غرائب التشبيه وبديعه
أمثلة
على غرائب التشبيه وبديعه
يعد التشبيه
مقياساً لبراعة الشاعر وبلاغة البليغ؛ لذلك نجد من الشعراء من تجاوز حد إجادة
التشبيه إلى الإتيان بأكثر من تشبيه، فمنهم من شبه شيئين بشيئين في بيت واحد، نحو
الآتي: كقول امرئ
القيس :
كأن
قلوب الطير رطباً ويابساً لدى وكرها العناب والحشف البالي
يبدو
وتضمره البلاد كأنه سيف
على شرف يسلّ ويُغمد
شقائق
يحملن الندى فكأنه دموع
التصابي في خدود الخرائد
فقد شبه الرطب من قلوب الطير بالعناب،
واليابس منها بالحشف البالي، فجاء تشبيهه في غاية الجودة
لأُحَيْحَة بن
الجلاح قال :
وَقَدْ لاَحَ فِي الصُّبْحِ
الثُّرَيَّا كَما تَرَى كَعُنْقُودِ مُلاَّحيَّةٍ حِينَ نَوَّرَا
كعُنْقُودِ
مُلاَّحِيَّة: أي: كعُنْقُودِ عِنَبٍ من صِنْفُ "مُلاَحيّة" وهو عِنَبٌ
أبيضُ في حبِّهِ طول، والأشْهَرُ في اسم "مُلاَحيّة" تخفيف الّلام
فقد لاحظ الشاعر التشابه بين أجزاء
الثُّريَّا بِعُنْقُودِ مُلاحيَّة حينَ نَوّرَ، أي: وضَحَ بياضُه من نضجه،
فَحَبَّاتُ العنب في العنقود تشبهها النجوم في الثُّرَيَّا، وشكل العنقود بوجه عام
يُشْبِهُهُ شَكْلُ الثُّرَيَّا، والفواصل بين نجوم الثّرَيَّا تشبه الفواصل
الموجودة في العنقود
قول امرئ القيس :
حَمَلْتُ
رُدَينيّاً كَأَنَّ سِنَانَهُ سَنَا
لَهَبٍ لَمْ يَتَّصِلْ بِدُخَانِ
فعَزَل امرؤ
القيس الدُّخان عن سَنَا اللّهب لأنّه لا يدخل في التشبيه، وأثبت السَّنا وهو
الضوء مفرداً
: قول أبي الطيّب المتنبّي من قصيدة يمدح بها "هَارون بن عبد العزيز
لَمْ تَلْقَ هَذَا الْوَجْهَ
شَمْسُ نَهَارِنا إِلاَّ بِوَجْهٍ لَيْسَ فِيِ حَيَاءُ
لقد تضمَّن هذا
القول تشبيه وجه ممدوحه بالشمس، وهو تشبيه قريبٌ مبتذل، لكن أبا الطيب تصرّف فيه
بطريقةٍ بديعة غريبة رفعت قيمته إلى المرتبة العليا، إذْ أدخل في التشبيه عناصر
غير مأْلوفة، فقد أَبَانَ دُون إفصاح صريحٍ بالتشبيه أنَّه كان من واجب الأدب
والحياء أن لا تظهر الشمس أمام وجهه لضآلة ضوئها في مقابل وجهه الوضّاء، لكنَّها
غير ذات حياء، فمن أجل ذلك تَلْقَى الشمْسُ وجْهَهُ مع أنَّه أعظم منها ضياءً
قول الشاعر :
فَرُدَّتْ عَلَيْنَا الشَّمْسُ
واللَّيْلُ رَاغِمٌ بشَمْسٍ لَهُمْ مِنْ جَانِبِ الْخِدْرِ تَطْلُعُ
فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي
أَأَحْلاَمُ نَائِم أَلَمَّتْ بِنَا أَمْ كَانَ فِي الرَّكْبِ
يُوشَعُ
تضمّن هذا القول
تَشْبِيه مَنْ أُعْجِبَ الشاعر بجمال وجهها بالشمس، وهو تشبيه مبتذل، لكن أَدْخَل
فيه عناصر رفعته من المرتبة الدنيا إلى المرتبة العليا، إذ وَصَفَ طلعةَ وجهها من
جانب الخدر في اللَّيل على صورة مفاجئة تشعر بأنّ الشمس التي غابت أعيدت إلى
الظهور، فهو في حَيْرَةٍ: هل هو نائم يَرَى حُلُماً، أو يُوشَعُ بن نون صاحب موسى
موجود في الركب، ومن أجل طلبه أعيدت الشَّمْسِ للظهور، كما حصل له إِذِ استوقف
الشمس على ما ذكروا
: قول الشاعر الوطواط في ممدوحه
عَزَمَاتُهُ
مِثْلُ النُّجُومِ ثَوَاقِباً لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلثَّاقِبَاتِ أُفُولُ
لقد رفع من قيمة
هذا التشبيه إضافة الشاعر الاستدراك إليه، وهو كون النجوم الثواقب لها أفُول، أمّا
ممدوحه فلا أُفولَ له
قالوا: ويسمَّى
هذا "التشبيه المشروط"
ومن التشبيه المشروط الذي رفعته إضافة الشرط إلى المرتبة العليا، قول
الشاعر في ممدوحه
يَكَادُ
يَحْكِيكَ صَوْبُ الْغَيْثِ مُنْسَكِباً لَوْ
كَانَ طَلْقَ الْمُحَيَّا يُمْطِرُ الذَّهَبَا
والْبَدْرُ
مَا لَمْ يَغِبْ والشَّمْسُ لَوْ نَطَقَتْ والأُسْدُ لَوْ لَمْ تُصَدُ والْبَحْرُ لَوْ
عَذُبَا
ومن التصرّف الحسن الذي رفع قيمة التشبيه المبتذل قول الشاعر
فِي طَلْعَةِ الْبَدْرِ شَيْءٌ مِنْ
مَحَاسِنِهَا ولِلْقَضِيبِ نَصيبٌ مِنْ تَثَنِّيَها
وقد يَخْرُج التشبيه من الابتذال بأن يجمع الشاعر بين عدّة تشبيهات بكلام
واحد، كقول امرئ القيس يصف فرسه
لَهُ
أَيْطَلاَ ظَبْيٍ وَسَاقَا نَعَامَةٍ وَإِرْخَاءُ سِرْحَانٍ وَتَقْرِيبُ تَتْفُلِ
له أَيْطَلاَ
ظبي: أي: خاصِرَتا ظبْي فهو مُضَمَّر
وساقا نعامة: أي:
في الانتصاب والطول بالنسبة إلى الجسد
وإرخاء سِرْحانٍ:
أي: وعدوه كعَدْو الذئب، والإِرْخاء ضرب من عدو الذئب
وتقريب تَتفل: التَّتْفُل: ولد الثعلب،
والتقريب وضع الرجلين موضع اليدين في العدو
-----------------------------------------------------------------------------------
أغراض التشبيه
1 - التشخيـــص : إذا كان المشبه جماد أو غير عاقل والمشبه به
إنسان . أي أعطى صفة الإنسان لما ليس بإنسان .
مثل: تتلألأ الزهرة كعروس ليلة زفافها.
شبهت الزهرة بعروس ليلة زفافها هذا تشبيه مجمل وسر جماله .
أو الغرض منه التشخيص
2 ) التجسيـــــم
:
إذا كان المشبه شئ معنوي (غير مادي) والمشبه به شيء مادى
محسوس.
مثل: العلم نور. شبه العلم بالنور . هذا تشبيه بليغ وسر جماله أو الغرض منه
التجسيم.
3 ) التوضيـــــــح :
إذا لم يكن هناك تجسيم أو تشخيص.
ويكون التوضيح لبيان صفة المشبه و حاله .
مثل: كأنك شمس والملوك كواكب * إذا طلعت لم يبد منهم كوكب
هذا تشبيه تمثيل وسر جماله أو الغرض منه توضيح وبيان حال الممدوح بالنسبة
إلى غيره من الملوك0
تدريبات
ô بيِّن نوع التشبيه فيما يأتي :
1- قال الله تعالى :
( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ
السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ
الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً)
1 - كأنّك شمس والملوك كواكب إذا
طلعت لـم يبد منهنّ كوكب
2 - كأنّ مشيتها مـن بيت جارتها
مـرُّ
السحابة لاريث ولا عجل
3 - العلم في الصغر كالنقش في الحجر .
4 - قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم : " مَثَلُ المؤمنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَحُمِهِمْ
وتَعَاطُفِهِم كَمَثَلِ الْجَسَدِ ، إذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لهُ
سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى ".
5- كأنهم والأعادي نصب أعينهم سيل يفيض على أعدائهم عرم
6- قال الفرزدق :
والشَّيْبُ ينْهضُ في الشبابِ كأنَّهُ
ليلٌ يصيحُ بِجَانِبَيْهِ نَهـارُ
7- للأعشى :
غَراءُ فَرعاءُ مَصْقولٌ عَوارِضها تَمشي الهُوَيْنا كما يَمشي الوجي الوَحِلُ
25 - قال أبو فراس :
سَيذْ كُرني
قَوْمي إِذَا جدَّ جِدُّهمْ وفِى
اللَّليْلَة الظَّلْماءِ يُفْتَقَدُ الْبَدْر
تدريبات
على أنواع التشبيه
التدريب الأول:
- بين نوع التشبيهات :
1- والعلمُ في شُهب الأرماح لامعةً بين الخميسين لا في السبعة الشُهب . أبو تمام
أين الرواية ؟ بل أين
النجوم وما صاغوه من زخرفٍ ومن كذبِ ؟.
2- ومشيتُ مثل الطفل خلفَ
دليلتي وورائي التاريخ كوم رمادي . نزار قباني
3- وإذا أراد اللهُ نشرَ
فضيلةِ
طُويت أتاح لها لسان حسود . أبو تمام
لولا اشتعال النار فيما
جاورت ما كان يُعرف طيبُ عُرفِ العود .
4- أحلامنا تزن الجبال
رزانةً
وتخالنا جناً إذا ما نجهلُ
. الفرزدق
5- غيداءُ زان جمالَ خدِّك
شامة فكأنك الإصباحُ والإشراق . البرغوثي
6- له خالٌ على صفحات
خدٍ كنقطة
عنبرٍ في صحن مرمر . ابن ياقوت
---------------------------------
التدريب الثاني :
بين المشبه والمشبه به ووجه الشبه :
1- المؤمن كالنحلة في الطيب .
2- في يديها الليث
يغدو
وادعاً مثل الغزال .محمد صان الدين
3- تقلّدتني الليالي وهي
مدبرة كأنني
صارمٌ في كف منهزم . المتنبي
4- إن الرسول لنور يستضاء
به مهنّد من سيوف الله مسلول . كعب
5- قال تعالى : " كأنهم
حُمُر مستنفرة فرت من قسورة " المدثر : 50 – 51
---------------------------------
التدريب الثالث :
1- اجعل التشبيه الضمني تشبيهاً تمثيلياً .
يعيش المرء ما استحيا
بخير ويبقى العودُ ما
بقي اللحاء . الشافعي
2- اجعل التشبيه المفرد تشبيهاً
تمثيلياً . الناس كالجراد .
3- حول التشبيه التمثيلي إلى
تشبيه مفرد .
والشيب ينهض في الشباب
كأنه ليل يصيح بجانبيه نهار . الفرزدق
4- حول التشبيه الضمني إلى تشبيه
مفرد مفصل
الحرب في حقٍ لديك شريعة ومن السموم الناقعات دواء
------------------------------------------
تدريبات :
اشرح ما في الأمثلة الآتية من تشبيهات وبين نوعها ( أجب بنفسك
)
-قال تعالى : " مثل
الذين حُمّلوا التوراة ثمّ لم يحملوها كمثل الحمار يحملُ أسفاراً "
- قال الرسول صلى الله
عليه وسلم : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم
كمثل الجسد إذا اشتكى منه
عضوٌ ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى "
1- عرّجا صاحبيّ بالبصرة
الزهــــــــــراء تعريجَ مُدْنَفٍ ذي سقام .
2- وخيرُ جليسٍ في الزمان كتابٌ
3- قال أبو تمام : في فتح
عمورية
غادرت فيها بهيم الليل وهو
ضحى يشله وسطها صبح من اللهب .
وقال يمدح المعتصم :
لم يغز قوما ولم
ينهد إلى بلد
إلا
تقدمه جيش من الرعب
4- لمياء تبْسُم عن شتيتٍ
واضح كالأرْيِ يروي غُلَّة الصديانِ . البحتري
5- والرَّقة البيضاء كالخَود
التي تختال
بين نواعمٍ أقرانِ . البحتري
6- فالنقع ليل والسيوف
الكواكب تنقض فوق جماجم الأفران . البحتري
7- ما زلت أفتطع البيداء
مدرعا جنحَ
الظلام وثوب الليل مسبول . كعب بن زهير
8- لا يقع الطعنُ إلا في
نحورِهم وما لهم عن حياض الموت تهليل
. كعب بن زهير
9- أرى العيشَ كنزاً ناقصاً كلّ
ليلةٍ وما
تنقص الأيامُ والدهر ينفد . طرفة بن العبد
لعمرك إنّ
الموت ما أخطأ الفتى لكالطِّوَل المُرخَى وثِنياه باليد
10- وظلم ذوي القربى أشدّ
مضاضةً على النفس من وقع الحسام المهنّد .
11- انطفأ سراج
العمر.
قول
الشريف الرضي:
أحبك
يا لون الشباب لأنني رأيتكما في القلب والعين توأما
سكنت
سواد القلب إذ كنت شبهه فلم
أدر من عز من القلب منكما؟
ومن
أمثلته أيضا قول أبي الحسن الأنباري
في رثاء مصلوب:
مددت
يديك نحوهم احتفاء كمدهما إليهم بالهبات
ومن
أمثلة ذلك قول الشاعر المتنبي في الهجاء:
وإذا
أشار محدثا فكأنه قرد
يقهقه أو عجوز تلطم
قال
ابن الرومي في وصف لؤم شخص ذي لحية:
لا
تكذبن فإن لؤمك ناصل كنصول
تلك اللمة الشمطاء
وقال
السري الرفاء في وصف منزله:
لي
منزل كوجار الكلب أنزله ضنك
تقارب قطراه فقد ضاقا
وقال
ابن الرومي:
أبدئت
صفحة قسوة وخشونة من دون
تافه نيلك المطلوب
فكأنك
الينبوت في إبدائه شوكا
يذود به عن الخروب
ومن
أمثلة ذلك قول أبي تمام:
لا
تسقني ماء الملام فإنني صب قد استعذبت ماء بكائي
قال
ابن المعتز يصف الهلال وسط الظلام :
أنظر
إليه كزورق من فضة قد أثقلته حمولة
من عنبر
وقال
عنترة العبسي :
يدعون عنتر والرماح كأنها أشطان بئر في لبان الأدهم
العلم
نور للحياة بفضله يغزو
الفضاء الشاسع العلماء
رب ليل
كأنه الصبح في الحسن وإن كان أسود
الطيلسان
فتعلموا فالعلم مفتاح العلا لم يبق باباً للسعادة مغلقاً
وليل
كموج البحر أرخي سدوله علي بأنواع
الهموم وليبتلي
قال
البارودي يصف القصور المشرفة علي شاطئ النيل :
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء