pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


الشاعر احمد شوقى وحافظ إبراهيم

الشاعر احمد شوقى وحافظ إبراهيم
ومن أروع ما قاله «حافظ» في تكريم «شوقي» قصيدته التي بايع فيها «شوقي» بإمارة الشعر وهي أروع ما قيل في مهرجان المبايعة، الذي تم سنة 1927م، وقد لقب شوقي بأمير الشعراء سنة 1907م، وقد اشترك فيه كثير من شعراء العروبة وكان «حافظ» أسبق شعراء العروبة في المبايعة التي يقول فيها:
     أمير القوافي قد أتيت مبايعا            وهذي وفود الشرق قد بايعت معي
     فلم يتمالك «شوقي» نفسه فنهض من بين الحاضرين، واحتضن «حافظا» وقبله، وكان موقفا مؤثرًا انحدرت فيه دموع الشاعرين الكبيرين.:
     ثم نراه في القصيدة يطلب منه أن يتغني بالعروبة وأمجادها؛ لأنه شاعرها الأول فيقول:
أمير القوافي قد أتيت مبايعا           وهذي وفود الشرق قد بايعت معي
فغن ربوع النيل واعطف بنظرة      على ساكنى النهرين وأصدح وأبدع
ولا تنس «نجدا» أنها منبت الهوى     ومرعى المها من سرحات ورتع
وحى ذرا «لبنان» واجعل «لتونس»    نصيبًا من السّلوى وقسم ووزع
ففي الشعر حث الطامحين إلى العلا     وفي الشعر زهد الناسك المتورع
وفي الشعر إحياء النفوس وريها        وأنت لرى النفس أعذب منبع
فنبه عقولاً طال عهدُ رقادها            وأفئدة شدت إليها بأنسع
     وقد كان «حافظ»وفياً لشقيق نضاله، ورفيق عصره «شوقي» فقد زاده خلوداً على خلود، وتمجيدًا على تمجيد، بهذه القصائد الرائعة البديعة ويظهر أن ظروف شوقي وارتباطه بالخديوي، ونفيه لم تمكنه من الإشادة بحافظ؛ ولكنه كان يكن له كل التقدير والإعجاب والعرفان بمنزلته؛ لأنه ما من مناسبة تقام عند شوقي أو لشوقي حتى يكون «حافظ» أول المدعوين، وهذا يبين لنا مكانة «حافظ» عند «شوقي» وكانا دائماً في ود ومحبة، حتى عند الفكاهة فقد أراد شوقي أن يداعب حافظاً فقال:
وأودعت إنساناً وكلباً وديعةً      فضيعها الإنسان والكلب «حافظ
     فرد عليه حافظ بقوله:
يقولون إن الشوق نار ولوعة    فما بال «شوقي»اليوم أصبح باردا
     وظل الشاعران العظيمان متماسكين طوال حياتهما، متلازمين في السراء والضراء، يعيشان لأمتهما العربية في الشرق والغرب، حتى اختطف القدر شاعر النيل «حافظ إبراهيم» فكان لوقع الصدمة أثر كبير على أمير الشعراء الذي رثاه بقصيدة رائعة بدأها بقوله:
قد كنت أوثر أن تقول رثائي   يا منصف الموتي من الأحياء
لكن سبقت، وكل طول سلامة   قدر ، وكل منية بقضاء
الحق نادى فاستجبت ولم تزل     بالحق تحفل عند كل نداء
     ثم يقول ممجدًا شاعر النيل الذي كرمه في البيعة بإمارة الشعر:
بالأمس قد حليتني بقصيدة          غراء تحفظ كاليد البيضاء
غيظ الحسود لها وقمت بشكرها     وكما علمت مودتي ووفائي
في محفل بشرت آمالي به          لما رفعت إلى السماء لوائي
     ثم يقول:
كم ضقت ذرعاً بالحياة وكيدها     وهتفت بالشكوى من الضراء
فهلم فارق يأس نفسك ساعة      واطلع على الوادي شعاع رجاء
وأشر إلى الدنيا بوجه ضاحك     خلقت أسرته من السراء
يا طالما ملأ الندى بشاشة         وهدى إليك حوائج الفقراء
اليوم هادنت الحوادث فاطرح     عبء السنين وألق عبء الداء
خلقت في الدنيا بياناً خالدًا    وتركت أجيالاً من الأبناء
وغدا سيذكرك الزمان، ولم يزل      للدهر أنصاف وحسن جزاء
     فهذه القصيدة الوحيدة التي قالها «شوقي» في «حافظ» تعبر عن مأساته بفقد زميله، ورفيق كفاحه الذي اقترن اسمه باسمه وفي مطلع القصيدة كان «شوقي» يتمنى أن يسبق هو ويرثيه «حافظ»؛ لأن «حافظا» إذا رثى أبكى وكما يقول هو عن نفسه:
إذا تصفحت ديواني لتقرأني   وجدت شعر المراثي نصف ديواني

     وظل «حافظ» يمجد «شوقي»ويعلى من قدره ومكانته، يفرح لفرحه ويحزن لحزنه، ويتألم لألمه، ويدلنا على ذلك مشاركته له في كل مناسبة تمر به، فعندما رجع «شوقي» من المنفي كان «حافظ» أول المبتهجين به، فاستقبل عودته استقبالاً عظيماً، وقال قصيدةً رائعةً تعبر عن إخلاصه وحبه «لأمير الشعراء» ومنها:
     ورد الكنانة عبقري زمانه            فتنظري يا مصر سحر بيانه          
     النيل قد ألقي إليه بسمعه            والماء أمسك فيه عن جريانه
     والقطر في شوق لأندلسية            شوقية تشفيه من أشجانه
     ومن ذلك أن «شوقي» عندما أراد أن يعقد قران ابنته «أمينة» في كرمة ابن هانيء، دعا شاعر النيل «حافظ إبراهيم» للمشاركة في هذا الحفل؛ ولكنه كان مريضاً، فأرسل إلى أمير الشعراء معتذرًا ومهنئاً.
     يا سيدي وإمامي                       ويا أديب الزمان
     قدعاقني سوء حظي                    عن حفلة المهرجان         
     وكنت أول ساع                        إلى رحاب «ابن هاني
     لكن مرضت لنحسى                    في يوم ذاك القران
     وقد كفاني عقابا                         ما كان من حرماني
     حرمت رؤية «شوقي»                   ولثم تلك البنان            
     فاصفح فأنت خليق                       بالصفح عن كل جاني             
     إن فاتني أن أوفي                         بالأمس حق التهاني
     فاقبله مني قضاء                         وكن كريم الجنان

    فهذه رسالة فيها أرق عواطف الصداقة والأخوة التي تربط بين الشاعرين وهي رسالة اعتذارية تبين براعة «حافظ» في عرض اعتذاره الذي مزجه بحبه وبتقديره وتمجيده «لشوقي» في قوله:

خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء

:)
:(
=(
^_^
:D
=D
=)D
|o|
@@,
;)
:-bd
:-d
:p
:ng
:lv
شكرا لتعليقك
Loading...