pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


كتاب البلاغة السهلة 28 التشريع فى البلاغة

  

 15- التشريع  

التشريع، ويسمى التوشيح والتوأم، هو بناء البيت على قافيتين يصح المعنى عند الوقوف على كل منهما

وتفصيل ذلك أن يبني الشاعر أبيات قصيدته على وزنين من أوزان الشعر وقافيتين. فإذا وقف من البيت على القافية الأولى كان شعرا مستقيما من وزن على عروض، وإذا أضاف إلى ذلك ما بني عليه شعره من القافية

  

الأخرى كان أيضا شعرا مستقيما من وزن آخر على عروض، وصار ما يضاف إلى القافية الأولى للبيت كالوشاح

والتشريع لا يكاد يستعمل في الكلام المنثور المسجوع إلا قليلا وليس من الحسن في شيء! واستعماله في الشعر أحسن منه في الكلام المنثورومن أمثلته شعرا قول بعضهم

أسلم ودمت على الحوادث مارسا         ركنا ثبير أو هضاب حراء

ونل المراد ممكنا منه على                رغم الدهور وفز بطول بقاء

فهذان البيتان من وزن «الكامل» التام المؤلف من «متفاعلن» مكررة ست مرات وقافيتهما الهمزةفإذا أسقطنا من كل بيت تفعيلتين فإن البيتين ينتقلان إلى مجزوء الكامل ويصيران

أسلم ودمت على الحوا دث     مارسا ركنا ثبير 

ونل المراد ممكنا                منه على رغم الدهور

وقد استعمل ذلك الحريري في قصيدة كاملة معروفة في مقاماته منها

يا خاطب الدنيا الدنية إنها            شرك الردى وقرارة الأكدار

دار متى ما أضحكت في يومها      أبكت غدا بعدا لها من دار

فالقصيدة التي منها هذان البيتان من وزن الكامل التام أيضا والقافية الراء، فإذا أسقطنا هنا تفعيلتين صار البيتان من مجزوء الكامل والقافية الدال هكذا

يا خاطب الدنيا الدنية             إنها شرك الردى

دار متى ما أضحكت             في يومها أبكت غدا

وقد ظهر « التشريع  » قبل كلام الحريري في كلام العرب المتقدمين، من نحو القائل

وإذا الرياح مع العشي تناوحت        هوج الرمال بكثبهن شمالا

ألفيتنا نقري العبيط لضيفنا           قبل القتال ونقتل الأبطالا

فالبيتان من وزن الكامل التام كذلك والقافية اللام، وبإسقاط تفعيلتين ينتقل البيتان إلى وزن آخر هو مجزوء الكامل وإلى قافية أخرى هي اللام أيضا هكذا

وإذا الرياح مع العشي          تناوحت هوج الرمال

ألفيتنا نقري العبيط              لضيفنا قبل القتال

ولا شك أن هذا النوع لا يأتي إلا بتكلف زائد وتعسف، وحسنه منوط بما فيه من الصناعة لا بما فيه من البلاغة والبراعة. ومن ثم لا يحسن إلا إذا كان يسيرا؛ كالرقم في الثوب أو الشية في الجلد كما يقول ابن الأثير

وأوسع البحور في هذا النوع « الرجز » الذي يتألف من « مستفعلن » ست مرات، فإنه قد وقع مستعملا «  تاما»

و «   مجزوءا» و « مشطورا » و « منهوكا  فيمكن أن يعمل للبيت منه أربع قواف

ولعل في النموذج التالي من شعر محمد بن جابر الضرير الأندلسي ما يوضح ذلك  قال

يرنو بطرف فاتر مهما رنا             فهو المنى لا أنتهي عن حبه

يهفو بغصن ناضر حلو الجنى         يشفي الضنى لا صبر لي عن قربه

لو كان يوما زائري زال العنا         يحلو لنا في الحب أن نسمى به

فهذه الأبيات من الرجز التام، فإذا تركناها على حالها فهي من الرجز التام والقافية الباء، وإذا أسقطنا منها تفعيلتين من آخر كل بيت صارت من الرجز المجزوء والقافية النون هكذا

يرنو بطرف فاتر              مهما رنا فهو المنى

يهفو بغصن ناضر          حلو الجنى يشفي الضنى

لو كان يوما زائري         زال العنا يحلو لنا

وإذا أسقطنا تفعيلة من آخر كل بيت من مجزوء الرجز هذا صارت الأبيات من مشطور الرجز والقافية النون أيضا هكذا

يرنو بطرف فاتر مهما رنا        يهفو بغصن ناضر حلو الجنى

لو كان يوما زائري زال العنا

وإذا عدنا فأسقطنا تفعيلة من هذا المشطور صارت الأبيات من منهوك الرجز والقافية الراء هكذا

يرنو بطرف فاتر        يهفو بغصن ناضر

لو كان يوما زائري

ولعلنا لاحظنا من كل ما سبق أن التشريع كنوع من البديع اللفظي إذا أسرف الشاعر منه في القصيدة الواحدة أسقطها وأحالها إلى نوع من الصناعة الباردة الغثة، وأن أحسنه ما جاء فيها قليلا عفو الخاطر 

 

 

 

 

 

 

 

 

----------------------------------------------------------------------------------

        كتاب البلاغة السهلة                                                                 للأستاذ / عبدالرحمن معوض
شكرا لتعليقك