تعريف الحرب
تُعرّف الحرب لغة كما ورد في معجم المعاني الجامع أنّها قتال بين فئتين، وجمعها حُروب وعكسها سِلْم، وإذا قيل استعرت الحَرْب؛ أي أنّها أصبحت شديدة وقوية، أمّا إذا قيل وضعت الحرب أوزارها، فهذا يعني أنّ القتال انتهى، ومصطلح الحَرْبُ بينهم سجال يعني أنّ الحرب انتهت دون فوز أو هزيمة أي من الأطراف المتحاربة للطرف الآخر، ودارُ الحَرْبِ هي بِلاد الأعداء، ورجل الحَرْبْ هو صاحب الخبرة في إدارة وتسيير المعارك الحربيّة.[١]وفي القانون الدولي العام فإن التعريف التقليدي للحرب هو أنّها عبارة عن نزاع مسلّح بين فريقين من دولتين مختلفتين؛ إذ تُدافع فيها الدول المتحاربة عن مصالحها وأهدافها وحقوقها، ولا تكون الحرب إلّا بين الدول، أمّا النّزاع الذي يقع ين جماعتين من نفس الدولة، أو النزاع الذي يقوم به مجموعة من الأشخاص ضد دولة أجنية ما، أو ثورة مجموعة من الأشخاص ضد حكومة الدولة التي يقيمون فيها، فلا يعد حرباً ولا علاقة للقانون الدولي به وإنما يخضع للقانون الجنائي، أما التعريف الحديث للحرب فقد تم توسيعه ليشتمل على أي نزاع مسلح ولو تم تتوافر فيه عناصر التعريف التقليدي من امتلاك الجماعة المسلحة لصفة الدولة، وإن كان النزاع قائم من قِبَل دولة لحسابها الخاص وليس لغرض جماعي، كما أصبحت النزاعات الأهلية التي تحدث في نفس الدولة تندرج تحت مسمى الحرب.[٢]
والحرب اليوم هي وضع نتيجة حاسمة للخلافات الدولية المرتبطة بالكيانات الاقتصادية والاجتماعية للدول المشاركة في الحرب؛ وذلك عن طريق الإجبار والقتال بعد أن يتعثّر حل الخلاف بالطرق السلمية؛ الأمر الذي يدعو كل دولة مشاركة في النزاع لأن تعطي لنفسها الحق في أن تكون الحكم الأول وصاحبة السلطة العليا في أي نزاع بهدف الدفاع عن مصالحها القومية وأهدافها، إذن فإنّ كلمة حرب تشير بمعناها اللغوي إلى القتال، وليس شرطاً أن تكون عادلة وإنما قد تكون لوقوع العدوان من طرف على طرف آخر؛[٢] وهي عبارة عن صراع بين طرفين يسعى كلٌّ منهما للتغلب على الطرف الآخر وتدمير قوته وكيانه.[٣]
تاريخ الحرب
بالرغم من كره جميع شعوب العالم للحرب؛ إلّا أنّها تعد ظاهرة إنسانية قديمة، فلم يخلُ أيّ عصر من العصور القديمة من اشتعال الحروب التي كانت ضحاياها عشرات الآلاف من الناس،[٣] فتاريخ الحرب قديم جداً، فمنذ أن هبط آدم عليه السلام على الأرض والنزاعات قائمة، كما لا تخلو صفحات التاريخ من النزاعات والحروب بين الأمم وخاصة بين الإمبراطوريات والممالك القديمة، ومن الأمثلة على الحروب في العصور القديمة:[٤]
الحرب عند الإغريق
كانت الحرب عند الإغريق قوية وشديدة العنف، وتمثّلت حروبهم في تحكم اليونان بالشعوب الأخرى وإخضاعهم لها بالعنف والقوة، كما كانت هناك عداوة شديدة بين إسبارطة وأثينا والتي نشب عنها وقوع الحرب بين أثينا وشبه جزيرة بيلوبونيز بتحريض من إسبارطة، وقد انتهت هذه الحروب بسيطرة إسبارطة على أثينا وجعلها واحدة من مستعمراتها، كما وقعت حرب طويلة بين اليونان ومملكة طروادة، وامتدت من سنة 1193ق.م إلى 1114ق.م، بالإضافة إلى الحروب التي قام بها الإسكندر المقدوني ووالده في آسيا والتي سيطر من خلالها على العالم بقوته وجبروته.[٤]
الحرب عند الرومان
لقد ضمّت الإمبراطورية الرومانية عدداً كبيراً من الأقاليم التي خضعت لها بالقوة، وقد كانت مركزاً قوياً على مر التاريخ وعُرِفَت بجيشها القوي، حتى أنّها سيطرت على شمال أوروبا، وبلاد المشرق، ومن الأمثلة على حروب الرومان: الحروب الإيطالية، وحربها مع اليونان والتي نجم عنها سيطرة الرومان على مختلف المناطق الإيطالية واليونانية، بالإضافة إلى الحروب البونيقية الشهيرة الثلاثة والتي انتصر فيها الرومان، وانطلقوا منها للسيطرة على بلاد الشام وآسيا الصغرى، وقد تواجه الرومان مع الفرس في تلك الأثناء.[٤]
الحرب في الجاهلية
ساد النظام القبلي في الجاهلية والذي ولّد العداء بين القبائل، وظهرت فكرة النصرة لبعضهم سواء كانوا ظالمين أو مظلومين، وانتشر الثأر، ولم تكن هناك أي حكومة تنظم علاقات الأفراد ببعضهم البعض، فكانت أسباب الحرب في الجاهلية إما بسبب التنافس على أماكن الرعي، أو للسرقة والنهب، أو للحفاظ على موارد الماء، فقد كانت أرزقاهم مرتبطة بسيوفهم ورماحهم، ومعاشهم في أيدي غيرهم، فمن يدفعهم عمّا يمتلك شنوا عليه الحرب، وكانت الحرب في الجاهلية ما إن بدأت حتى تمتد إلى أن يتم القضاء على القبيلة الخاسرة، فكان العرب في العصر الجاهلي يمدحون الحرب ويحبون سفك الدماء، ومن أمثلة حورب الجاهلية حرب داحس والغبراء بين قبيلة عبس وقبيلة ذيبان.[٤]
أنواع الحروب
للحرب انواع عدة، منها:
حَرْب أهلية أو حَرْب طائفية: وهي عبارة عن نزاع مسلح يكون بين أفراد الدولة الواحدة.[٣]
حَرْب إعلامية: وهي حرب قائمة بين أجهزة الإعلام في الدول المتحاربة.[١]
الحرْبُ الباردةُ: وهي حرب بمكيدة كلّ طرف من الاطراف المتنزاعة للطرف الآخر دون أن يكون هناك قتال، وهي الحرب التي دامت لأكثر من 50 عاماً بين الاتحاد السوفييتي سابقاً والولايات المتحدة الامريكية.[٣]
حَرْب الاستنزاف: وهي عبارة عن حرب غير متصلة، وإنّما تهدف إلى استنفاذ قوى العدو وإنهاء موارده.[١]
الحَرْب العالمية: وهي الحرب التي تشترك فيها دول عدة من دول العالم.[٣]
حَرْب خاطفة: وهي عبارة عن هجمة سريعة ومفاجئة تكون جوية وبرية، وتقوم في أساسها على الهجوم الصاعق.[١]
حَرْب نفسية: وهي عبارة عن محاولات هادفة للتأثير على معنويات ونفسية المشاكرين في الحرب أثناء وقوعها.[١]
حَرْب العصابات: وهي حرب يكون أحد أطرافها جنود غير نظاميين؛ حيث يهاجمون العدو كلما وجدوا فرصة لذلك، ويفرّون إلى مكان آمن وهكذا.[١]
حَرْب وقائية: وهي حرب دفاعية لحماية البلاد من الغزوات المحتمل وقوعها.[١]
حَرْب شاملة: وهي الحرب التي يمتد التدمير فيها إلى المدن وجميع السكان المدنيين.[٣]
وقد تعدّدت أهداف الحروب ووسائلها وظهرت مسميات لحروب جديدة، فلم تعد الحرب فقط هي وسيلة لبسط نفوذ دولة على دولة أخرى، وقد ظهرت اليوم الحرب المدنية، والحرب الاقتصادية، والحرب الآيديولوجية والتي تهدف إلى نشر معتقدات سياسية ودينية معينة، بالإضافة إلى الحرب ضد الأمراض، والحرب الكيماوية، والحرب البيولوجية، والحرب ضد الجهل.[٣]
أسباب الحروب وآثارها والحد منها
للحرب أسباب متعددة ومختلفة، فقد يكون سبب الحرب لتوسيع نفوذ دولة على حساب دولة أخرى، أو لتحقيق مصالح معينة لمجموعة من الأفراد المختلفين على تلك الأمور، أو للحصول على مناطق الرعي الجيدة أو الطعام، كما حصل في العصور القديمة عندما أعلنت القبائل الجائعة في آسيا الوسطى الحرب على من يجاورها للحصول على الأرض الخصبة بعد أن جفّت أراضيها ومراعيها، كما قد تكون الحرب في بعض الأحيان ضرورية لحصول دولة ما على استقلاليتها ولدفاع شعب معين عن حريته واستقلاله وتحرير نفسه من أغلال دولة أخرى تكون قد فرضت هيمنتها بقوة السلاح.[٣]
أمّا آثار الحروب وأضرارها فهي كبيرة جداً ومؤثرة على المجتمعات البشرية سلباً؛ حيث تُهدِر موارد الشعوب وثرواتهم، وتودي بحياة الكثير من الأشخاص دون سبب عقلاني، كما أنّها سبب لمنع تقدم البشرية على مختلف الأصعدة سواء اقتصادياً أو اجتماعياً أو غير ذلك، كما تزيد الحروب من معدل ارتكاب الجرائم، وتزيد من نسبة البطالة في المجتمع، وتُضعِف معنوبات الأفراد، وتُضعِف الأخلاق والقيم الحسنة في المجتمع.[٣]
لقد بذلت شعوب الأرض جهوداً كبيرة للحد من الحروب بعد أن أصبحت واعية تماماً لما تسبّبه من تدمير وفتك وتخريب، بالإضافة إلى قدرتها على إنهاء حياة الجنس البشري؛ خاصة عندما تستخدم الأسلحة الفتاكة فيها مثل أسلحة الدمار الشامل، وتجسيداً لهذه الجهود قامت العديد من المنظمات العالمية الداعية إلى وقف الحرب والحد من آثارها، مثل: عصبة الأمم، وهيئة الأمم المتحدة، والمحاكم الدولية مثل محكمة عدل لاهاي، والتي عملت بدورها على تخفيف حدوث الحروب واللجوء إلى الوسائل السلمية لحل النزاعات.
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء