بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة المؤمنون؛ قبل أن أشرح الحديث المقرر لهذا الدرس أريد أن ألفت النظر إلى أن بعض الناس يفهمون الدين على أنه مجموعةٌ من المعلومات، يعني هناك أحاديث، هناك آيات، هناك تفاسير، هناك قصص، هناك سِيَر، فإذا تتبعها الإنسان، وحفظها فاز فوزاً عظيماً، والحقيقة خلاف ذلك.
المعلومات لا تشكل من الدين إلا جزءًا يسيراً، الدين وجهةٌ إلى الله سبحانه وتعالى، الدين إقبالٌ عليه، الدين إحكام الاتصال به، فالحقيقة عندما ينقلب الإسلام إلى معلومات، أو إلى كتب، أو إلى ثقافة ليس غير، انتهى الإسلام، أما إذا كان الإسلام التزاماً، كان الإسلام طهارةً، كان الإسلام سمواً، كان الإسلام التزاماً، عندئذٍ هذا المسلم يفعل المعجزات، واحدٌ كألف وألفٌ كأف.
فمن حين لآخر أجد نفسي مضطراً أن ألفت نظر الإخوة الأكارم إلى أن تحصيل المعلومات فقط لا قيمة له في الإسلام، الصحابة الكرام فتحوا العالم، وكانوا أبطالاً بكل ما في هذه الكلمة من معنى، لا لأنهم سمعوا أحاديث رسول الله، ولكن لأنهم عاشوها، الإسلام يجب أن تعيشه، يجب أن تعيشه في بيتك، يجب أن تعيشه في كل علاقاتك، يجب أن تكون لك صلةٌ بالله واضحة، يجب أن تقبل عليه وأنت مشتاقٌ في هذا الإقبال.
فأنا أحب من حين لآخر ما يسمونه تصحيح السير، فلما يميل بالإنسان الاتجاه إلى تجميع المعلومات، تكون صلاته جوفاء، واستقامته فيها خلل، وانضباطه ضعيف، والتزامه قليل، هذا لن يحصِّل من الدين شيئاً، فأن تعدل ساعةً خيرٌ من أن تعبد الله ستين سنة، أن تعدل في عملك، أن تكون مُنْصفاً، أن تكون صادقاً، أن تكون أميناً، لذلك الإمام الغزالي ـ وأعيد هذا مراتٍ كثيرة ـ لما حدثنا عن العلم بالله قال: " هذا العلم ثمنه المجاهدة "، ثمنه باهظٌ جداً، ونتائجه باهرةٌ جداً، ثمنه باهظ أن هذا العلم لا يحصل بحضور مجلس علم، هذا العلم لا يحصَّل بقراءة كتاب، لا يحصل بإتقان التجويد، لا يحصل بالاطلاع على الفقه، لا يحصل بالانتساب إلى جامعة ـ إلى كلية الشريعة ـ هذا العلم لا يحصل إلا بالمجاهدة، كما قال الإمام الغزالي: جاهد تشاهد.
فإذا جاهدت نفسك وهواك، أحكمت الصلة بالله عزَّ وجل، كل واحد منا يعرف إذا وقف بين يدي الله عزَّ وجل ما إذا كان متصلاً أو مقطوعاً، يمكن أن تتوضأ، وأن تقف بين يدي الله عزَّ وجل، وأن تقرأ الفاتحة وسورة، وأن تركع، وأن تسجد، وأن تؤدي الصلاة كما أرادها الفقهاء تماماً، ويمكن مع هذا الأداء الكامل للصلاة أن تكون مقطوعاً عن الله عزَّ وجل ؛ بذنبٍ، أو بمخالفةٍ، أو بطمعٍ، أو بانحرافٍ، أو بتجاوزٍ، أو بتقصيرٍ، أو بشهوة، أو بشركٍ خفي، فمقياس الإنسان الصلاة، قال عليه الصلاة والسلام:
(( الصلاة ميزان فمن وفَّى استوفى ))
يعني من وفَّى الاستقامة حقها، استوفى من الصلاة ثمراتها.
فالعمر ثمين جداً، ولكي لا يقول الإنسان: أنا داومت خمس سنوات، ست سنوات، سبعن سنوات، عشر سنوات، اثنتا عشرة سنة، ولم أستفد شيء، وهو ليس ملتزمًا، فلذلك إذا أحب الإنسان أن يكون من المؤمنين الصادقين فلابد له بادئ ذي بدء من أن يعقد العزم على أن يستقيم على أمر الله تماماً، أما هذه الكلمات: قدر الإمكان، الله يتوب علينا، الله يعفو عنا، الله عزَّ وجل لن يحاسبنا، لن يدقق، لن يضع عقله بعقلنا ـ كما يقول بعض العوام ـ هذا كلام كله مرفوض، الله عزَّ وجل عدله مطلق، وجنَّته ثمينة، وسلعة الله غالية، ولن يعطيها إلا لمن يستحق، فمَن تمنى أن يكون مؤمناً هذا التمني لا يغنيه شيئاً، ولا يقدم ولا يؤخر.
لذلك لما يضع الإنسان برنامجًا لنفسه، برنامجًا فيه سيره إلى الله عزَّ وجل، برنامجًا حازمًا فأحياناً ينقلب عند الإنسان حضور هذه المجالس إلى عادة من العادات، والله اليوم الأحد عندنا درس، بعد الأحد عندنا سهرة مختلطة، وكأنه ما حضر الدرس، يوم الاثنين عنده دوام بالمحل، المحل فيه أحياناً حلف يمين كاذب، فيه أحياناً ترويج سلعة زائفة، فيه أحياناً إخفاء عيب بالبضاعة، فإذا لم يكن ثمة انضباط شرعي خلال الأسبوع، والله هذا الدرس سيكون حجةً عليك.
والله أنا الذي أتمناه على الله عزَّ وجل أن النخبة المطبقة للإسلام مئة في المئة، فالإنسان يراجع نفسه هل بيته فيه مخالفات ؟ يا ترى زوجته هل هي منضبطة ؟ بناته منضبطات ؟ يا ترى بيته منضبط ؟ بيته إسلامي ؟ يا ترى بيعه وشرائه إسلامي ؟ علاقاته مع الناس إسلامية، فيها تقصير ؟ يا ترى إذا قام ليصلي هل يشتاق لله عزَّ وجل ؟ يصلي ـ كما يقول بعضهم ـ أرحنا منها، أم أرحنا بها ؟ وشتان بين أن تقول: أرحنا منها يا فلان، وبين أن تقول:
فأنا أحب من حين لآخر، ولو كان التوجيه ثقيلا على الإخوان، لكن والله الحقيقة مرَّة دائماً، والحقيقة أحياناً تأتي قاسية، فلماذا كان الصحابة الكرام في عهد النبي عليه الصلاة والسلام في قمة السعادة ؟ إنسان مسلم يغتاب أخاه !! والله هذا ليس بمسلم، لما قال ربنا عزَّ وجل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ
فالذي أتمناه على كل إخواني الأكارم أن هذا وقت مبذول، تأتون من مكان بعيد، يجب أن تستفيد من هذا الوقت بأعلى درجة ممكنة، فالقضية لا بالكتابة، ولا بالقراءة، ولا بالتأليف، ولا بسماع المحاضرات، ولا بسماع الخُطَب، ولا بتحصيل الثقافة، هذه كلها أشياء لابد منها ولكنها غير كافية، يعني إذا ما دخل الإسلام بصميم حياتك، إذا ما دخل الإسلام إلى مشاعرك، فإذا قرأت القرآن هل تدمع عيناك ؟ هل يقشعر جلدك ؟ هذا كلام الله، على قدر تفاعلك مع هذا الكتاب، على قدر الانضباط، على قدر البذل، على قدر العمل الصالح تتفاعل مع كتاب الله، فقد تأتي على المؤمن ساعة.
والله أنا قرأت حديث، سبحان الله، النبي عليه الصلاة والسلام ذاتٍ ليلةٍ افتتح البقرة فقال بعض أصحابه: يركع عند المئة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها بركعةٍ، فمضى، فقلت يركع بها، قرأ النساء، قرأ آل عمران.
نحن إذا أطلنا نقع في مشكلة، يا ترى هل هناك هذا السرور بإطالة القرآن بالصلاة؟ يجب أن يكون لكل واحد ساعة مع ربه يسعد بها، له مثلاً ساعة قيام ليل يصلي ركعتين، ثلاثا، ستً، ثماني، قرأ آيات طويلة، شعر أنه ذاب ذوبان محبة لله عزَّ وجل، إذا لم يكن له قلب يخفق بمحبة الله، وله جوارح تقشعر من خشية الله، ولا انضباط كامل، ورع على مستوى الليرة، والنصف ليرة، والفرنك لهذه الدرجة ورع؟ أحد التابعين كان لا يأكل مع أمه في قصعةٍ واحدة، فسألوه لمَ؟ فقال: والله أخاف أن تقع على عين أمي لقمة فتسبقها يدي إلى فمي، لهذه الدرجة ورع ؟! الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه ما وقف في ظل بيتٍ مرهونٍ عنده لئلا يستفيد منه ، يعني ورع إلى درجة، ركعتان من ورع خيرٌ من ألف ركعة من مخلط.
مادام قلب الإنسان ينبض، مادام فيه حياة، فالقضية سهلة كثير، الصلحة بلمحة، اعمل جردًا ؛ في بيتك، خارج بيتك، عملك، دخلك، مصروفك، علاقاتك، زياراتك، أصدقاءك، نشاطاتك، فيها مخالفات للشرع ؟ فيها شيء لا يرضي الله ؟ فيها مجاوزات ؟ فيها تقصيرات ؟ اعمل انضباطًا.
فهل هناك أسعد في الحياة كلها من أن تسعى لمرضاة الله عزَّ وجل ؟ هل في الحياة كلها في موقف أشرف من أن تبحث عن طاعة الله ؟ أو موقف أشرف من أن تخدم عباد الله ؟ لا نريد كلامًا، نريد عملا، الكلام انتهى، والله الآن الدنيا ممتلئة بالكلام، في أي موضوع، في كتب، وفي مجلات، وفي بحوث، وفي أشرطة، وفي محاضرات مصور بصورة وصوت، وملون، وغير ملون، ومع بيانات، ومع تصاوير، ومع أدلة، ومع براهين، العالم الآن مفعم بالكلام، أما الصحابة الكرام فكانوا إلى أن يفعلوا أقرب إلى أن يقولوا.
فيمكن لله أن يجعل على يد واحد هدى أمة بأكملها، أو مجتمع بأكمله، فقضية البطولة مفتوحة، باب البطولة مفتوح، لما يكون الإنسان محسوبًا على الناس أنه ديِّن، أين ذاهب؟ على الجامع، من أين جئت؟ من الجامع، فلان صاحب دين، فلان تمشيخ، فلان تلميذ الجامع الفلاني، فأنت محسوب على المسلمين، يا ترى ماذا فعلت؟ سؤال كبير، أنت حجمك عند الله بحجم عملك، ما الذي فعلته في هذه الحياة؟ ما الذي بذلت ؟ ألك عملٌ تلقى الله به، حينما يأتي ملك الموت؟
موضوع الموت خطير جداً، لما يدخل الإنسان غرفة مظلمة، أغلق الباب عليه، هذه أحد حالات القبر، تفضل صلِّ، تفضل أقبل على الله عزَّ وجل، يا ترى هل عندك عمل تلقى الله به ؟ هل لك عمل ترضى عنه ؟ هل لك عمل يرفعك الله عزَّ وجل من أجله ؟ فلما يصير الدين ذهابا إلى المسجد، وعودة منه، وعدم انضباط، عدم التزام، عدم بذل، وقوع في غيبة، ونميمة، وبهتان، ومشكلات، فالمشكلة خطيرة.
فالذي أرجوه من الله سبحانه وتعالى أن يهدي قلوبنا إلى طاعته، وإلى محبته، وإلى العمل بسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، فأنا أحب علم الأحاديث، وعلم السِيَر، لكن أحب أكثر أن أرى إنسانًا دخل الدين إلى كل خليَّة من خلاياه، وكيان نفسه، وعقله، ومشاعره، وجوارحه كلها مع هذا الدين، بيته، انضباطه، سلامة صدر، ذاتية، صفاء، ود، تواضع، عطاء، لما يكون الإنسان كذلك فهذه القضية تحتاج إلى شيء من العبادة الصحيحة.
لما يعاهد الأخ من الإخوان الأكارم نفسه على قيام ركعتين من الليل قبل صلاة الفجر، في شهر من الزمان، يجد وجه قد تألق، شعر بسعادة، شعر أنه قريب من الله عزَّ وجل، ولما يعاهد نفسه أن يقرأ من القرآن جزءًا، نصف جزء، ربع جزء، لكن قسم، أقل شيء خمس صفحات تقرأها يومياً بخشوع، ويتدبر الآيات، ولما يعاهد نفسه على أن يذكر الله كل يوم ربع ساعة، جلسة مع الله ساعة زمن ؛ قسمًا للقرآن، وقسمًا للذكر، وقسمًا للصلاة، وقسمًا للتهجُّد، جلسة صباحية يومية مع شيء من قيام الليل، مع أداء الصلوات بإتقان، تجد حالك قد صرت إنسانًا آخر، هذه المعلومات ليست لها قيمة إلى الحد الذي تصبح هي كل الدين.
لكن لما يكون للإنسان هذه الصلة بالله عزَّ وجل، جاهد تشاهد، اعمل أعمالا صالحة، وانضبط، وافعل الخيرات، وساعتئذٍ قل لي: كم هي الحالة السعيدة التي تغمرك ؟ فهذه الملاحظة، فطريق الإيمان طريق يحتاج إلى انضباط، إلى موارد، إلى أوراد، إلى ذكر، إلى صلاة، إلى تهجد، إلى قيام ليل، إلى عمل صالح، ولما يبذل الإنسان وينضبط، والله لو تسأله: كيف حالك ؟ ليقول لك: ليس في الأرض من هو أسعد مني، والله أنا لا أبالغ إذا انضبط الإنسان، واصطلح مع الله عزَّ وجل، واتقدت نفسه بمحبة الله عزَّ وجل، لو أنك سألته سؤالاً صريحاً: كيف حالك ؟ قد يكون هذا الإنسان يعيش في وسط من أناسٍ مقهورين، متعبين، في ضياع، في قلق، في خوف يقول لك: والله ليس في الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني، هذه علامة الإيمان، الحياة جميلة جداً في طاعة الله، الإيمان له عز.
أحد أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وأظنه سيدنا الحسن، قالوا:
ـ يا سيدنا، أو يا فلان أتيهٌ في الإسلام؟
ـ قال: هذا عز الطاعة.
إذا أطاع الإنسان الله عزَّ وجل يشعر بعزة ما بعدها عز.
حديث: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ.
فنحن عندنا أحاديث أختارها لكم من كتاب رياض الصالحين، وهذا الكتاب ـ كما تعلمون ـ يحتوي على الأحاديث الصحيحة، ومن هذه الأحاديث حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما، طبعاً سيدنا العباس من أصحاب رسول الله، وسيدنا ابن عباس من أصحاب رسول الله، فإذا ذكرت صحابياً وابنه أو وأباه، فيجب أن تقول: رضي الله عنهما.
(( عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
هذا الحديث في باب المجاهدة من كتاب رياض الصالحين.
نعمة الصحة لا يعرفها إلا مَن فقدها.
وقد قالوا: من أدرك الإسلام والصحة ما فاته شيء.
هناك من يخيَّر، لو أن له مئات الملايين، ويفقد بعض أعضائه، أو بعض أجهزته لما رضي، فالإنسان الصحيح غنيٌ، وأي غنيّ، فربنا عزَّ وجل ما جعل هذه الصحة كي تستنفذها في الأمور التافهة، هذه القوة ؛ أن تمشي، أن تنهض، أن تستخدم يديك، أن تستخدم حواسك، هذه كلها يجب أن تستخدم في طاعة الله عزَّ وجل، هذه العين يجب أن ترى بها آيات الله، هذه الأذن يجب أن تستمع بها إلى الحق، هذا اللسان يجب أن ينطق بالحق، هذه اليد يجب أن تساعد بها المحتاجين، هذه الرِّجل يجب أن تنتقل بها إلى المسجد، أو إلى عملٍ شريف، أو إلى عملٍ صالح.
نعمة الفراغ.
لذلك:
لما يستيقظ الإنسان ويفتح عينيه يجب أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى سمح له أن يعيش هذا اليوم، كم من إنسان مات، نام وما استيقظ، زوجته نائمة إلى جانبه فوضعت يدها على يده فرأتها باردة جداً، وقفت فرأته ميتًا، نام وليس به شيء، فهذه القصص كثيرة جداً، فلما يعرف الإنسان حاله أن هذا الوقت لابد من أن ينتهي فيجب أن يسارع، لذلك:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)﴾
أي: لا يأتينكم الموت إلا وأنتم مسلمون، استسلام كامل، استسلام في الاستقامة، استسلام نفسي، استسلام للمقادير.
واللهِ قال أحد العلماء في الشام، وقد مر في الطريق أمام مقهى، فرأى أناسًا يلعبون النرد، فقال هذا العالم الجليل، وأظنه الشيخ بدر الدين: سبحان الله !! لو أن الوقت يشترى من هؤلاء لاشتريناه منهم، جالس في المقهى إلى الساعة الثانية عشرة، ما هذا؟ هذا الوقت الثمين أهكذا يستهلك؟ أهكذا تستهلكه؟ والله هناك ألف مجال ترقى به إلى الله، هذه السهرة، الآن عندك سهرة أيام الشتاء، ربيع المؤمن، كما قال عليه الصلاة والسلام:
(( طال ليله فقامه، وقصر نهاره فصامه ))
هذه السهرة ذهبت إلى البيت الساعة الثامنة والنصف، ممكن أن تجلس مع أهلك تحدثهم عن الله عزَّ وجل، ممكن تقرأ موضوعًا، ممكن تقرأ القرآن، ممكن أن تصلي، ممكن أن تتابع موضوعًا في كتاب، ممكن أن تكتب مقالة، ممن أن تنصح إنسانًا، ممكن أن تتألف قلبَ أخت بعيدة تزورها، ممكن أن تعاون الأهل، ممكن أن تقوم بعمل يرضي الله عزَّ وجل.
لذلك هذا الذي يعنيه النبي عليه الصلاة والسلام بالصحة والفراغ، فهؤلاء الشباب عندهم وقت فراغ، بعد فترة يتزوج، باللغة الدارجة ـ ينعمى قلبه ـ يوم مشكلة، وبكرة ابنه سخن، وبعد بكرة عند زوجته ولادة، ويريد إبرة غير متوافرة بالصيدليات من أجل الدم، لكي لا يصير فساد في الدم، يدخل الإنسان في عالم، وبعد ذلك يأتي المولود، فيحتاج حاجاته، يريد أن يسعى ليؤمن غذاء للمولود، فقبل أن يتزوج الرجل هذه فرصة كبيرة جداً، استغلها في معرفة الله عزَّ وجل، إذا كان للواحد عمل بسيط، وساعات دوامه قليلة فهذه نعمة كبيرة، ثمة أشخاص عندهم عمل اثنتي عشرة ساعة، وأشخاص ثماني عشرة ساعة يعمل حتى يستطيع أن يؤمن حاجاته وحاجات أهله.
هذا الحديث هو حديث اليوم


خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء