pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


قصيدة حسان بن ثابت في رثاء الرسول صلى الله عليه وسلم 


قصيدة حسان بن ثابت في رثاء الرسول صلى الله عليه وسلم


بطيبة َرسمٌ للرسولِ ومعهدُ ::        منيرٌ، وقد تعفو الرسومُ وتهمدُ

ولا تنمحي الآياتُ من دارِ حرمة ٍ::   بها مِنْبَرُ الهادي الذي كانَ يَصْعَدُ

ووَاضِحُ آياتٍ، وَبَاقي مَعَالِمٍ ::       وربعٌ لهُ فيهِ مصلى ًومسجدُ

بها حجراتٌ كانَ ينزلُ وسطها ::    مِنَ الله نورٌ يُسْتَضَاءُ، وَيُوقَدُ

معالمُ لم تطمسْ على العهدِ آيها ::    أتَاهَا البِلَى ، فالآيُ منها تَجَدَّدُ

عرفتُ بها رسمَ الرسولِ وعهدهُ ::   وَقَبْرَاً بِهِ وَارَاهُ في التُّرْبِ مُلْحِدُ

ظللتُ بها أبكي الرسولَ، فأسعدتْ ::   عُيون، وَمِثْلاها مِنَ الجَفْنِ تُسعدُ

تذكرُ آلاءَ الرسولِ، وما أرى ::     لهَا مُحصِياً نَفْسي، فنَفسي تبلَّدُ

مفجعة ٌقدْ شفها فقدُ أحمدٍ ::         فظلتْ لآلاء الرسولِ تعددُ

وَمَا بَلَغَتْ منْ كلّ أمْرٍ عَشِيرَهُ ::     وَلكِنّ نَفسي بَعْضَ ما فيهِ تحمَدُ

أطالتْ وقوفاً تذرفُ العينُ جهدها ::   على طللِ القبرِ الذي فيهِ أحمدُ

فَبُورِكتَ، يا قبرَ الرّسولِ، وبورِكتْ : : بِلاَدٌ ثَوَى فيهَا الرّشِيدُ المُسَدَّدُ

وبوركَ لحدٌ منكَ ضمنَ طيباً ::     عليهِ بناءٌ من صفيحٍ، منضدُ

تهيلُ عليهِ التربَ أيدٍ وأعينٌ ::    عليهِ، وقدْ غارتْ بذلكَ أسعدُ

لقد غَيّبوا حِلْماً وعِلْماً وَرَحمة ً::    عشية َعلوهُ الثرى ، لا يوسدُ

وَرَاحُوا بحُزْنٍ ليس فيهِمْ نَبيُّهُمْ ::    وَقَدْ وَهَنَتْ منهُمْ ظهورٌ، وأعضُدُ

يبكونَ من تبكي السمواتُ يومهُ ::    ومن قدْ بكتهُ الأرضُ فالناس أكمدُ

وهلْ عدلتْ يوماً رزية ُهالكٍ ::      رزية َيومٍ ماتَ فيهِ محمدُ

تَقَطَّعَ فيهِ منزِلُ الوَحْيِ عَنهُمُ :    : وَقَد كان ذا نورٍ، يَغورُ ويُنْجِدُ

يَدُلُّ على الرّحمنِ مَنْ يقتَدي بِهِ ::    وَيُنْقِذُ مِنْ هَوْلِ الخَزَايَا ويُرْشِدُ

إمامٌ لهمْ يهديهمُ الحقَّ جاهداً ::    معلمُ صدقٍ، إنْ يطيعوهُ يسعدوا

عَفُوٌّ عن الزّلاّتِ، يَقبلُ عُذْرَهمْ ::    وإنْ يحسنوا، فاللهُ بالخيرِ أجودُ

وإنْ نابَ أمرٌ لم يقوموا بحمدهِ :      فَمِنْ عِنْدِهِ تَيْسِيرُ مَا يَتَشَدّدُ

فَبَيْنَا هُمُ في نِعْمَة ِالله بيْنَهُمْ ::      دليلٌ به نَهْجُ الطّريقَة ِيُقْصَدُ

عزيزٌ عليْهِ أنْ يَحِيدُوا عن الهُدَى :   : حَريصٌ على أن يَستقِيموا ويَهْتَدوا

عطوفٌ عليهمْ، لا يثني جناحهُ ::     إلى كَنَفٍ يَحْنو عليهم وَيَمْهِدُ

فَبَيْنَا هُمُ في ذلكَ النّورِ، إذْ غَدَا ::     إلى نُورِهِمْ سَهْمٌ من المَوْتِ مُقصِدُ

فأصبحَ محموداً إلى اللهِ راجعاً ::      يبكيهِ جفنُ المرسلاتِ ويحمدُ

وأمستْ بِلادُ الحَرْم وَحشاً بقاعُها ::     لِغَيْبَة ِما كانَتْ منَ الوَحْيِ تعهدُ

قِفاراً سِوَى مَعْمورَة ِاللَّحْدِ ضَافَها ::     فَقِيدٌ، يُبَكّيهِ بَلاطٌ وغَرْقدُ

وَمَسْجِدُهُ، فالموحِشاتُ لِفَقْدِهِ :        : خلاءٌ لهُ فيهِ مقامٌ ومقعدُ

وبالجمرة ِالكبرى لهُ ثمّ أوحشتْ ::    دِيارٌ، وعَرْصَاتٌ، وَرَبْعٌ، وَموْلِدُ

فَبَكّي رَسولَ الله يا عَينُ عَبْرَة ً::     ولا أعرفنكِ الدهرَ دمعكِ يجمدُ

ومالكِ لا تبكينَ ذا النعمة ِالتي ::     على الناسِ منها سابغٌ يتغمدُ

فَجُودي عَلَيْهِ بالدّموعِ وأعْوِلي :    : لفقدِ الذي لا مثلهُ الدهرِيوجدُ

وَمَا فَقَدَ الماضُونَ مِثْلَ مُحَمّدٍ ::     ولا مثلهُ، حتى القيامة ِ، يفقدُ

أعفَّ وأوفى ذمة ًبعدَ ذمة ٍ::     وأقْرَبَ مِنْهُ نائِلاً، لا يُنَكَّدُ

وأبذلَ منهُ للطريفِ وتالدٍ :      : إذا ضَنّ معطاءٌ بما كانَ يُتْلِدُ

وأكرمَ حياً في البيوتِ، إذا انتمى : : وأكرمَ جداً أبطحياً يسودُ

وأمنعَ ذرواتٍ، وأثبتَ في العلى :  : دعائمَ عزٍّ شاهقاتٍ تشيدُ

وأثْبَتَ فَرْعاً في الفُرُوعِ وَمَنْبِتاً ::   وَعُوداً غَداة َالمُزْنِ، فالعُودُ أغيَدُ

رَبَاهُ وَلِيداً، فَاسْتَتَمَّ تَمامَهُ :      : على أكْرَمِ الخيرَاتِ، رَبٌّ مُمجَّدُ

تَنَاهَتْ وَصَاة ُالمُسْلِمِينَ بِكَفّهِ :    : فلا العلمُ محبوسٌ، ولا الرأيُ يفندُ

أقُولُ، ولا يُلْفَى لِقَوْلي عَائِبٌ ::     منَ الناسِ، إلا عازبُ العقلِ مبعدُ

وَلَيْسَ هَوَائي نازِعاً عَنْ ثَنائِهِ      :: لَعَلّي بِهِ في جَنّة ِالخُلْدِ أخْلُدُ

معَ المصطفى أرجو بذاكَ جوارهُ :    : وفي نيلِ ذاك اليومِ أسعى وأجهدُ


شكرا لتعليقك