الكناية
الكناية : تعبير يقال ويراد لازم معناه مع جواز إرادة المعنى
الأصلي بمعنى لو قلنا " مصر كثيرة الأسلحة " فما نقصده هو ما
يلزم عن ذلك القول من أن مصر قوية مع جواز أن نقصد كثرة الأسلحة بالفعل
وعندما نقول : فلان بيته مفتوح دائما فنحن نريد ان نقول انه يتصف بصفة الكرم مع
جواز إرادة المعنى الأصلى وهو أن البيت مفتوح لسبب أخر مثل عدم وجود الباب مثلا
مثال
آخر: قال تعالى (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ)
لو تأملنا الآية السابقة نجد أن المقصود
من هذه الآية ليس المعنى الحقيقي وهو عض اليدين، وإنما يقصد: (الندم الشديد) حيث إن
من ظلم نفسه بكفره بالله ورسوله ولم يستجب لدعوة الإيمان يرى مصيره المرعب يوم القيامة
فيندم على ما كان منه في الحياة في وقت لا ينفع فيه الندم ، فيعض على يديه
وللكناية أنواع
ثلاثة :-
1-
كناية عن صفة 2- كناية عن موصوف 3- كناية عن نسبة
أولا - الكناية عن
صفة :
هى التي
يكنى فيها عن صفة لازمة لمعناه (كالكرم - العزة - القوة
- الكثرة ...)
مثال
: قال تعالى (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ
وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ)
مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ كناية عن صفة البخل
تَبْسُطْهَا
كُلَّ الْبَسْطِ كناية عن صفة التبذير
فلان ألقى سلاحه (كناية عن صفة الاستسلام) .
مثل قول الخنساءِ
طويلُ النِّجادِ رَفِيعُ العِمَادِ
كثيرُ الرَّمَادِ إذا مَا شَتَا
َقَد
وَرَدَ فِي بيتِ الخَنْسَاءِ ثلاثَةُ أوصَافٍ لصَخْرَ هي: طويلُ النِّجادِ, ويَعنِي
فِي الأصلِ أنَّ مَحمِلَ سيفِهِ طويلٌ،فهى كناية عن صفة الطول ورَفِيعُ العِمَادِ, ويَعنِي فِي الأصَلِ أنَّ عَمودَ
بَيتِهِ مرتَفِعٌ،كناية عن صفة ارتفاع
المنزلة وكثيرُ الرَّمَادِ, ويَعنِي فِي الأصلِ
أنَّ مُخَلَّفَاتِ نارِهِ كثيرةٌ.كناية عن
صفة الكرم
- للبارودي
وهو يتحدث عن الخديو إسماعيل :
يَوَدُّ الفتَى أنْ يجمعَ
الأرضَ كُلَّها إليه ولمَّا يَدْرِ ما
اللهُ صانِعُ
البيت صفة الطمع والفتى كناية عن موصوف وهو الخديو إسماعيل
ثانيا الكناية عن موصوف : وهى التي يكنى فيها عن ذات أو موصوف
(العرب - اللغة - السفينة) وهى تفهم من العمل أو الصفة أو
اللقب الذي انفرد به الموصوف .
*مثال
:(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ) كناية عن سيدنا يونس .وهو موصوف
*قال
الشاعر : يا ابنة اليم ما أبوك بخيل
ماله مولعا بمنع وحبس كناية عن
السفينة .وهى موصوف
: يقولُ
الشَّاعرُ:
الضاربين بِكُلِ أَبيضَ مِخْذَمٍ
وَالطاعِنين مَجامِعَ الأَضغان
أرادَ
الشَّاعرُ أنْ يَصِفَ ممدوحِيهِ بأنَّهم يطعنونَ القلوبَ وقتَ الحَربِ, فانصَرَفَ
عَنِ التَّعبِيرِ بالقلوبِ إِلَى مَا هُوَ أملحُ وأوقَعُ فِي النَّفسِ وهُوَ
"مجامعُ الأضغانِ", لأنَّ القلوبَ تُفهمُ مِنهُ, إذ هِيَ مُجتَمَعُ
الحِقْدِ والبُغْضِ والحَسَدِ وغيرِهَا. ولَا يَخفَى أنَّ مَا أرادَ الشَّاعِرُ أنْ
يَكْنِيَ عَنهُ لَيسَ صِفَةً, لأنَّه صَرَّحَ بِتِلكَ الصِّفَةِ فِي كَلَامِهِ, وإنَّما
أرَادَ المَعنَى البَعيدَ, فذَكَرَ صِفَةً مُختَصَّةً كانًتْ كِنَايَةً عَنِ المَوصُوفِ
ثالثا الكناية عن نسبة : وهى التي يصرح فيها بالصفة ولكنها تنسب
إلى شئ متصل بالموصوف (كنسبته إلى الفصاحة - البلاغة - الخير)
حيث نأتي فيها بصفة لا تنسب إلى الموصوف مباشرة بل تنسب إلى شيء متصل به ويعود عليه
.
*مثال
: قال الشاعر : أبو نواس في مدح والي مصر :
فما جازه جود ولا حل دونه ولكن يسير الجود حيث يسير
فقد
نسب الجود إلى شيء متصل بالممدوح وهو المكان الذي يوجد فيه ذلك الممدوح .
*مثال
: الفصاحة في بيانه والبلاغة في لسانه
كناية
عن نسبة هذا الشخص إلى الفصاحة ؛ لأنها في بيانه وإلى البلاغة ؛ لأنها في لسانه .
ج- يقولُ
زيادٌ الأعجمُ فِي مدحِ عبدِ اللهِ بنِ الحَشْرَجِ:
إِنَّ السَّماحَةَ وَالمُروءَةَ وَالنَّدى
في قُبَّةٍ ضُرِبَت عَلى ابنِ الحَشرَجِ
فَقَد
أرادَ الشَّاعِرَ - هنَا - أنْ يَنسِبَ إلَى ممدوحِهِ سَمَاحَةَ النَّفسِ والمروءةَ
والنَّدى, فَعَدَلَ عَن نِسبَتِهَا إليهِ مباشرةً, وتَرَكَ التَّصريحَ بالاسمِ بأنْ
يقولَ: "ابنُ الحشرجِ مختصٌّ بِهَا" بَلْ نسبَ إِلَى مَكانِهِ وهُوَ القبَّةُ
المضروبَةُ عَليهِ, وقَالَ: إنَّ هَذِهِ الصِّفاتِ فِي القبَّةِ الَّتي ضُرِبَتْ
عَلَيهِ: ونسبَةُ الصِّفاتِ إلَى القبَّةِ تَستَلزِمُ نسبتَهَا إلَى المَمدُوحِ, فالانتقالُ
مِنْ جهةِ أنَّه إذَا أثبتَ الأَمرَ فِي مَكَانِهِ فَقَد أثبتَ له.
*. وقول
البحتريَِّ:
أو ما رأيتَ المجْدَ ألقى رحلَهُ في آل طلحةَ ثمَّ لم ْ يتحوَّلِ
وذلك في الكنايةِ عن نسبةِ الشرف إلى آل طلحةَ.
الأمثلة
|
نوع الكناية
|
كناية عن
|
- إذا بلغ الرضيع لنا فطاما تخر
له الجبابرله ساجدينا
-
فالخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
-
يهوى السياح زيارة مصر
وما يك فيّ من عيب فإني جبان الكلب
مهزوم الفصيل
وفي
الحرب العوان ولدت طفلا ومن
لبن المعامع قد سقيت
|
كناية عن صفة
|
القوة
الشهرة
كثرة أثارها
الكرم
الشجاعة
|
- وبناة الأهرام في سالف
الدهر كفوني الكلام عند التحدي
: يا
بْنَةَ اليَمِّ ما أبوكِ بَخِيلٌ
مَالَهُ مُولَعًا بمَنْعٍ
وحَبْسِ ؟
-
"وحملناه على ذات ألواح ودسر
-
" لتنذر أم القرى"
- يَوَدُّ الفتَى أنْ يجمعَ الأرضَ كُلَّها إليه ولمَّا يَدْرِ ما اللهُ صانِعُ
قوم
ترى أرماحهم يوم الوغى
مشغولة بمواطن الكتمان
فلما شَربناها ودَبَّ دبيبُها إلى مَوْضع
الأسْرار قلتُ لها قفي
|
كناية عن موصوف
|
الفراعنة
السفينة
السفينة
مكة
الخديوى
القلب
القلب
|
- فما حازه جود ولا حل دونه ولكن يسير الجود حيث يسير
- بين
برديك يا صبية كنز من نقاء معطر معشوق
-
وبعينيك يا صبية حزن ساهم اللمح مستطار البريق
-
الجود بين ثيابه والمجد حول ركابه
اليمــــن يتبــــع ظلــــه
والمجد يمشي في ركابه
|
كناية عن نسبة
|
الجود
الطهر
الحزن
الجود والرفعة
|
تأمل الجدول
السابق تلاحظ ما يلي : -
1- يظهر من الأمثلة أن سر جمال الكناية أنها تأتي
بالمعنى مصحوبا بالدليل عليه
2- كناية عن صفة يكون الهدف منها الاستدلال على وجود صفة
ما مع عدم ذكر هذه الصفة مباشرة في العبارة
3- الكناية عن الموصوف يذكر فيها المتكلم أحد صفات
الموصوف ويقصد الموصوف نفسه
4- الكناية عن نسبة يذكر فيها الصفة والموصوف ولكن لا
تنسب تلك الصفة إلى الموصوف مباشرة.
5- الكناية تختلف من بيئة لأخرى فما يكنى به عن شيء في
بيئة معينة قد لا يكنى به عن نفس الشيء في بيئة أخرى فقد يكنى بكثرة الخيول عن
القوة في البيئة الجاهلية لكن لا يكنى بها عن القوة في العصر الحديث " عصر
الطائرات والمدمرات "
بين الكناية فيما يأتي واشرحها مبينا سر
جمالها:
- لا يفخرون إذا نالوا عدوهم وإن أصيبوا فلا خور ولا جُزُعُ
-لا
ينزل المجد إلا فى منازلنا كالنوم ليس له مأوى سوى المقل
- إذا
ما غزوا بالجيش حلق فوقهم عصائب طير تهتدى بعصائب
- وقال
في مدح كافور:
إنّ في ثَوْبِكَ الذي المَجْدُ فيهِ
لَضِيَاءً يُزْري بكُلّ ضِيَاءِ
قال
الشاعر:
وما يك فيّ من عيب فإني جبان الكلب
مهزوم الفصيل
فهنا
كنايتان كلاهما عن الكرم، الأولى : جبان الكلب والمقصود أن الكلب إذا تعود كثرة الضيفان
فإنه يترك النباح وبهذا نستدل على أن المراد ليس الصفة المذكورة بل المقصود الكرم،
والثانية : مهزول الفصيل والمقصود أنه من كثرة الضيفان وما يشربون من اللبن أو ما يتسببون
به من ذبح لأم الفصيل لإطعامهم يحصل بذلك هزال وضعف للفصيل.
قال
المتنبي : فمساهم وبسطهم حرير وصبحهم وبسطهم
تراب
فالشطر
الأول : كناية عن العز وهي كناية عن صفة، والشطر الثاني كناية عن الذل والفقر وهي كناية
عن صفة أيضاً وإليك عدداً من الكنايات:
كقول
شوقي:
ولي
بين الضلوع دم ولحم هما الواهي الذي ثكل
الشباب
فقوله
(بين الضلوع دم ولحم) كناية عن موصوف وهو ( القلب) ولعلك تلحظ أن الموصوف لم يذكر وإنما
ذكرت الصفة الدالة عليه وهي الدم واللحم والنسبة وهي كونه بين الضلوع.
. مثل
قول الشاعر :
بيض
المطابخ لا تشكو ماؤهم طبخ القدور ولا غسل المناديل
كنية
عن صفة البخل .
مثال
... قول الخنساء :
طويل النجاد رفيع العماد ساد
عشيرته أمــــرادا
أرادت
الخنساء أن تصف أخاها بالشجاعة والكرم والنبوغ المبكر فعدلت عن تصريح هذه الصفات
إلى
الكناية عنها .
أ ) طويل النجاد : لأن طول حمالة السيف ( النجاد ) يستلزم
طول صاحبه ،ويلزم من طول الجسم قوة صاحبه .
ب) رفيع العماد : العماد هو العمود الخشبي الذي يحمل الخيمة
وكلما كان طويلاً دل على عظمة مكانة صاحبه
ج) أمردا : أي لم تنبت لحيته بعد ، وهذا دليل على زعامته
لقومه مبكراً .
مثل
قول الشاعر في فضل كلية دار العلوم للغة العربية بجامعة القاهرة :
وجدت فيك بنت عدنان داراً ذكرتها بداوة الأعراب
بنت
عدنان : كناية عن موصوف وهي اللغة العربية .
: س1 : كيف أفرق بين الكناية والاستعارة
؟
جـ
: الفرق أن في الاستعارة هناك قرينة تمنع وجود المعنى الحقيقي، فحين أقول: رأيت أسداً
يحكي بطولاته ، فـ( أسد ) هنا استعارة، والقرينة (يحكي) وهذه القرينة مانعة لإرادة
المعنى الحقيقي ، فلا يوجد أسد يحكي أو يتكلم ، بينما في الكناية لا توجد قرينة تمنع
وجود المعنى الحقيقي،
1 التعليقات:
انقر هنا لـ التعليقات💛💛💛💛💛💛💛💛
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء