pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


كتاب البلاغة السهلة للأستاذ / عبدالرحمن معوض

 

مقدمة الكتاب

سم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

وبعد  

بدأت أحاديث البلاغة العربية منذ زمن بعيد، وكانت متفرقة في كتب اللغة والأدب والنقد، إذ نجد إرهاصات بلاغية في كتاب سيبويه (180هـ) مثلا، وفي معاني القرآن للفرّاء (207هـ)، ومجاز القرآن لأبي عبيدة (211هـ)، وفحولة الشعراء للأصمعي (216هـ)، وفي كتب الجاحظ (255هـ) كالبيان والتبيين والحيوان، وفي كتاب الشعر والشعراء وأدب الكاتب لابن قتيبة الدّينوري (276هـ)، وفي كتاب الكامل للمبرّد (285هـ) وكتابه الذي سماه رسالة البلاغة

وقد بدأ التأليف في علم البلاغة بوضوح مع ابن المعتز (296هـ) في أواخر القرن الثالث في كتابه (البديع)، الذي جمع فيه فنون البلاغة العربية وحلَّل بعضها، ثم جاء من بعده كتاب (عيار الشعر) لابن طباطبا (322هـ)، وكتاب (نقد الشعر) لقدامة بن جعفر (337هـ)، أضف إلى ذلك ما وجدناه من إرهاصات بلاغية واضحة المعالم في كتاب الآمدي (371هـ) (الموازنة بين الطائيين) حين قارن بين أشعار أبي تمام وأشعار تلميذه البحتري وقيّمها، وكذلك ما نجده في كتاب (الوساطة بين المتنبي وخصومه) للقاضي الجرجاني (392هـ)، ناهيك عن كتاب الصناعتين للعسكري (395هـ)، وكتاب (سر الفصاحة) للخفاجي (466هـ)، وكتاب (العمدة) لابن رشيق القيرواني (ت456هـ ))

ولكَ أن تستمع إلى أبي هلال العسكري وهو يقول في مقدمة كتابه «الصناعتين» "إن أحق العلوم بالتعلم، وأولاها بالتحفظ - بعد المعرفة بالله جل ثناؤه- علم البلاغة ومعرفة الفصاحة، الذي به يعرف إعجاز كتاب الله تعالى، الناطق بالحق، الهادي إلى سبيل الرشد، المدلول به على صدق الرسالة وصحة النبوة، التي رفعت أعلام الحق، وأقامت منار الدين، وأزالت شبه الكفر ببراهينها، وهتكت حجب الشك بيقينها. لقد علمنا أن الإنسان إذا أغفل علم البلاغة، وأخل بمعرفة الفصاحة لم يقع علمه بإعجاز القرآن من جهة ما خصه الله به من حسن التأليف، وبراعة التركيب، وما شحنه به من الإيجاز البديع، والاختصار اللطيف، وضمنه من الحلاوة، وجلله من رونق الطلاوة، مع سهولة كلمه وجزالتها، وعذوبتها وسلاستها، إلى غير ذلك من محاسنه التي عجز الخلق عنها، وتحيرت عقولهم فيها

أمّا الشرارة التي فجرت العمل على وضع علم البلاغة والتقعيد له، فكانت في سبيل خدمة النص القرآني أيضا، لكنها جاءت بهيئة الردّ على نظريّة "الصّرفة" التي جاء بها أبو إسحق إبراهيم النّظام (221هـ)، أحد أهمّ شيوخ المعتزلة، ونظرية الصرفة هذه، التي جاء بها النّظام، يقصد بها في اصطلاح المتكلمين صرف العرب عن إجابة التحدي الرباني والإتيان بمثل القرآن الكريم رغم قدرتهم على ذلك، فهي تبطل القول بإعجاز القرآن الكريم وعدم القدرة على الإتيان بمثله، فالعرب صُرِفُوا عن فعل ذلك، إذ يقول "الآية والأعجوبة في القرآن ما فيه من الإخبار عن الغيوب، فأمّا التأليف والنَّظم فقد كان يجوز أن يقدر عليه العباد لولا أنّ الله منعهم بمنع وعجز أَحدثهما فيهم"

لذلك يمكننا القول إن أول من صاغ هذا العلم في مباحث وضمّ بعضها إلى بعض، وجمع أشتاتها هو الإمام عبد القاهر الجرجاني (471هـ) في كتابيه "أسرار البلاغة"، الذي بحث فيه عن الوجوه التي تكسب القول شرفا وتكسوه جلالا، من جهة اشتماله على استعارة مستحسنة، أو كناية لطيفة، أو تمثيل بليغ، أو تشبيه طريف، فهو ينظم مباحث علم البيان بالمعنى المعروف اليوم، والكتاب الثاني "دلائل الإعجاز" الذي يجمع بين دفتيه مباحث علم المعاني

ثم إن الدارس لعلم البلاغة فى كتب الثراث القديمة يعانى من صعوبة عرض الكتب وذلك بسبب اختلاف الزمان وتغيير الحياة عن زمن كتابة تلك القدم الثراثية الخالدة فى علم البلاغة – فقد اشتغلت فى تدريس اللغة العربية بفروعها المختلفة لفترة تزيد على ربع قرن وأثناء دراستى لفروعها المختلفة كنت أكتب تلخيصا لتلك الدروس تساعدنى وتساعد الطلاب  على التعلم بسهولة ومن تلك الدروس مجموعة من الدروس جمعتها فى علم  البلاغة وحرصت من خلالها أن أعرض الدروس بطريقة سهلة وجذابة 

ثم إنى رأيت أن أخرج هذه الدروس المختارة للناس  فى كتاب واحد وسميته البلاغة السهلة عسى أن ينتفع بها بعض الدارسين للغة العربية وعسى أن تنالنى من أحدهم دعوة صادقة تنفعنى بعد موتى وأجد أثرها عند الله تعالى  وحرصت على عرضها بطريقة تخفف من نفور الطلاب من الكتب القديمة وتساعد المعلمين والمتعلمين على دراسة علم البلاغة

وأرجو أن أنال بها الثواب من الله تعالى عملا  بقول الرسول صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ :

   " إِ ذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ  " رَوَاهُ مُسْلِم .

وأسأل الله تعالى أن يتقبل منى هذا العمل المتواضع  ولا يحرمنى ثوابه والله من وراء القصد

ولكى أنال ما أتمنى من جمع هذه الدروس فقد جعلت حقوق الطبع لهذا الكتاب محفوظة لكل مسلم عسى أنال منه دعوة صادقة تنفنى بعد موتى وفى النهاية هذا جهد بشرى يحتمل الخطأ والنسيان  وأرجو أن أكون وفقت فى عرضه بشكل ينال تقدير القارئ له والله من وراء القصد  

وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب

جمهورية مصر العربية

محافظة الدقهلية  - السنبلاوين

                                                  الأستاذ / عبدالرحمن معوض

                                                     معلم خبير لغة عربية 

                                                        هاتف ( 01063431782 )

 

الباب الأول :  تعريف البلاغة :

البـــــلاغــــة

علم البلاغة :

لعبت علوم البلاغة دوراً كبيراً في تاريخ العرب من حيث تخليد البلغاء وضربهم للناس أمثلةً يحتذون بها، ورفع شأن الشخص أو الخطيب أو الشاعر، وقد وضعت البلاغة لخدمة القرآن الكريم، وكلام النبيّ محمّد، عليه أفضل الصلاة والسلام، وأيضاً لخدمة البشرية عامة، وقد أسّس علماء المسلمين علم البلاغة لغرض خدمة رسالتي الدعوة الى الله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

 وتعرف البلاغة بأنّها الوصول والانتهاء إلى الشيء، مثل قوله تعالى: " وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ " ، أي بمعنى وصل ، وبلغ التاجر السوق أي وصل التاجر السوق، ومبلغ الشيء منتهاه، فالبلاغة تدلّ في اللغة على إيصال معنى الخطاب كاملاً إلى المتلقي، سواء أكان سامعاً أم قارئاً، كما أنّ الإنسان يوصف بأنه بليغ حين يكون قادراً على إيصال المعنى إلى المستمع بإيجاز ولديه القدرة على الإقناع بواسطة كلامه وأسلوبه .

تعرف البلاغة بأنها مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال، أو سوق الكلام الفصيح على مقتضى الحال بحسب المقامات، كما أنّ البلاغة لا تكون وصفاً للكلمة أو المتكلّم، إنّما تكون وصفاً للكلام، وتحمّل البلاغة معاني كثيرة في ألفاظ قليلة، فالبلاغة كلمة تستخدم لتكشف عن بقية الكلام بإيجاز وإيصال للمعنى، والبلاغة أيضاً تكون ضد العيّ، والعيّ هنا معناه العجز عن البيان .

مفهوم البلاغة :

لغة :-  البلاغة هي أحد علوم اللغة العربية، وهي اسم مشتقّ من الفعل بَلَغَ، أي بمعنى وَصَلَ إلى النهاية، وقد سمّيت البلاغة بهذا الاسم ؛ لأنّها تنهي المعنى إلى قلب المستمع ممّا يؤدّي إلى فهمه .

تعريف البلاغة اصطلاحاً :

المفهوم القديم :

 هي  :  مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال

فالكلام لا يكون بليغا إلا إذا كان مطابقا لحال صاحبه وحال السامع أو القارئ نفسيا وفكريا   ومطابقا للموقف الذي يقال فيه فالكلام الموجه إلى العامة غير الموجه لأصحاب الفكر والثقافة – والحالة النفسية للأديب تؤثر في اختيار الألفاظ وصياغة العبارة .

المفهوم الحديث : هي : التعبير عن المعنى الرفيع  الذي يحس به الأديب من فرح أو حزن أو إعجاب  بعبارة صحيحة لها في النفس أثر جذاب  مع مراعاة الكلام م لمقتضى الحال  .

أهمية دراسة علم البلاغة :

لدراسة البلاغة أهمية كبيرة في حياتنا وفي مجالات متعددة ومتنوعة في الكون، ومن أهمّ فوائد دراسة علم البلاغة :

 1- تساعد البلاغة على معرفة معاني القرآن، وأسرارالتعبير فيه، والوجوه المحتملة لجمله وتراكيبه .

  2- تساعد على اختيار النصوص البليغة من الشعر والنثر وغيرها من أضرب الكلام   وتنمي القدرة على تمييز الكلام الحسن من الرديء .

 3- تساعد المتكلم على صياغة كلامه وفقاً للمناسبة، وتعين القارئ على إدراك جمال أو قبح ما يقرأ، وتعطي الناقد آلات النقد وأحكامه إدراك وفهم الجمل التي يتم قرائتها .

  4- القدرة على إنتقاد النصوص الأدبية بطريقةٍ صحيحةٍ وخاليةٍ من الأخطاء.

مؤسس علم البلاغة :

يوجد إجماع كبير على أن مؤسس علم البلاغة هو عبد القاهر الجرجاني ولكن اختلف ابن خلدون معهم في الرأي وصرح بأنه أول من الټفت إلى أساسيات علم البلاغة هو السكاكي وذلك لأن هذا العلم اكتشفه عدد كبير من العلماء ف بالتالي لم يتم تحديد مؤسس واحد لهذا العلم ولكن أشهر علماء البلاغة هم :
أبو عبيدة معمر بن المثنى .
أبو عمر عثمان بن بحر الجاحظ .
أبو بكر الباقلاني .
أبو بكر عبد القاهر الجرجاني .

وعبد القاهر الجرجاني هو واضع فن البلاغة ومؤسسها، وذلك من خلال تصريح أكثر عالم جليل ورفيع منهم حمزة الحسيني مؤلف كتاب الطراز في علوم حقائق الإعجاز حيث ذكر في مقدمة كتابه أن الجرجاني هو أول من أسس قواعد فن البلاغة وأوضح براهينه، وأظهر فرائده حيث فكّ قيد الغرائب بالتقييد وفتح أزاهره من أكمامها .

فهو يعتبر المؤسس الحقيقي لعلم البلاغة، وكذلك المبدع الأول لفكرة النظم التي كشفت عن الوجه الأعظم في إعجاز القرآن الكريم من خلال بلاغته وحسن نظمه، وقطع بذلك الجدل القائم بين العلماء، فمنهم من أرجع الحسن للفظ، ومنهم من أرجعه للمعنى؛ لأنه أشرف، حتى جاء عبد القاهر بنظرية النظم، فبين أن الحسن هو في النظم وتوخي معاني النحو، وأنه لا فضل للفظ ، ولا فضل للمعنى، إنما حسن اللفظ نابع من تبعيته للنظم ، فاللفظة الواحدة تكون حسنة في نظم ، وهي ذاتها تكون قبيحة في نظم آخر، فدل ذلك على أن معيار الحسن والقبح، أو البلاغة وعدمها، إنما هو في نظم الكلام، ووقوع تلك اللفظة في ذلك النظم  .


<iframe src="https://drive.google.com/file/d/1e9RL7i04MO4cSuV3SxzLGMZ5Ofx_IGWs/preview" width="640" height="480" allow="autoplay"></iframe><iframe src="https://drive.google.com/file/d/1e9RL7i04MO4cSuV3SxzLGMZ5Ofx_IGWs/preview" width="640" height="480" allow="autoplay"></iframe>


شكرا لتعليقك