pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


كتاب البلاغة السهلة 43 الأسلوب الخبري : واغراضه البلاغية

 

 

 

                  1-    الأسلوب الإنشائي و الأسلوب الخبري و الغرض منهما
الأساليب ثلاثة أنواع :
 -1
الأسلوب الخبري  .
-2
الأسلوب الإنشائي .
 3- أسلوب خبري لفظاً إنشائي معنى  

 وغرضه : الدعاء . مثل : ( جزاك الله خيراً )

الأسلوب الخبري :

يُعرَّف الكلام في اللغة العربية على أنَّه اللفظ المُركب المفيد، ويُقصد "بالمفيد" هو الذي يدل على معنى يُحسن السكوت عليه، أمَا "المُركب" هو ما يتكون من كلمتين فأكثر، سواء كانت هذه الكلمات كلها مذكورة أو يتم تقدير بعض منها، وقد قسّم العلماء الكلام إلى عدة أقسام، ثم قاموا بإدماج بعضها في بعض وحصرها في قسمين هما: الخبر والإنشاء، ثم فصّلوا في المعاني المدلول عليها بكلّ منهما

 

----------------------------------------------------------------------------------

        كتاب البلاغة السهلة                                                          للأستاذ / عبدالرحمن معوض

تعريف الأسلوب الخبري :

الخبر هو ما يحتمل الصدق أو الكذب لذاته بغض النظر عن قائله، أي يتحقّق مدلوله في الخارج بدون النطق به، والمُراد بصدق الخبر هو مطابقته للواقع، وكذبه هو عدم مطابقته له

، نحو: ( العلمُ نافعٌ ) حيثُ إنَّ صفة النفع ثابتة للعلم سواءً تلفّظنا بهذه الجملة أو لم نتلفظْ بها، لأنَّ نفع العلم أمر حاصل في الواقع ولا حاجة إلى إثبات جديد يثبت صحة ما اتفق عليه كل الناس واهتدت إليه العقول، فنقول إنَّ النسبة الكلاميّة (وهي ثبوت النفع للعلم) مُطابقته للنسبة الخارجيّة -أي مُطابقته لما في الواقع

- بعكس جملة ( الجهل نافع ) فنسبته الكلامية ليست مطابقة للنسبة الخارجيّة، فالكلام فيها لا يُطابق الواقع الحقيقي، فالجهل ليس نافعًا ولا يُمكن أنْ يكون كذلك، وتجدر الإشارة إلى أنَّه يُستثنى من الأسلوب الخبري كلّ من القرآن الكريم والأحاديث النبويّة والحقائق العلميّة

وهو ما يحتمل الصدق والكذب ويستثنى من هذا  القرآن الكريم  -  الحديث  -  الحقائق العلمية

هو أي كلام يحتمل الصدق والكذب باستثناء القرآن الكريم والسُنة النبوية الشريفة والحقائق العلمية بالطبع ؛ حيث أنه قد يأتي صادقًا فيكون مطابقًا للواقع ، أو ربما يكون كاذبًا ومخالفًا للواقع  ، مثل قول “ الكذب مفسدة والصدق فضيلة ” ، وله العديد من الأغراض البلاغية التي تأتي حسب المعنى الموجود بسياق الكلام مثل إظهار النصح أو التهديد أو المدح أو التحسر أو غير ذلك الكثير تبعًا لما يوحي به الكلام ، وينقسم الأسلوب الخبري إلى :   

الخبر الإبتدائي :

 

وهذا الخبر الذي يأتي حينما يكون ذهن المخاطب خاليًا من الحكم ، وبالتالي يتم نقل الخبر إليه خاليًا من أدوات التوكيد ، مثل عبارة “على قدر أهل العزم تأتي العزائم ، وتأتي على قدر الكرام المكارم

الخبر الطلبي :

 

ويُستخدم هذا النوع من الخبر إذا بدا المخاطب مترددًا في حكمه ؛ فمن الأفضل توكيد الخبر له بأحد المؤكدات في هذه الحالة ، مثل قول  إن الذي بمقال الزور يضحكني مثل الذي بمقال الحق يبكيني  

الخبر الإنكاري :

يأتي هذا الخبر في حالة إنكار المخاطب له ، ومن ثَم يتم استخدام أكثر من مؤكد من أجل تأكيده في نفس المخاطب ، مثل قول الرسول صلّ الله عليه وسلم ” إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكَمًا ، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا” ، ومن الجدير بالذكر أن أدوات التوكيد متنوعة مثل أدوات الشرط وأحرف التنبيه والقسم وأن وإن وقد

أغراض الأسلوب الخبري:

الأصل في الخبر أنْ يُلقى لأحد الغرضين، هما

 

فائدة الخبر: وهو إفادة المُخاطب الحُكم - المعلومة المذكورة - الذي تتضمنه الجملة إذا كان جاهلًا له، أو لم يطرأ على ذهنه، مثل: (الدّينُ المعاملةُ)،

 (أقسام الكلام ثلاثة: اسم وفعل وحرف

لازم الفائدة : وهو إفادة المُخاطب أنَّ المتكلمَ عالمٌ أيضًا بالحكم الذي يعلمه المُخاطب، كأن يقول أب لابنه الذي أخفى عليه رسوبه في الامتحان: (أنتَ رسبْتَ في الامتحان  )

 

وقد يُلقى الخبر على خلاف الأصل لأغراض أُخرى تُستفاد من سياق الكلام، أبرزها

   الأسلوب الخبري أغراضه البلاغية كثيرة تأتي حسب المعنى الذي يوحي به سياق الكلام ومنها

 (  الاسترحام  -  إظهار التحسر  -  إظهار الضعف  -  الفخر  -  النصح  -  التهديد  -  التوبيخ  -  المدح ... )   

: أغرض الأسلوب الخبري


غالباً ما يكون غرض الأسلوب الخبري تقرير المعنى وتوضيحه ؛ لأنه يعرض حقائق ، وهذا له تأثيره في العقل مع ما تفهمه من معنى الأبيات  
الغرض من الجمع بين الخبر و الإنشاء  
و يجمع الكاتب بين الأسلوب الخبري و الأسلوب الإنشائي ؛ ليجعل القارئ يشاركه أفكاره ومشاعره ، وليثير ذهنه و انتباهه وليبعد عنه الملل ومن أغراض الأسلوب الخبرى :  
: التهديد والوعيد 1- 
مثل : "  إن جهنم كانت مرصاداً للطاغين مآباً  " ،

 "  ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون  "

مثل قوله تعالى :  إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام

    مثل قول زهير بن أبى سلمى محذرا مخاطبه من ارتكاب فعل يستوجب عليه الشتم :

ومن يجعل المعروف من دون عرضه          يفره ومن لا يتق الشتم يشتم

الأسلوب الخبرى فى الأمثلة السابقة خرج عن معناه إلى معنى أخر وهو التهديد والوعيد

  2- إظهار الحزن والحسرة  :

  مثل قول ابن الرومى فى رثاء ولده محمد :   
أرى أخويك الباقين كليهما         يكونان للأحزان أورى من الزند

ألح عليه النزف حتى أحاله        إلى صفرة الجادى عن حمرة الورد
مثل، قول حسان بن ثابت متحسرا على وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم :

 وما فقد الماضون مثل محمد       ولا مثله حتى القيامة يًفقد

     إظهار التحسر على شيء محبوب

: نحو قول المتنبي في رثاء جدته

أتاها كتابي بعد يأس وترجة           فماتت سرورا بي فمت بها غما

حرام على قلبي السرور فإنني        أعد الذي ماتت به بعدها سما

وقوله في رثاء أبي شجاع فاتك  :

الحزن يقلق والتجمل يردع            والقلب بينهما عصي طيع

يتنازعان دموع عين مسهد            هذا يجيء بها وهذا يرجع

وقول آخر يرثى عزيزا عليه  :

وأيقظت أجفانا وكان لها الكرى      ونامت عيون لم تكن قبل تهجع

وقول أبي فراس الحمداني عند ما سمع بمرض أمه وهو في الأسر :

عليلة بالشآم مفردة                   بات بأيدي العدا معللها

تمسك أحشاءها على حرق          تطفئها والهموم تشعلها

تسأل عنا الركبان جاهدة            بأدمع ما تكاد تمهلها

فى الأبيات السابقة خرج الأسلوب الخبرى عن معناه الحقيقى إلى معنى أخر وهو إظهار الحزن والأسى للمتكلم ويظهر الغرض للأبيات وهو الرثاء – مع استخدام بعض الألفاظ التى تدل على الحزن والأسى مثل ( الأحزان – فقد الماضون – دموع عين مسهد ......)
الاسترحام والاستعطاف  : 3-
 

نحو قول إبراهيم بن المهدي مخاطبا المأمون

أتيت جرما شنيعا           وأنت للعفو أهل

فإن عفوت فمن           وإن قتلت فعدل

وقول المتنبي وهو في محبسه مستعطفا السلطان  :

دعوتك عند انقطاع الرجاء           والموت مني كحبل الوريد

دعوتك لما براني البلاء             وأوهن رجلي ثقل الحديد

وقول شاعر آخر :

فمالي حيلة إلا رجائي              لعفوك إن عفوت وحسن ظني

يظن الناس بي خيرا وإني         لشر الناس إن لم تعف عني

ومثل قول الشاعر :

إن جل ذنبى عن الغفران لى أمل       فى الله يجعلنى فى خير معتصم

مثل قول كعب بن زهير مستعطفا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنه :

 أنبئت أن رسول الله أوعدنى          والعفو عند رسول الله مأمول

فى الأبيات السابقة خرج الأسلوب الخبرى عن معناه الحقيقى إلى معنى أخر وهو الاسترحام والاستعطاف ويظهر ذلك من خلال الألفاظ التى استخدمها الشعراء فى الأبيات مثل ( العفو مأمول – لعفوك إن عفوت – دعوتك عند انقطاع الرجاء – وأنت للعفو أهل ) وغيرها من الكلمات التى توضح غرض الأسلوب الخبرى
النصح : 4-  
إن شر الجناة فى الأرض نفس         تتوقى قبل الرحيل الرحيلا 
وترى الشوك فى الورود وتعمى        أن ترى فوقها الندى إكليلاً
مثل قول حافظ إبراهيم ناصحا بالأخذ برأى الجماعة :

رأى الجماعة لا تشقى البلاد به         رغم الخلاف ورأى الفرد يشقيها
  

الحث على السعي والجد كقول شوقي : 

وما نيل المطالب بالتمني              ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

وما استعصى على قوم منال         إذا الإقدام كان لهم ركابا

وقوله :

أعدت الراحة الكبرى لمن تعبا          وفاز بالحق من لم يأله طلبا

وقول ابن نباتة السعدي :

يفوت ضجيع الترهات طلابه           ويدنو إلى الحاجات من بات ساعيا

من خلال الأبيات السابقة نعرف أن الأسلوب الخبرى خرج عن معناه إلى معنى أخر وهو تقديم النصح والإرشاد ويظهر ذلك من خلال بعض الألفاظ فى الأبيات التى تدل على ذلك

 5 - المدح

:  ومن أمثلة المدح فى الشعر العربى
فإنك شمس والملوك كواكب        إذا طلعت لم يبد منهن كوكب 
 مثل قول أبى تمام مادحا الرسول صلى الله عليه وسلم :

هو اليم من أى النواحى أتيته        فلجّته المعروف والجود ساحله

 نحو قول زهير بن أبي سلمى  : المدح

 وأبيض فياض يداه غمامة         ما تغب فواضله  على معتفيه   

تراه إذا ما جئته متهللا               كأنك تعطيه الذي أنت سائله

وقول المتنبي مادحا سيف الدولة  :

أرى كل ذي ملك إليك مصيره           كأنك بحر والملوك جداول

إذا مطرت منهم ومنك سحائب         فوابلهم طل وطلك وابل 

من خلال الأبيات السابقة نلاحظ خروج الأسلوب الخبرى عن معناه إلى معنى أخر وهو المدح وهو من الأغراض القديمة فى الشعر العربى

الفخر :  6-
 نحو قول الفرزدق

ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا        وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا

وقول جرير :

إذا غضبت عليك بنو تميم                 رأيت الناس كلهم غضابا

ولآخر في الفخر بكثرة العدد :

ما تطلع الشمس إلا عند أولنا             ولا تغيب إلا عند آخرنا

وللشريف الرضي  :

لغير العلى مني القلى والتجنب           ولولا العلى ما كنت في العيش أرغب

وقور  فلا الألحان تأسر عزمتي                 ولا تمكر الصهباء بي حين أشرب

ولا أعرف الفحشاء إلا بوصفها          ولا أنطق العوراء والقلب مغضب

مثل قول المتنبي مفتخرا بنفسه :

 أنا الذى نظر الأعمى إلى أدبى       وأسمعت كلماتى من به صمم
ونشرب أن وردنا الماء صفواً         ويشرب غيرنا كدراً وطينا

نلاحظ فى الأبيات السابقة خروج الأسلوب الخبرى عن معناه الحقيقى إلى معنى أخر وهو إظهار الفخر ويظهر ذلك من خلال الألفاظ التى استخدمها الشعراء مثل ( يسيرون خلفا – عند أوائلنا – أنا الذى نظر الأعمى إلى أدبى ...) وغيرها من الكلمات

السخرية : 7-  
حملت أنفاً يراه الناس كلهم               من ألف ميل عياناً لا بمقياس

مثل قول أبى الأسود الدؤلى ساخرا ممن يحاول إصلاح الناس وهو عاجز عن إصلاح نفسه :

  وأراك تصلح بالرشاد عقولنا            أبدا وأنت من الرشاد عقيم

نلاحظ فى الامثلة أن الأسلوب الخبرى خرج ليوضح لنا معنى أخر وهو السخرية ويظهر ذلك من خلال العبارات التى استخدمت مثل ( حملت أنفا يراه الناس – وأنت من الرشاد عقيم ...) وغيرها من الألفاظ التى توحى بالسخرية

العتاب :  8-
لو شئت لم تتعنتى ولم             تسألى عنى وعندك بى خبر
مثل قول ابن الرومى :

يا أخى أين عهدك الإخاء  ؟      أين ما كان من بيننا من صفاء ؟

نلاحظ خروج الأسلوب الخبرى ليفيد معنى العتاب ويظهر ذلك واضحا من خلال الألفاظ التى استخدمت مثل ( لم تتعنتى – وأين ما كان بيننا من صفاء )

   9 - إظهار الضعف  :

 وذلك نحو قوله تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام:

   " رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا، " 

: وقول الشاعر

إن الثمانين، وبلغتها،              قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

وقول المتنبي في وصف مرضه :

عليل الجسم ممتنع القيام        شديد السكر من غير المدام  

وقول شاعر مريض يقارن بين حاله وحال آخر معافى من المرض

الخطى عندك، إذ تقصرها، وثب وقف      والخطى عندي إذ أوسعها، ضعف وعجز

ومن خلال الأمثلة السابقة نعرف أن الغرض الحقيقى من الأسلوب الخبرى هو إظهار الضعف ويظهر ذلك من خلال الألفاظ التى استخدمت والتى توحى بالضعف وقلة الحيلة مثا ( وهم العظم منى  -  أحوجت سمعى إلى ترجمان – وعليل الجسم وغيرها من الكلمات )

فإذا نظرنا إلى كل مثال من الأمثلة السابقة وجدنا أن المتكلم لا يقصد منه فائدة الخبر ولا لازم الفائدة، وإنما خرج به عن هذين الغرضين إلى غرض آخر بلاغي يفهم من سياق الكلام وقرائن الأحوال، كغرض المدح أو الفخر، أو الاسترحام، أو إظهار التحسر، أو إظهار الضعف، أو الحث على السعي والجد

سر جمال الخبر : يجذب انتباه السامع ويثير ذهنه ويدفعه إلى التأمل والتفكير

        كتاب البلاغة السهلة                                                      للأستاذ / عبدالرحمن معوض

ما قيمة المزج بين الأسلوب الخبري والإنشائي في الأبيات ؟ 

عند المزج بين الأساليب الإنشائية والخبرية: يكون الغرض البلاغي :

 تقرير أن كلامه حقائق ثابتة لا تقبل نقاشا ولا جدالا، مع لفت النظر وجذب الانتباه؛ لإدراك تلك الحقيقة،

وإعطاء المعنى حيوية وتأثيرا، ومحاولة إشراك القارئ لعاطفة الشاعر ودفع الملل عنه

أسئلة  للتدريب على الأسلوب الخبري :

بين الغرض البلاغى لكل من الأساليب الخبرية التالية : 

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده              فلم يبق إلا صورة اللحم والدم

إن الفتى من الرجال مكرم                    وتراه يُرجى ما لديه ويُرغب  

وليس بعامر بنيان قوم                        إذا أخلاقهم كانت خرابا  

قال تعالى على لسان سيدنا زكريا عليه السلام :  إني وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا

ومن يجعل المعروف فى غير أهله          يكن حمده ذما عليه ويندم

غدرت يا موت كم أفنيت من عدد            بمن أصبت وكم أسكتّ من لجب

فبوركت يا قبر الرسول وبوركت            بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد

إذا بلغ الفطام لنا صبى                        تخر له الجبابر ساجدين

 

 

 

 

 

-----------------------------------------------------------------------------------

        كتاب البلاغة السهلة                                                       للأستاذ / عبدالرحمن معوض

شكرا لتعليقك