pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


نلاوة القرآن الكريم

التلاوة

يؤمن المسلمون أن لتلاوة القرآن فضل عظيم، وسندهم في ذلك الأحاديث النبوية المؤكدة، ومنها ما رُوي عن أبي أمامة الباهلي: «سمعت رسول الله يقول: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه"»، وعن أبي موسى الأشعري: «قال رسول الله : "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر"».كذلك يؤمن المسلمون أن قارئ القرآن له أجر كبير، فمن يقرأ منه حرفًا له به حسنة والحسنة بعشر أمثالها. وتلاوة القرآن تختلف عن تلاوة الكتب الأخرى، فهي تتم وفق أسلوب معين في النطق تختلف فيه مخارج الحروف عن تلك الخاصة بالنصوص غير القرآنيةويُعرف أسلوب تلاوة القرآن، أو علم تلاوة القرآن، بعلم التجويد، والتجويد في اللغة هو التحسين، يُقال "جوّدت الشيء" أي حسنته، وأيضًا، تجويد الشيء في لغة العرب إحكامه وإتقانه. أما تعريف التجويد في الاصطلاح فيمكن تقسيمه إلى قسمان: معرفة القواعد والضوابط التي وضعها علماء التجويد، وهذا القسم يسمى بالتجويد العلمي أو النظري، وإخراج كل حرف من مخرجه دون تحريف أو تغيير، وهذا يُعرف بالتجويد العملي أو التطبيقي. وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي وغيره من أئمة القراء والتابعين وأتباعهم قواعد علم التجويد، وفائدة هذا العلم أنه يُحسّن الأداء عند التلاوة، ويصون اللسان عن الخطأ
دائمًا ما يبدأ القارئ المسلم تلاوة القرآن بالاستعاذة، وذلك عبر قوله "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، وقال العلماء أن ذلك يُستحب أن يكون جهرًا عندما يكون القارئ يقرأ جهرًا ويكون هناك من يستمع إليه، وعندما يُعلّم الآخرين التلاوة ويكون هو المبتدئ بالقراءة، وإنه يُستحب أن يستعيذ بالله إسرارًا عندما يُصلي جهرًا أو إسرارًا، وإذا كان يقرأ سرًا، وإذا كان يقرأ في جماعة وليس هو المبتدئ، وإذا كان القارئ خاليًا. بعد الاستعاذة ينطق القارئ بالبسملة: ، التي تُعتبر واجبة عند ابتداء أول كل سورة ما عدا أول سورة التوبة، وتجوز البسملة أثناء السور وأثناء السورة سالفة الذكر. تُقسم قراءة القرآن إلى أربعة مراتب وقيل خمس هي: "مرتبة التحقيق" وهي القراءة بتؤدة وطمأنينة بقصد التعليم مع تدبر المعاني ومراعاة الأحكام، و"مرتبة الترتيل" وهي القراءة بتؤدة وطمأنينة لا بقصد التعليم مع تدبر المعاني ومراعاة الأحكام، و"مرتبة الحدر" وهي القراءة بسرعة مع مراعاة الأحكام، و"مرتبة التدوير" وهي القراءة بحالة متوسطة بين التؤدة والإسراع مع مراعاة الأحكام، أما المرتبة الخامسة التي قال بها البعض فهي "الزمزمة"، ويُقصد بها خاصةً "القراءة في النفس
ويقول العلماء باتباع قواعد معينة مُستحبة قبل الشروع في التلاوة، ومنها التوضؤ كي يمس الإنسان القرآن وهو على طهارة، هذا وقد ورد أن النبي محمد كان يتلو القرآن على كل حال إلا أن يكون محدثًا وذلك دليل على جواز التلاوة على غير وضوء، ولكن التلاوة مع الوضوء تبقى أفضل كما أن تطهير الفم بالسواك مستحب، وترك تناول ما يعطي رائحة خبيثة للفم أمر مستحب أيضًا، ويُستحب استقبال القبلة وإطراق الرأس وعدم التربع أو الاتكاء أو الجلوس على هيئة من هيئات التكبر.

مدارس التلاوة
يُقرآ القرآن بعدّة أساليب وطرق تختلف في نُطق النص باختلاف خط المصحف ورسمه. ويستدل المسلمون على جواز التلاوة بأساليب مختلفة مما ورد في الأحاديث النبوية ومنها: «إن القرآن نزل على سبعة أحرف كلها شافٍٍ كافٍ»، و«أُنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر». وقد قال العلماء في معنى هذا الحديث، أن القرآن نزل على سبع لغات من لغات العرب، وذلك توسيعًا عليهم، ورحمة بهم، فكانوا يقرؤون مما تعلموا، دون أن يُنكر أحد على أحد؛ بل عندما حدث إنكار لهذا، كما كان من أمر عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم، بيَّن له النبي محمد أن ليس في ذلك ما يُستنكر، وأقر كل واحدٍ منهما على قراءته. وكان لهذا الإقرار بصحة اختلاف التلاوة الأثر الأكبر في اختلاف التلاوات حاليًا، فخلال العهد النبوي وعهد الخلفاء الراشدين، أرسل محمدًا والخلفاء الأربعة من بعده، أرسلوا الصحابة إلى البلدان ليعلِّموا الناس القرآن وأحكام دينهم، فعلَّم كل واحدٍ منهم أهل البلاد التي أُرسل إليها ما كان يقرأ به على عهد النبي محمد، فاختلفت قراءة أهل تلك البلاد باختلاف قراءات الصحابة.ويذكر المؤرخون والعلماء المسلمون، أنه على الرغم من أن عثمان بن عفان جمع القرآن على حرف واحد، هو حرف قريش أي لغتها، وهو حرف من الأحرف السبعة التي نص عليها الحديث، فإن هذا النسخ العثماني للقرآن لم يكن منقوطًا بالنقاط، ولا مضبوطًا بالشكل، فاحتمل الأمر قراءة ذلك الحرف على أكثر من وجه، وفق ما يحتمله اللفظ، كقراءة "فتبينوا" و"فتثبتوا" ونحو ذلك، ثم جاء القرّاء بعد، وكانوا قد تلقوا القرآن ممن سبقهم - فقرؤوا ما يحتمله اللفظ من قراءات، واختار كل واحد منهم قراءة حسب ما تلقاه ووصل إليه
قسَّم العلماء القراءات القرآنية إلى قسمين رئيسين هما: القراءة الصحيحة، والقراءة الشاذةأما القراءة الصحيحة فهي القراءة التي توافرت فيها ثلاثة أركان هي:
أن توافق وجهًا صحيحًا من وجوه اللغة العربية.
أن توافق القراءة رسم مصحف عثمان بن عفان.
أن تكون قد نُقلت إلى الوقت الحالي نقلاً متواترًا، أو بسند صحيح مشهور.
فكل قراءة استوفت تلك الأركان الثلاثة، كانت قراءة قرآنية، تصح القراءة بها في الصلاة، ويُتعبَّد بتلاوتها. وهذا هو قول عامة أهل العلم. أما القراءة الشاذة فهي كل قراءة خالفت الرسم العثماني على المعتمد من الأقوال؛ وبتعبير آخر هي القراءة التي اختل فيها ركن من الأركان الثلاثة سالفة الذكر. ويدخل تحت باب القراءات الشاذة ما يسمى بالقراءات التفسيرية، وهي القراءة التي صح سندها، ووافقت العربية، إلا أنها خالفت الرسم العثماني.ويقول العلماء أن المقصد من القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها؛ كقراءة عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر "والصلاة الوسطى صلاة العصر" بدلاً من "حافظوا على الصلاة الوسطى"، وقراءة ابن مسعود "فاقطعوا أيمانهما" بدلاً من "فاقطعوا أيديهما". فهذه الحروف - القراءات - وما شابهها صارت مفسِّرة للقرآن وقد اتفق العلماء على أن ما وراء القراءات العشر التي جمعها القرّاء، شاذ غير متواتر، لا يجوز اعتقاد قرآنيته، ولا تصح الصلاة به، والتعبد بتلاوته، إلا أنهم قالوا: يجوز تعلمها وتعليمها وتدوينها، وبيان وجهها من جهة اللغة والإعراب. والقراءات التي وصلت الوقت الحالي بطريق متواتر عشر قراءات، نقلها مجموعة من القراء، امتازوا بدقة الرواية، وسلامة الضبط، وجودة الإتقان، ومن أصحاب تلك القراءات، وأشهر رواته: قراءة عاصم الكوفي، وأشهر من روى عنه شعبة وحفص، وقراءة نافع المدني، وأشهر من روى عنه، قالون وورش، وقراءة أبي عمرو البصري، وأشهر من روى عنه الدوري والسوسي، وغيرهم.يُلاحظ أن كل ما نُسب لإمام من هؤلاء الأئمة العشرة، يُسمى "رواية" فيُقال مثلاً: "قراءة عاصم برواية حفص" و"قراءة نافع برواية ورش"، وهكذا.

ذكر ابن عاشور في تفسيره "التحرير والنتوير" أن القراءات التي يقرأ بها اليوم في العالم الإسلامي هي: قراءة نافع برواية ورش في بعض القطر التونسي، وبعض القطر المصري، وفي جميع القطر الجزائري، وجميع المغرب الأقصى، وما يتبعه من البلاد والسودان. وقراءة عاصم برواية حفص عنه في جميع المشرق، وغالب مصر، والهند، وباكستان، وتركيا، وأفغانستان، كما أفاد أن قراءة أبي عمرو البصري يقرأ بها في السودان أيضًا.
شكرا لتعليقك