَالشُـعَـراءِ
نَشَأَت بِشاطِئِـكَ الفُنـونُ جَميلَـةً **** وَتَرَعرَعَـت بِسَمائِـكِ الزَهـراءِ
جاءَتكِ كَالطَيـرِ الكَريـمِ غَرائِبـاً **** فَجَمَعتِـهـا كَالـرَبـوَةِ الغَـنّـاءِ
قَد جَمَّلوكِ فَصِرتِ زَنبَقَـةَ الثَـرى **** لِلـوافِـديـنَ وَدُرَّةَ الــدَأمــاءِ
غَرَسوا رُباكِ عَلى خَمائِـلِ بابِـلٍ **** وَبَنَوا قُصورَكِ في سَنـا الحَمـراءِ
وَاِستَحدَثوا طُرقاً مُنَـوَّرَةَ الهُـدى **** كَسَبيلِ عيسى فـي فِجـاجِ المـاءِ
فَخُذي كَأَمسِ مِـنَ الثَقافَـةِ زينَـةً **** وَتَجَمَّـلـي بِشَبـابِـكِ النُجَـبـاءِ
وَتَقَلَّـدي لُغَـةَ الكِتـابِ فَإِنَّـهـا **** حَجَـرُ البِنـاءِ وَعُـدَّةُ الإِنشـاءِ
بَنَتِ الحَضـارَةَ مَرَّتَيـنِ وَمَهَّـدَت **** لِلمُلـكِ فـي بَغـدادَ وَالفَيـحـاءِ
وَسَمَت بِقُرطُبَـةَ وَمِصـرَ فَحَلَّتـا **** بَيـنَ المَمـالِـكِ ذِروَةَ العَلـيـاءِ
ماذا حَشَدتِ مِنَ الدُمـوع لِحافِـظٍ **** وَذَخَرتِ مِن حُـزنٍ لَـهُ وَبُكـاءِ
وَوَجدتِ مِن وَقـعِ البَـلاءِ بِفَقـدِهِ **** إِنَّ البَـلاءَ مَصـارِعُ العُظَـمـاءِ
اللَـهُ يَشهَـدُ قَـد وَفيـتِ سَخِيَّـةً **** بِالدَمـعِ غَيـرَ بَخيلَـةِ الخُطَبـاءِ
وَأَخَذتِ قِسطاً مِن مَناحَـةِ ماجِـدٍ **** جَـمِّ المَآثِـرِ طَـيِّـبِ الأَنـبـاءِ
هَتَفَ الرُواةُ الحاضِـرونَ بِشِعـرِهِ **** وَحَذا بِـهِ البـادونَ فـي البَيـداءِ
لُبنانُ يَبكيهِ وَتَبكـي الضـادُ مِـن **** حَلَبٍ إِلى الفَيحـاءِ إِلـى صَنعـاءِ
عَرَبُ الوَفاءِ وَفَوا بِذِمَّـةِ شاعِـرٍ **** باني الصُفوفِ مُؤَلَّـفِ الأَجـزاءِ
يا حافِظَ الفُصحى وَحارِسَ مَجدِها **** وَإِمامَ مَـن نَجَلَـت مِـنَ البُلَغـاءِ
ما زِلتَ تَهتِـفُ بِالقَديـمِ وَفَضلِـهِ **** حَتّـى حَمَيـتَ أَمانَـةَ القُـدَمـاءِ
جَـدَّدتَ أُسلـوبَ الوَليـدِ وَلَفظِـهِ **** وَأَتَيـتَ لِلدُنيـا بِسِحـرِ الـطـاءِ
وَجَرَيتَ في طَلَبِ الجَديدِ إِلى المَدى **** حَتّى اِقتَرَنتَ بِصاحِـبِ البُؤَسـاءِ
ماذا وَراءَ المَوتِ مِن سَلوى وَمِـن **** دَعَةٍ وَمِن كَـرَمٍ وَمِـن إِغضـاءِ
اِشرَح حَقائِقَ ما رَأَيتَ وَلَم تَـزَل **** أَهـلاً لِشَـرحِ حَقائِـقِ الأَشيـاءِ
رُتَبُ الشَجاعَةِ في الرِجالِ جَلائِـلٌ **** وَأَجَـلُّـهُـنَّ شَـجـاعَـةُ الآراءِ
كَم ضِقتَ ذَرعاً بِالحَيـاةِ وَكَيدِهـا **** وَهَتفتَ بِالشَكـوى مِـنَ الضَـرّاءِ
فَهَلُمَّ فارِق يَـأسَ نَفسِـكَ ساعَـةً **** وَاِطلُع عَلى الوادي شُعاعَ رَجـاءِ
وَأَشِر إِلى الدُنيا بِوَجـهٍ ضاحِـكٍ **** خُلِقَـت أَسِرَّتُـهُ مِـنَ الـسَـرّاءِ
يـا طالَمـا مَـلَأَ النَـدِيَّ بَشاشَـةً **** وَهَـدى إِلَيـكَ حَوائِـجَ الفُقَـراءِ
اليَومَ هادَنتَ الحَـوادِثَ فَاِطَّـرِح **** عِبءَ السِنينِ وَأَلقِ عِـبءَ الـداءِ
خَلَّفتَ فـي الدُنيـا بَيانـاً خالِـداً **** وَتَرَكـتَ أَجيـالاً مِـنَ الأَبـنـاءِ
لَكِن سَبَقتَ وَكُـلُّ طـولِ سَلامَـةٍ **** قَـدَرٌ وَكُــلُّ مَنِـيَّـةٍ بِقَـضـاءِ
الحَقُّ نادى فَاِستَجَبتَ وَلَـم تَـزَل **** بِالحَـقِّ تَحفِـلُ عِنـدَ كُـلِّ نِـداءِ
وَأَتَيتَ صَحراءَ الإِمامِ تَذوبُ مِـن **** طولِ الحَنينِ لِساكِـنِ الصَحـراءِ
فَلَقيتُ في الـدارِ الإِمـامَ مُحَمَّـداً **** فـي زُمـرَةِ الأَبـرارِ وَالحُنَفـاءِ
أَثَرُ النَعيـمِ عَلـى كَريـمِ جَبينِـهِ **** وَمَراشِـدُ التَفسـيـرِ وَالإِفـتـاءِ
فَشَكَوتُما الشَـوقَ القَديـمَ وَذُقتُمـا **** طيبَ التَداني بَعـدَ طـولِ تَنائـي
إِن كانَـتِ الأُلـى مَنـازِلَ فِرقَـةٍ **** فَالسَمحَـةُ الأُخـرى دِيـارُ لِقـاءِ
وَدِدتُ لَو أَنّي فِداكَ مِـنَ الـرَدى **** وَالكاذِبـونَ المُرجِفـونَ فِـدائـي
الناطِقونَ عَنِ الضَغينَـةِ وَالهَـوى **** الموغِرو المَوتى عَلـى الأَحيـاءِ
مِـن كُـلِّ هَـدّامٍ وَيَبنـي مَجـدَهُ **** بِكَرائِـمِ الأَنـقـاضِ وَالأُشَــلاءِ
ما حَطَّموكَ وَإِنَّمـا بِـكَ حُطِّمـوا **** مَن ذا يُحَطِّـمُ رَفـرَفَ الجَـوزاءِ
أُنظُرُهُ فَأَنتَ كَأَمسِ شَأنُـكَ بـاذِخٌ **** في الشَرقِ وَاِسمُكَ أَرفَعُ الأَسمـاءِ
بِالأَمـسِ قَـد حَلَّيتَنـي بِقَصيـدَةٍ **** غَـرّاءَ تَحفَـظُ كَاليَـدِ البَيضـاءِ
غيظَ الحَسودُ لَها وَقُمتُ بِشُكرِهـا **** وَكَمـا عَلِمـتَ مَوَدَّتـي وَوَفائـي
في مَحفَـلٍ بَشَّـرتُ آمالـي بِـهِ **** لَمّا رَفَعتَ إِلـى السَمـاءِ لِوائـي
يا مانِحَ السـودانِ شَـرخَ شَبابِـهِ **** وَوَلِيَّـهُ فـي السِلـمِ وَالهَيـجـاءِ
لَمّا نَزَلـتَ عَلـى خَمائِلِـهِ ثَـوى **** نَبـعُ البَيـانِ وَراءَ نَبـعِ المـاءِ
قَلَّدتَـهُ السَيـفَ الحُسـامَ وَزُدتَـهُ **** قَلَماً كَصَـدرِ الصَعـدَةِ السَمـراءِ
قَلَمٌ جَرى الحِقَبَ الطِوالَ فَما جَرى **** يَـومـاً بِفاحِـشَـةٍ وَلا بِهِـجـاءِ
يَكسـو بِمِدحَتِـهِ الكِـرامَ جَلالَـةً **** وَيُشَيِّـعُ المَوتـى بِحُسـنِ ثَنـاءِ
إِسكَندَرِيَّـةُ يـا عَـروسَ المـاءِ **** وَخَميلَـةَ الحُكَمـاءِ وَالشُـعَـراءِ
نَشَأَت بِشاطِئِـكَ الفُنـونُ جَميلَـةً **** وَتَرَعرَعَـت بِسَمائِـكِ الزَهـراءِ
جاءَتكِ كَالطَيـرِ الكَريـمِ غَرائِبـاً **** فَجَمَعتِـهـا كَالـرَبـوَةِ الغَـنّـاءِ
قَد جَمَّلوكِ فَصِرتِ زَنبَقَـةَ الثَـرى **** لِلـوافِـديـنَ وَدُرَّةَ الــدَأمــاءِ
غَرَسوا رُباكِ عَلى خَمائِـلِ بابِـلٍ **** وَبَنَوا قُصورَكِ في سَنـا الحَمـراءِ
وَاِستَحدَثوا طُرقاً مُنَـوَّرَةَ الهُـدى **** كَسَبيلِ عيسى فـي فِجـاجِ المـاءِ
فَخُذي كَأَمسِ مِـنَ الثَقافَـةِ زينَـةً **** وَتَجَمَّـلـي بِشَبـابِـكِ النُجَـبـاءِ
وَتَقَلَّـدي لُغَـةَ الكِتـابِ فَإِنَّـهـا **** حَجَـرُ البِنـاءِ وَعُـدَّةُ الإِنشـاءِ
بَنَتِ الحَضـارَةَ مَرَّتَيـنِ وَمَهَّـدَت **** لِلمُلـكِ فـي بَغـدادَ وَالفَيـحـاءِ
وَسَمَت بِقُرطُبَـةَ وَمِصـرَ فَحَلَّتـا **** بَيـنَ المَمـالِـكِ ذِروَةَ العَلـيـاءِ
ماذا حَشَدتِ مِنَ الدُمـوع لِحافِـظٍ **** وَذَخَرتِ مِن حُـزنٍ لَـهُ وَبُكـاءِ
وَوَجدتِ مِن وَقـعِ البَـلاءِ بِفَقـدِهِ **** إِنَّ البَـلاءَ مَصـارِعُ العُظَـمـاءِ
اللَـهُ يَشهَـدُ قَـد وَفيـتِ سَخِيَّـةً **** بِالدَمـعِ غَيـرَ بَخيلَـةِ الخُطَبـاءِ
وَأَخَذتِ قِسطاً مِن مَناحَـةِ ماجِـدٍ **** جَـمِّ المَآثِـرِ طَـيِّـبِ الأَنـبـاءِ
هَتَفَ الرُواةُ الحاضِـرونَ بِشِعـرِهِ **** وَحَذا بِـهِ البـادونَ فـي البَيـداءِ
لُبنانُ يَبكيهِ وَتَبكـي الضـادُ مِـن **** حَلَبٍ إِلى الفَيحـاءِ إِلـى صَنعـاءِ
عَرَبُ الوَفاءِ وَفَوا بِذِمَّـةِ شاعِـرٍ **** باني الصُفوفِ مُؤَلَّـفِ الأَجـزاءِ
يا حافِظَ الفُصحى وَحارِسَ مَجدِها **** وَإِمامَ مَـن نَجَلَـت مِـنَ البُلَغـاءِ
ما زِلتَ تَهتِـفُ بِالقَديـمِ وَفَضلِـهِ **** حَتّـى حَمَيـتَ أَمانَـةَ القُـدَمـاءِ
جَـدَّدتَ أُسلـوبَ الوَليـدِ وَلَفظِـهِ **** وَأَتَيـتَ لِلدُنيـا بِسِحـرِ الـطـاءِ
وَجَرَيتَ في طَلَبِ الجَديدِ إِلى المَدى **** حَتّى اِقتَرَنتَ بِصاحِـبِ البُؤَسـاءِ
ماذا وَراءَ المَوتِ مِن سَلوى وَمِـن **** دَعَةٍ وَمِن كَـرَمٍ وَمِـن إِغضـاءِ
اِشرَح حَقائِقَ ما رَأَيتَ وَلَم تَـزَل **** أَهـلاً لِشَـرحِ حَقائِـقِ الأَشيـاءِ
رُتَبُ الشَجاعَةِ في الرِجالِ جَلائِـلٌ **** وَأَجَـلُّـهُـنَّ شَـجـاعَـةُ الآراءِ
كَم ضِقتَ ذَرعاً بِالحَيـاةِ وَكَيدِهـا **** وَهَتفتَ بِالشَكـوى مِـنَ الضَـرّاءِ
فَهَلُمَّ فارِق يَـأسَ نَفسِـكَ ساعَـةً **** وَاِطلُع عَلى الوادي شُعاعَ رَجـاءِ
وَأَشِر إِلى الدُنيا بِوَجـهٍ ضاحِـكٍ **** خُلِقَـت أَسِرَّتُـهُ مِـنَ الـسَـرّاءِ
يـا طالَمـا مَـلَأَ النَـدِيَّ بَشاشَـةً **** وَهَـدى إِلَيـكَ حَوائِـجَ الفُقَـراءِ
اليَومَ هادَنتَ الحَـوادِثَ فَاِطَّـرِح **** عِبءَ السِنينِ وَأَلقِ عِـبءَ الـداءِ
خَلَّفتَ فـي الدُنيـا بَيانـاً خالِـداً **** وَتَرَكـتَ أَجيـالاً مِـنَ الأَبـنـاءِ
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء