كلمة لطيفة
* التوحيد
التوحيد ، هو حق الله على العبيد ، وهو أول
ما دعا إليه الرسل ، وبه كل كتاب نزل ، وهو أصل الأصول ، والطريق للوصول ، وبه عرف
المعبود ، وعمر الوجود ، ولأجله أعدت الجنة والنار ، وسل السيف البتار ، وقوتل
الكفار ، ولإقامته في الأرض دعت الأنبياء ، وعلمت العلماء ، وقتل الشهداء . وهو
أول مطلوب ، وأعظم محبوب ، وأشرف المقاصد ، وأعذب الموارد ، وأجل الأعمال ، وأحسن
الأقوال ، وخير زاد ، يحمله العباد ، ليوم التناد ، وهو قرة عيون الموحدين ، وبهجة
صدور العابدين .
* السلف
السلف أهدى الناس سبيلا ، وأصدقهم قيلا ، وأرجحهم تعديلا . هم أعلام يُهتدى
بهم في بيداء الضلالة ، و أقمار يستضاء بها في ليل الجهالة ، لهم منا الحب الصادق
، والعهد الواثق ، والإجلال والتقدير ،
والإكرام والتوقير ، والنصرة . والسلف خير منا ، ارتفع قدرهم عنا ، سبقونا
بالإيمان ، وحب الديان ، والعمل بالقرآن ، ونيل درجة الإحسان ، فهم أعلم وأحكم ، وأسلم
وأحلم وأكرم , وهم أهل الهجرة
والجهاد ، والصبر والجلاد ، عندهم خير زاد ، ليوم المعاد ، وهم صفوة العباد .
* الفقهاء
من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ، والفقهاء أفضل من العابدين . بل فقيه واحد ، أشد على الشيطان من ألف عابد ، والتفاضل ليس بشجاعة الشجعان ، فليس الأسد أفضل من الإنسان ، وليس المدح بقوة البنيان ، وهل عظمت بقوة أجسامها الثيران ، ولكن العبد يراد منه الفهم ، ويفضل بالعلم ، فإذا فقه الحجة ، وعرف المحجة ، نال السعادة الأبدية ، والفضيلة السرمدية
* إذا رأيت فتذكر
إذا رأيت قصراً مشيدا ، وملكاً عتيدا ، وبأساً شديدا ، فتذكر الموت فإذا القصر تراب ، والملك خراب ، والبأس سراب . وإذا رأيت امرأة حسناء ، أو حديقة غنّاء ، أو روضة فيحاء ، فتذكر الموت فإذا الحسن مسلوب ، والجمال منهوب . و إذا رأيت الإخوان والجيران والخلان ، فتذكر كل من عليها فان . و إذا شاهدت القصور والدور والحبور والسرور فتذكر يوم يبعثر ما في القبور ، ويحصل ما في الصدور .
*
لماذا تستوحش؟
لماذا تستوحش من وحدة الصحراء ؟ ولا يؤنسك فيها روعة الإيحاء ، ما لك تزعجك الرياح الهوجاء ؟ فأين حسنها إذا زارتك وهي رخاء ، تنظر إلى الصخر كيف تحجّر ، ولا تنظر إلى الماء منه كيف تفجر !! تبصر رداءة التراب ، ولا تدرك أنه مادة الإنجاب والإخصاب !! لا ترى من السيل إلا الدمار ، وهو مصدر النماء
والعمار
، تأخذ من المصيبة العويل ، وتنسى الأجر الجزيل .
*
المجد
ليس المجد حلي وآنية ، ولا دف وغانية ، ولا قطوف جانية. وليست السعادة كنـز ، وبنـز ، وجنـز ، ورز ، فهذا ليس بعز . وليس السؤدد ، بنود ، وجنود ، وحشود ، ووفود . لكن المجد والسعادة ، والشرف والسيادة ، علم أصيل ، وبرهان ودليل ، وكتاب جليل ، يغنيك عن كل خليل .
* طريق القبول
من تابع الرسول ، ووقف مع المنقول ، وترك الفضول
، نال القبول . ومن تقيد بالمأثور ، وآمن بالمقدور، وعمل بالمأمور ، واجتنب المحذور
، فعمله مبرور ، وسعيه مشكور ، وهو مأجور
. ومن أرضى الحق ، ولطف بالخلق ، وصدق
في النطق ، وعمل في رفق ، حصل من الرب على القرب ، ومن الناس على الحب .
* وصية صحية
وجدنا كتاباً لابن سينا ، بعدما أغفلنا ذكره
ونسينا ، فإذا هو يقول ، ورأيه مقبول: ما أهلك البَرِيّة ، وقتل البهائم في البَرِّيّة
، إلا إدخال الطعام على الطعام ، وترك المشي على الأقدام . ثم قال : عليكم بالنوم بعد
الغداء ، والمشي بعد العشاء ، وترك الامتلاء ، والغذاء خير من الدواء . وقال : من اقتصد في الطعام ، وقلل من الكلام ، وهجر الاهتمام
والاغتمام ، عاش في صحة وسلام .
* المناخ والطباع
اعلم أن الأشياخ ، أخبرونا أن الإنسان يتأثر
بالتضاريس والمناخ . فأهل الجبال ، أهل صفاء وجمال ، وأهل عاطفة واستعجال ، وأهل الصحراء
، أهل مكر ودهاء ، وصبر وجفاء ، وكلما قرب الإنسان من خط الاستواء ، كثرت حِدّته والبغضاء
، ومن يسكن القطب البارد ، فإنه ثقيل جامد ، ومن يعيش في أرض خضراء ،تجد له رقة ورواء،
ولطفاً ووفاء ، ومن كانت داره في أرض مقفرة ، رأيت منه طبائع منكره ، من الغلظة والشدة
، والضيق والحدة . .
* الشرطة والبوليس
لو لم يكن في البلاد بوليس وشرطه ، لوقع الناس
في ورطه ، فسوف يأكل القوي الضعيف ، ويعتدي السخيف على الشريف ، وتوزع الناس إلى أحزاب
، ويكسر كل باب ، ولقفز اللص من الدريشة ، ولملّ الناس العيشة ، وسمعت دوي الرصاص ،
وصاح الناس هل من مناص ، وصار أمن الناس أضحوكة ، لأنه مهدد بعصابات محبوكة ، وأصبح
الليل ، يزحف كالسيل ، بكل ويل ، وتحولت الأسواق ، إلى عذاب لا يطاق ، فيسلط الله البوليس
، على جنود إبليس ، لأن من لا يردعه القرآن ، أدبه أعوان السلطان .
(( مختارة بتصرف من مقامات عائض القرني ))


خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء