pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


ابن مِسْكَوَيْه (932-1030م)

ابن مِسْكَوَيْه
(932-1030م)
ابن مِسْكَوَيْه
مِسْكَوَيْه هو أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب بن مِسْكَوَيْه (932-1030) المؤرخ، والفيلسوف، والطبيب ، والأديب الإيراني المبرز . اسمه بالفارسية (مشكويه) وتعريبه هو (مسكويه) والاسم مأخوذ من اسم تابع من توابع الري، إلا أن هناك خلطاً في اسم أبيه، فهو نفسه يقول في بعض كتبه انه (أحمد بن محمد مِسْكَوَيْه) ومرة أخرى يقول (احمد بن يعقوب مِسْكَوَيْه)، وقد أدى هذا إلى عدم تثبت المؤرخين المحدثين ، بل والمعاصرين له فسموه (ابن مِسْكَوَيْه) معتبرين مِسْكَوَيْه اسم أبيه أو جده . إلا إن أبا علي في كثير من كتبه، مثل : العقل والمعقول، والشوامل ، و رسالة في اللذات والآلام، و مقالة في النفس والعقل، يقول انه (أبو علي مِسْكَوَيْه)، وكذلك أيضا كان يعرفه بعض معاصريه، مثل أبي‏ حيان التوحيدي، وأبي بكر الخوارزمي، والثعالبي.
لا يعرف شيئا عن تاريخ ولادته ، ولكن بما انه يشير إلى كثرة تردده على أبي محمد المهلبي، وزير معز الدولة البويهي، وانه استقى معلوماته عن سنة 320ه وما بعدها شفاها من المهلبي، وفي موضع آخر يقول انه كان مصاحبا للمهلبي سنة 341، فبديهي أن عمره يومئذ لم يكن ليقل عن عشرين سنة، فلابد أن تكون ولادته في حوالي سنة 320ه، ويكون قد توفي وهو في حوالي المئة سنة من عمره .
يقول ياقوت :
انه كان مجوسيا ثم اسلم ، ولكن بما ان اسم أبيه هو محمد، فيستبعد ان لا يكون مسلما بالولادة، خاصة وان هذا لم يرد في أي مصدر آخر .
يعتبر أبو علي مِسْكَوَيْه شيعيا، بدليل ما ورد عنه في بعض كتب المتأخرين، مثل الرواشح وغيره .
عن سنوات حياته الأولى لا يوجد ما يعتمد عليه، ولكن يبدو انه لم يقض سنوات حداثته في راحة وطمأنينة، وهو يذم أسلوب أبويه في تربيته، والظاهر ان أباه كان يحمله على حفظ الشعر الجاهلي وروايته، وانه كان في أوائل شبابه كثير اللهو، ولكنه سعى بعد ذلك إلى تهذيب نفسه ونجح فيه .
كانت لمِسْكَوَيْه علاقات وثيقة مع وزراء آل بويه وأمرائهم في شؤون الديوان والمكتبات والأمور المالية، وفي منادمتهم ومصاحبتهم، والأخذ والعطاء في ميدان العلم والأدب، ولهذا امضي معظم سنوات حياته في مدن متفرقة مثل، الري، وبغداد، وشيراز، وأصفهان، واحسب ان طلب العلم كان له دخل في تلك الرحلات .
كان مِسْكَوَيْه من الري أصلا، ولعله قضى العقدين الأولين من عمره فيها، ثم التحق بالبويهيين في بغداد، وامضي نحو اثنتي عشرة سنة مصاحبا ونديما خاصا لأبي محمد المهلبي، وزير معز الدولة. ثم قضى سبع سنوات بصحبة أبي الفضل ابن العميد، وزير ركن الدولة البويهي يدير مكتبته في الري. والظاهر انه بعد ذلك دخل في خدمة أبي الفتح ابن العميد وزير ركن الدولة ومؤيد الدولة. وبعد مقتل أبي الفتح رفض مِسْكَوَيْه خدمة الصاحب بن عباد، الوزير الجديد لمؤيد الدولة، الذي كانت ‏بينهما منافسة. وحتى بعد موت الصاحب بن عباد لم يغفر له وقدح فيه في شعره .
ثم التحق أبو علي بعضد الدولة، سلطان آل بويه الكبير، في شيراز وأصبح أحد ندمائه ورسله ، وعهد إليه بإدارة مكتبته وبيت ماله، وبقي في منصبه هذا حتى مات عضد الدولة . كانت تلك المكتبة تجمع جميع مصنفات ذلك الزمان، والى هذا يشير مِسْكَوَيْه ، كما ألف باسمه كتاب تجارب الأمم، وفي المقدمة أشار إلى كونه من موظفيه . وكان عضد الدولة قد عين مكانا في قصره وبالقرب منه لجمعية الحكماء والفلاسفة ليجروا مناقشاتهم العلمية فيه، وكان هو نفسه من أعضاء الجمعية البارزين .
وإذ تسلم صمصام الدولة الحكم بعد أبيه ازدادت علاقة مِسْكَوَيْه به، وكان يحضر المجالس العلمية التي كان يعقدها ابن سعدان، وزير صمصام الدولة، حيث كان يحضر أيضا أشخاص مثل ابن زرعة، وابن الخمار، وابن سمح، والقومسي، ونظيف الرومي، ويحيى بن عدي وعيسى بن علي. وبعد صمصام الدولة، ظل مِسْكَوَيْه في خدمة رجال الدولة الآخرين في بلاط الري . في أول الأمر كان هو وجمع آخر من العلماء، مثل ابن سينا والبيروني، في خدمة خوارزم شاه، ولكنه رفض الالتحاق بخدمة السلطان محمود الذي كان قدطلب‏ تلك ‏الجماعة ‏من ‏خوارزم شاه، إلا ان هذا ليس مؤكدا ولا يعدو ان يكون مجرد أقاويل .
امضي أبوعلي أيامه الأخيرة في أصفهان وفيها توفي ودفن في محلة تسمى (خواجو)، إلا ان القمي في السفينة، و في الكنى قيل انه دفن في محلة اسمها درب جناد أو جناب .
أساتذته وطلابه
لا يعرف الكثير عن أساتذة مِسْكَوَيْه، فهو يقول في التهذيب: في شبابي شجعني أبي لدراسة الأدب والشعر .
وفي مكان آخر يقول: انه قرأ استطالة الفهم للجاحظ يقول: ابن حيان في الإمتاع ان مِسْكَوَيْه ابدي رغبة شديدة في‏ الكيمياء وتتلمذ فيها على أبي الطيب الكيميائي الرازي، كما شغف بكتب محمد بن زكريا الرازي وجابر بن حيان. وكانت له التفاتات نحو التاريخ فدرس تاريخ الطبري على ابن كامل الذي كان من أصحاب محمد بن جرير الطبري. و درس علوم الأوائل (اليونان) عند ابن الخمار، وقد برع في هذه العلوم، و خاصة في المنطق والطب حتى لقب ببقراط الثاني .
بعض المؤرخين يعتبرون مِسْكَوَيْه أستاذ أبي‏حيان ودليلهم في ذلك كتاب الهوامل والشوامل الذي أجاب فيه مِسْكَوَيْه عن أسئلة ابن حيان، ودلائل أخرى، مثل رسالته ماهية العدل أو مقالته في ماهية الكيمياء، إذ إنهما أيضا ردود أسئلة ابن حيان، التي يوردها بلحن التلمذة.
معاصروه
كانت لأبي علي علاقات وطيدة مع الحكماء والعلماء والأدباء في عصره . من هؤلاء كان أبو سليمان السجستاني الذي اعتبر مِسْكَوَيْه من كبار علماء العصر ومدحه كثيرا، كما جاء في كتابه صوان الحكمة الذي ألفه في حياة مِسْكَوَيْه عن رجال العلم والحكمة .
كان تعامل أبي حيان التوحيدي مع مِسْكَوَيْه، مثل تعامله مع سائر معارفه العلماء، متناقضا ، فمرة هو مسرور ومادح، وأخرى هو غير مسرور وقادح، متهما مِسْكَوَيْه بالتقلب والبخل . . . وفي الوقت نفسه يصف شعره بالجمال وألفاظه بالطهارة، ويعتبره «كنز العلوم العجيبة وأسرار الحكمة‏».
ومن المقربين إليه كان أبو بكر الخوارزمي. أما بديع الزمان الهمداني الذي خاصم معاصريه، بمن فيهم الخوارزمي، أحنى رأسه احتراما لمِسْكَوَيْه وتعظيما ولم يهاجمه.
من معاصري مِسْكَوَيْه الآخرين في النصف الثاني من عمره كان ابن سينا، الذي ولد يوم كان مِسْكَوَيْه في الخمسين من عمره . يقولون ان ابن سينا لم يجد مِسْكَوَيْه سريع الفهم . وفي يوم جمعهما مجلس حيث كان طلاب مِسْكَوَيْه حاضرين ، فرمى ابن سينا جوزة نحو مِسْكَوَيْه وقال له: «احسب مساحتها!» فالقي إليه مِسْكَوَيْه رسالة له في الأخلاق وقال :
ابدأ أنت‏ بتهذيب أخلاقك أولا حتى أقوم أنا بحساب مساحة الجوزة، لأنك أحوج إلى تهذيب أخلاقك مني إلى استخراج مساحة الجوزة!
مؤلفاته
يذكر المؤرخون ان له مؤلفات كثيرة تشمل الكتب والرسائل والمقطوعات الشعرية العربية والوصايا، ولكنها لم تصل إلينا جميعها .
المطبوعة المطبوع منها فيشمل :
1 - تجارب الأمم، وهو أشهر كتب أبي علي التاريخية، وتوجد منه عدة نسخ، كما طبعت فصول منه .
2 - ترتيب السعادات ومنازل العلوم . طبع هذا الكتاب في مصر تحت عنوان السعادة (1928)، و طبع في طهران تحت عنوان ترتيب السعادات (1314 ه . ش) في حاشية مكارم الأخلاق للطبرسي، وفي السنة نفسها طبع ملحقا بكتاب المبدأ والمعاد للملا صدرا .
3 - تهذيب الأخلاق وطهارة الأعراق في فلسفة الأخلاق، وقد نشر مرات عديدة في الهند والقاهرة واسطنبول وبيروت . وهو يبين نظريات مِسْكَوَيْه في الحكمة العملية .
4 - الحكمة الخالدة الذي ينسب إلى هوشنگ پيشدادي، وقد ترجمه حسن بن سهل إلى العربية، وأكمله مِسْكَوَيْه . ويشتهر هذا الكتاب باسم آداب العرب والفرس ، ويدور حول حكمة الإيرانيين، والهنود، واليونانيين والعرب .
5 - بعض الرسائل والمقالات القصيرة في الفلسفة، نشر بعضها في دمشق والقاهرة وليدن .
6 - رسالة في دفع الغم من الموت (لماذا أخاف الموت .) هذه الرسالة جزء من تهذيب الأخلاق لمِسْكَوَيْه، ولكن مرن نسبها إلى ابن سينا ونشرها ضمن مجموعة رسائل الشيخ الرئيس . وأشار شيخو إلى هذا الخطأ في مجلة المشرق . وقد نشر نص هذه الرسالة و ترجمتها في قم سنة 1327 ه . ش .
7 - الفوز الاصغر ويحتوي على ثلاث مسائل، ونشر في عدة مرات في بيروت (1319 ه) والقاهرة (1325 ه .) ونشر في طهران مع فوز السعادة (1314 ه .)
8 - فوز السعادة ، وهو، كما يقول الشيخ آقا بزرگ في الذريعة، غير ترتيب السعادات .
9 - لغز قابس (لوح قابس) هذا في الواقع جزء من كتاب الحكمة الخالدة ، وقد طبع عدة مرات، منها في مدريد (1793م) وفي باريس (1873م) وفي الجزائر (1898م .)
10 - الهوامل والشوامل. (الهوامل) هي مجموعة اسئلة ابي حيان التوحيدي، و الشوامل هي اجوبة مِسْكَوَيْه عنها . وقد طبع هذا الكتاب سنة 1370ه/1951 م في القاهرة برعاية احمد امين واحمد صقر .
مؤلفاته الخطية
1 - رسالة في ذكر الحجر الاعظم ، في الكيمياء . توجد نسخة منه في مكتبة جامعة طهران .
2 - رسالة في الكيمياء، توجد نسخة منه في مكتبة اصغر مهدوي الخاصة .
3 - رسالة في ماهية العدل، النسخة الوحيدة لهذا الكتاب موجودة في مكتبة آستان قدس رضوي، تحت العنوان الكامل : رسالة الشيخ ابي علي احمد بن يعقوب مِسْكَوَيْه الى علي بن محمد ابي حيان الصوفي في ماهية العدل .
4 - كتاب الاشربة، في العقاقير الطبية . مختارات منه موجودة في مكتبة صائب في انقرة .
5 - كتاب في ترتيب الباجات من الاطعمة (كتاب الطبيخ .) توجد نسخة منه في مكتبة احمد ثالث‏باسطنبول .
6 - الكنز الكبير، في الكيمياء . توجد نسخة منه في مكتبة بشير آغا .
7 - نديم الفريد (انس الفريد .) القندوزي الحنفي ينقل عن هذا الكتاب احتجاج المامون في قضية ولاية عهد الامام الرضا ( عليه السلام .) وهناك من مؤلفاته المفقودة التي لم يعثر عليها، منها:
1 - رسالة الى بديع الزمان الهمداني، وهي نظم ونثر، جوابا عن رسالة بديع الزمان الاعتذارية .
2 - مجموعة شعرية تضم امثلة لشعر ابي علي .
3 - عهد ابي علي مِسْكَوَيْه مع نفسه الذي يذكره الحموي تحت عنوان وصيته .
4 - وصية مِسْكَوَيْه، وهي نصائح يقدمها للباحثين عن الحكمة، وهي موجودة في صوان الحكمة لابي سليمان . كما ان ابا علي قد ذكرها في الحكمة الخالدة في فصل حكمة حكماء الاسلام، من دون ذكر اسمه .
ومن مؤلفاته المفقودة الاخرى كتاب الفوز الأكبر .
أفكاره الفلسفية
بذل أبو علي جهوده في أكثر ميادين الحكمة النظرية والعملية، وخاصة في فن تهذيب الأخلاق، بحيث أن بعضهم وصفه بـ"المعلم الثالث". كان ينظر إلى التاريخ بصفته مختبراً للفلسفة العملية، وهو متاثر أكثر من غيره بأفكار أرسطو وافلاطون، فهو مرة أرسطوي ومرة أفلاطوني، بحسب الموضوع والبحث الفلسفي. في كتابيه تهذيب الأخلاق والفوز الأصغر يشير أيضا إلى سقراط وجالينوس وفيثاغورس وفرفريوس وبرقلس وينقل عنهم وينقدهم، ولكنه كان قليل الاهتمام بالرواقيين.
وعلى صعيد الإسلام فقد عني بفلاسفة مثل الكندي وأبي عثمان الدمشقي وأبي الحسن العامري، كما كان يستند إلى القرآن والحديث. وفي الحكمة النظرية كتب كتابين: الفوز الأصغر والفوز الأكبر، وهذا الأخير مفقود، ولكن يظهر أنه كـُتـِب على غرار الفوز الأصغر بتفصيل أوسع.
ويرى اقبال اللاهوري أن فلسفة ما بعد الطبيعة عند ابن مِسْكَوَيْه هي أكثر انتظاما من فلسفة الفارابي. فالقسم الأول من الفوز الأصغر في عشرة فصول يدور حول اثبات الصانع. والقسم الثاني أيضا في عشرة فصول مختصرة حول معرفة النفس وفي المعاد. القسم الثالث من الكتاب في عشرة فصول أيضاً وتدور حول النبوة.
أما في الحكمة العملية فلمِسْكَوَيْه ثلاثة كتب مهمة: تهذيب الأخلاق وترتيب السعادات والحكمة الخالدة. إن الهدف من تهذيب الأخلاق هو الوصول إلى الإنسان الخير بالتعلم المستمر حتى يصبح ملكة من ملكات النفس.
الطب: من الميادين الأخرى التي ولجها أبو علي هو ميدان الطب. يقول الحموي أن له كتابا في هذا الباب باسم الجامع، ويعتقد آخرون انه كتبه على غرار كتاب الجامع الكبير المعروف بالحاوي لمحمد بن زكريا الرازي. وله كتاب آخر باسم في الأدوية المفردة. وكتابه الآخر هو تركيب الباجات من الأطعمة أو كتاب الطبيخ، وكتابه الثالث هو كتاب الأشربة.
الكيمياء: يقول أبو حيان التوحيدي أن مِسْكَوَيْه قد بذل جهودا كبيرة في هذا الباب واشتغل زمانا طويلا مع أبي الطيب الكيميائي الرازي. وله في هذا الميدان رسالة في الكيمياء، وذكر الحجر الأعظم، ولعله يقصد به حجر الفلاسفة أو الإكسير الأعظم. وثمة رسالة باسم رسالة الحكمة النادرة تنسب اليه أيضاً.
كتاب الفوز الأصغر لابن مِسْكَوَيْه.

نظرية النشوء والترقي: قال بذلك في كتابه الفوز الأصغر، سابقاً تشارلز داروين بمئات السنين في تأصيل فكرة النشوء والارتقاء.
شكرا لتعليقك