pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


كتاب البلاغة السهلة 20 الترصيع

 من دروس علم البديع  :           6-   الترصيع

الترصيع : اتفاق جملتين أو أكثر في عدد الكلمات مع اتفاق كل كلمة مع ما يقابلها في الوزن وفي الحرف الأخير

1 - إن بعد المطر صحواً ،        وإن بعد الكدر صفواً

2 - ليكن إقدامك توكلاً ،          وليكن إحجامك تأملاً

هو تشابه نهاية الشطر الأول مع نهاية الشطر الثاني في البيت الأول.

 الترصيع في الشعر :

 الترصيع في الشعر هو السجع البلاغي في إحدى قرينتين، أو أكثر، والمقابلة في الوزن، والاتفاق على الحرف الآخر المراد من القرينتين المتوافقتان في الوزن والتقفية،

 ومنه قول الحريري:

"فهو يطبع الأسجاع بظواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه"

  فيكون ذلك بموافقة كل ما في القرينة الثانية ما يقابلها في الأولى في الوزن والتقفية، أمّا لفظه فلا يقابله شيء من القرينة الثانية، وأن تكون الألفاظ مستوية الأوزان، متفقة الأعجاز

   ومنه في القرآن الكريم قوله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم}

  فكانت كلمتي إيابهم وحسابهم كلمتان متفقتان في الوزن الصرفي، وفي أواخر الحروف، وكذلك في قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}

   فاتفقت آخر الآيتين في وزن كلمتي نعيم وجحيم فكان توازن الألفاظ من باب التوافق. وقد تكون الموازنة بين الألفاظ ومقابلتها من باب التقاربِ

  ومنه قوله تعالى: {وَآَتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ * وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}

   فكلمتي المستبين والمستقيم تقاربتا في بعض الحروف وفي الوزن ولم تتفقا اتفاقًا تامًا، فجاءت الموازنة من باب التقارب، ولكن كما ذكر سابقًا، يسمى هذا السجع باتفاق الفواصل القرآنية، بينما يعرف بالترصيع في الشعر.

والترصيع في الشعر بشكل خاص، كالتسجيع في كونه يجزئ البيت إما ثلاثة أجزاء إن كان البيت سداسي التفعيلات، أو أربعة إن كان ثماني التفعيلات، وسجع على ثاني العروضين دون الأول. وأكثر ما يقع الجزءان المسجع والمهمل في الترصيع مدمجين، إلا أن أسجاع التسجيع يأتي على قافية البيت، والفرق بينه وبين التسميط المسمى تسمي التبعيض أن المسجع من قسمي التسميط معًا هي أجزاء عروضية، والمسجع من الترصيع أجزاء غير عروضية لوقوع السجع في بعض الأجزاء، أي أنّ الترصيع يكون في مجيء السجع في حشو البيت لا في قوافيه فيكون في البيت الواحد قافيتان، فهذا ما يعرف بالتصريع وهو خلاف الترصيع

  أمثلة الترصيع في الشعر :

 يكثر الترصيع في الشعر العربي، حتى أصبح ظاهرة تتبع وتُدرس عند الشعراء، فهو يكثر في أشعار كثير من القدماء المجيدين من الفحول وغيرهم، كما يكثر في أشعار المحدثين المحسنين منهم، وكان أن جاءت بعض أبيات القصيدة، بيت أو بيتان، وربما أكثر مرصّعة،

 ومن أمثلة الترصيع في الشعر العربي قول صريع الغواني الشاعر مسلم بن الوليد:

كَأَنَّهُ قَمَرٌ أَو ضَيغَمٌ هِصرٌ          أو حَيَّةٌ ذَكَرٌ أَو عارِضٌ هَطِلُ

 والترصيع وقع في الكلمات قمر، وهصر، وهطل، وكان ترصيعًا غير مدمج، فأجزاؤه المسجعة غير مدمجة فيما قبلها، وهذا ما يجعله ملتبسًا مع التسميط التباساً شديداً، والفرق بينهما أن التسجيع في التسميط على الجزء الأول من الأجزاء العروضية، وفي الترصيع على ثاني العروضيين، فالتسجيع من الترصيع جاء في الخماسي أيضا لما كان البيت من بحر البسيط، كون الخماسي ثاني الجزأين من البسيط

  أو كقول الشاعر الأبيوردي :

سودٌ ذوائبها بيضٌ ترائبها حمرٌ         مجاسدها صفرٌ تراقيها

وقع الترصيع في كلمات ذوائبها، وترائبها، ومجاسدها، وتراقيها، وهذا الترصيع يحسن أن يسمى الترصيع المدمج، فكل جزء مسجع من أجزائه مدمج في الجزء الذي قبله، وهو فرق بينه وبين ما ليس

كذلك من الترصيع. كما أن الترصيع في البيت يعمل على إغناء إيقاع القصيدة سواء كان الترصيع بالوزن أو بالمقاطع أو بالسجع، والرتصيع في هذا البيت من الترصيع الحسن والجيد. ومن الترصيع في الشعر، قول شاعر الغزل العباس بن الأحنف في قصيدته

 ألا ليت ذات الخال تلقى من الهوى:

وِصالُكُمُ صَرمٌ وَحُبُّكُمُ قِلىً         وَعَطفُكُمُ صَدٌ وَسِلمُكُمُ حَربُ

 والترصيع في بيت العباس في كلمات: صرم، وحرب، وجاءت هذه المكونات مكونًا إيقاعيًا مزينًا للقصيدة دون أن يقع الشـاعر في التكلف، فالتكلّف يهوي بصاحبه عن مكانة المطبوعين. ومنه قول المتنبي:

  قَدْ حِرْنَ في بَشَرٍ في تاجِهِ قَمَر          في دِرْعِهِ أسَدٌ تَدْمَى أظافِرُهُ

 حُلْوٍ خَلائِقُهُ شُوسٍ حَقائِقُهُ                 تُحصَى الحَصَى قَبلَ أنْ تُحصَى مآثرُهُ

 فالترصيع جاء في لفظتي بشرِ، وقمر، وفي البيت الذي يليه جاء في حشو البيت في خلائقه، وحقائقه، وهو من الترصيع المدمج، فكل جزء مسجع من أجزائه مدمج في الجزء الذي قبله، وعمل على إغناء إيقاع القصيدة سواء كان الترصيع بالوزن أو بالمقاطع أو بالسجع، والترصيع في هذا البيت من الترصيع الحسن والجيد.

 ومثله قول ذي الرمّة:

كَحْلآءُ فِي بَرَجٍ صَفْرَآءُ فِي نَعَجٍ         كأنَّها فضَّة ٌ قدْ مسَّها ذهبُ

 ومن الترصيع في الشعر، قول الشاعر :

فَالخَدُّ والثَّغْرُ ذَا صُبْحٌ وَذَا فَلَقُ             وَالقَدُّ وَالشَّعْرُ ذَا رُمْحٌ وَذَا غَسَقُ

فالخد في مقابلة القد، والروي الدَّال، والثغر في مقابلة الشَّعر، والرَّوي الرَّاء، وصبح في مقابلة رمح، وفلق في مقابلة رمح، وفلق في مقابلة غسق. فكانت كلُّ لفظة في البيت موافقةً لقرينتِها وزنًا ورويًّا،

 ومن التَّرصيع الكامل الذي يقع الاتِّفاق فيه بين جَميع قرائنِه، قول الشاعر

كَالبَحْرِ مُقْتَحِمًا وَالبَدْرِ مُلْتَئِمًا       وَالفَجْرِ مُبْتَسِمًا والزَّهْرِ مُخْتَتِمَا

والأهم ما يميز الترصيع هو إغناء إيقاع القصيدة سواء كان الترصيع بالوزن أو بالمقاطع أو بالسجع وقد يحدث أن يأتي الترصيع في مجموعة من الأبيات ولكن بصنعة الشاعر فإنه يبعده عن التكلف ومن نماذج

الترصيع الحسن والجيد  وإن كان متكلفا قول أبي صخر الهذلي :

              و تلـك هيكلـة  خـود   مبتلـة             صفـراء رعبلـة في منصـب  سنـم

              عـذب مقبلهـا خـدل مخلخلهـا            كالدعص أسفلهـا  مخصـورة القـدم

              سـود ذوائبهـا بيـض ترائبهـا            محض ضرائبهـا صيغت على الكـرم

              عبـل  مقيدهـا  حـال  مقلدهـا           بـض مجـردهـا لـفاء في  عـمـم

             درم مـرافقهـا سهـل خـلائقهـا           يـروى معـانقهـا  من بارد  النسـم  

             كـأن معتقـة   في الدن مـغلقـة           صهبـاء  مصعقـة   من رانـئ  رذم

             شيبـت بموهبة   من رأس  مرقبة          جـرداء مهيبـة  في حالـق شـمـم

             خـالط طعـم  ثناياهـا وريقتهـا          إذا يكـون تـوالي النجـم  كالنـظـم

وهناك أيضا قول أبو المثلم:  

             لو كان للدهر مـال عن متـلـده           لـكـان  للدهـر صخر مـال قينـان

             آبي  الهضيمة  ناب بالعظيمة مـــتـــلاف الكريـمـة لا سقـط و لا  وان

             حامي الحقيقـة نسال الوريقة معـــتـاق  الوسيقـة  جـلـد غيـر  ثنيـان

             ربـاء  مرقبـة  منـاع  مغلبـة            ركـاب سـلهبـة  قـطـاع أقـران

             هبـاط أوديـة  حمـال ألـويـة             شهـاد أنـديـة  سرحـان فـتيـان

             يعطيك ما لا تكاد النفس تسلمـه         من التـلاد وهـوب غـيـر  مـنـان

ورغم ذلك فالتكلف ظاهر فيها، رغم جودة الصنعة وعدم ضعف المعنى، ولكن المستحب أن يـأتي بيت أو اثنان لا أكثر في القصيدة وهناك العديد من النماذج

كقول المتنبي:    

          فيا شوق ما أبقى وما لي من النوى         و يا دمع ما أجرى و يا قلب ما أصبى

وقوله:

        للسبي ما نكحـوا ، والقتل ما ولـدوا        والنهب ما جمعـوا ، والنار ما زرعـوا

وقول أبي تمام وأحسن فيه غاية الإحسان:    

          تدبير معتصـم ، بالله مـنتـقـم                لله  مـرتقـب ،  فـي الله مـرتغـب

وقول مسلم بن الوليد:   

         كـأنه قمـر ، أو ضيغـم هـصـر             أو حيـة ذكـر ، أو عـارض  هـطـل

وعل أجملها قول العباس بن الأحنف: العمدة " لابن رشيق

      وصـالكـم صرم ، و حبـكـم قلـى       و عطـفكـم  صـد ، و سـلمـكـم حـرب

وبالتالي يبقى الترصيع مكونا إيقاعيا مزينا للقصيدة لا ينبغي الإفراط فيه، حتى لا يقع الشـاعر في التكلف والتكلف يهوي بصاحبه عن مكانة المطبوعين.

الفرق بين التصريع - السجع – الترصيع  :

التصريع : اتفاق قافية الشطر الأول من البيت الأول مع قافية القصيدة ويكون في البيت الأول يندر أن يقع في غيره

قال المتنبي  
على قدر أهل العزم تأتي العزائم          وتأتي على قدر الكرام المكارم
نجد أن القصيدة ميمية ولو لحظنا أن الشطر الأول كذلك انتهى بحرف الميم
وقال الأعشى :  
ودع هريرة إن الركب مرتحل           وهل تطيق وداعاً أيها الرجل
وفي قصيدة الأعشى انتهى الشطر الأول بحرف اللام والقصيدة لامية

الترصيع : اتفاق جملتين أو أكثر في عدد الكلمات مع اتفاق كل كلمة مع ما يقابلها في الوزن وفي الحرف الأخير
  إن بعد المطر صحواً        وإن بعد الكدر صفواً
  ليكن إقدامك توكلاً ،        وليكن إحجامك تأملاً

السجع   هو اتفاق جملتين أو أكثر في الحرف الأخير
مثل : الصوم حرمان مشروع ، وتأديب بالجوع ، وخشوع لله وخضوع
قد يكون الاتفاق في حرف واحد أو أكثر

        كتاب البلاغة السهلة                                                     للأستاذ / عبدالرحمن معوض
شكرا لتعليقك