pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


تا بع قصة سيدنا محمد ( ص) حجـة الــوداع

حجـة الــوداع
تمت أعمال الدعوة، وإبلاغ الرسالة، وبناء مجتمع جديد على أساس إثبات الألوهية للّه، ونفيها عن غيره، وعلى أساس رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وكأن هاتفاً خفياً انبعث في قلب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، يشعره أن مقامه في الدنيا قد أوشك على النهاية، حتى إنه حين بعث معاذا على اليمن سنة 01هـ قال له ـ فيما قال‏:‏ ‏(‏يا معاذ، إنك عسي ألا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي هذا وقبري‏)‏، فبكي معاذا خشعاً لفراق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏
وشاء اللّه أن يري رسوله صلى الله عليه وسلم ثمار دعوته، التي عاني في سبيلها ألواناً من المتاعب بضعاً وعشرين عاماً، فيجتمع في أطراف مكة بأفراد قبائل العرب وممثليها، فيأخذوا منه شرائع الدين وأحكامه، ويأخذ منهم الشهادة على أنه أدي الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة‏.‏
أعلن النبي صلى الله عليه وسلم بقصده لهذه الحجة المبرورة المشهودة، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏ وفي يوم السبت لخمس بقين من ذي القعدة تهيأ النبي صلى الله عليه وسلم للرحيل ، فتَرَجَّل وادَّهَنَ ولبس إزاره ورداءه وقَلَّد بُدْنَه، وانطلق بعد الظهر، حتى بلغ ذا الحُلَيْفَة قبل أن يصلي العصر، فصلاها ركعتين، وبات هناك حتى أصبح‏.‏ فلما أصبح قال لأصحابه‏:‏ ‏(‏أتاني الليلة آت من ربي فقال‏:‏ صَلِّ في هذا الوادي المبارك وقل‏:‏ عمرة في حجة‏)‏‏.‏
وقبل أن يصلي الظهر اغتسل لإحرامه، ثم طيبته عائشة بيدها بذَرِيَرة وطيب فيه مِسْك، في بدنه ورأسه، حتى كان وبَيِصُ الطيب يري في مفارقه ولحيته، ثم استدامه ولم يغسله، ثم لبس إزاره ورداءه، ثم صلي الظهر ركعتين، ثم أهل بالحج والعمرة في مُصَلاَّه، وقَرَن بينهما، ثم خرج، فركب القَصْوَاءَ، فأهَلَّ أيضاً، ثم أهَلَّ لما استقلت به على البَيْدَاء‏.‏
ثم واصل سيره حتى قرب من مكة، فبات بذي طُوَي، ثم دخل مكة بعد أن صلي الفجر واغتسل من صباح يوم الأحد لأربع ليال خلون من ذي الحجة سنة 01هـ ـ وقد قضي في الطريق ثماني ليال، وهي المسافة الوسطي ـ فلما دخل المسجد الحرام طاف بالبيت، وسعي بين الصفا والمروة، ولم يَحِلَّ ؛لأنه كان قارناً قد ساق معه الهدي، فنزل بأعلى مكة عند الحَجُون، وأقام هناك، ولم يعد إلى الطواف غير طواف الحج‏.‏
وأمر من لم يكن معه هَدْي من أصحابه أن يجعلوا إحرامهم عمرة، فيطوفوا بالبيت وبين الصفا المروة، ثم يحلوا حلالاً تاماً، فترددوا، فقال‏:‏ ‏(‏لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت‏)‏، فحل من لم يكن معه هدي، وسمعوا وأطاعوا‏.‏
وفي اليوم الثامن من ذي الحجة ـ وهو يوم التَّرْوِيَة ـ توجه إلى مني، فصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ـ خمس صلوات ـ ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس، فأجاز حتى أتي عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بَنَمِرَة، فنزل بها، حتى إذا زالت الشمس أمر بالقَصْوَاء فرحلت له، فأتي بطن الوادي، وقد اجتمع حوله مائة ألف وأربعة وعشرون أو أربعة وأربعون ألفاً من الناس، فقام فيهم خطيباً، وألقى هذه الخطبة الجامعة‏:‏
‏(‏أيها الناس، اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلى لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً‏)‏‏.‏
‏(‏إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا‏.‏ ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث ـ وكان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هُذَيْل ـ وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله‏)‏‏.‏
‏(‏فاتقوا اللّه في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة اللّه، واستحللتم فروجهن بكلمة اللّه، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مُبَرِّح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف‏)‏‏.‏
‏(‏وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب اللّه‏)‏‏.‏
‏(‏أيها الناس، إنه لا نبي بعدي، ولا أمة بعدكم، ألا فاعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم، طيبة بها أنفسكم، وتحجون بيت ربكم، وأطيعوا أولات أمركم، تدخلوا جنة ربكم‏)‏‏.‏
‏(‏وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت‏.‏
فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس‏:‏ ‏(‏اللهم اشهد‏)‏ ثلاث مرات‏.‏
وكان الذي يصرخ في الناس بقول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ـ وهو بعرفة ـ ربيعة بن أمية ابن خَلَف‏.‏
وبعد أن فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من إلقاء الخطبة نزل عليه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 3‏]‏، ولما نزلت بكي عمر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ما يبكيك‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا، فأما إذا كمل فإنه لم يكمل شيء قط إلا نقص، فقال‏:‏ ‏(‏صدقت‏)‏‏.‏
وبعد الخطبة أذن بلال ثم أقام، فصلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر، ثم أقام فصلي العصر، ولم يصل بينهما شيئاً، ثم ركب حتى أتي الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصَّخَرَات ، وجعل حَبْل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القُرْص‏.‏
وأردف أسامة، ودفع حتى أتي المُزْدَلِفَة، فصلي بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئاً، ثم اضطجع حتى طلع الفجر، فصلي الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتي المَشْعَرَ الحرام، فاستقبل القبلة، فدعاه، وكبره، وهلّله، ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسْفَر جِدّا‏.‏
فَدَفَع ـ من المزدلفة إلى مني ـ قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس حتى أتي بَطْنَ مُحَسِّرٍ، فَحَرَّك قليلاً، ثم سلك الطريق الوسطي التي تخرج على الجمرة الكبري، حتى أتي الجمرة التي عند الشجرة ـ وهي الجمرة الكبري نفسها، كانت عندها شجرة في ذلك الزمان، وتسمي بجمرة العَقَبَة وبالجمرة الأولي ـ فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها مثل حصي الخَذْف، رمي من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثاً وستين بدنة بيده، ثم أعطي علياً فنحر ما غَبَرَ ـ وهي سبع وثلاثون بدنة، تمام المائة ـ وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قِدْر، فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مَرَقِها‏.‏
ثم ركب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فأفاض إلى البيت، فصلي بمكة الظهر، فأتي على بني المطلب يَسْقُون على زمزم، فقال‏:‏ ‏(‏انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم‏)‏، فناولوه دلواً فشرب منه‏.‏
وخطب النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ـ عاشر ذي الحجة ـ أيضاً حين ارتفع الضحي، وهو على بغلة شَهْبَاء، وعلى يعبر عنه، والناس بين قائم وقاعد ، وأعاد في خطبته هذه بعض ما كان ألقاه أمس، فقد روي الشيخان عن أبي بكرة قال‏:‏ خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، قال‏:‏ ‏(‏إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات، ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مُضَر الذي بين جمادي وشعبان‏)‏‏.‏
وقال‏:‏ ‏(‏أي شهر هذا‏؟‏‏)‏ قلنا‏:‏ الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال‏:‏ ‏(‏أليس ذا الحجة‏؟‏‏)‏ قلنا‏:‏ بلي‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏أي بلد هذا‏؟‏‏)‏ قلنا‏:‏ الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال‏:‏ ‏(‏أليست البلدة‏؟‏‏)‏ قلنا‏:‏ بلي‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فأي يوم هذا‏؟‏‏)‏ قلنا‏:‏ الله ورسوله أعلم‏.‏ فسكت حتى ظننا أنه سيسمية بغير اسمه، قال‏:‏ ‏(‏أليس يوم النحر‏؟‏‏)‏ قلنا‏:‏ بلي‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا‏)‏‏.‏
‏(‏وستلقون ربكم، فيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض‏)‏‏.‏
‏(‏ألا هل بلغت‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ نعم، قال‏:‏ ‏(‏اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فَرُبَّ مُبَلَّغ أوعي من سامع‏)‏‏.‏
وفي رواية أنه قال في تلك الخطبة‏:‏ ‏(‏ألا لا يجني جَانٍ إلا على نفسه، ألا لا يجني جان على ولده، ولا مولود على والده، ألا إن الشيطان قد يئس أن يُعْبَد في بلدكم هذا أبداً، ولكن ستكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم، فسيرضى به‏)‏‏.‏
وأقام أيام التشريق بمني يؤدي المناسك ويعلم الشرائع، ويذكر الله، ويقيم سنن الهدي من ملة إبراهيم، ويمحو آثار الشرك ومعالمها‏.‏
وقد خطب في بعض أيام التشريق أيضاً، فقد روي أبو داود بإسناد حسن عن سَرَّاءِ بنت نَبْهَانَ قالت‏:‏ خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الرءوس، فقال‏:‏ ‏(‏أليس هذا أوسط أيام التشريق‏)‏‏.‏ وكانت خطبته في هذا اليوم مثل خطبته يوم النحر، ووقعت هذه الخطبة عقب نزول سورة النصر‏.‏
وفي يوم النَّفْر الثاني ـ الثالث عشر من ذي الحجة ـ نفر النبي صلى الله عليه وسلم من مني، فنزل بخِيف بني كِنَانة من الأبْطَح، وأقام هناك بقية يومه ذلك، وليلته، وصلي هناك الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة، ثم ركب إلى البيت، فطاف به طواف الوداع، وأمر به الناس‏.‏
ولما قضي مناسكه حث الركاب إلى المدينة المطهرة، لا ليأخذ حظاً من الراحة، بل ليستأنف الكفاح والكدح لله وفي سبيل الله‏.‏


له s � � � �� �_� � قضية صلح بينه وبين ثقيف، يأذن لهم فيه بالزنا وشرب الخمور وأكل الربا، ويترك لهم طاغيتهم اللات، وأن يعفيهم من الصلاة، وألا يكسروا أصنامهم بأيديهم، فأبي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يقبل شيئاً من ذلك، فخلوا وتشاوروا فلم يجدوا محيصاً عن الاستسلام لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فاستسلموا وأسلموا، واشترطوا أن يتولي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم هدم اللات، وأن ثقيفاً لا يهدمونها بأيديهم أبداً‏.‏ فقبل ذلك، وكتب لهم كتاباً، وأمر عليهم عثمان بن أبي العاص الثقفي ؛ لأنه كان أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم الدين والقرآن‏.‏ وذلك أن الوفد كانوا كل يوم يغدون إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ويخلفون عثمان بن أبي العاص في رحالهم، فإذا رجعوا وقالوا بالهاجرة عمد عثمان بن أبي العاص إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فاستقرأه القرآن، وسأله عن الدين، وإذا وجده نائماً عمد إلى أبي بكر لنفس الغرض ‏(‏وكان من أعظم الناس بركة لقومه في زمن الردة، فإن ثقيفاً لما عزمت على الردة قال لهم‏:‏ يا معشر ثقيف، كنتم آخر الناس إسلاماً، فلا تكونوا أول الناس ردة، فامتنعوا عن الردة، وثبتوا على الإسلام‏)‏‏.‏

ورجع الوفد إلى قومه فكتمهم الحقيقة، وخوفهم بالحرب والقتال، وأظهر الحزن والكآبة، وأن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم سألهم الإسلام وترك الزنا والخمر والربا وغيرها وإلا يقاتلهم‏.‏ فأخذت ثقيفاً نخوة الجاهلية، فمكثوا يومين أو ثلاثة يريدون القتال، ثم ألقي اللّه في قلوبهم الرعب، وقالوا للوفد‏:‏ ارجعوا إليه فأعطوه ما سأل‏.‏ وحينئذ أبدي الوفد حقيقة الأمر، وأظهروا ما صالحوا عليه، فأسلمت ثقيف‏.‏
وبعث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رجالاً لهدم اللات، أمر عليهم خالد بن الوليد، فقام المغيرة ابن شعبة، فأخذ الكُرْزِين وقال لأصحابه‏:‏ واللّه لأضحكنكم من ثقيف، فضرب بالكرزين، ثم سقط يركض، فارتج أهل الطائف، وقالوا‏:‏ أبعد اللّه المغيرة، قتلته الرَّبَّةُ، فوثب المغيرة فقال‏:‏ قبحكم اللّه، إنما هي لُكَاع حجارة ومَدَر، ثم ضرب الباب فكسره، ثم علا أعلى سورها، وعلا الرجال فهدموها وسووها بالأرض حتى حفروا أساسها، وأخرجوا حليها ولباسها، فبهتت ثقيف، ورجع خالد مع مفرزته إلى رسول اللّْه صلى الله عليه وسلم بحليها وكسوتها، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه، وحمد الله على نصرة نبيه وإعزاز دينه‏.‏
9 ـ رسالة ملوك اليمن‏:‏
وبعد مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك قدم كتاب ملوك حِمْيَر، وهم الحارث بن عبد كُلال، ونعيم بن عبد كلال، والنعمان، وقَيْلُ ذي رُعَيْن وهَمْدَان ومُعَافِر، ورسولهم إليه صلى الله عليه وسلم مالك بن مرة الرَّهَاوي، بعثوه بإسلامهم ومفارقتهم الشرك وأهله، وكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً بَيَّنَ فيه ما للمؤمنين وما عليهم، وأعطي فيه المعاهدين ذمة اللّه وذمة رسوله إذا أعطوا ما عليهم من الجزية وبعث إليهم رجالاً من أصحابه أميرهم معاذ بن جبل، وجعله على الكورة العلياء من جهة عَدَن بين السَّكُون والسَّكَاسِك، وكان قاضياً وحاكماً في الحروب، وعاملاً على أخذ الصدقة والجزية، ويصلي بهم الصلوات الخمس، وبعث أبا موسي الأشعري رضي الله عنه على الكورة السفلي‏:‏ زُبَيْد ومأرب وَزَمَع والساحل، وقال‏:‏ ‏(‏يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا‏)‏‏.‏ وقد مكث معاذ باليمن حتى توفي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏ أما أبو موسي الأشعري رضي الله عنه فقدم عليه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع‏.‏
10 ـ وفد همدان‏:‏
قدموا سنة 9هـ بعد مرجعه صلى الله عليه وسلم من تبوك، فكتب لهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كتاباً أقطعهم فيه ما سألوه، وأمر عليهم مالك بن النَّمَطَ، واستعمله على من أسلم من قومه، وبعث إلى سائرهم خالد بن الوليد يدعوهم إلى الإسلام، فأقام ستة أشهر يدعوهم فلم يجيبوه، ثم بعث على بن أبي طالب، وأمره أن يَقْفُلَ خالداً، فجاء على إلى همدان، وقرأ عليهم كتاباً من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ودعاهم إلى الإسلام فأسلموا جميعاً، وكتب على ببشارة إسلامهم إلى رسول صلى الله عليه وسلم، فلما قرأ الكتاب خر ساجداً، ثم رفع رأسه فقال‏:‏ ‏(‏السلام على همدان، السلام على همدان‏)‏‏.‏
11 ـ وفد بني فَزَارَة‏:‏
قدم هذا الوفد سنة 9هـ بعد مرجعه صلى الله عليه وسلم من تبوك، قدم في بضعة عشر رجلاً جاءوا مقرين بالإسلام، وشكوا جدب بلادهم، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر، فرفع يديه واستسقي، وقال‏:‏ ‏(‏اللهم اسق بلادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحْي بلدك الميت، اللهم اسقنا غَيْثاً مُغِيثاً، مريئًا مَرِيعاً، طَبَقاً واسعاً، عاجلاً غير آجل، نافعاً غير ضار، اللّهم سقيا رحمة، لا سقيا عذاب، ولاهَدْم ولا غَرَق ولا مَحْق، اللّهم اسقنا الغيث، وانصرنا على الأعداء‏)‏‏.‏
12ـ وفد نجران‏:‏
‏[‏نجران‏]‏ بفتح النون وسكون الجيم‏:‏ بلد كبير على سبع مراحل من مكة إلى جهة اليمن، كان يشتمل على ثلاث وسبعين قرية، مسيرة يوم للراكب السريع ، وكان يؤلف مائة ألف مقاتل كانوا يدينون بالنصرانية‏.‏
وكانت وفادة أهل نجران سنة 9هـ، وقوام الوفد ستون رجلاً منهم أربعة وعشرون من الأشراف، فيهم ثلاثة كانت إليهم زعامة أهل نجران‏.‏ أحدهمْ‏:‏ العَاقِب، كانت إليه الإمارة والحكومة، واسمه عبد المسيح‏.‏ والثاني‏:‏ السيد، كانت تحت إشرافه الأمور الثقافية والسياسية، واسمه الأيْهَم أو شُرَحِْبيل‏.‏ والثالث‏:‏ الأسْقف، وكانت إليه الزعامة الدينية، والقيادة الروحانية، واسمه أبو حارثة بن علقمة‏.‏
ولما نزل الوفد بالمدينة، ولقي النبي صلى الله عليه وسلم سألهم وسألوه، ثم دعاهم إلى الإسلام، وتلا عليهم القرآن فامتنعوا، وسألوه عما يقول في عيسي عليه السلام، فمكث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يومه ذلك حتى نزل عليه‏:‏ ‏{‏إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏59: 61‏]‏‏.‏
ولما أصبح رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أخبرهم بقوله في عيسي ابن مريم في ضوء هذه الآية الكريمة، وتركهم ذلك اليوم ؛ ليفكروا في أمرهم، فأبوا أن يقروا بما قال في عيسي‏.‏ فلما أصبحوا وقد أبوا عن قبول ما عرض عليهم من قوله في عيسي، وأبوا عن الإسلام دعاهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة، وأقبل مشتملاً على الحسن والحسين في خَمِيل له، وفاطمة تمشي عند ظهره، فلما رأوا منه الجد والتهيؤ خلوا وتشاوروا، فقال كل من العاقب والسيد للآخر‏:‏ لا تفعل، فو اللّه لئن كان نبياً فَلاَعَنَنَا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا ، فلا يبقي على وجه الأرض منا شعرة ولا ظُفْر إلا هلك، ثم اجتمع رأيهم على تحكيم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في أمرهم، فجاءوا وقالوا‏:‏ إنا نعطيك ما سألتنا‏.‏ فقبل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم منهم الجزية، وصالحهم على ألفي حُلَّة‏:‏ ألف في رجب، وألف في صفر، ومع كل حلة أوقية، وأعطاهم ذمة اللّه وذمة رسوله‏.‏ وترك لهم الحرية الكاملة في دينهم، وكتب لهم بذلك كتاباً، وطلبوا منه أن يبعث عليهم رجلاً أميناً، فبعث عليهم أمين هذه الأمة أبا عبيدة بن الجراح؛ ليقبض مال الصلح‏.‏
ثم طفق الإسلام يفشو فيهم، فقد ذكروا أن السيد والعاقب أسلما بعد ما رجعا إلى نجران، وأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليهم عليّا ؛ ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم، ومعلوم أن الصدقة إنما تؤخذ من المسلمين‏.‏
13 ـ وفد بني حنيفة‏:‏
كانت وفادتهم سنة 9 هـ، وكانوا سبعة عشر رجلاً فيهم مُسَيْلِمة الكذاب ـ وهو مُسَيْلِمة بن ثُمَامَة بن كبير بن حبيب بن الحارث من بني حنيفة ـ نزل هذا الوفد في بيت رجل من الأنصار، ثم جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا، واختلفت الروايات في مسيلمة الكذاب، ويظهر بعد النظر في جميعها أن مسيلمة صدر منه الاستنكاف والأنفة والاستكبار والطموح إلى الإمارة، وأنه لم يحضر مع سائر الوفد إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد استئلافه بالإحسان بالقول والفعل أولا، فلما رأي أن ذلك لا يجدي فيه نفعاً تفرس فيه الشر‏.‏
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أري قبل ذلك في المنام أنه أتي بخزائن الأرض، فوقع في يديه سواران من ذهب، فكبرا عليه وأهماه، فأوحي إليه أن انفخهما فنفخهما فذهبا، فأوَّلَهُمَا كذابين يخرجان من بعده، فلما صدر من مسيلمة ما صدر من الاستنكاف ـ وقد كان يقول‏:‏ إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته ـ جاءه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وفي يده قطعة من جريد، ومعه خطيبه ثابت بن قيس بن شَمَّاس، حتى وقف على مسيلمة في أصحابه، فكلمه، فقال له مسيلمة‏:‏ إن شئت خلينا بينك وبين الأمر، ثم جعلته لنا بعدك، فقال‏:‏ ‏(‏لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها، ولن تعدو أمر اللّه فيك، ولئن أدبرتَ ليعقرنك اللّه، واللّه إني لأراك الذي أرِيتُ فيه ما رأيتُ، وهذا ثابت يجيبك عني‏)‏، ثم انصرف‏.‏
وأخيراً وقع ما تَفَرَّسَ فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فإن مسيلمة لما رجع إلى اليَمَامة بقي يفكر في أمره، حتى ادعي أنه أشرك في الأمر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فادعي النبوة، وجعل يسجع السجعات، وأحل لقومه الخمر والزنا، وهو مع ذلك يشهد لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنه نبي، وافتتن به قومه فتبعوه وأصفقوا معه، حتى تفاقم أمره، فكان يقال له‏:‏ رحمان اليمامة لعظم قدره فيهم، وكتب إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كتاباً قال فيه‏:‏ إني أشركت في الأمر معك، وإن لنا نصف الأمر، ولقريش نصف الأمر، فرد عليه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بكتاب قال فيه‏:‏ ‏(‏إن الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين‏)‏‏.‏
وعن ابن مسعود‏:‏ جاء ابن النَّوَّاحَة، وابن أُثَال رسولا مسيلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهما‏:‏ ‏(‏أتشهدان أني رسول اللّّه‏؟‏‏)‏ فقالا‏:‏ نشهد أن مسيلمة رسول اللّه‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏آمنت باللّه ورسوله، لو كنت قاتلاً رسولاً لقتلتكما‏)‏‏.‏
كان ادعاء مسيلمة النبوة سنة عشر، وقتل في حرب اليمامة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه في ربيع الأول سنة 21هـ، قتله وَحْشِي قاتل حمزة‏.‏وأما المتنبئ الثاني، وهو الأسود العَنْسِي الذي كان باليمن، فقتله فَيْرُوز، واحتز رأسه قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيوم وليلة، فأتاه الوحي فأخبر به أصحابه، ثم جاء الخبر من اليمن إلى أبي بكر رضي الله عنه‏.‏
14ـ وفد بني عامر بن صَعْصَعَة‏:‏
كان فيهم عامر بن الطُّفَيْل عدو اللّه وأرْبَد بن قيس ـ أخو لَبِيد لأمه ـ وخالد بن جعفر، وجَبَّار بن أسلم، وكانوا رؤساء القوم وشياطينهم، وكان عامر هو الذي غدر بأصحاب بئر مَعُونة، فلما أراد هذا الوفد أن يقدم المدينة تآمر عامر وأربد، واتفقا على الفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء الوفد جعل عامر يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، ودار أربد خلفه، واخترط سيفه شبراً، ثم حبس اللّه يده فلم يقدر على سله، وعصم اللّه نبيه، ودعا عليهما النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رجعا أرسل اللّه على أربد وجمله صاعقة فأحرقته، وأما عامر فنزل على امرأة سَلُولِيَّةٍ، فأصيب بغُدَّةٍ في عنقه فمات وهو يقول‏:‏ أغدة كغدة البعير، وموتا في بيت السلولية‏.‏
وفي صحيح البخاري‏:‏ أن عامراً أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ أُخَيِّرُكَ بين خصال ثلاث‏:‏ يكون لك أهل السَّهْلِ ولي أهل المَدَرَ، أو أكون خليفتك من بعدك، أو أغزوك بغَطَفَان بألف أشقر وألف شقراء، فطعن في بيت امرأة، فقال‏:‏ أغدة كغدة البعير، في بيت امرأة من بني فلان ‏!‏ ايتوني بفرسي، فركب، فمات على فرسه‏.‏
15ـ وفد تُجِيب‏:‏
قدم هذا الوفد بصدقات قومه مما فضل عن فقرائهم، وكان الوفد ثلاثة عشر رجلاً، وكانوا يسألون عن القرآن والسنن يتعلمونها، وسألوا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أشياء فكتب لهم بها، ولم يطيلوا اللبث، ولما أجازهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعثوا إليه غلاماً كانوا خلفوه في رحالهم، فجاء الغلام، وقال‏:‏ واللّه ما أعْمَلَنِي من بلادي إلا أن تسأل اللّه عز وجل أن يغفر لي ويرحمني، وأن يجعل غناي في قلبي، فدعا له بذلك‏.‏ فكان أقنع الناس، وثبت في الردة على الإسلام، وذكر قومه ووعظهم فثبتوا عليه، والتقي أهل الوفد بالنبي صلى الله عليه وسلم مرة أخري في حجة الوداع سنة 01 هـ‏.‏
16ـ وفد طيِّـئ‏:‏
قدم هذا الوفد وفيهم زَيْدُ الخَيْلِ ، فلما كلموا النبي صلى الله عليه وسلم، وعرض عليهم الإسلام أسلموا وحسن إسلامهم، وقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن زيد‏:‏ ‏(‏ما ذكر لي رجل من العرب بفضل، ثم جاءني إلا رأيته دون ما يقال فيه ، إلا زيد الخيل، فإنه لم يبلغ كل ما فيه‏)‏، وسماه زيد الخير‏.‏
وهكذا تتابعت الوفود إلى المدينة في سنتي تسع وعشر، وقد ذكر أهل المغازي والسير منها وفود أهل اليمن، والأزْد وبني سعد هُذَيْم من قُضَاعَة، وبني عامر بن قَيْس، وبني أسد، وبَهْرَاء وخَوْلان ومُحَارِب وبني الحارث بن كعب وغَامِد وبني المُنْتَفِق، وسَلامان، وبني عَبْس، ومُزَيْنَة، ومُرَاد، وزُبَيْد، وكِنْدَة، وذي مُرَّة، وغَسَّان، وبني عِيش، ونَخْع ـ وهو آخر الوفود، توافـد فـي منتصف محـرم سنة 11هـ في مائتي رجـل ـ وكانت وفادة الأغلبية من هذه الوفود سنة 9 و 01 هـ، وقد تأخرت وفادة بعضها إلى سنة 11 هـ‏.‏
وتَتَابُع هذه الوفود يدل على مدي ما نالت الدعوة الإسلامية من القبول التام، وبسط السيطرة والنفوذ على أنحاء جزيرة العرب وأرجائها، وأن العرب كانت تنظر إلى المدينة بنظر التقدير والإجلال، حتى لم تكن تري محيصاً عن الاستسلام أمامها، فقد صارت المدينة عاصمة لجزيرة العرب، لا يمكن صرف النظر عنها، إلا أننا لا يمكن لنا القول بأن الدين قد تمكن من أنفس هؤلاء بأسرهم ؛ لأنه كان وسطهم كثير من الأعراب الجفاة الذين أسلموا تبعاً لسادتهم، ولم تكن أنفسهم قد خلصت بعد عما تأصل فيها من الميل إلى الغارات، ولم تكن تعاليم الإسلام قد هذبت أنفسهم تمام التهذيب‏.‏
وقد وصف القرآن بعضهم بقوله في سورة التوبة‏:‏ ‏{‏الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏97، 98‏]‏
وأثنى على آخرين منهم فقال‏:‏ ‏{‏وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‏}‏ ‏[‏ التوبة:99]‏‏.‏
أما الحاضرون منهم في مكة والمدينة وثقيف، وكثير من اليمن والبحرين، فقد كان الإسلام فيهم قوياً، ومنهم كبار الصحابة وسادات المسلمين‏.‏

شكرا لتعليقك