قصيدة بشار بن برد
جفا ودهُ فازور أو مل صاحبهُ
- التعريف بالشاعر:
91- 168هـ / 713 - 783 م
بَشّارِ بن بُرد بن يرجوخ العُقيلي، يكنى أبا معاذ، أشعر
المولدين على الإطلاق. أصله من طخارستان غربي نهر جيحون ونسبته إلى امرأة عقيلية قيل
إنها أعتقته من الرق. ولد مكفوفا لأب يعمل طيانا، نشأ في البصرة وقدم بغداد، وأدرك
الدولتين الأموية والعباسية، قال الشعر في سن مبكرة، فما كاد يبلغ العاشرة حتى تفجَّرت
موهبة الشعر عنده، ونزعت نفسه للهجاء، وهو شاعر مجيد أمسك زمام اللغة وسخَّرها في شعره
بإتقان، كان لعوبًا بالمعاني والألفاظ، أتقن جميع أبواب الشعر، فيَّاض الموهبة، غزير
المادة، لا يتكلَّف النظم، فهو من الشعراء المطبوعين.
وشعره كثير متفرق من الطبقة الأولى، جمع بعضه في ديوان، اتهم
بالزندقة فمات ضرباً بالسياط، ودفن بالبصرة.
- مناسبة النص:
قالها يمدح مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، ويمدح قبيلة
قيس عيلان، وهي قبيلة من مُضر، أشار فيها إلى بعض وقائع مروان مع خصومه، وانتصاره عليهم،
وقد بدأها بمطلعه المشهور الذي اشتهر لما فيه من حكمة عظيمة يقول في مطلعها:
جفا ودُّه فازورَّ أو ملَّ صاحبه وأزرى بـه ألاَّ يـــزال
يعاتــبــــــه
جفا ودهُ فازور
أو مل صاحبهُ وأزرى به أن لا يزال يعاتبه
خَلِيليَّ لاَ
تسْتنْكِرا لَوْعَة َ الْهوى ولا سلوة
المحزون شطت حبائبهُ
شفى النفس ما يلقى
بعبدة عينهُ وما كان يلقى قلبهُ وطبائبه
فأقْصرَ عِرْزَامُ
الْفُؤاد وإِنَّما يميل به مسُّ الهوى فيطالبهُ
إِذَا كان ذَوَّاقاً
أخُوكَ منَ الْهَوَى مُوَجَّهَة ً في كلِّ أوْب رَكَائبُهْ
فَخَلّ لَهُ وَجْهَ
الْفِرَاق وَلاَ تَكُنْ مَطِيَّة
َ رَحَّالٍ كَثيرٍ مَذاهبُهْ
أخوك الذي إن ربتهُ
قال إنما أربت وإن
عاتبته لان جانبه
إذا كنت في كل
الأمور معاتباً صَديقَكَ لَمْ تَلْقَ الذي لاَ تُعَاتبُهْ
فعش واحدا أو صل
أخاك فإنه مقارف ذَنْبٍ مَرَّة ً وَمُجَانِبُهْ
إِذَا أنْتَ لَمْ
تشْربْ مِراراً علَى الْقذى ظمئت وأي
الناس تصفو مشاربه
وليْلٍ دَجُوجِيٍّ
تنامُ بناتُهُ وأبْناؤُه منْ هوْله وربائبُهْ
حميتُ به عيني
وعين مطيتي لذيذ الكرى حتى تجلت عصائبه
ومَاءٍ تَرَى ريشَ
الْغَطَاط بجَوِّه خَفِيِّ الْحَيَا ما إِنْ تَلينُ نَضَائُبهْ
قَريبٍ منْ التَّغْرير
نَاءٍ عَن الْقُرَى سَقَاني به مُسْتَعِملُ اللَّيْل دَائبُهْ
حليف السرى لا
يلتوي بمفازة نَسَاهُ وَ لاَ تَعْتَلُّ منْهَا حَوَالبُهْ
أمَقُّ غُرَيْريٌّ
كأنَّ قُتُودَهُ على
مثلث يدمى من الحقب حاجبه
غيور على أصحابه
لا يرومهُ خَليطٌ وَلا يَرْجُو سوَاهُ صَوَاحبُهْ
إِذَا مَا رَعَى
سَنَّيْن حَاوَلَ مسْحَلاً يجد به تعذامه ويلاعبه
أقب نفى أبناءه
عن بناته بذي الرَّضْم حَتَّى مَا تُحَسُّ ثَوَالبُهْ
رَعَى وَرَعيْنَ
الرَّطْبَ تسْعينَ لَيْلَة ً على أبقٍ والروض تجري مذانبه
فلما تولى الحر
واعتصر الثرى لَظَى الصَّيْف مِنْ نَجْمٍ تَوَقَّدَ لاَهِبُهْ
وَطَارَتْ عَصَافيرُ
الشَّقائق وَاكْتَسَى منَ الآل أمْثَالَ الْمُلاَءِ مَسَاربُهْ
وصد عن الشول القريع
وأقفرت
ذُرَى الصَّمْد ممَّا اسْتَوْدَعَتْهُ مَوَاهبُهْ
وَلاَذَ الْمَهَا
بالظِلِّ وَاسْتَوْفَضَ السَّفَا منَ الصَّيْف نَئَاجٌ تَخُبُّ مَوَاكبُهْ
غَدَتْ عَانَة
ٌ تَشْكُو بأبْصَارهَا الصَّدَى إلى الجأب إلا أنها لا تخاطبه
وظلَّ علَى علياءَ
يَقْسِمُ أمْرهُ أيَمْضِي لِوِرْد بَاكِراً أمْ يُواتـبُهُ
فلمَّا بدا وجْهُ
الزِّمَاعِ وَرَاعَهُ من الليل وجه يمم الماء قاربه
فَبَاتَ وقدْ أخْفى
الظَّلاَمُ شُخُوصَها يُنَاهبُها
أُمَّ الْهُدى وتُناهبُهْ
إذا رقصت في مهمه
الليل ضمها إِلَى نَهجٍ مِثْلَ الْمَجَرَّة
لاَحِبُهْ
إلى أن أصابت في
الغطاط شريعة ً من
الماء بالأهوال حفت جوانبه
بها صَخَبُ الْمُسْتوْفِضات
علَى الْولَى كما صخبت في يوم قيظ جنادبه
فأقبلها عرض السري
وعينهُ ترود
وفي الناموس من هو راقبه
أخُو صيغة ٍ زُرْقٍ
وصفْراءَ سمْحة ٍ يَجاذبُها
مُسْتحْصِدٌ وتُجاذبُهْ
إذا رزمت أنَّت
وأنَّ لها الصدى أَنين
الْمريض للْمريض يُجاوبُهْ
كأن الغنى آلى
يميناً غليظة ً عليه خلا ما قربت لا يقاربه
يؤول إلى أم ابنتين
يؤودهُ إِذا ما أتاها مُخْفِقاً أوْ تُصاخبُهْ
فلما تدلى في السري
وغره غليلُ
الْحشا منْ قانصٍ لاَ يُواثبُهْ
رمى فأمر السهم
يمسح بطنه ولبَّاته فانْصاع والْموْتُ
كاربُهْ
ووافق أحجاراً
ردعن نضيهُ فأصبح منها عامراهُ وشاخبه
يخاف المنايا إن
ترحلت صاحبي كأنَّ
الْمَنَايَا في الْمُقَامِ تُناسبُهْ
فقُلْتُ لهُ: إِنَّ
العِراق مُقامُهُ وَخِيمٌ إِذا هبَّتْ عليْك جنائبُهْ
لعلَّك تسْدْني
بسيْرك في الدُّجى أخا ثقة ٍ تجدي عليك مناقبهْ
من الْحيِّ قيْسٍ
قيْسِ عيْلاَن إِنَّهُمْ عيون الندى منهم تروى سحائبه
إذا المجحد المحروم
ضمت حبالهُ حبائلهم سيقت إليه رغائبه
ويومٍ عبوريٍّ
طغا أو طغا به لظاهُ فما
يَرْوَى منَ الْمَاء شَاربُهْ
رفعت به رحلي على
متخطرفٍ يزفُّ وقد أوفى على الجذل راكبهْ
وأغبر رقَّاص الشخوص
مضلة ً مَوَاردُهُ مَجْهُولَة ٌ وَسَباسبُهْ
لألقى بني عيلان
إن فعالهم تزيدُ علَى كُلِّ الْفعَال مَرَاكبُهْ
ألاك الألى شقوا
العمى بسيوفهم عن الغي حتى أبصر الحق طالبه
إذا ركبوا بالمشرفية
والقنا
وأصبح مروان تعدُّ مواكبه
فأيُّ امْرىء
ٍ عاصٍ وأيُّ قبيلة ٍ وأرْعَنَ لاَ تبْكي
عليْه قرائبُهْ
رويداً تصاهلُ
بالعراقِ جيادنا كأنكَ بالضحاك قَدْ قَامَ نادِبُهْ
وَسَامٍ لمرْوانٍ
ومِنْ دُونِهِ الشَّجَا وهوْلٌ كلُجِّ الْبحْر
جَاشتْ غواربُهْ
أحلَّتْ به أمُّ
الْمنايا بناتِها بأسيافنا إنا ردى من نحاربه
وما زال منَّا
مُمْسكٌ بمدينة يراقب أو ثغر تخاف مرازبه
إِذَا الْملِكُ
الْجبَّارُ صَعَّر خدَّهُ مَشَيْنا إِليْه بالسُّيوف نُعاتبُهْ
وكُنَّا إِذا دَبَّ
الْعدُوَّ لسُخْطِنَا ورَاقَبَنا في ظاهرٍ لا نُراقُبْه
ركِبْنا لهْ جهْراً
بكُلِّ مُثقَّفٍ وأبْيضَ تَسْتَسْقِي الدِّماءَ مضاربُهْ
وجيش كجنح الليل
يرجف بالحصى وبالشول والخطي حمر ثعالبهْ
غَدَوْنا لهُ والشَّمْسُ
فِي خِدْرِ أُمِّها تُطالِعُنا والطَّلُّ لمْ يجْرِ ذائِبُهْ
بِضرب يذُوقُ الْموْت
منْ ذاق طَعَمَهُ وتُدْرِكُ منْ نَجَّى الْفِرارُ مثالِبُهْ
كأن مُثار النقع
فوق رؤوسهم وأسيافنا ليلٌ تهاوت كواكبه
بعثنا لهم موت
الفجاءة إننا بنُو الْمُلْكِ خفَّاقٌ عليْنا سَبَائبُهْ
فراحُوا: فرِيقاً
فِي الإِسارِ ومِثْلُهُ قتِيلٌ ومِثْلُ لاذَ
بالْبحْرِ هارِبُهْ
وأرْعنَ يغْشَى
الشَّمْسَ لوْنُ حدِيدِهِ وتخلس أبصار الكماة كتائبه
تغص به الأرض الفضاء
إذا غدا تزاحم أركان الجبال مناكبه
كأن جناباويه من
خمس الوغى شَمامٌ وَسلْمَى اوْ أَجأ وكواكِبُهْ
تركنا به كلباً
وقحطان تبتغي مَجِيراً من
القتْلِ المُطِلِّ مَقانِبُهْ
أباحَتْ دِمَشْقاً
خيْلُنا حين أُلْجِمَتْ وآبت بها مغرور حمصٍ نوائبه
ونالت فلسطيناً
فعرد جمعها عَنِ الْعارض المُسْتنِّ بِالْمَوتِ
وقدْ نزلتْ مِنَّا
بِتدْمُرَ نوْبَة ٌ كذاك عُرُوضُ الشَّرّ تعْرُو نوائبه
تعود بنفس لا تزل
عن الهدى كمَا زَاغَ عَنْهُ ثابِتٌ وأقارُبه
دعا ابن سماكٍ
للغواية ثابتٌ جِهَاراً ولمْ يُرْشدْ بَنيهِ تَجَاربُه
ونادى سعيداً فاستصب
من الشقا ذنُوباً كمَا صُبَّتْ عَليْهِ ذنائبُه
ومن عَجَبٍ سَعْيُ
ابْن أغْنمَ فيهمُ وعثمان إن الدهر جم عجائبه
ومَا منْهُمّا
إِلاَّ وطار بشخْصِهِ نجيبٌ وطارت للكلاب
رواجبه
أمَرْنا بهمْ صَدْرَ
النَّهَارِ فصُلِّبُوا وأمسى حميدٌ ينحتُ
الجذع صالبه
وباط ابن روح للجماعة
إنهُ زأرنا
إليه فاقشعرت ذوائبه
وبِالْكُوفة ِ
الحُبْلَى جَلَبْنا بِخَيْلِنا عليهم رعيل الموت إنا جوالبه
أقمنا على هذا
وذاك نساءهُ مَآتِمَ تَدْعُو للبُكا فتُجاوِبه
أيامى وزوجاتٍ
كأن نهاءها على الحزن أرءامُ الملا ورباربه
بَكيْن عَلى مِثل
السِّنانِ أصَابَهُ حِمَامٌ
بأيْدِينا فهُنَّ نوادِبُه
فلمّا اشْتَفيْنا
بِالْخِليفة ِ منْهُمُ و وصال
بنا حتى تقضت مآربه
دَلْفَنا إِلَى
الضَّحَّاك نَصْرفُ بالرَّدَى ومروان تدمى من جذام مخالبه
معِدِّينَ ضِرْغاماً
وَأسْودَ سَالِخاً حُتُوفاً لمَنْ دَبِّتْ إِلَيْنَا عَقَاربُهْ
وما أصبح الضحاكُ
إلا كثابتٍ عَصَانَا فَأرْسلْنَا المنيَّة
تَادبُهْ
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء