pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


كتاب البلاغة السهلة 32 تأكيد الذم بما يشبه المدح

 من دروس علم البديع :

 19- تأكيد الذم بما يشبه المدح

 

تمهيد :

لو قال لك شخص: لا جمال في الكتاب إلا أنّه طويل في غير فائدة، يكون بهذه الجملة قد استثنى من صفة مدح منفية صفة ذم، وهي أنّه لا جمال في الكتاب وأتى بعدها بأداة استثناء تُوهم بأنّه سيأتي بصفة إيجابية ولكنّه أتى بصفة ذم أُخرى وهي أنّ الكتاب طويل في غير فائدة،

والأمر نفسه في جملة الجاهل عدوّ نفسه لكنّه صديق السفهاء، ففي هذه الجملة أتى القائل بصفة ذم وهي أنّ الجاهل عدوّ نفسه ثمّ أكّد هذه الصفة بصفة ذم أُخرى وهي أنّه صديق السفهاء،

 وهذا الأسلوب في البلاغة العربية يُسمّى بتأكيد الذّم بما يُشبه المدح، وهذا الدرس سيوضّح المقصود بتأكيد الذم بما يُشبه المدح، إلى جانب طرح الأمثلة والتدريبات العملية.  

تأكـــــيد الذم بمـــــا يُشـــــبه المــــدح

 

تأكيد الذم بما يُشبه المدح يأتي على قسمين إِمّا أن يُستثنى من صفة مدح منفية عن الشيء صفة ذم بتقدير دخولها في صفة المدح،

 وثانيهما أن يُثبت للشيء صفة ذم وتُعقّب بأداة استثناء تليها صفة ذم أُخرى

 

أَن يُستثنى من صفة مدح منفيّة صفة ذم

أن يُثبت لشيء صفة ذم، ثم يؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة ذم أُخرى

 

قول أحدهم: " لا جمالَ في الخطبة إلّا أنّها طويلة في غير فائدة ""

في هذا المثال بدأ القائل بذم الخطبة بأنّها ليست جميلة وأتى بأداة استثناء فأَوْهَمَ السامع أنّه سيقول مدحًا لكنه أكمل في الذّم قائلًا إنّها أيضًا طويلة وغير مفيدة، وهذا من تأكيد الذّم بما يُشبه المدح

اُستثني من صفة المدح المنفية ( لا جمال) صفة ذم ( طويلة في غير فائدة ))

 

قال أحدهم:" القومُ شِحاحٌ إلّا أنّهم جُبَنَاء ""

في هذا القول بدأ القائل بقوله: إن القوم شحاح وهذه صفة ذميمة وبعدها جاء بأداة استثناء وهي إلّا وفي هذا إيهام بأنّ القائل سيأتي بصفة مدح إلّا أنّه أتى بصفة ذميمة أخرى وهي الجُبن ليؤكد الذم بما يُشبه المدح

أُثبتت صفة ذم ( شحاح) ثم أوتي بعدها باستثناء يليه صفة ذم أخرى (الجبن ))

 

  "   الطلاب متأخرون إلا أنّهم كُسالى "  

في هذه الجملة بدأ القائل قوله بإثبات صفة التأخير للطلاب ثم أتى بعدها بأدة استثناء (إلاّ) وهنا يتوهم المتلقي أنّ القادم صفة مدح إلا أنّه يأتي بصفة ذم أخرى ( كُسالى)

أُثبتت صفة ذم (التأخير) ثم أوتي بعدها باستثناء يليه صفة ذم أخرى (الكسل ))

 

  "  لا فائدة من الكتاب إلّا أنّه طويل والتكرار فيه كثير "

في هذه الجملة بدأ القائل قوله بأن لا فائدة من الكتاب وأتى بأداة استثناء موهمًا المتلقي أن الآتي مدح ولكنه أتى بصفتي ذم وهما الطول وكثرة التكرار

استنثني من صفة مدح منفية (لا فائدة) صفة ذم وهي الطول والتكرار

 

  "   فُلان لا خير فيه إلا أنّه يُسيء لغيره "   

في البداية قال القائل: أن شخصًا ما لا خير فيه وأتى بعدها بأداة استثناء في إيحاء أنه سيأتي بعدها بصفة مدح لكنه أتى بصفة ذم أخرى وهي أنه يُسيء لغيره

اُستثني من صفة مدح منفية صفة ذم 

   " لا ذوقَ عندها ولكنّها لا تشعر بالآخرين  "

في البداية قال القائل بأنّ لا ذوق عند فتاة معينة وبعدها أتى بلكنّ في إيحاء منه إلى أنّه سيأتي بصفة مدح عكس الذم إلا أنّه جاء بصفة ذم أُخرى وهي أنها لا تشعر بالآخرين

اُستثني من صفة مدح منفية صفة ذم

   " بخيلٌ إلا أنّه نمّام وكثير الإفساد بين الناس  "

في هذه الجملة أُثبتت صفة ذم وهي البخل في شخص معين ثم أتى القائل بصفة ذم أُخرى بعد الاستثناء وهي كثرة الإفساد بين الناس

إثبات صفة ذم ثم الإتيان بأداة استثناء تليها صفة ذمّ

   "  البيت ضيق غير أنّه مظلم "

في هذه الجملة أُثبتت صفة ذم للبيت وهي الضيق ثم أتى القائل بصفة ذم أُخرى بعد الاستثناء وهي أنّ البيت مظلم

إثبات صفة ذم ثم الإتيان بأداة استثناء تليها صفة ذم

تــــــدريــــب    

وضّح أُسلوب تأكيد الذّم بما يُشبه المدح في الجمل الآتية  

 

هو الكلب إلا أنّ فيه ملالة وسوء مراعاة وما ذاك في الكلب

لئيم الطباع إلا أنّه جبان كسول

لا فضلَ للقوم إلّا أنّهم لا يعرفون للجار حقّه

لا خير في كلامه إلا أنّه كثير الشتم والسب

" خلا من الفضل غير أنّي أراه في الحُمق لا يُجارى"

 

قال ابن نباتة المصري :



ولا عيبَ فيه غير أنّي قصدته          فأَنستني الأيامُ أهــلًا وموطــنا

 

لا فضلَ للقومِ إلّا أَنّهم                  لا يعرفون للجار حقّه



وجوهٌ كأزهار الرّياض نضارةً        ولكنّها يوم الهياج صخُــور

 

تُعدّ ذنوبي عند قومٍ كثيرة             ولا ذنبَ لي إلّا العُلا والفضائِلُ

 

الكلام كثير التعقيد سوى أنه مُبتذل المعاني

 

ولا عيبَ فيهم غير أنّ سيوفهم        بهنّ فلول من قراع الكتائب



ولا عيبَ فيكم غير أنّ ضيوفكم       تُعابُ بنسيان الأحبة والوطن

 

لا حُسنَ في المنزل إلّا                 أنّه مظلمٌ ضيق الحُجُرات

 

هو بذيء اللسان غير أن             صدره مجمع الأضغان

 

 

 

 

 

 

 

---------------------------------------------------------------------------------

        كتاب البلاغة السهلة                                                    للأستاذ / عبدالرحمن معوض
شكرا لتعليقك