كان أبو الأسود الدؤلي من أكبر الناس عند معاوية بن أبي سفيان و أقربهم
مجلسا، و كان لا ينطق إلا بعقل و لا يتكلم إلا بعد فهم. فبينما هو ذات يوم جالس و عنده وجوه
قريش و أشراف العرب إذ أقبلت أمراة أبي الأسود حتى حاذت معاوية و قالت: السلام عليك يا
أمير المؤمنين و رحمة الله و بركاته، إن الله جعلك خليفة في البلاد و رقيبا على
العباد، يستسقى بك المطر و يستنبت بك الشجر و تؤلف بك الأهواء و يأمن بك الخائف و
يردع بك الجائف، فأنت الخليفة المصطفى و الإمام المرتضى، فأسأل الله لك النعمة في
غير تغيير و العافية من غير تعذير، قد ألجأني إليك يا أمير المؤمنين أمر ضاق علي
فيه المنهج و تفاقم علي منه المخرج، لأمر كرهت عاره لما خشيت إظهاره، فلينصفني
أمير المؤمنين من الخصم فأني أعوذ بعقوته من العار الوبيل و الأمر الجليل الذي
يشتد على الحرائر ذوات البعول الأجائر. فقال لها معاوية: و من بعلك هذا الذي
تصفين من أمره المنكر و من فعله المشهر؟ فقالت: أبو الأسود الدؤلي.
فالتفت إليه و قال: يا أبا الأسود، ما تقول هذه المرأة؟
فقال أبو الأسود: هي تقول من الحق بعضا و لن يستطيع أحد عليها نقضا، أما ما ذكرت من طلاقها فهو حق و أنا مخبر عنه أمير المؤمنين بالصدق، و الله يا أمير المؤمنين ما طلقتها عن ريبة ظهرت و لا لأي هفوة حضرت، و لكن كرهت شمائلها فقطعت عني حبائلها.
فقال معاوية: و أي شمائلها يا أبا الأسود كرهت؟ فقال: يا أمير المؤمنين إنك مهبجها علي بجواب عتيد و لسان شديد.
فقال معاوية: لا بد لك من محاورتها فاردد عليها قولها عند مراجعتها.
فقال أبو الأسود: يا أمير المؤمنين إنها كثيرة الصخب دائمة الذرب، مهينة للأهل مؤذية للبعل، مسيئة إلى الجار مظهرة للعار، إن رأت خيرا كتمته و إن رأت شرا أذاعته.
فقالت: و الله لولا مكان أمير المؤمنين و حضور من حضره من المسلمين لرددت عليك بوادر كلامك بنوافذ أقرع بها كل سهامك، و إن كان لا يجمل بالمرأة الحرة أن تشثم بعلا و لا أن تظهر لأحد جهلا.
فقال معاوية: عزمت عليك لما أجبته. فقالت: يا أمير المؤمنين ما علمته إلا سئولا جهولا، ملحا بخيلا، إن قال فشر قائل، و إن سكت فذو دغائل، ليث حين يأمن و ثعلب حين يخاف، شحيح حين يضاف، إذا ذكر الجود انقمع لما يعرف من قصر رشائه و لؤم آبائه، ضيفه جائع و جاره ضائع، لا يحفظ جارا و لا يحمي ذمارا و لا يدرك ثارا، أكرم الناس عليه من أهانه و أهونهم عليه من أكرمه.
فقال معاوية: سبحان الله لما تأتي به هذه المرأة من السجع! فقال أبو الأسود: أصلح الله أمير المؤمنين إنها مطلقة، و من أكثر كلاما من مطلقة؟ ثم قال لها معاوية: إذا كان رواحا فتعالي أفصل بينك و بينه بالقضاء.
فلما كان الرواح جاءت و معها ابنها قد احتضنته، فلما رآها أبو الأسود قام إليها لينتزع ابنها منها، فقال معاوية: يا أبا الأسود، لا تعجل المرأة أن تنطق بحجتها.
قال: يا أمير المؤمنين، أنا أحق بحمل ابني منها، فقال له معاوية: يا أبا الأسود، دعها تقل، فقال: يا أمير المؤمنين، حملته قبل أن تحمله. فقالت: صدق و الله يا أمير المؤمنين، حمله خفا و حملته ثقلا، إن بطني لوعاؤه و إن ثديي لسقاؤه و إن حجري لفناؤه. فقال معاوية: سبحان الله لما تأتين به، ثم قال لأبي الأسود: إنها قد غلبتك في الكلام فتكلف لها أبياتا لعلك تغلبها. فأنشأ يقول:
مرحبا بالتي تجور علينا ثم سهلا بالحامل المحمول
أغلقت بابها علي و قالت: إن خير النساء ذات البعول
فالتفت إليه و قال: يا أبا الأسود، ما تقول هذه المرأة؟
فقال أبو الأسود: هي تقول من الحق بعضا و لن يستطيع أحد عليها نقضا، أما ما ذكرت من طلاقها فهو حق و أنا مخبر عنه أمير المؤمنين بالصدق، و الله يا أمير المؤمنين ما طلقتها عن ريبة ظهرت و لا لأي هفوة حضرت، و لكن كرهت شمائلها فقطعت عني حبائلها.
فقال معاوية: و أي شمائلها يا أبا الأسود كرهت؟ فقال: يا أمير المؤمنين إنك مهبجها علي بجواب عتيد و لسان شديد.
فقال معاوية: لا بد لك من محاورتها فاردد عليها قولها عند مراجعتها.
فقال أبو الأسود: يا أمير المؤمنين إنها كثيرة الصخب دائمة الذرب، مهينة للأهل مؤذية للبعل، مسيئة إلى الجار مظهرة للعار، إن رأت خيرا كتمته و إن رأت شرا أذاعته.
فقالت: و الله لولا مكان أمير المؤمنين و حضور من حضره من المسلمين لرددت عليك بوادر كلامك بنوافذ أقرع بها كل سهامك، و إن كان لا يجمل بالمرأة الحرة أن تشثم بعلا و لا أن تظهر لأحد جهلا.
فقال معاوية: عزمت عليك لما أجبته. فقالت: يا أمير المؤمنين ما علمته إلا سئولا جهولا، ملحا بخيلا، إن قال فشر قائل، و إن سكت فذو دغائل، ليث حين يأمن و ثعلب حين يخاف، شحيح حين يضاف، إذا ذكر الجود انقمع لما يعرف من قصر رشائه و لؤم آبائه، ضيفه جائع و جاره ضائع، لا يحفظ جارا و لا يحمي ذمارا و لا يدرك ثارا، أكرم الناس عليه من أهانه و أهونهم عليه من أكرمه.
فقال معاوية: سبحان الله لما تأتي به هذه المرأة من السجع! فقال أبو الأسود: أصلح الله أمير المؤمنين إنها مطلقة، و من أكثر كلاما من مطلقة؟ ثم قال لها معاوية: إذا كان رواحا فتعالي أفصل بينك و بينه بالقضاء.
فلما كان الرواح جاءت و معها ابنها قد احتضنته، فلما رآها أبو الأسود قام إليها لينتزع ابنها منها، فقال معاوية: يا أبا الأسود، لا تعجل المرأة أن تنطق بحجتها.
قال: يا أمير المؤمنين، أنا أحق بحمل ابني منها، فقال له معاوية: يا أبا الأسود، دعها تقل، فقال: يا أمير المؤمنين، حملته قبل أن تحمله. فقالت: صدق و الله يا أمير المؤمنين، حمله خفا و حملته ثقلا، إن بطني لوعاؤه و إن ثديي لسقاؤه و إن حجري لفناؤه. فقال معاوية: سبحان الله لما تأتين به، ثم قال لأبي الأسود: إنها قد غلبتك في الكلام فتكلف لها أبياتا لعلك تغلبها. فأنشأ يقول:
مرحبا بالتي تجور علينا ثم سهلا بالحامل المحمول
أغلقت بابها علي و قالت: إن خير النساء ذات البعول
شغلت نفسها علي
فراغا
هل سمعتم بالفارغ المشغول
فأجابته:
ليس من قال بالصواب و بالحق كمن جار عن منار السبيل
كان ثديي سقاؤه حين يضحى ثم حجري فناؤه بالأصيل
لست أبغى بواحدي يا بن حرب بدلا ما علمته و الخليل
فقضى لها معاوية عليه و احتملت ابنها و انصرفت
فأجابته:
ليس من قال بالصواب و بالحق كمن جار عن منار السبيل
كان ثديي سقاؤه حين يضحى ثم حجري فناؤه بالأصيل
لست أبغى بواحدي يا بن حرب بدلا ما علمته و الخليل
فقضى لها معاوية عليه و احتملت ابنها و انصرفت
أوصى الرجل الصالح أبو الأسود الدؤلي رحمه الله تعالى ابنته
بهذه الوصية ليلة زفافها:
إياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق..
وعليك بالزينة وأزين الزينة الكحل..
وعليك بالطيب وأطيب الطيب الماء..
وكوني كما قلت لأمك يوما ما:
خذِ العفو مني تستديمي مودتي......ولاتنطقي في ثورتي حين أغضب
فإني وجدت الحب في القلب والأذى.....إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب
إياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق..
وعليك بالزينة وأزين الزينة الكحل..
وعليك بالطيب وأطيب الطيب الماء..
وكوني كما قلت لأمك يوما ما:
خذِ العفو مني تستديمي مودتي......ولاتنطقي في ثورتي حين أغضب
فإني وجدت الحب في القلب والأذى.....إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء