الشهيد عبد المنعم رياض
يُعد عبد المنعم رياض واحدًا من أشهر العسكريين العرب، حيث شارك في
الحرب العالمية الثانية ضد الألمان والإيطاليين بين عامي 1941 و1942، وشارك في حرب
فلسطين عام 1948، والعدوان الثلاثي عام 1956، ونكسة 1967 وحرب الاستنزاف، وحقق
انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية
عبد المنعم رياض تاريخ مشرف للعسكرية المصرية، تحوّل إلى رمز،
عاش بطلًا، ومات شهيدًا، عبد المنعم رياض، ضرب المثل الأعلى في الشجاعة والتفاني
والإخلاص، كان معروفا بتواضعه الجم، وبالتفاني في العمل واحترام قادته، وعدم البخل
بأى شيء على أبنائه الضباط، منحه الرئيس جمال عبد الناصر رتبة الفريق أول ونجمة
الشرف العسكرية التي تعتبر أكبر وسام عسكري في مصر.
"إن مكان القادة الصحيح هو وسط جنودهم وفي مقدمة الصفوف
الأمامية"، كانت هذه المقولة دائما يرددها البطل الشهيد الفريق عبد المنعم
رياض بإيمان داخلي، وربما كانت هى سبب استشهاده، حيث أشرف على الخطة المصرية
لتدمير خط بارليف، خلال حرب الاستنزاف، ورأى أن يشرف على تنفيذها بنفسه وتحدد يوم
السبت 8 مارس 1969 م موعدًا لبدء تنفيذ الخطة، وفي التوقيت المحدد انطلقت نيران
المصريين على طول خط الجبهة لتكبد الإسرائيليين أكبر قدر من الخسائر في ساعات
قليلة وتدمير جزء من مواقع خط بارليف وإسكات بعض مواقع مدفعيته في أعنف اشتباك
شهدتها الجبهة قبل معارك 1973.
وصباح اليوم الثاني قرر عبد المنعم رياض أن يتوجه بنفسه إلى الجبهة
ليرى عن كثب نتائج المعركة ويشارك جنوده في مواجهة الموقف، وقرر أن يزور أكثر
المواقع تقدمًا التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا، ووقع
اختياره على الموقع رقم 6 وكان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدو في
اليوم السابق.
يشهد هذا الموقع الدقائق الأخيرة في حياة الفريق عبد المنعم رياض،
حيث انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التي كان يقف فيها وسط جنوده واستمرت
المعركة التي كان يقودها الفريق عبد المنعم بنفسه نحو ساعة ونصف الساعة إلى أن
انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها ونتيجة
للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء توفى عبد المنعم رياض بعد 32 عاما قضاها عاملا في
الجيش متأثرا بجراحه كاتبا بحروف من نور أسمى آيات الفداء للوطن.
ولد البطل محمد عبد المنعم محمد رياض عبد الله في 22 أكتوبر 1919
بمدينة طنطا محافظة الغربية وتوفى في 9 مارس 1969، ودرس في كتاب القرية وتدرج
في التعليم وبعد حصوله على الثانوية العامة من مدرسة الخديو إسماعيل التحق بكلية
الطب بناء على رغبة أسرته، ولكنه بعد عامين من الدراسة فضل الالتحاق بالكلية
الحربية التي كان متعلقا بها، انتهى من دراسته في عام 1938 م برتبة ملازم ثان، ونال
شهادة الماجستير في العلوم العسكرية عام 1944 وكان ترتيبه الأول، وأتم دراسته
كمعلم مدفعية مضادة للطائرات بامتياز في إنجلترا عامي 1945 و1946، وأجاد عدة لغات
منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية.
وفي عام 1941 عين بعد تخرجه في سلاح المدفعية، واشترك في الحرب
العالمية الثانية ضد ألمانيا وإيطاليا، وتولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة
للطائرات في عام 1951 وكان وقتها برتبة مقدم، ولقناعته بأن الاقتصاد علم
الاستراتيجية التحق بكلية التجارة.
ومن يوليو 1954 وحتى أبريل 1958 تولى عبد المنعم رياض قيادة الدفاع
المضاد للطائرات في سلاح المدفعية، وسافر إلى الاتحاد السوفيتي في 9 أبريل 1958 في
بعثة تعليمية وحصل عليها بتقدير امتياز عام 1959، ولقب هناك بالجنرال الذهبي، وشغل
منصب رئيس أركان سلاح المدفعية 1960، وعين رئيسا لأركان القيادة العربية
الموحدة في عام 1964، وتمت ترقيته في عام 1966 إلى رتبة فريق، وأتم في السنة نفسها
دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، وحصل على زمالة كلية الحرب العليا.
وحينما اندلعت حرب 1967 عين الفريق عبد المنعم رياض قائدا عاما
للجبهة الأردنية، وفي 11 يونيو 1967 اختير رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة
المصرية فبدأ مع وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة الجديد الفريق أول
محمد فوزي إعادة بنائها وتنظيمها، وفي عام 1968 عين أمينا عاما مساعدا لجامعة
الدول العربية.
ويعد عبد المنعم رياض واحدًا من أشهر العسكريين العرب، حيث شارك في
الحرب العالمية الثانية ضد الألمان والإيطاليين بين عامي 1941 و1942، وشارك في حرب
فلسطين عام 1948، والعدوان الثلاثي عام 1956، ونكسة 1967 وحرب الاستنزاف، حقق
انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية وكذلك تدمير
المدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية
الإسرائيلية.
وقد تنبأ الفريق عبد المنعم رياض بحرب العراق وأمريكا حيث قال: إن
بترول أمريكا سوف يبدأ في النفاد وستتحول إلى بترول العراق خلال 30 عاما تقريبا.
كان عبد المنعم رياض يؤمن بحتمية الحرب ضد إسرائيل، ويعتقد أن العرب
لن يحققوا نصرا عليها إلا في إطار استراتيجية شاملة تأخذ البعد الاقتصادي وليس
مجرد استراتيجية عسكرية، وكان يؤمن أيضا بأننا "إذا وفرنا للمعركة القدرات
القتالية المناسبة وأعددنا لها وجهزنا لها وهيأنا لها الظروف المواتية فليس ثمة شك
في النصر الذي وعدنا الله إياه"، ومن مقولاته الدالة على ذلك: لن نستطيع أن
نحفظ شرف هذا البلد بغير معركة.. عندما أقول شرف البلد أعني شرف كل فرد.. شرف كل
رجل وكل امرأة".
ويحسب له أنه طالب بأن تكون فترة شغل منصب رئيس الأركان حرب القوات
المسلحة محددة بـ 4 سنوات على الأكثر وكان تبريره لـ "شرط المدة"، هو
ألا يصبح المنصب حكرًا على أحد في المستقبل يستغله في أن يصبح مركز قوة وبما يؤدي
إلى تجميد الدماء في الجيش وعدم تجديدها، فضلا عن أنه كان صاحب اقتراح تجنيد
المؤهلات العليا عقب نكسة 5 يونيو67.
يوم الشهيد يوم استشهاد رئيس الاركان عبد المنعم رياض
توجه صباح اليوم 9 مارس 1969 ( اليوم الثانى لحرب الأستنزاف ) الفريق
عبد المنعم رياض رئيس الأركان إلى الجبهة ليشاهد بنفسه نتائج قتال اليوم السابق ،
ويكون بين القوات فى فترة جديدة تتسم بطابع قتالى عنيف ومستمر لاستنزاف العدو
وأثناء مروره ومعه اللواء عدلى حسن سعيد قائد الجيش الثانى ، على القوات فى الخطوط
الأمامية شمال الإسماعيلية ، أصيب الفريق رياض إصابة قاتلة بنيران مدفعية العدو
أثناء الاشتباك بالنيران ، بينما أصيب قائد الجيش إصابة أقل خطورة ولكن حالته
الصحية استدعت عمل أكثر من عملية جراحية واحدة له . وأثناء نقلهما إلى مستشفى
الإسماعيلية ، كان الفريق عبد المنعم رياض قد فارق الحياة وكانت خسارة القوات ومصر
كلها باستشهاده كبيرة . فقد فقدنا قائدا عسكريا متميزا كنا فى اشد الحاجة إليه .
وخرج الشعب يودعه أثناء تشييع جنازته بكل التكريم والاحترام المملوء
بالحزن العميق . ومنذ ذلك اليوم أصبح يوم 9 مارس هو يوم الشهداء تعبيرا صادقا عن
الروح العسكرية المصرية ، والتى تتطلب من كل قائد مهما كانت رتبته أن يضرب القدوة
والمثل حتى الاستشهاد بين جنوده . وقد كان هذا المبدأ وهذه الروح واضحة بأجلى معانيها
وصورها فى حرب اكتوبر 1973 ، حيث كان القادة قدوة لجنودهم واستشهدوا فى الخطوط
الأمامية
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء