pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


التغييرات المناخية


ما هو التغيّر المناخي  ؟

إن مناخ كوكبنا يتغير على مدار الزمن الجيولوجي مع حصول تقلبات ملحوظة في درجات الحرارة الوسطية. ورغم ذلك، ترتفع درجة الحرارة في هذه الفترة بسرعة أكبر من أي أوقات ماضية. وقد أصبح جليًّا أن البشرية هي المسؤولة عن معظم ارتفاع درجات الحرارة في القرن الماضي بتسببها في إطلاق غازاتٍ تحبسُ الحرارة – وهي التي يشار إليها في العادة بغازات الدفيئة أو الاحتباس الحراري- لإمداد حياتنا الحديثة بالطاقة. ونحن نقوم بذلك من خلال حرق الوقود الأحفوري، والزراعة، واستخدام الأراضي، وغير ذلك من النشاطات التي تدفع لحدوث التغير المناخي. إن غازات الدفيئة هي في أعلى مستوياتها من أي وقت مضى على مدار الأعوام الـ 800000 الأخيرة. ويعتبر الارتفاع السريع لدرجة الحرارة هذا مشكلةً لأنه يغيّر مناخنا بمعدلٍ سريعٍ جدًّا بالنسبة للكائنات الحية تعجز عن التكيّف معه. إن التغير المناخي لا يتعلق فقط بدرجات الحرارة المرتفعة، بل يشمل أيضًا أحداث الطقس الشديدة، وارتفاع مستويات البحار، وتغير تعداد كائنات الحياة البرية، ومواطن الحيوان والنبات الطبيعية، وطيفًا من التأثيرات الأخرى.

ما الذي يسبّب التغيّر المناخي؟

نحن بشرٌ نريد الشيء نفسه – ألا وهو مكانٌ آمنٌ للعيش على هذا الكوكب الذي نسميه وطننا. وبينما يجب أن يظل عملنا غير منحازٍ وموضوعيًّا ، نجد أننا نرفع أصواتنا على نحو متزايد، مضيفين إلى الرسالة الواضحة بأن التغيّر المناخي حقيقي وأن البشر هم المسؤولون، وأن الآثار خطيرةٌ و يجب علينا أن نتصرف الآن

كاثرين هايهو، عالمة مناخ

إن هناك إجماعًا علميًّا طاغيًا على أن ارتفاع درجة حرارة الأرض هو من صنع الإنسان في الغالب: إذْ أن 97% من علماء المناخ توصلوا إلى هذا الاستنتاج. إن أحد أكبر المسبّبات إلى حد بعيد هو حرق الوقود الأحفوري – أي الفحم والغاز والنفط – وهو ما زاد تركيز غازات الدفيئة – مثل ثاني أوكسيد الكربون – في غلاف أرضنا الجوي. وهذا النشاط، المقرون بأنشطة أخرى مثل تمهيد الأراضي للزراعة، يسبّب ارتفاع متوسط درجة حرارة كوكبنا. وفي واقع الأمر، فإن العلماء متيقّنين من الصلة بين غازات الدفيئة وارتفاع درجات الحرارة في كوكب الأرض، بنفس قدر تيقّنهم من الصلة بين التدخين وسرطان الرئة. لكن هذه ليست استنتاجًا تم التوصل إليه مؤخرًا. فالمجتمع العلمي دأب على جمع ودراسة البيانات بشأن هذا طيلة عقود. وقد بدأت التحذيرات من الاحتباس الحراري تتصدر العناوين منذ أواخر الثمانينيات. وفي عام 1992، وقع 165 بلدًا معاهدةً دولية، هي “اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ”. وقد عقدت تلك البلدان اجتماعاتٍ سنويةً منذ ذلك الحين (باسم “مؤتمر الأطراف”) ، بغية تطوير أهدافٍ وأساليبَ للحد من التغير المناخي، وكذلك التكيّف مع آثاره الماثلة للعيان فعلاً . واليوم، بات هناك 197 بلدًا ملتزمًا بـ”اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ”.

ما هي تأثيرات تغير المناخ؟

إن سكان مجتمع “الويلمينغتون” هم في الغالب من ذوي الدخل المنخفض، وبالتالي فإن موجات الحرارة ضارةٌ للغاية لأنهم لا يستطيعون تحمل نفقات شراء أجهزة تكييف الهواء. وبما أنهم لا يزالون قرب المصافي ومواقع استخراج النفط، فهم يٌضطرون إلى إغلاق نوافذهم 

أليسيا ريفيرا، منظِّمة مجتمعية وناشطة في مجال المناخ، الولايات المتحدة.

إن آثار التغير المناخي باتت محسوسةً فعلا الآن، غير أنها ستزدادُ سوءًا. فقد بلغ الاحتباس الحراري للأرض نحو درجة مئوية واحدة فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. فكل نصف درجة (أو حتى أقل من ذلك) من الاحتباس الحراري للأرض لها أهميتها. ومن الأهمية بمكان أن نضع في حسباننا أنه لا توجد قائمةٌ واحدةٌ بآثار التغير المناخي يمكن أن تكون شاملة. فمن المرجح جدًّا أن موجات ارتفاع الحرارة سوف تحصل على نحوٍ أكثر تكرّرًا وستستمر لفتره أطول، وتصبح وقائع هَطـْلِ الأمطار الغزيرة أكثر شدةً وتواترًا في الكثير من الأنحاء. كما ستظل المحيطات تزداد حرارةً وتـَتَحمّض، وسيستمر مستوى البحر العالمي الوسطي بالارتفاع. وكل هذا سيكون له، وقد بدأ يكون له بالفعل، تأثيرٌ مدمّرٌ على حياه البشر.

لقد أضحت الحاجة الملحة إلى مواجهة التغير المناخي أكثر وضوحًا مع تقريرٍ مهم أصدرته، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2018، الهيئة العلمية الرائدة في العالم في تقييم التغير المناخي، وهي “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ”. وتحذر الهيئة من أنه بغية تجنّب الاحتباس الحراري المدمر للأرض، يجب ألا نصل إلى درجة ونصف الدرجة المئوية فوق مستويات درجات الحرارة ما قبل الثورة الصناعية – أو في أقل الحدود ألا نتجاوز ذلك. ويحدد التقرير الفروق الضخمة بين السيناريوهات الخاصة بالوصول إلى درجة ونصف مئوية ودرجتين مئويتين. وبالعمل على الحدّ من ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية إلى درجة ونصف مئوية، تقول “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ” إنه يمكننا مثلاً:

·         أن نخفض عدد الأشخاص المعرضين لمخاطر متعلقة بالمناخ وللفقر في آن معًا بما يصل إلى عده مئات من الملايين بحلول عام2050؛

·         أن نحمي 10 ملايين شخص من المخاطر المتعلقة بمستويات سطوح البحار؛

·         أن نخفض نسبة سكان العالم المعرضين لزيادة الإجهاد المائي بنسبه تبلغ 50 ٪، أو إلى شخص واحد من كل 25 شخصًا على هذا الكوكب.

وربما الأهم من ذلك أن تقرير “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ” قد منح العالم موعدًا نهائيًّا واضحًا لتجنب الكارثة: إذْ يجب بحلول عام 2030 خفض انبعاثات غازات الدفيئة بمقدار النصف من مستوياتها لعام 2010 حتى نتجنب الوصول إلى درجة ونصف مئوية، لذا يجب على حكوماتنا اتخاذ خطوات فوريّة الآن لتغيير مسار الأحداث. فكلما طالت المدة التي سنتخذها لفعل ذلك، زادَ الاعتماد على التقنيات المكلِفة التي قد تكون لها آثارٌ ضارةٌ على حقوق الإنسان. لقد أخبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الدول أنه عليها أن تحدد أهدافًا ذات مصداقية، بحلول عام 2020، لوقف زيادة الانبعاثات الغازية، وإلا “فإننا نجازف بأن تفوتنا النقطة التي يمكننا عندها تجنّبُ التغيّر المناخي الجامح، مع عواقب وخيمة على الناس وكافة المنظومات الطبيعية التي تساعدنا على البقاء أحياء”.

من الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي ؟

تقولون إنكم تحبون أبناءكم أكثر من أي شيء آخر، ومع ذلك تسرقون مستقبلهم أمام أعينهم جهارًا نهارًا 

غ

إن تغير المناخ يلحق الضرر بنا جميعًا، وسيظل يلحق بنا الأذى ما لم تتخذ حكوماتنا إجراءاتٍ للتعامل معه. غير أن الأرجح أن تكون آثارُه أوضح أكثر بالنسبة لمجموعاتٍ معينة – مثلاً، تلك المجتمعات المعتمدة على الزراعة والصيد البحري في تحصيل أرزاقها – فضلاً عن تلك الفئات المستضعفة والمحرومة والمعرضة للتمييز بالفعل.

وهذه بعض الطرق التي يمكن للتغير المناخي أن يفاقم فيها التفاوتات الاجتماعية ويؤدي ذلك حاليًّا من خلالها:

·         بين الدول المتقدمة والنامية:

على الصعيد الوطني، سيكون سكان الدول الصغيرة التي هي عبارة عن جزر، والدول الأقل نموًّا بين الأكثر تضررًا، وهم كذلك بالفعل الآن. في دول الجزر الصغيرة المنخفضة والبلدان الأقل نموًّا من بين أشد الفئات تضررًا. فالناس في جزر المارشال يعانون على نحو منتظم من الفيضانات والعواصف المدمرة التي تدمّر بيوتهم وسبل عيشهم. كما تصدّرت موجة الحرارة عام 2018 عناوين الأخبار في نصف الكرة الأرضية الشمالي في كافة أرجاء أوروبا وأميركا الشمالية، غير أن بعض أسوأ التأثيرات كانت محسوسةً كذلك في مناطق مثل باكستان، حيث قضى أكثر من 60 شخصًا- غالبيتهم عمال يعملون بالفعل تحت قيظ الحرارة اللاهبة – إذ تجاوزت درجات الحرارة 44 درجةً مئويةً.

·         بين العرقيات والطبقات المختلفة:

إن تأثيرات التغير المناخي، والتلوث الناجم عن الوقود الأحفوري، يتجاوز أيضًا الفوارق العرقية والطبقية. ففي أميركا الشمالية، المجتمعات الأفقر من الملوّنين في الغالب هي التي تضطر إلى تنفّس الهواء السّام لأن احتمال أن تقع أحياؤها قرب محطات توليد الطاقة والمصافي أكبر. وتلك المتجمعات تعاني من ارتفاعٍ ملحوظ في معدلات أمراض الجهاز التنفسي وأمراض السرطان، ونسبة أن يموت أميركيٌّ أفريقيُّ الأصل بسبب تلوث الهواء تعادل ثلاثة أضعاف ما عليه الحال لشخصٍ آخر من بقية سكان الولايات المتحدة.

·         بين النوعين الاجتماعيين:

إن النساء والفتيات يتأثرنَ على نحو غير متناسب بالتغير المناخي، وهو ما يعكس حقيقة أنهنَّ في كثير من البلدان أكثر عرضة للتهميش والحرمان. ومعنى هذا أنهنَّ أكثر تأثرًا بتأثيرات الأحداث ذات الصلة بالمناخ لأنهنّ أضعف من أن يحمينَ أنفسهنَّ في مواجهة تلك التأثيرات وسيجدنَ أنه من الأصعب عليهنَّ التعافي منها.

·         بين الأجيال:

إن أجيال المستقبل ستعاني من الآثار المتفاقمة إن لم تتخذ الحكومات إجراءاتٍ الآن. ورغم ذلك، يعاني الأطفال والشبان بالفعل بسبب عمليات الأيض في أجسامهم، وبسبب احتياجاتهم الفيزيولوجية والتنموية الخاصة. وهذا يعني، على سبيل المثال، أن التهجير القسري الذي تعاني منه المجتمعات المحلية، ويؤثر على مجموعة شاملة من الحقوق – بدءًا من المياه، والصرف الصحي، والطعام، وصولاً إلى المسكن اللائق والصحة، والتعليم، والتنمية – سيضرّ على الأرجح بالأطفال على نحوٍ خاص.

·         بين المجتمعات:

إن الشعوب الاصلية هي من بين أكثر المجتمعات تأثرًا بالتغير المناخي. فكثيرًا ما يعيشون في أراضٍ مهمشة ومنظوماتٍ بيئيةٍ ضعيفةٍ حساسة على نحو خاص للتقلبات في البيئة المادية. وهذه الشعوب تحافظ على صلةٍ وثيقةٍ بالطبيعة وبأراضيها التقليدية التي تعتمد عليها سبل عيشها وهويتها الثقافية.

لماذا يعتبر تغير المناخ قضية حقوق إنسان؟

إن تغير المناخ هو قضية تتعلق بحقوق الإنسان؛ وذلك لا يعود فقط لكونه ذا تأثيراتٍ مدمرة تؤثر على التمتع بحقوق الإنسان، بل أيضًا لأنه ظاهرة من صنع البشر تستطيع الحكومات تخفيف حدتها.

كومي نايدو، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية

إن حقوق الإنسان ترتبط على نحوٍ وثيق الصلة بالتغير المناخي بسبب أثره المدمر الذي لا يقتصر على البيئة فقط؛ بل يشمل أيضًا رفاهية حياتنا الخاصة. وعدا عن تهديد التغير المناخي لوجودنا نفسه، فإنه يتسبب في تأثيراتٍ ضارةٍ على حقوقنا في الحياة، والصحة، والغذاء، والماء، والمسكن، وسبل المعيشة.

وكلما طال أمد انتظار الحكومات حتى تتخذ تدابير ذات معنى،  ازدادت صعوبة التوصل لحل للمشكلة، وتعاظَمَ الخطرُ من خفض الانبعاثات الغازية باستخدام وسائل تزيد التباين والتفاوت بدلاً من تقليصه.

وهذه بعض الطرق التي يؤثر بها تغيّر المناخ وسيؤثر بها على حقوق الإنسان الخاصة بنا:

الحق في الحياة  –  لنا جميعًا الحق في الحياة، والحق في العيش في حريةٍ وأمان. لكن التغير المناخي يهدد سلامة مليارات البشر على هذا الكوكب. وأوضحُ الأمثلة على ذلك هو ما نراه عبر الأحداث المتعلقة بالطقس المتطرف، مثل العواصف، والفيضانات، والحرائق الكبيرة. فقد أسفر إعصار “يولاندا” في الفلبين عن مصرع نحو 10000  شخص في عام 2013. كما يُعدّ الإجهاد الحراري من بين الآثار الأكثر فتكًا بالحياة. فقد أودت موجة الحرارة الصيفية في أوروبا في عام 2003 بحياة  35000 شخص. لكن، هناك الكثير من الطرق الأخرى الأقل وضوحًا التي يهدد من خلالها التغيّرُ المناخي حياة البشر. وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن يوديَ تغيّرُ المناخ بحياة 250000 شخص في السنة  بين عامي 2030 و 2050، بسبب مرض الملاريا، وسوء التغذية، والإسهال، والإجهاد الحراري.

الحق في الصحة من حقنا جميعًا التمتع بأعلى مستويات الصحة البدنية والعقلية التي يمكن الحصول عليها. وحسب “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ”، ستشمل الآثار الصحية الرئيسية للتغير المناخي زيادة خطر التعرض للإصابة {بسبب حادث}، والمرض، والوفاة بسبب موجات الحر والحرائق الأكثر شدةً؛ وزيادة خطر نقص الغذاء بسبب تناقص إنتاج الأغذية في المناطق الفقيرة؛ وزيادة مخاطر الأمراض التي تنقلها الأطعمة والمياه، والأمراض التي تنقلها الحشرات. إن الأطفال الذين يتعرضون لأحداثٍ صادمةٍ نفسيًّا كالكوارث الطبيعية، التي يفاقمها التغير المناخي، قد يعانون من اضطرابات إجهاد ما بعد  الصدمة. إن التأثيرات الصحية للتغير المناخي تتطلب استجابةً مستعجلة، إذ أن الارتفاع المستمر لدرجات الحرارة يهدد بتقويض المنظومات الصحية والأهداف الصحية العالمية الأساسية.

الحق في المسكنمن حقنا كلنا الحصول على مستوى معيشةٍ لائق لأنفسنا ولأُسرنا، بما في ذلك السكن المناسب. لكن التغير المناخي يهدد حقنا في السكن بأشكالٍ مختلفة. فظواهر الطقس المتطرف، كالفيضانات والحرائق الكبيرة، تدمر بالفعل بيوت الناس، وتتسبب في تشرّدهم. كما يمكن للجفاف والتعرية، والفيضانات أن تغيّر البيئة مع مرور الوقت بينما يهدد ارتفاع مستويات مياه البحار منازلَ الملايين من البشر في المناطق المنخفضة في كافة أرجاء العالم.

الحق في الحصول على المياه والصرف الصحي من حقنا جميعنا الحصول على المياه السليمة للاستخدام الشخصي والمنزلي والحصول على الصرف الصحي الذي يضمن لنا أن نبقى في صحةٍ جيدة. غير أن توليفة من العوامل كذوبان الثلوج والجليد، وانحسار سقوط الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع مستوى مياه البحار، تظهر أن التغير المناخي يؤثر على نوعية وكمية الموارد المائية، وسيبقى يؤثر عليها. بالفعل هناك أكثر من مليار إنسان لا يحصلون على المياه النظيفة، والتغيرُ المناخي سيفاقم هذا سوءًا. إن ظواهر الطقس المتطرف كالأعاصير والفيضانات ستؤثر على البنى التحتية الأساسية للمياه والصرف الصحي، مخلـّفة مياهًا ملوثةً، وبهذا تسهم في انتشار الامراض التي تنقلها المياه. كما ستتأثر شبكات الصرف الصحي، خصوصًا  في المناطق الحضرية.

من المسؤول عن وقف التغير المناخي ؟

وبعد إطلاع المدّعين على وضع الخطر المناخي، ظل المُدّعى عليهم يتصرفون عمدًا بدون مبالاة بالخطر المعروف الذي ساعدوا في ظهوره وتعزيزه. إن النظام المناخي الضعيف الدعائم يشكل مخاطر جسيمةً على نحو غير عادي تتعلق بالأضرار التي قد تلحق بحياة المدّعين وسلامتهم البدنية وكرامتهم 

جوليانا في مواجهة الحكومة الأميركية، دعوى رفعتها "منظمة الأطفال ضد الحكومة الأميركية"

الدول

إن على الدول التزامٌ بتخفيف الآثار الضارة للتغير المناخي من خلال اتخاذ أكثر الإجراءات طموحًا للحيلولة دون حدوث انبعاثات الدفيئة أو الحدّ منها في أقصر إطارٍ زمنيٍّ ممكن. وبينما على الدول الغنية أن تقود المسيرة، داخليًا وعبر التعاون الدولي في آنٍ واحد، يجب على كل الدول اتخاذ كافة الخطوات المعقولة لتقليص الانبعاثات الغازية بأقصى ما تستطيع.

كما يجب على الدول أن تتخذ كل الخطوات الضرورية لمساعدة كلّ من هو في نطاق ولايتها القضائية على أن يتكيّف مع آثار التغير المناخي المتوقَّعَة والتي لا مَناص منها، وبالتالي أن تقلل إلى أدنى الحدود تأثير التغير المناخي على حقوق الإنسان الخاصة به. وهذا صحيحٌ بصرف النظر عما إذا كانت الدولة مسؤولة عن تلك الآثار، لأن على الدول التزامٌ بحماية الناس من الأضرار التي تسبّبها أطراف ثالثة.

ويجب على الدول أن تتخذ خطوات لمواجهة التغير المناخي بأسرع ما يمكن، وبأقصى قدرٍ ممكنٍ من الإنسانية. ويجب على الدول، عبر جهودها لمجابهة تغير المناخ، ألا تلجأ إلى إجراءاتٍ تنتهك حقوق الإنسان على نحوٍ مباشرٍ أو غير مباشر. فمثلاً، يجب عدم إقامة المحميّات الطبيعية أو مشاريع الطاقة المتجددة على أراضي الشعوب الأصلية من دون استشارتها والحصول على موافقتها.

وفي التدابير كافة، ينبغي للدول احترامُ الحق في الحصول على المعلومات والمشاركة لكل الأشخاص المتضررين، إضافة إلى احترام حقهم في الوصول إلى سبل ردّ المظالم المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان.

ورغم ذلك، فالتعهدات الحالية التي قدمتها الحكومات لتخفيف حدة التغير المناخي غير كافية البتّة، باعتبار أنها ستفضي إلى زيادةٍ مفجعةٍ بحلول عام 2100 بمقدار 3 درجات مئوية في متوسط درجات الحرارة العالمية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. وقد بدأ الناس في بلدانٍ من بينها فرنسا وهولندا وسويسرا يرفعون دعاوى قضائية على حكوماتهم لعدم وضعها أهدافًا وتدابير ملائمةً لتخفيف حدة تغير المناخ.

 الشركات

وتقع على عاتق الشركات التجارية كذلك مسؤولية احترام حقوق الإنسان. وللوفاء بهذه المسؤولية، يجب على الشركات أن تقيّم الآثار المحتملة لأنشطتها على حقوق الإنسان، وأن تتخذ إجراءاتٍ لمنع وقوع التأثيرات السلبية. ويجب عليها أن تعلن هذه الاستنتاجات وأي إجراءاتٍ وقائية. ويجب على الشركات كذلك اتخاذ تدابير لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان التي تتسبب بها أو التي تسهم فيها، سواءٌ بنفسها أو بالتعاون مع غيرها من الجهات الفاعلة. وتشمل هذه المسؤوليات الأضرار التي تلحق بحقوق الإنسان نتيجة التغير المناخي.

كما يجب علي الشركات، وخاصة شركات الوقود الأحفوري، أن تتخذ  فورًا تدابير لتقلل إلى أدنى الحدود الانبعاثاتِ الغازيةَ المسببة للاحتباس الحراري- بما في ذلك عن طريق تحويل اهتمامها التجاري نحو الطاقة المتجددة – وأن توفر للعلن المعلومات المتعلقة بكمية الانبعاثات الغازية المسؤولة عن إطلاقها وعما تبذله من مجهودات لتخفيف شدتها. ويجب أن تشمل هذه الجهود الشركاتِ المتفرعةَ عنها، والشركاتِ التي تتبعها، والكياناتِ الموجودةَ في سلسلة التزويد والتوريد كلها.

لقد عُهِدَ عن شركات الوقود الاحفوري تاريخياً أنها من بين الشركات الأكثر مسؤوليةً عن التغير المناخي – وهذا مستمرٌّ إلى يومنا هذا. وتظهر البحوث أن 100 لا غير من الشركات التي تنتج الوقود الأحفوري مسؤولةٌ عن 71% من الانبعاثات الغازية المسبّبة للاحتباس الحراري في العالم منذ عام 1988.

وهنالك أدلةٌ متزايدةٌ تشير إلى أن شركات الوقود الأحفوري الرئيسية تعرف منذ عقود الآثارَ المؤذية لحرق الوقود الأحفوري، وأنها سعت لطمس تلك المعلومات ووضعِ العراقيل في طريق الجهود الرامية لمواجهة التغير المناخي.

لماذا نحتاج إلى وقف تغير المناخ ؟

لأننا جميعا نستحق الحماية المتساوية

لقد ولدنا جميعًا متمتعين بحقوق الإنسان الأساسية، لكن تلك الحقوق يتهدّدها خطرٌ داهمٌ  من التغير المناخي. وبينما يهدد تغير المناخ كل حياتنا بشكل أو بآخر، فإن الذين يتعرضون للتمييز مُرَجّحٌ أن يكونوا من بين الأكثر تضررًا. إننا جميعًا نستحق على قدرٍ متساوٍ الحماية من هذا التهديد العالمي.

لأنه لا يوجد شيء لنخسره من أخذ زمام المبادرة، وأمامنا كل شيء لنكسبه.

ان التصديَ للتغير المناخي يمنحنا الفرصة لنُوليَ الأولوية لرفاهية الناس بضمان الحق في بيئةٍ صحية. وهذا سيتيح لنا فرصةً لتعزيز حقوق الإنسان، بأن نقوم، على سبيل المثال؛ بتمكين المزيد من الناس من الحصول على موارد طاقة أنظف وأرخص، وإتاحة فرص عمل في قطاعات جديدة.

لأن لدينا المعرفة، والقوة، والقدرة لوقف التغير المناخي.

إن كثيرين من الناس يعكفون حاليًّا على إيجاد حلول خلاّقة وملهمة ومبتكرة لمواجهة تغّير المناخ. فمن المواطنين مرورًا عبر الشركات وصولاً إلى المدن، هناك أشخاص في كافة أصقاع العالم يعملون بجد على السياسات والحملات والحلول الكفيلة بحماية الناس والأرض. وطيلة قرون طورت الشعوبُ الأصلية ومجتمعاتُ الأقليات أساليبَ مستدامةً  للتعايش مع البيئات التي يعتبرونها أوطانهم. وبوسعنا أن نتعلم منهم، وأن نستفيد، بموافقتهم، من معارفهم لكي ننفخ في جهودنا نحن النشاطَ بغية العثور على طريقةٍ مختلفة للتفاعل مع كوكبنا.

ما الذي تفعله منظمة العفو الدولية للتصدي لتغير المناخ؟

إن هناك حاجةً ملحةً لجعل الناس وحقوق الإنسان في صلب الكلام عن تغير المناخ. وبالنسبة لمنظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان هذا يعني الضغطَ من أجل مساءلة البلدان التي لا تتخذ تدابير لمواجهة تغيّر المناخ، تمامًا كما نفعل حيال انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى 

تشيارا ليغوري، مستشارة لوضع السياسات، منظمة العفو الدولية

إن ما تقوم به منظمة العفو الدولية بشأن تغير المناخ يضمن الدفاع عن حقوق الإنسان في “اتفاق باريس” الخاص بتغير المناخ والمساهمة فيه.

وبالنظر لضرورة التعامل مع هذه المسألة على نحو مستعجل، فسوف نعمّق مشاركتنا بالقيام بدورٍ محفّزٍ لمجتمع حقوق الإنسان لأنه يظهر كيفية تأثير التغيّر المناخي على حقوق الناس وكيفية استجابة الناس لواقع التغيّر المناخي، والتهديد الذي يشكّله.

إن منظمة العفو الدولية ستعمل مع طيفٍ متنوعٍ من المجموعات المختلفة في البلدان الرئيسية بهدف ممارسة الضغط على الحكومات والشركات التي تعيق التقدم. وستقدم منظمة العفو الدولية الدعم للشباب، ولكن أيضًا للشعوب الأصلية، ونقابات العمال، والمجتمعات المحلية المتضررة، بغية المطالبة بانتقالٍ سريعٍ وعادلٍ إلى اقتصادٍ ينعدم فيه الكربون ولا يتخلّف عن ركابِه أحد. وستكون الدعاوى القضائية، واستخدامُ آليات حقوق الإنسان الوطنية والإقليمية أدواتٍ إضافيةً لمواصلة الضغط.

كما ستعتمد منظمة العفو الدولية على ما سبق من عملها لدعم المدافعين عن البيئة حتى تسهّل على نحو خاص عمل الذين يحمون الأراضي، والغذاء، والمجتمعات المحلية، والناس من تأثيرات المناخ، واستخراج وتوسع استخدام الوقود الأحفوري، وإزالة الأحراج. كما أن الدفاع عن الفضاء المدني للمعلومات والمشاركة والتعبئة سيسهم في الدفعِ قدمًا بسياسات مناخية تقدمية.

مطالبنا

إن منظمة العفو الدولية تدعو الحكومات لما يلي:

·          أن تبذل كل ما في وسعها للمساعدة في وقف ارتفاع درجات الحرارة في العالم بأكثر من درجة ونصف مئوية.

·          أن تخفض انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري إلى الصفر بحلول عام 2050 على أبعد تقدير. وينبغي للدول الأغنى فعل ذلك على نحو أسرع. وبحلول عام 2030، يجب أن يصل مقدار الانبعاثات الغازية في العالم إلى نصف مقدارها في عام 2010.

·          أن تتوقف عن استخدام الوقود الأحفوري (الفحم، والنفط، والغاز) في أسرع وقتٍ ممكن.

·          أن تضمن أن تُجرى التدابيرُ المتخذة لمواجهة التغير المناخي على نحوٍ لا ينتهك حقوق الإنسان لأيّ فرد، وعلى نحوٍ يقلص الظلمَ لا أن يزيده.

·          أن تضمن أن يكون الجميع، خصوصًا المتأثرين بالتغير المناخي أو بالتحول إلى اقتصادٍ ينعدم فيه الوقود الأحفوري، على درايةٍ بما يحصل وأن يكون بمقدورهم المشاركة في القرارات المتعلقة بمستقبلهم.

·         أن تعمل معًا لتقاسم عبء التغير المناخي – يجب على البلدان الأغنى أن تساعد الدول الأخرى على نحوٍ عادلٍ.

 

شكرا لتعليقك