pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


كتاب البلاغة السهلة 22 حسن التقسيم

 من دروس علم البديع :          

                                    9      - حسن التقسيم

حسن التقسيم فن من فنون البديع المعنوي، وهو في اللغة مصدر قسمت الشيء إذا جزأته. أما في الاصطلاح فاختلفت فيه العبارات، والكل راجع إلى مقصود واحد.

هو: تقسيم البيت أو أجزاء من البيت إلي جمل تتساوى في الإيقاع ، وهو خاص بالشعر فقط هو تقسيم البيت إلى جمل متساوية في الطول والإيقاع . و(يقابل الإزدواج فى النثر)

مثال  

      فلو علم الإنسان مــــا هم كائن          لما نام سمار ،ولا هب هاجع

   ولك الحقول وزهرها وأريجها            ونسيمــــها والبلبل الــــمترنم

مثال: 

*    الوصل صافية ، والعيش ناغية        والسعد حاشية والدهر ماشينا. 

*     متفرد بصبابتي ، متفرد               بكآبتي ، متفرد بعنائي.

*    فالناس هذا حظه مال وذا              علم وذاك مكارم الأخلاق

مثل :

   الخيل والليل والبيد أو تعرفـني         والسيف والرمح والقرطاس والقلم

مثل :

     طويلُ النجادِ رفيعُ العمــــادِ            ســـاد عشــيرتِـهِ أمْــردا

مثل :

 علماء إن ساءلتهم كشفوا العمى           بفقاهــة وفصـاحــة وبيـان

مثل:

  الوصل صافية والعيش ناغــية           والسـعد حاشـية والدهـر ماشينا

كقول بشار يصف هزيمة:

بضرب يذوق الموت من ذاق طعمه        وتدرك من نجى الفرار مثالبه

فراحوا  فريق في الأسار، ومثله            قتيل، ومثل لاذ بالبحر هاربه

فالبيت الأول قسمان :  إما موت، وإما حياة تورث عارا ومثلبة، والبيت الثاني ثلاثة أقسامأسير، وقتيل، وهارب، فاستقصى جميع الأقسام، ولا يوجد في ذكر الهزيمة زيادة على ما ذكر

ومنه قول زهير:

يطعنهم ما ارتموا حتى إذا طعنوا         ضارب حتى إذا ما ضاربوا اعتنقا

فزهير قد أتى في هذا البيت بجميع ما استعمله الممدوح مع أعدائه في وقت الهياج والحرب مضيفا إلى كل حال ما يلائمها، وذلك بأن أضاف إلى طعن الممدوح لأعدائه حالة ارتمائهم، وإلى ضربه إياهم حالة طعنهم، وإلى اعتناقه حالة مضاربتهم. فهو في كل حال يتقدم خطوة على أقرانه.

ومنه قول طريح الثقفي:

إن يسمعوا الخير يخفوه وإن سمعوا        شرا أذاعوا، وإن لم يسمعوا كذبوا

فهنا أضاف الشاعر إلى سماع الخير حالة إخفائه، وإلى سماع الشر حالة إذاعته، وإلى عدم سماعهم خيرا أو شرا حالة الكذب.

ومن أمثلة ذلك وهو من بحر الطويل قول المتنبي:

فيا شوق ما أبقى ويالي من النوى       ويا دمع ما أجرى ويا قلب ما أصبا

فقد جاء المتنبي بهذا البيت مقسما على تقطيع الوزن، كل لفظتين ربع بيت

ومنه وهو من بحر البسيط قول المتنبي أيضا:

للسبي ما نكحوا والقتل ما ولدوا          والنهب ما جمعوا والنار ما زرعوا

فقد جاء البيت مقسما مقطعا إلى أربعة مقاطع متساوية في الوزن.

ومنه وهو من بحر الخفيف قول البحتري  :

قف مشوقا أو مسعدا أو حزينا          أو معينا أو عاذرا أو عدولا

فالبيت هنا مقسم مقطع إلى ستة مقاطع كل واحد منها يمثل تفعيلة من تفعيلات بحر الخفيف.

وقد يجيء التقسيم بالتقطيع مسجوعا، كقول مسلم بن الوليد:

كأنه قمر أو ضيغم هصر             أو حية ذكر أو عارض هطل

وكقول أبي تمام من قصيدة يمدح فيها المعتصم ويذكر فتح عمورية:

لم يعلم الكفر كم من أعصر كمنت       له المنية بين السمر والقضب

تدبير معتصم بالله منتقم                  لله مرتقب في الله مرتغب

فالبيت الثاني هنا فيه تقسيم بالتقطيع المسجوع. وقد أطلق قدامة على هذا النوع اسم  الترصيع ، وفضله، وأطنب كثيرا في وصفه.

والقدماء لم يكثروا من هذا النوع كراهة التكلف، ومما ورد عندهم منه قول أبي المثلم في الرثاء:

هباط أودية حمال ألوية                شهاد أندية سرحان فتيان

يعطيك ما لا تكاد النفس تسلمه         من التلاد وهوب غير منان

فالتقسيم بالتقطيع المسجوع هو هنا في البيت الأول كما يرى.

ومن التقسيم نوع يقال له  تقسيم الضد  ويكون بجعل كل شيء ضده، كقول العباس بن الأحنف.

وصالكمو صرم، وحبكمو قلى        وعطفكمو صد، وسلمكمو حرب

 عيوب التقسيم :

والتقسيم إذا استوعب جميع أقسام المعنى أو جميع أحواله فهو التقسيم الصحيح الذي يعد من فنون البديع المعنوي. ولكن التقسيم قد يعتريه بعض أمور تفسده وتنقص من قيمته، ومن ذلك:

١ - عدم استيفاء كل أقسام المعنى، كقول جرير:

صارت حنيفة أثلاثا فثلثهم        من العبيد وثلث من موالينا

فهو بعد أن ذكر أنهم أقسام ثلاثة ذكر قسمين وسكت عن الثالث، فالقسمة هنا رديئةقيل إن جريرا أنشد هذا البيت ورجل من حنيفة حاضر، فقيل لهمن أي قسم أنت؟ فقالمن الثلث الملغى ذكره

ومن هذا النوع أيضا قول ابن القربة

 الناس ثلاثة: عاقل، وأحمق، وفاجر ، فإن القسمة هنا رديئة لعدم استيفاء أقسامها، لأن الفاجر يجوز أن يكون أحمق، ويجوز أن يكون عاقلا، والعاقل يجوز أن يكون فاجرا، وكذلك الأحمق.

٢ - دخول أحد القسمين في الآخر، كقول أمية بن أبي الصلت   :

لله نعمتنا تبارك ربنا            رب الأنام ورب من يتأبد

فالقسمة هنا فاسدة لأن  من يتأبد ويتوحش داخل في  الأنام

وكقول الآخر:

فما برحت تومي إليك بطرفها        وتومض أحيانا إذا طرفها غفل

فالقسمان في البيت متداخلان لأن  تومي وتومض  واحد.

وكقول جميل:

لو كان في قلبي كقدر قلامة        حبا وصلتك أو أتتك رسائلي

فالبيت يوهم بالتقسيم، ولكنه ليس كذلك لأن إتيان الرسائل داخل في الوصل.

*" سر جماله " إثارة الذهن و يحدث نغما موسيقيا يطرب الأذن. ،

 

 

 

 

-----------------------------------------------------------------------------------

        كتاب البلاغة السهلة                                                        للأستاذ / عبدالرحمن معوض
شكرا لتعليقك