علم التفسير
التفسير في اللغة
هو البيان والتوضيح، وكشف المغطى، وفي الاصطلاح عرّفه العلماء بأنه «علم يفهم به كتاب
الله المنزل على نبيه محمد وذلك ببيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكمه»،أي هو العلم
الذي يقوم المختصون بواسطته بتفسير القرآن واستخراج الأحكام الواردة فيه. والتفسير
هو أحد أقدم العلوم الإسلامية، ووفقًا للمعتقد الإسلامي فإن محمدًا هو أوّل المفسرين،
إذ كشف الله إليه معاني الآيات المنزلات، وبالتالي فالمسلمين لا يجزموا بمعنى أي آية
ما لم يكن قد ورد عن الرسول أو عن بعض أصحابه الذين شهدوا نزول الوحي وعلموا ما أحاط
به من حوادث ووقائع، وخالطوا النبي محمد ورجعوا إليه فيما أشكل عليهم من معاني القرآن.
فمنذ عهد النبي كان الصحابة يستفسرون منه عما أُشكل عليهم من معاني القرآن، واستمروا
يتناقلون هذه المعاني بينهم لتفاوت قدرتهم على الفهم وتفاوت ملازمتهم للنبي، وبذلك
بدأ علم تفسير القرآن. وبعد أن مضى عصر الصحابة، جاء عهد التابعين الذين أخذوا علم
الكتاب والسنة عنهم وكل طبقة من هؤلاء التابعين تلقت العلم على يد من كان عندها من
الصحابة فجمعوا منهم ما رُوي عن الرسول من الحديث، وما تلقوه عنهم من تفسير للآيات
وما يتعلق بها، فكان علماء كل بلد يقومون بجمع ما عُرف لأئمة بلدهم، كما فعل ذلك أهل
مكة في تفسير ابن عباس وأهل الكوفة فيما روي عن ابن مسعود وكان لهؤلاء التابعين الفضل
في تفسير القرآن للكثير من أهل البلاد المفتوحة الداخلين حديثًا في الإسلام، والذين
لم يكونوا آنذاك قد أتقنوا اللغة العربية بعد، فعلّموهم أي الآيات كُشف معناها في عهد
الرسول، وأي الآيات كُشف معناها لاحقًا بفضل الصحابة، فنسخوا النصوص الأقدم، فكان ذلك
بداية علم النسخ، على أن قسمًا من العلماء يقول بأن لا نسخ للقرآن قد حصل
يُقسم علم التفسير
إلى قسمين: التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي،أما التفسير بالمأثور فهو ما جاء في القرآن
نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته وما نقل بالرواية الصحيحة عن النبي محمد وعن الصحابة
وعن التابعين، من كل ما هو بيان وتوضيح لنصوص القرآن، وأما التفسير بالرأي فهو تفسير
القرآن بالاجتهاد بعد معرفة المفسر لكلام العرب ومناحيهم في القول، ومعرفته للأَلفاظ
العربية ووجوه دلالتها، واستعانته في ذلك بالشعر الجاهلي ووقوفه على أسباب النزول،
ومعرفته بالناسخ والمنسوخ من آيات القرآن، وغير ذلك من الأدوات التي يحتاج إليها المفسر،
وهذا النوع الأخير يُقسم بدوره إلى تفسير بالرأي المحمود وتفسير بالرأي المذموم. كتب
العديد من المفسرين مصنفات في تفسير القرآن منهم: الطبري والترمذي وابن كثير، والزمخشري،
ومحمد حسين الطباطبائي.
علم التأويل
التأويل في اللغة
مأخوذ من أول الشيء أي رجعه، وأول الكلام وتأوله يعني: قدّره، وفسّرهأما في الاصطلاح
فقد اختلفت الفرق الإسلامية على تعريفه، فمنهم من قال أنه يراد به التفسير، كما يراد
به الحقيقة التي يؤول إليها الأمر أو الخبر. وهناك من قال بأن التفسير غير التأويل
مثل قول الثعلبي: «التفسير بيان وضع اللفظ إما حقيقة أو مجازًا، والتأويل تفسير باطن
اللفظ»، وبتعبير آخر تحديد المعنى المبطن للآيات. فالتأويل عند هؤلاء هو ما كان راجعًا
إلى الدراية وهو التفسير بالرأي، إذ أن تفسير القرآن عندهم لا يُجزم به إلا إذا ورد
عن النبي محمد أو عن بعض أصحابه الذين شهدوا نزول الوحي وعلموا ما أحاط به من حوادث
ووقائع، وخالطوا الرسول ورجعوا إليه فيما أشكل عليهم من معاني القرآن، وبهذه الحالة
فمعنى الآية المستهدفة أو السورة المعينة لا جدال فيه. وأما التأويل فملحوظ فيه ترجيح
أحد محتملات اللفظ بالدليل والترجيح يعتمد على الاجتهاد، ويتوصل إليه بمعرفة مفردات
الألفاظ ومدلولاتها في لغة العرب، واستعمالها بحسب السياق، ومعرفة الأساليب العربية
واستنباط المعاني من كل ذلك. يعتبر الشيعة والصوفية أن التأويل عملية عقلية أو ذوقية
إلهامية تسمو إلى إدراك المقاصد الخفية والعميقة مما لا يدركه سائر الناسأي أنه ليس
بمقدور أي كان البحث في هذا العلم وإدراكه، بل يجب أن يكون التأويل صادرًا عن أحد الأئمة
المعصومين عند الشيعة، أو عند أحد العلماء والمشايخ الزاهدين الذين كُشف عنهم الغطاء
عند الصوفية.
المحكم والمتشابه
المحكم في اللغة
يُقصد به إحكام الكلام، أي إتقانه وتمييز الصدق فيه من الكذب، وفي الاصطلاح قال بعض
العلماء: أنه ما عُرِفَ المراد منه؛ وقال آخرون: هو ما لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا؛
وعرَّفه قوم بأنه: ما استقلَّ بنفسه، ولم يحتج إلى بيان. ويمكن إرجاع هذه التعريفات
إلى معنى واحد، هو معنى البيان والوضوح. والمتشابه يُقصد به لغةً تشابه الكلام تماثله
وتناسبه، بحيث يصدِّق بعضه بعضًا، أما اصطلاحًا فعرّفه بعضهم بأنه: ما استأثر الله
بعلمه، وعرفه آخرون بأنه: ما احتمل أكثر من وجه، وقال قوم: ما احتاج إلى بيان، بردِّه
إلى غيره. وبناءً على ذلك يتبين أنه لا تنافي بين المحكم والمتشابه من جهة المعنى اللغوي؛
فالقرآن كله محكم، بمعنى أنه متقن غاية الإتقان، وهو كذلك متماثل ومتشابه، بمعنى أنه
يصدِّق بعضه بعضًا، أما من جهة الاصطلاح، فالمحكم ما عُرف المقصود منه، والمتشابه ما
غَمُض المقصود منه. فالمتشابهة عند أهل السنة هي الآيات التي لا يُقصد ظواهرها، ومعناها
الحقيقي لا يعلمها إلا الله، وعند الشيعة فإن من يعلم تأويلها الحقيقي هو النبي محمد
وأهل بيته أيضًا. ويُقسم المتشابه إلى أنواع، فهناك متشابه من جهة اللفظ، وهناك متشابه
من جهة المعنى، وهناك متشابه من جهة اللفظ والمعنى معًا أما المتشابه من جهة اللفظ
فهو الذي أصابه الغموض بسبب اللفظ، ويمكن إرجاع ذلك إلى الألفاظ المفردة ذات الغرابة،
وإلى جملة الكلام وتركيبه، من بسط واختصار ونظم. والمتشابه من جهة المعنى هو ما يُمثَّل
له بأوصاف لأحداث وأشياء ما رأتها عين أو سمعتها أذن أو أدركها بشر، مثل أحوال وأهوال
القيامة.
والسبب في وقوع
التشابه في القرآن هو الحاجة إلى بيان معانٍ، راقية تتضمن في ما تتضمن حديثًا عن الذات
الإلهية صفاتًا وأفعالاً وعن أمور غائبة عن أفق العقل عبر عنها في القرآن بالغيب، ولما
كان القرآن معتمدًا في بيانه لغة يتداولها الناس في محاوراتهم وإيصال مقاصدهم وهي اللغة
العربية التي كانت موضوعة لمعانٍ محسوسة أو ما يقرب منها، فهي لا شك قاصرة عن تبيان
تلك المضامين العالية إلا بضروب من المجاز وأنواع الاستعارات والكنايات وأمثال الآيات
المتشابهة الأمر الذي يقرب المفاهيم القرآنية في أذهان العامة نتيجة استخدام ألفاظ
متداولة بينهم، ولكن يبعدها عن أوهامهم التي لا تلبث أن تذهب بعيدًا عن المقصود (إلى
مضامين حسية) المراد بيانهفعلى سبيل المثال، ما ورد في سورة آل عمران: ﴿وَمَكَرُوا
وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾، إنما يُقصد به المعاملة بالمثل
بما ينقض أهداف المنافقين المذكورين، وهم بهذه الحالة من وشى بالمسيح، ويهدم أساس بنيانهم
المنهار، فالتعبير بالمكر تعبير مجازي لا يُقصد منه ذلك المعنى الذي ينم عن قبح وسوء،
وتسمية فعل الله بالمكر من باب المشاكلة اللفظية التي هي من فنون البديع فهم يدبّرون
ويدبّر الله، ولكن مكرهم مكشوف لديهم وأما تدابيره فهي عليهم وسوف تفاجئهم وهم لا يشعرون.
ويُقاس على ذلك سائر الآيات التي جاء فيها ذكر الخداع والاستهزاء والسخرية والكيد.
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء