pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


الاستدراج بالنعم

 الاستدراج بالنعم

🛑♦️[ الاستدراج بالنعم ]♦️🛑
إن من الناس من يغتر بنعم الله عليه، فيظن أن هذه النعم إنما هي أصل لرضا الله عنه، ويقول: لولا أن الله عز وجل قد رضي عني ما أنعم علي بهذه النعم! فهو مغتر بنعم الله ونسي هذا المسكين أنه مستدرج.
فالابتلاء بالنعيم أقسى من الابتلاء بالضيق والشدة؛ لأن الابتلاء بالنعيم يلهي وينسي ويطغي إلا من رحم ربك جل وعلا، فصاحبه يظن أن الله ما أنعم عليه إلا لأنه قريب من الله تبارك وتعالى!! كلا، انظر إلى أهل الكفر في الشرق والغرب فقد أنعم الله عز وجل عليهم، وفتح عليهم أبواب كل شيء، فهل هذا دليل على أن الله قد رضي عن الكفر وأهله؟! لا والله، ولكن النعم استدراج لأهل الكفر المعاصي، وتدبر حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أحمد في مسنده والبيهقي في الشُعب وحسن الحديث الحافظ العراقي وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة من حديث عقبة بن عامر أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيت الله جل وعلا يعطي العبد ما يُحِب وهو مقيم على معصية الله فاعلم بأنه استدراج له من الله عز وجل، وقرأ النبي قول الله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:44 - 45]).
(فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ)، أي: لما تغافلوا عن الأوامر والنواهي والحدود وكان المفترض أن تكون النتيجة: خسفنا بهم الأرض أنزلنا عليهم الريح، أو أنزلنا عليهم العذاب والخسف والصيحة، ولكن: {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:44 - 45].
إن من الناس الآن من هو مقيم على معصية الله، ولكن الله يستره ويحفظ عليه نعمه، فيظن المسكين أن المعصية هينة حقيرة، ولولا أنها كذلك لعجل الله له العقوبة في الدنيا، بل ربما يفتخر بأنه عصى الله بليل فيصبح ليهتك ستر الله عليه بنهار، ونسي المسكين أن حلم الله عليه استدراج له من الله جل وعلا.
وتدبر معي قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم قول الله جل وعلا: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102]).
أيها المظلوم! إياك أن تظن أن الله قد أهمل الظالم، أو أن الله عز وجل قد نسي الظالم فتعالى ربنا فلا يظل ربنا ولا ينسى، بل إن الله ليملي لأهل الظلم، والطغيان حتى إذا ما أخذهم فلن يفلتهم ربنا جل وعلا.
أين الطواغيت والظالمون في كل زمان؟! أين قارون؟! أين فرعون؟! أين هامان؟! أين النمرود بن كنعان؟! أين أصحاب الأخدود؟! أين الظالمون وأين التابعون لهم في الغي؟! أين من دوخوا الدنيا بسطوتهم وذكرهم في الورى ظلم وطغيان هل فارق الموت ذا عز لعزته أو هل نجا منه بالسلطان إنسان لا والذي خلق الأكوان من عدم الكل يفنى فلا إنس ولا جان قال ربنا: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:26 - 27].
يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) فمن الناس من يغتر بالنعم، ومن الناس من يغتر بحلم الله وستره عليه، ومن الناس من صرف قلبه وهمه ووقته إلى الدنيا، فأصبحت الدنيا غايته التي من أجلها يعيش ويبذل العرق والجهد والفكر والعقل، لا هم له إلا هذه الحياة، يسمع الأذان فلا يقوم يتعلم التوحيد فلا يتأثر يوعظ بالقرآن والسنة فلا يتحرك قلبه ولا يعيش إلا من أجل هذه الحياة الدنيا.
♦️♦️♦️♦️♦️♦️♦️♦️♦️♦️
.
قال تعالى: (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ)
.
قال بعض السلف في تفسيرها: كُلما أحدثوا ذنبًا أحدثنا لهم نعمة، (حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ)
.
وقال الحافظ ابن القيم ـ رحمه الله ـ :
فكم من مُسْتَدْرَجٍ بِالنِّعَمِ وهو لا يَشعر،
مَفتون بثناء الجُهّال عليه،
مغرورٌ بقضاء الله حوائجه وسترهِ عليه!
وأكثر الخلق عندهم أن هذه الثلاثة علامة السّعادة والنّجاح، ذلك مبْلَغُهم من العِلم.
[مدارج السالكين]
♦️♦️♦️♦️♦️♦️
✍🏻قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
« يؤدب الله عبده المؤمن الذي يحبه وهو كريم عنده بأدنى زلة أو هفوة، فلا يزال مستيقظا حذرا ،*
🔺وأما من سقط من عينه..
وهان عليه فإنه يخلي بينه وبين معاصيه ؛
وكلما أحدث ذنبا أحدث له نعمة ؛ والمغرور يظن أن ذلك من كرامته عليه !!
ولا يعلم أن ذلك عين الإهانة، وأنه يريد به العذاب الشديد، والعقوبة التي لا عاقبة معها»*
📓زاد المعاد( ٥٠٦/٣)
قد تكون صورة ‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نص‏‏

شكرا لتعليقك