pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


نصيحة صريحة 


نصيحة صريحة 


1
  أخي المذنب : قلبك من الذنوب مجروح ، ولا تبكي ولا تنوح ، كأنك جسد بلا روح ، الحمام يبكي على الأغصان ، من فقد الخلاّن ، ، وقلبك قاسي ، كما الصخر الراسي ، لا تدمع لك عين ، ولا يؤثر فيك الفراق والبَيْن ، ولا يردعك حياء ولا دِين .
  اعلموا أن للذنوب كَفّارات ، وإن الحسنات يذهبن السيئات ، وأنه لا أنفع من الصالحات ، ولا أضر من الموبقات . ولن ينقذكم من النار ، إلا طاعة العزيز الغفار ، واتباع المختار
 واعلموا أن شرفكم صدق اللسان ، ونسبكم الإحسان ، وكنـزكم الإيمان .فاطلبوا الكفاف، واستتروا بالعفاف ، وخذوا وأعطوا الإنصاف ، فإن الحق كاف واف . واسلكوا من الطرق الوسط ، ودعوا الغلو والشطط ، والتهور والغلط .

2
  يا باغي الخير أقبل ، فالباب غير مقفل ، يا من أذنب وعصى ، وأخطأ و عتى ، تعال فلعل وعسى ، يا من بقلبه من الذنوب جروح ، تعال فالباب مفتوح ، والكرم يغدو ويروح ، يا من ركب مطايا الخطايا ، تعال إلى ميدان العطايا ، يا من اقترفوا فاعترفوا ، لن تنسوا ] قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا [ ، يا من بذنب باء ، وقد أساء ، تذكر : (( يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء )) .
  من الذي ما أساء قط ، ومن له الحسنى فقط ، ومن هو الذي ما سقط ، وأين هو الذي ما غلط ، يا كثير الأخطاء : أنسيت : كلكم خطّاء ، كم يقتلك القنوط كم ، وأنت تسمع : (( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم )) .

3
  اعلم أن من صحب الفسّاق ، ونقض الميثاق ، ابتلاه الله بالنفاق .ولا تقولوا نحن في عصر الصبا ، وكم من سيف نبا ، وجَواد كبا ، فهذا كلام من غره بالله الغرور ، حتى فاجأته قاصمة الظهور ، وطرح في القبور ، وتذكروا ليلة صبحها يوم القيامة ، فما أكثر الأسف فيها والندامة .
 وتذكروا أول ليلة في القبر ، فلا إله إلا الله ما أعظمه من أمر ، ليلة ليس فيها جليس ولا أنيس ، يرتجف لها القلب ، ويذهب من هولها اللب ، ليس معكم فيها صديق ولا رفيق . تخلى عنكم الأحباب وترككم الأصحاب ، وجردوكم من الثياب ، ووسدوكم التراب . 
      وإذا سهر الناس على الأغاني ، فاسهر على المثاني ، وإذا وقع القوم في الملذات ، وأدمنوا الشهوات ، فاعكف على الآيات البينات ، والحكم البالغات ، وإذا احتسى العصاة الصهباء فاكرع من معين الشريعة الغراء ، وإذا سمعت اللاهين يسمرون ، وعلى غيهم يسهرون ، فصاحب الكتاب ، فإنه أوفى الأصحاب ، وأصدق الأحباب

4
اسمعوا مني نصيحة . اعلموا أن الدنيا لا تساوي تسبيحة ، ولو كانت مليحة ، لجعلها الله لأوليائه مريحة . فصونوا أنفسكم من سؤال الناس ، واستغنوا عما في أيديهم باليأس . واطلبوا العلم فإنه أجل المطالب ، وأعظم المواهب ، وهو أرفع من المناصب ، وأكرم من كل المراتب . وزينته العمل ، وخوف الأجل ، والاعتصام بما نزل . ومن سالم الناس سلم ، ومن صمت غنم . والناس لا يطلبون منكم الأرزاق ، وإنما يطلبون جميل الأخلاق .
  قلوبنا بالذنوب مريضة ، وأجنحتنا بالخطايا مهيضة ،لأننا قد أدمنّا الذنوب ، وعصينا علاّم الغيوب ، حتى قست منا القلوب ، واحرّ قلباه ، واكرباه ، يا ربّاه ، يا ابن آدم تذنب ولست بنادم ، الأنبياء يبكون ، والصالحون يشكون ، تتابع المعاصي ، وتستهين بمن أخذ بالنواصي . ألا إن أحسن ماء دموع التائبين ، أعظم حزن حزن المنيبين ، وأهنأ نعاس نعاس المتهجدين.

5
أيها المسلم المفرط : كيف تريد نصر الإسلام ، وأنت لا تحافظ على تكبيرة الإحرام ، مع الإمام ؟ هذه أوهام . السلف الصالح ، والجيل الناصح ، أعطوا الإسلام الأموال والدماء ، فأصبحت هاماتهم في السماء ، وأنت ماذا أعطيت؟  وماذا لدِينك أهديت ، ولأمتِّك أسديت ؟ حي كَمَيْت ، عشت بين لعلّ وليت، وما دريت، بأنك في الخسار هويت .
ما شاء الله ما تحضر صلاة الفجر ، ولا تطمع في الأجر ، ما تهتز فيك ذرة ، والموت يناديك في كل يوم مائة مرة ، والله لو أن في الخشب قلوب لصاحت ، ولو أن للحجارة أرواح لناحت ، يحن المنبر للرسول الأزهر ، والنبي الأطهر ، وأنت ما تحن ولا تئن ، ولا يضج بكاؤك ولا يرن. لو مُتَّ لعذرناك ، وفي قبرك زرناك ، ولكنك حيُّ تأكل وتشرب ، وتلهو وتلعب .

6
ابن آدم :  أين كنوز قارون ؟ أين ما مضى من القرون ؟ أين ما جمعوا ، وأودعوا ، وشيدوا وأبدعوا ؟ لا قصور ، لا دور ، لا أنهار ، لا أشجار . ذهبت الأبدان والأرواح . وبلي القفل والمفتاح  , أين المباني والمغاني ، أين الغواني والأغاني , أين الأفراح والتهاني ، أين من شاد وساد ، أين ثمود وعاد ، أين ساسان ، و قحطان ، وعدنان ، وفرعون وهامان ، أين مُلْك سليمان ، أين أصحاب الأكاليل والتيجان ، ) كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ , وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ(  ، والطَّول والإنعام .  
أما زرت المقابر ، أما هالتك تلك المناظر ، أما رأيت القوم صرعى، والدود في عيونهم يرعى ، عن الحديث سكتوا ، وعن السلام صمتوا ، فالـمَلِك في جوار المملوك ، والغَنِيُّ في حفرة الصعلوك ، والقَوِيُّ مع الضعيف ، والوضيع مع الشريف , و الظالم بجانب المظلوم ، والمنتصر بجانب المهزوم ، والمعظم بجانب المحتقر ، قد اجتمع بها المخبر ، والخبر ، وتغيرت بها تلك الصور . ذهب الحُسْن والجمال ، والجاه والمال ،وبقيت الأعمال .فهل من مدكر .وبالموت معتبر .

7
   أشرف تاج تاج الديانة ، والصدق والأمانة ، والوقار والرزانة .   وثوب الرياء ثوب مخرق ، ورداء الكبر رداء ممزق .  والعمل بالسُّـنَّة  أقرب طرق إلى الجنة . مرافقة الأشرار ومصاحبة الفجار هي الخسار والبوار ، لأنهم الدعاة إلى النار . ومن ألان كلامه ، ووصل أرحامه ، وبذل طعامه ، ونشر سلامه ، أكرم الله في الجنة مقامه .
   خلوة بكتاب ، ودمعة في محراب ، وتواضع للأصحاب ، خير من القصور والقباب . وما أقبح ممن ناداه ربه إلى المسجد ، فتبلد وتردد ، ومن عود لسانه الذكر ، وقلبه الشكر ، وعقله الفكر ، وبدنه الصبر ، نال أعظم الأجر ، وحط عنه الوزر . المأسور من أسره هواه ، والمخذول من عصى مولاه ، والمفلس من خاب مسعاه .
8
أجمل الكلمات ، وأحسن العبارات ، لدى رب الأرض والسموات ، قول العبد : يا رب أذنبتُ ، يا رب أسأتُ ، يا رب أخطأتُ ، فيكون الجواب منه سبحانه : عبدي قد غفرت وسامحت ، وسترت وصفحت .
تأوّه المذنبين التائبين ، أحب من تسبيح المعجبين ، من قضى ليله وهو نائم ، وأصبح وهو نادم ، أحب ممن قضاه وهو مسبّح مكبّر ، وأصبح وهو معجب متكبّر .
ما أحوج الجيل ، إلى آخر ساعة من الليل ، لأنها ساعة الهبات ، والأعطيات والنفحات ، إمام الموحدين جعل غاية مناه ، أن تغفر خطاياه ، وأنت تُصِرّ ، ولا تُقِرّ ، وتحسو كأس الذنب وهو مُرّ ، فأفق من سبات اللهو ولا تكن من الغافلين  .

9
       أين عقلك يا مغرور ، هل نسيت يوم العبور ، وساعة المرور ، هذا أبو بكر الصديق انتفض من خوف الحساب كالعصفور ، وصار صدره بالنشيج يفور ، وسقط الفاروق من خشية الله على الرمال ، حتى حُمِل على أكتاف الرجال ، وبقي ذو النورين ، من منظر القبر يبكي يومين ، وهذا علي بن أبي طالب , دموعه من التذكر سواكب .أما  إبراهيم الخليل ، وهو النبي الجليل، فقد بكى ذنبه ، ودعا ربه  , فكيف بنا نحن المذنبين . فاغفر لنا اللهم جمعين .
   ابن آدم : كيف تنهض إلى عصيان أمر الله  ، مع علوِّ قدره ، وعظيم قهره ، وقد كسر ظهور الأكاسرة ، وقصّر بالموت آمال القياصرة ، وأرغم بالجبروت أنوف الجبابرة . ألم تعلم العمر قصير ، والشيب نذير ، والدار جنة أو سعير . هو الذي خلقك فسوّاك ، وأطعمك وسقاك، وآواك وكساك ، ومن كل بلاء حسنٍ أبلاك، ثم تعصيه وهو يراك !!
   
10
أوصيكم ببر الآباء والأمهات ، وأنهاكم عن منعٍ وهات ، وتضييع الصلوات ، واتباع الشهوات . والله الله في تدبر المثاني ، وهجر الأغاني ، وترك الأماني . وأوصيكم بتوقير شعائر الدين ، فإنها تقوى رب العالمين . واستعدوا للرحيل ، إلى الملك الجليل ، فإنكم قادمون إليه عما قليل . وإذا سمعتم الأذان ، فأجيبوا داعي الرحمن ، فليس بعد الأذان أعمال ولا أشغال ، بل ذهاب إلى بيت ذي الجلال .
وأجيبوا الداعي ، بقلب واعي ، فإني أخشى على من تهاون بتكبيرة الإحرام ، مع الإمام ، أن يحرم التوفيق على الدوام ، وأن لا يبلغه الله المرام .ارقعوا بالاستغفار ما مزقته أيادي الذنوب الكبار . واغسلوا بدمع العيون غبار الذنوب ، وتولوا إلى علام القلوب .
 إن سلامة الصدور من الآثام ، وإطابة الطعام ، وحسن الخلق مع الأنام ، عربون صادق لدار السلام . فطهروا القلوب من الإحن ، وألزموا السنن ، وفروا من الفتن ، تجدون عونه عز وجل وقت المحن . 


من مقامات القرني



شكرا لتعليقك