pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


السموأل (وفـــاء) حتى الدماء (( قصة السموأل ))

السموأل (وفـــاء) حتى الدماء (( قصة السموأل ))
شاعر جاهلي يهودي عربي، ذو بيان وبلاغة، كان واحدا من أكثر الشعراء شهرة في وقته.، وكان يملك حصنًا في شمال الجزيرة
عاش في النصف الأول من القرن السادس الميلادي. من سكان خيبر، كان يتنقل بينها وبين حصن له سماه حصن الأبلق في تيماء. توفي سنة 560م. جعله ابن سلاّم أوّلَ طبقة شعراء يهود؛ وهم ثمانية فيهم أخوه سَعْيَة و كان الابلق قد بناه جده عادياء.
معنى اسمه
السّموأل بن عُرَيض (وقيل: غُرَيض) ابن عادياء (بالمدِّ وقد يُقصر): الاسم معرب من العبري (عن العبرية شْمُوئِيل (שְׁמוּאֵל)، من شِيم: اسم، إِيلْ: الله، أي سمّاه الله). وقد يكون معرب من صموئيل و تعني " الظل ".
نسبه
بيتُهُ بيتُ الشِّعر في يَهود، فهو شاعرٌ وأبوه شاعرٌ، وأخوه سَعْيَة شاعر متقدِّم مجيد. كانت والدته من الغساسنة من قبيلة الأزد. اختلف في نسبه واسم أبيه اختلافا كبيرا فقيل هو من سبط يهوذا  وقيل هو من الكاهنين من سبط لاوي، وقيل من غسان من قبيلة الأزد وأنكر غسانيته وأزديته بعض النسابة وقيل هو ابن يهودي وأمه من غسان من الأزد وقيل بل هو عربي يهودي من بني الديان من بني الحارث بن كعب من قبيلة مذحج لافتخاره بهم في قصيدته وقوله:
فإن بني الديان قطب لقومهم          تدور رحاهم حولهم وتحول
اعتنق قومه الديانة اليهودية قبيل انتقالهم إلى خارج اليمن لقبائل ملوك نجران ثم إلى شمال الجزيرة العربية، إلى حصنٌ حصن الأبلق المنيع في تيماء - ثماني ساعات إلى الشمال من المدينة المنورة- التي بناها جده"عاديا" والمملوكة لآل صموئيل على تلة عالية وكانت مكان توقف للمسافرين من وإلى سوريا.
يدرج بعضُهم عُرَيضاً في النّسب ويرفعون السّموأل إلى جدِّه؛ فيقولون: السّموأل بن عادياء. وساق نسبه آخرون فقالوا: السَّموأل بن حَِيّا ابن عادياء، وإنّما الصّواب: السَّموأل بن عُرَيض بن عادياء؛ بآية ما جاء في نسب أخيه سَعْيَة بن عُرَيض بن عادياء، وهو نسبٌ متَّفقٌ عليه.
 السموأل بن غريض بن عادياء الأزدي هو أحد حكماء العرب ومن الشعراء المشاهير في الجاهلية وهو صاحب اللامية الشهيرة التي مطلعها:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه     ***    فكل رداء يرتديه جميلُ
السموأل هو ذلك الرجل الذي ضربت العرب المثل بوفاءه فقالت: أوفى من سموأل حتى كان لوفاءه الحظوة في نفسه عن المال والولد .. ولو احتفظت العرب في وقتنا الحاضر بوفاء كوفاء السموأل لم نجد لبني صهيون مقاماً بيننا ولم نجد للسيدة العظيمة مكان بين ظهرانينا.
والسموأل رغم جاهليته إلا أنه عرف أن من طباع العرب حفظ الأمانات وهو طابع ليس بالسهل تأديته على خير وجه .. ولكن لننظر للسموأل وأمانة امرئ القيس التي حفظها ..
فقد أعطى امرؤ القيس السموألَ دروع أجداده الشهيرة ومعها بعض الكنوز لما أراد التوجه لقيصر الروم وكان ذلك لإيمانه أنه لن يعود وفي ذلك قال امرؤ القيس وصاحبه معه في الطريق:
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه     *     وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا
فقلت له: لا تبك عينك إنما              *      نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا
وهو ما حدث فقد مات امرؤ القيس .. حينها طلب ملك كندة تلك الدروع والكنوز من السموأل، فأبى السموأل أن لا يدفعها إلا لمستحقها .. فتوعده الملك مرة يرهِّبه ومرة يرغِّبه دونما جدوى. حينها سار إليه الملك الكندي من نجد إلى حصن الأبلق بجيش جرار (وحصن الأبلق هو حصن السموأل وهو لا يزال موجوداً في تيماء السعودية بالقرب من تبوك) .. فلما علم السموأل بقدوم الجيش اعتصم بالحصن وكان ولده حينها خارج الحصن في رحلة صيد فلما وصل الملك وجنده تمت محاصرة الحصن وبعض الإشتباكات وظفر الملك بولد السموأل عندما عاد من رحلة الصيد .. فأخذ يطوف به حول الحصن وهو ينادي بالسموأل .. فأشرف السموأل عليه من فوق الحصن فلما رآه الملك أخذ يصيح له قائلاً: أيها السموأل قد ظفرنا بولدك وهاهو أمامك، السيف فوق رقبته والسيَّاف حاضر .. فإن أعطيتنا ما جئنا لأجله أخلينا عن ولدك وأحسنا لك .. وإن أبيت قطعنا أوداجه أمامك فاختر ما شئت ..
فقال أحد الأزديين للسموأل: يابن عادياء قد حفظت أمانتك قدر المستطاع وامرؤ القيس قد مات وهذا الملك خلف له فادفع له ما يريد وخلِّص ابنك فإنه فارسنا وكريمنا الذي لن نرضى بقتله من أجل أدرع الكندي ..
حينها فكر السموأل قليلاً ثم صاح للملك قائلاً: ورب السماء لن أخون ذمتي .. ولن أجعل العرب تعيرني بقلة وفائي .. وولدي بين يديك أمانة فإن قتلته كنتُ وبقية أولادي له خير خلف وإن تركته ما كنت لأعطيك أمانة في عنقي .. فافعل ما شئت ..
حينها أمر الملك السيَّاف أن يقتل ابنه أمامه
.. فقال السموأل:
وفيتُ بأدرع الكندي إني         *         إذا ما خان أقوامٌ وفيتُ
وأوصى عادياً بأن لا             *        تخرِّب يا سموأل ما بنيتُ
بنى لي عادياً حصناً حصيناً     *         وماء كلما شئت اشتفيتُ
واستمر الملك الكندي في محاصرته حتى يأس من اقتحام الحصن فعاد خائباً من حيث أتى، وبعد سنة قدم ورثة امرئ القيس له فأعطاهم الدروع والأمانة قائلاً:
وإنا لقومٌ لا نرى القتل سبة     **     إذا ما رأته عامرٌ وسلولُ
يقرِّب حب الموت آجالنا لها    **      وتكرهه آجالهم فتطولُ
إذا سيدٌ منا خلا قام سيدٌ        **      قؤولٌ لما قال الكرام فعولُ
وهي قصيدة من 23 بيت ذكرت الكثير منها في موضوع (الفن الخامس/ الفخر)
فشكروا له حفظه للأمانة، وصبروه لموت ابنه.
وقد قصَّ الأعشى "صناجة العرب" قصة السموأل في قصيدة له أشبه بالملحمة الشعرية يقولُ فيها:
كن كالسموأل إذ طاف الهمام به     *    في جحفل كسواد الليل جرَّار ِ
بالأبلق الفرد من تيماء منزله       *     حصن حصين وجار غير غدار ِ
فقال: ثكلٌ وغدرٌ أنت بينهما       *       فاخنر فما فيهما حظٌ لمختار ِ
أأقتل إبنك صبراً أو تجيء بها      *     طوعاً؟، فأنكر هذا أي إنكار ِ
فشك غير طويل ثم قال له:     *         أقتلْ أسيرك إني مانعٌ جاري
أنا له خلفُ إن كنت قاتله      *           وإن قتلتَ كريماً غيرَ خوَّار ِ
وسوف يعقبهُ إن كنت قاتله        *      ربٌّ كريمٌ وبيض ذات أطهار ِ
فقال محتدماً إذ قام يقتله:     *            أشرف سموأل وانظر للدم الجاري
فشج أوداجه والصدر في مضضٍ     *     عليه منطوياً كاللذع بالنار ِ
واختار أدرعه كيلا يُسبَّ بها    *         ولم يكن عهده فيها بختَّار ِ
وقال لا أشتري عاراً بمكرمةٍ    **       اختار مكرمة الدنيا على العار ِ
والصبر منه قديماً شيمة خلقٍ     *        وزنده في الوفاء الثاقب الواري


هذا هو وفاء العرب .. وهذه أخلاقهم التي للأسف فقدنا الكثير منها
شكرا لتعليقك