حرب أكتوبر1973م
حرب أكتوبر "حرب العاشر من رمضان"
كما تعرف في مصر أو حرب تشرين التحريرية كما تعرف في سوريا أو حرب يوم الغفران (بالعبرية:
מלחמת יום כיפור، ميلخمت يوم كيبور) كما تعرف في إسرائيل،
هي حرب شنتها كل من مصر وسوريا على إسرائيل عام 1973 وهي رابع الحروب العربية الإسرائيلية
بعد حرب 1948، حرب 1956 وحرب 1967 التي كانت إسرائيل احتلت فيها شبه جزيرة سيناء من
مصر وهضبة الجولان من سوريا إلى جانب الضفة الغربية من الأردن بالإضافة إلى قطاع غزة
الخاضع آنذاك لحكم عسكري مصري. بدأت الحرب يوم السبت 6 أكتوبر/ تشرين الأول 1973 م
الموافق 10 رمضان 1393 هـ بتنسيق هجومين مفاجئين ومتزامنين على القوات الإسرائيلية؛
أحدهما للجيش المصري على جبهة سيناء المحتلة وآخر للجيش السوري على جبهة هضبة الجولان
المحتلة. وساهم في الحرب بعض الدول العربية سواء بالدعم العسكري أو الاقتصادي.
عقب بدء الهجوم حققت القوات المسلحة المصرية
والسورية أهدافها من شن الحرب على إسرائيل، وكانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى
للمعارك، فعبرت القوات المصرية قناة السويس بنجاح وحطمت حصون خط بارليف وتوغلت 20 كم
شرقاً داخل سيناء، فيما تمكنت القوات السورية من الدخول إلى عمق هضبة الجولان وصولاً
إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا. أما في نهاية الحرب فقد انتعش الجيش الإسرائيلي فعلى
الجبهة المصرية تمكن من فتح ثغرة الدفرسوار وعبر للضفة الغربية للقناة وضرب الحصار
على الجيش الثالث الميداني ومدينة السويس ولكنه فشل في تحقيق أي مكاسب استراتيجية سواء
باحتلال مدينتي الإسماعيلية أو السويس أو تدمير الجيش الثالث أو محاولة رد القوات المصرية
للضفة الغربية مرة أخرى، أما على الجبهة السورية فتمكن من رد القوات السورية عن هضبة
الجولان واحتلالها مرة أخرى.
تدخلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي
لتعويض خسائر الأطراف المتحاربة، فمدت الولايات المتحدة جسراً جوياً لإسرائيل بلغ إجمالي
ما نقل عبره 27895 طناً، في حين مد الاتحاد السوفيتي جسراً جوياً لكل من مصر وسوريا
بلغ إجمالي ما نقل عبره 15000 طناً. وفي نهاية الحرب تم وقف إطلاق النار بعد مماطلات
وخداع من الجانب الإسرائيلي.
انتهت الحرب رسمياً بالتوقيع على اتفاقيات
فك الاشتباك بين جميع الأطراف. ومن أهم نتائجها تحطم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي
لا يقهر التي كان يدعيها القادة العسكريين في إسرائيل، وتوقيع معاهدة السلام بين مصر
وإسرائيل في 26 مارس/آذار 1979، واسترداد مصر لسيادتها الكاملة على سيناء وقناة السويس
في 25 أبريل/نيسان 1982، ما عدا طابا التي تم تحريرها عن طريق التحكيم الدولي في
19 مارس/آذار 1989.[
سميت الحرب في مصر حرب السادس من أكتوبر
تيمناً بالشهر الميلادي الذي نشبت فيه الحرب أو حرب العاشر من رمضان تيمناً بالشهر
الهجري الموافق لنفس التاريخ. وتعرف الحرب في سوريا باسم حرب تشرين التحريرية تيمناً
بالشهر السرياني الموافق لتاريخ الحرب. فيما تعرف الحرب في إسرائيل باسم حرب يوم الغفران
(بالعبرية: מלחמת יום כיפור، ميلخمت يوم كيبور) نظراً لموافقة تاريخ
بدأ الحرب عيد يوم الغفران اليهودي.
العدوان الثلاثي]
ضرب القواعد الجوية المصرية
في ديسمبر/كانون الأول 1955 قبلت مصر عرضاً
من أمريكا وانجلترا والبنك الدولي للحصول على قرض لتنفيذ مشروع السد العالي، تلاها
طلب مصر شراء صفقة أسلحة إلا أن هذا الطلب قوبل بالرفض فاتجهت مصر لشراء ما تحتاج من
أسلحة من الاتحاد السوفيتي، فرأت أمريكا وانجلترا في الخطوة المصرية مظهراً من مظاهر
التحدي فتراجعا عن تمويل السد العالي، فأعلن جمال عبد الناصر في 26 يوليو/تموز
1956 قرار تأميم شركة قناة السويس. رداً على تأميم القناة قامت كل من بريطانيا وفرنسا
وإسرائيل بعقد "اتفاقية سيفر" في 28 يوليو/تموز 1956 بباريس للهجوم على مصر.
بدأ العدوان بهجوم إسرائيلي مفاجئ يوم 29 أكتوبر 1956، تلاه في يوم 30 أكتوبر/ تشرين
الأول تقديم كل من بريطانيا وفرنسا إنذاراً لمصر يطالب بوقف القتال بين الطرفين، ويطلب
من مصر وإسرائيل الانسحاب عشرة كيلو مترات عن قناة السويس وقبول احتلال بورسعيد والإسماعيلية
والسويس، من أجل حماية الملاحة في القناة، وهو ما أعلنت مصر رفضه، وفي 31 أكتوبر/ تشرين
الأول هاجمت الدولتان مصر، فأصدر جمال عبد الناصر الأوامر بسحب جميع القوات المصرية
من صحراء سيناء إلى غرب قناة السويس لمواجهة تلك القوات. وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني
بدأت عملية غزو مصر من جانب القوات البريطانية والفرنسية من بورسعيد. دارت في بورسعيد
معارك عنيفة بين قوات العدوان الثلاثي وقوات المقاومة الشعبية، وفي 2 نوفمبر/تشرين
الثاني اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بإيقاف القتال، وأدى الضغط الدولي
بقيادة الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة إلى توقف التغلغل الإنجليزي الفرنسي، وقبولهما
وقف إطلاق النار اعتباراً من 7 نوفمبر/تشرين الثاني، تلا ذلك انسحاب القوات الإنجليزية
والفرنسية من بورسعيد وانسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء وقطاع غزة، وقررت الأمم
المتحدة وضع قوات دولية في شرم الشيخ وعلى حدود مصر الشرقية وحدود قطاع غزة الفلسطيني،
ونالت إسرائيل حق تأمين ملاحتها البحرية والجوية عبر خليج العقبة من وإلى ميناء إيلات.
حرب 1967
في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1966 قامت إسرائيل
بإغارة عسكرية على قرية السموع الأردنية بحجة تدمير قواعد الفلسطينيين، ومع بداية عام
1967 وجهت إسرائيل الاتهام لسوريا بتشجيع أعمال الفدائيين داخل فلسطين، وحدث اشتباك
بين الطيران الإسرائيلي والسوري في 7 أبريل/نيسان 1967، أعلنت بعده إسرائيل في 12 مايو/أيار
1967 أنها ستشن حرباً على سوريا لإسقاط نظام الحكم وقامت باستدعاء الجزء الأكبر من
قواتها الاحتياطية الأمر الذي دفع مصر إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لارتباطها مع سوريا
باتفاقية دفاع مشترك، فتم إعلان حالة الطوارئ القصوى وإعلان التعبئة العامة بالقوات
المسلحة المصرية، وبدأت القيادة المصرية حشد قواتها في سيناء استعداداً لتنفيذ خطة
القاهر الدفاعية. طلبت مصر في 16 مايو/أيار 1967 سحب قوات الطوارئ الدولية الموجودة
على الحدود الشرقية،[24]:41 وأعلن الرئيس جمال عبد الناصر في 23 مايو/أيار 1967 قراره
بإغلاق مضايق تيران (خليج العقبة) أمام الملاحة الإسرائيلية، تذرعت إسرائيل بأزمة غلق
المضايق وأعلنت في 29 مايو/أيار أن التدخل في حرية الملاحة في خليج العقبة يعتبر عدواناً
ضد إسرائيل وأعلنت تعبئة الاحتياطي ورفعت درجة استعداد الجيش الإسرائيلي. خلال تلك
الفترة كان قد مضى على خوض القوات المسلحة المصرية لمعاركها بحرب اليمن خمس سنوات والتي
شاركت بعملياتها ثلث القوات البرية بدعم من القوات الجوية والبحرية مما ترتب عليه خسائر
متزايدة في الأفراد والمعدات وانخفاض مستوى التدريب والحالة الفنية للأسلحة مما أثر
على الكفاءة القتالية للقوات، وذلك في وقت عانى فيه الجيش المصري من تشتت في القيادة
وتوزيع المهام، وسوء التنسيق بين الأفرع المختلفة والإدارات وأحادية اتخاذ القرار.
في 5 يونيو/حزيران 1967 شنت إسرائيل هجومها ضد القوات المصرية في سيناء، وضد القوات
الأردنية للاستيلاء على الضفة الغربية، وضد القوات السورية للاستيلاء على هضبة الجولان،
وكان رأس حربة هذا الهجوم سلاح الطيران الإسرائيلي المتفوق على الطيران العربي في ذلك
الوقت كماً ونوعاً، فقامت بقصف المطارات المصرية لمنع أي طلعات جوية مصرية. أعقب ذلك
اجتياح بري لسيناء وقطاع غزة من قبل الجيش الإسرائيلي. وعلى الجبهة الأردنية وجهت الطائرات
الإسرائيلية ضربتها ضد القوات الجوية الأردنية ومطاراتها واجتاحت برياً الضفة الغربية
والقدس الشرقية وبنفس الأسلوب أجهض الطيران الإسرائيلي الطلعات الجوية السورية واحتلت
هضبة الجولان
حرب الاستنزاف]
حرب الاستنزاف هي حرب استمرت ثلاث سنوات
ونصف، شنتها القوات المصرية على القوات الإسرائيلية في سيناء عقب هزيمة حرب 1967. قامت
الحرب على أساس استنزاف قدرات الجيش الإسرائيلي وليس على أساس المواجهة المباشرة ومنعه
من الوصول إلي غرب القناة. تضمنت الحرب ثلاث مراحل رئيسية هي مرحلة الصمود، ثم مرحلة
المواجهة والدفاع، وأخيرا مرحلة الردع والحسم. نجحت مصر خلال تلك الفترة في استكمال
بناء منظومة الدفاع الجوى المصري، وتحريك حائط صواريخ الدفاع الجوى إلى قرب حافة الضفة
الغربية للقناة، وتنفيذ عدة عمليات لعبور الشاطئ الشرقي للقناة داخل عمق سيناء، كما
أعادت بناء قواتها الجوية، وأعادت تنظيم وتدريب القوات المسلحة. خلال عمليات تلك الفترة
استشهد الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المصرية وهو على الخطوط الأمامية
للجبهة في موقع المعدية رقم 6 بمنطقة الإسماعيلية أثناء معارك المدفعية يوم 9 مارس/آذار
1969
مبادرة روجرز]
في 5 يونيو/حزيران 1970 قدمت الولايات المتحدة
الأمريكية مبادرة عن طريق وزير خارجيتها وليام روجرز لإيقاف النيران لمدة 90 يوم بين
مصر وإسرائيل وأن يدخل الطرفان في مفاوضات جديدة لتنفيذ القرار 242. استجاب الطرفان
لإيقاف النيران في 8 أغسطس/آب 1970 إلا أن إسرائيل لم تفي بالشق الثاني، وتم تمديد
وقف إطلاق النار لثلاثة أشهر أخرى تنتهي في 4 فبراير/شباط 1971 ثم مددت لشهر واحد ينتهي
في 7 مارس/آذار 1971، حيث أعلنت مصر رفضها تمديد وقف إطلاق النار مرة أخرى واستمرار
حالة اللاسلم واللاحرب.]
مقدمات الحرب]
في 28 سبتمبر/أيلول 1970 توفي الرئيس جمال
عبد الناصر، وانتخب نائبه أنور السادات رئيساً لمصر في 15 أكتوبر/تشرين الأول عقد السادات النية على دخول الحرب وأعلن ذلك في
عدة مناسبات منها إعلانه في 22 يونيو/حزيران 1971 أن عام 1971 هو عام الحسم،وكلامه
أمام المجلس الأعلى للقوات المسلحة في 24 أكتوبر/تشرين الأول 1972 الذي أوضح فيه وجوب
تجهيز القوات المسلحة لدخول الحرب.
في عام 1973 قرر الرئيسان المصري أنور السادات
والسوري حافظ الأسد اللجوء إلى الحرب لاسترداد الأرض التي خسرتها الدولتان في حرب حرب
1967، فقرر مجلس اتحاد الجمهوريات العربية في 10 يناير/كانون الثاني 1973 تعيين الفريق
أول أحمد إسماعيل علي قائداً عاما للقوات الاتحاديةوخلال يومي 22 و23 أغسطس/آب
1973 اجتمع القادة العسكريون السوريون برئاسة مصطفى طلاس وزير الدفاع مع القادة العسكريين
المصريين برئاسة أحمد إسماعيل علي في الإسكندرية سراً ليشكلوا معاً المجلس الأعلى للقوات
المسلحة المصرية والسورية المكون من 13 قائد، وذلك للبت في الموضوعات العسكرية المشتركة
والاتفاق النهائي على موعد الحرب، واتفق في هذا الاجتماع على بدء الحرب في أكتوبر/تشرين
الأول 1973، وخلال اجتماع السادات مع الأسد في دمشق يومي 28 و29 أغسطس/آب اتفقا على
أن يكون يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973 هو يوم بدء الحرب.
ميزان القوى]
لا يزال تقدير القوات المشاركة في حرب أكتوبر
على الجبهتين المصرية والسورية بدقة أمراً صعباً، نظراً لأن بعض الوثائق الخاصة بالحرب
لا تزال سرية ولم يسمح بنشرها بعد، ولذلك اختُلف في تقدير ميزان القوى بين القوات طبقاً
للروايات المختلفة حول الحرب، ولكن يمكن تقدير معظمها على النحو التالي من حيث العدد
فقط، مع مراعاة أن نوع التسليح العربي يختلف تماماً عن نوع التسليح الإسرائيلي في ذلك
الوقت المتفوق نوعياً وتكنولوجياً، وحقيقة أن الولايات المتحدة مدت جسراً جوياً مباشراً
بينها وبين إسرائيل لتعويض جميع خسائرها على خلاف ما حدث على الجبهات العربية التي
مد إليها الاتحاد السوفيتي جسر جوي متواضع بالمقارنة مع الإمدادات الأمريكية لإسرائيل،
جعل من الصعب تحديد الحجم الدقيق للقوات. وفي حين تميزت القوات البحرية المصرية بالتفوق
العددي في الأسلحة البحرية إلا أنها لم تشارك بشكل مباشر ومناسب بالعمليات الحربية
بسبب التفوق الجوي الإسرائيلي الذي كبح قدرة القطع البحرية المصرية على التحرك والمناورة
بحريّة، وذلك فيما عدا الحصار البحري الذي فرضته مصر على إسرائيل من خلال إغلاق مضيق
باب المندب بوجه الملاحة الإسرائيلية وعدة عمليات قصف مدفعي أخرى:]
** أصيب اللواء / سعد الدين مأمون بنوبة قلبية يوم
14 أكتوبر/تشرين الأول، فتولى اللواء / تيسير العقاد قيادة الجيش الثاني بالإنابة خلال
أيام 14-16 أكتوبر/تشرين الأول وحتى تعيين اللواء / عبد المنعم خليل قائداً للجيش الثاني
في 16 أكتوبر/تشرين الأول.
الدفاعات الإسرائيلية (خط بارليف)]
أنشأ الإسرائيليون سد ترابي على الضفة الشرقية
لقناة السويس بارتفاع يصل في الأماكن المهمة إلى 20 م، وبميل يتراوح ما بين 45 و65
درجة بهدف منع عبور أي مركبة برمائية من القناة إلى الضفة الشرقية. وعلى طول هذا السد
الترابي بني خط دفاعي قوي أطلق عليه "خط بارليف" يتكون من 35 حصن تتراوح
المسافة بينهم ما بين متر في الاتجاهات المهمة و5 كم في الاتجاهات الغير مهمة على طول
القناة، وفي منطقة البحيرات المرة تباعدت هذه الحصون لتصل المسافة بينها ما بين 5 إلى
10 كم.
كانت تلك الحصون مدفونة في الأرض وذات أسقف
يمكنها تحمل قصف المدفعية وكانت تحيط بها الألغام والأسلاك الشائكة الكثيفة لتصعيب
مهمة الاقتراب منها، وتمكينها من غمر القناة بالنيران الكثيفة لمنع أي مهمة عبور للقوات
المصرية، وبين تلك الحصون كانت هناك مرابض للدبابات يفصل بين كل منها 100 متر يمكن
للقوات الإسرائيلية احتلالها في حالات التوتر لصد الهجمات.
كفل تصميم الخط الدفاعي للدبابات الإسرائيلية
التحرك بحرية من مربض لآخر دون أن تراها القوات المصرية من الجانب الغربي للقناة، كما
تم تزويد تلك الحصون بمؤن وذخيرة تجعلها تكتفي ذاتياً لمدة سبعة أيام، وتم تأمين وسائل
اتصالها بشكل جيد مع قياداتها بالخطوط الخلفية. وخصصت القيادة الإسرائيلية لواء مشاة
لاحتلال تلك الحصون ولواء مدرع يعمل كاحتياطي قريب متمركز على بعد 8 إلى 8 كم، ولواءين
مدرعين يتمركزان بمنطقة أبعد على بعد 25 إلى 30 كم.
التخطيط]
حينما تولى السادات منصب الرئاسة عام
1970 لم تكن القيادة العسكرية المصرية تمتلك خططاً عسكرية لمهاجمة القوات الإسرائيليةوالتي
تحتل شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة منذ حرب 1967 وكل ما كانت تمتلكه هو خطة دفاعية اطلق
عليها اسم "الخطة 200"، بجانب خطة تعرضية تسمى "جرانيت" والتي
تشمل القيام ببعض الغارات على مواقع القوات الإسرائيلية في سيناء إلا أنها لم تكن بالمستوى
الذي يسمح بتسميتها خطة هجومية
بدأ الإعداد للخطط الهجومية المصرية عقب
تولي الفريق سعد الدين الشاذلي منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة في 16 مايو/أيار
1971 والذي بدأ مهام عمله بدراسة الإمكانيات الفعلية للقوات المسلحة المصرية ومقارنتها
بالمعلومات المتاحة عن قدرات الجيش الإسرائيلي وذلك بهدف الوصول إلى خطة هجومية واقعية
تتماشى مع الإمكانيات المتاحة للقوات المصرية في ذلك الوقت. وخلص الشاذلي من دراسته
وطبقاً للإمكانيات المتاحة بأن المعركة يجب أن تكون محدودة وأن يكون هدفها عبور قناة
السويس وتدمير خط بارليف ثم اتخاذ أوضاع دفاعية بمسافة تتراوح ما بين 10 و12 كم شرق
القناة وأن تبقى القوات في تلك الأوضاع الجديدة إلى أن يتم تجهيزها وتدريبها للقيام
بالمرحلة التالية من تحرير الأرض.
عرض الشاذلي فكرته على وزير الحربية الفريق
أول محمد صادق،إلا أنه عارضها بحجة أنها ستبقي ما يزيد عن 60,000 كم مربع من أراضي
سيناء بالإضافة إلى قطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي فضلاً إلى أنها ستخلق وضع عسكري
أصعب من الوضع الحالي الذي يستند إلى قناة السويس باعتبارها مانع مائي جيد، وكان يرغب
في التخطيط لعملية عسكرية هجومية تهدف إلى تدمير جميع القوات الإسرائيلية في سيناء
لتحريرها هي وقطاع غزة في عملية واحدة ومستمرة. في نهاية المطاف وبعد نقاشات وجلسات
مطولة تم الوصول إلى حل وسط تمثل في إعداد خطتين الأولى هي "العملية/الخطة
41" التي تهدف إلى الاستيلاء على المضائق الجبلية في سيناء وتم إعدادها بالتعاون
مع المستشارين السوفيت بهدف إطلاعهم على احتياجات القوات المسلحة لتنفيذ الخطة، والثانية
هي "خطة المآذن العالية" التي تهدف إلى عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف
واحتلاله واتخاذ أوضاع دفاعية واستنزاف إمكانيات الجيش الإسرائيلي لحين القيام بالمرحلة
التالية من المعركة وتم إعداد تلك الخطة في سرية تامة بعيداً عن المستشارين السوفيت.
وخلال عام 1972 أدخلت تعديلات على "العملية/الخطة 41" وتغير اسمها إلى
"جرانيت 2" ولكن بقي جوهرها كما هو. وركزت القوات المسلحة المصرية على تنفيذ
"خطة المآذن العالية" التي كانت تناسب إمكاناتها في ذلك الوقت، وتغير اسم
الخطة في سبتمبر/أيلول 1973 إلى "الخطة بدر" بعد أن تحدد موعد الهجوم ليكون
السادس من أكتوبر/تشرين الأول في نفس العاموبناءً على هذه الخطة صدر "التوجيه
41" عن رئاسة الأركان المصرية الذي نظم عملية العبور
اختيار موعد الحرب]
عملت هيئة عمليات القوات المسلحة منذ تكليف
السادات للقوات المسلحة بالاستعداد للحرب في مؤتمر الجيزة يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول
1972 على تحديد أنسب التوقيتات للهجوم، وذلك بناءً على عدة عوامل منها الموقف العسكري
الإسرائيلي وحالة القوات المصرية والمواصفات الفنية للقناة من حيث حالة المد والجزر
وسرعة التيار واتجاهه والأحوال الجوية، وذلك بهدف تحقيق أفضل الظروف للقوات المصرية
وأسوأها للقوات الإسرائيلية، مع مراعاة أن يناسب التاريخ الجبهة السورية أيضاً. بناءً
على العديد من الدراسات حددت شهور مايو/أيار وأغسطس/آب وسبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين
الأول كأنسب الشهور للهجوم، وكان أفضلها شهر أكتوبر/تشرين الأول 1973 لعدة أسباب منها
أنه أفضل الشهور بالنسبة لحالة المناخ على الجبهتين المصرية والسورية، كما تجرى فيه
الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية التي تجذب لها أفراد الشعب، وبعد دراسة العطلات
الرسمية في إسرائيل حيث تكون قواتها المسلحة في أقل استعداداتها وُجد أن يوم السبت
- عيد الغفران - 6 أكتوبر 1973 م - 10 رمضان 1393 هـ هو الأنسب لأنه اليوم الوحيد في
السنة الذي تتوقف فيه الإذاعة والتليفزيون عن البث، مما سيتطلب إسرائيل وقتاً أطول
لاستدعاء الاحتياطي الذي يمثل القاعدة العريضة لقواتها
الخداع الإستراتيجي]
في يوليو/تموز 1972 اجتمع الرئيس السادات
مع رئيس المخابرات العامة ومدير المخابرات الحربية ومستشار الأمن القومي والقائد العام
للقوات المسلحة لوضع خطة خداع استراتيجي تسمح لمصر بالتفوق على التقدم التكنولوجي والتسليحي
الإسرائيلي عن طريق إخفاء أي علامات للاستعداد للحرب وحتى لا تقوم إسرائيل بضربة إجهاضية
للقوات المصرية في مرحلة الإعداد على الجبهة، واشتملت الخطة على ستة محاور رئيسية تضمنت
إجراءات تتعلق بالجبهة الداخلية، إجراءات تتعلق بنقل المعدات للجبهة، إجراءات خداع
ميدانية، إجراءات خداع سيادية، تأمين تحركات واستعدادات القوات المسلحة، توفير المعلومات
السرية عن القوات الإسرائيلية وتضليلها.
التغلب على مشكلات العبور]
مثلت قناة السويس مانع مائي صناعي صعب العبور
فعرضها ما بين 180 إلى 200 متر، وأجنابها حادة ومكسوة بالحجارة مما يمنع عبور الدبابات
البرمائية، بالإضافة إلى ذلك أنشأ الإسرائيليون سد ترابي على الضفة الشرقية، وعلى طول
هذا السد شيدوا خط دفاع أطلقوا عليه "خط بارليف". استندت خطة العبور إلى
فتح الثغرات في الساتر الترابي لإنشاء رؤوس الكباري وتسهيل عبور المشاة والمعدات والمركبات
باستخدام فكرة بسيطة ولكن فعالة وهي التجريف بضغط المياه باستخدام المضخات وخصص لكل
ثغرة 5 مضخات يمكنها إزاحة 1500 متر مكعب من الأتربة خلال ساعتين بعدد أفراد من 10
إلى 15 جندي.
للتغلب على النيران المشتعلة على سطح القناة
خطط لسد فتحات أنابيب المواد المشتعلة قبل بدء العمليات، مع ضرب خزاناتها بالمدفعية
أثناء فترة تحضيرات المدفعية التي تسبق الهجوم، وانتخاب نقط عبور فوق اتجاه التيار
لتفادي تأثير السائل المحترق. ولتدعيم المشاة العابرة إلى الضفة الشرقية بالذخيرة والمؤن
لحين بدأ عمل الكباري وبدأ نقل المعدات والأسلحة الثقيلة، تم تغيير الشدات الميدانية
لجنود المشاة لتسمح بحمل أوزان تصل إلى 30 كجم ولتسمح للجندي بالتحرك بيسر داخل أرض
المعركة. وتم إمدادهم بعربات جر يدوي يمكنها حمل 150 كجم من الذخيرة والمعدات ويمكن
جرها بواسطة فردين. كما زودوا بنظرات معتمة يمكن ارتدائها لمواجهة الأضواء المبهرة
التي تستخدم لإعاقة ضرباتهم. بالإضافة إلى سلم الحبال المستخدم في البحرية المصنوع
من درجات خشبية وأجناب من الحبال مما يسهل طيه وحمله ويمنع غوص أرجل الجنود وعرباتهم
في رمال السد الترابي.
السادس من أكتوبر]
الضربة الجوية]
في تمام الساعة 14:00 من يوم 6 أكتوبر/تشرين
الأول 1973 نفذت أكثر من 200 طائرة حربية مصرية ضربة جوية على الأهداف الإسرائيلية
بالضفة الشرقية للقناة، وعبرت الطائرات على ارتفاعات منخفضة للغاية لتفادي الرادارات
الإسرائيلية. واستهدفت الطائرات المطارات ومراكز القيادة ومحطات الرادار والإعاقة الإلكترونية
وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة
في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة.
تمهيد المدفعية]
بعد عبور الطائرات المصرية بخمس دقائق بدأت
المدفعية المصرية قصف التحصينات والأهداف الإسرائيلية الواقعة شرق القناة بشكل مكثف
تحضيراً لعبور المشاة، فيما تسللت عناصر سلاح المهندسين والصاعقة إلى الشاطئ الشرقي
للقناة لإغلاق الأنابيب التي تنقل السائل المشتعل إلى سطح القناة، في تمام الساعة
14:20 توقفت المدفعية ذات خط المرور العالي عن قصف النسق الأمامي لخط بارليف ونقلت
نيرانها إلى العمق حيث مواقع النسق الثاني، وقامت المدفعية ذات خط المرور المسطح بالضرب
المباشر على مواقع خط بارليف لتأمين عبور المشاة من نيرانها.
العبور]
في تمام الساعة 18:30 كان قد عبر القناة
2,000 ضابط و30,000 جندي من خمس فرق مشاة، واحتفظوا بخمسة رؤوس كباري واستمر سلاح المهندسين
في فتح الثغرات في الساتر الترابي لإتمام مرور الدبابات والمركبات البرية، وذلك ما
عدا لواء برمائي مكون من 20 دبابة برمائية و80 مركبة برمائية عبر البحيرات المرة في
قطاع الجيش الثالث وبدأ يتعامل مع القوات الإسرائيلية. في تمام الساعة 20:30 اكتمل
بناء أول كوبري ثقيل وفي تمام الساعة 22:30 اكتمل بناء سبع كباري أخرى وبدأت الدبابات
والأسلحة الثقيلة تتدفق نحو الشرق مستخدمة السبع كباري و31 معدية.
السابع من أكتوبر]
أنجزت القوات المصرية في صباح يوم الأحد
7 أكتوبر/تشرين الأول عبورها لقناة السويس وأصبح لدى القيادة العامة المصرية 5 فرق
مشاة بكامل أسلحتها الثقيلة في الضفة الشرقية للقناة، بالإضافة إلى 1000 دبابة، وتهاوى
خط بارليف الدفاعي، وتحطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر. وخلال هذا اليوم
واصلت القوات المصرية بتوسيع رؤوس كباري فرق المشاة وسد الثغرات بينها وبين الفرق المجاورة
داخل كل جيش. فيما قامت القوات الخاصة وقوات الصاعقة بتنفيذ ضرباتها المحمولة جواً
بمؤخرة القوات الإسرائيلية مما أرغمه على التحرك ببطء وحذر. كما تم تحسين الموقف الإداري
للقوات لإعطائها دفعة قوية لمعاركها التالية. في أثناء ذلك دعمت القوات الإسرائيلية
موقفها على الجبهة ودفعت بـ 5 ألوية مدرعة و300 دبابة لتعويض خسائر الألوية المدرعة
الثالثة التي كانت متمركز بالمنطقة.
الهجوم المضاد الإسرائيلي]
بحلول يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول اندمجت
رؤوس كباري الفرق الخمس في رأس كوبريين في جيشين، وامتد رأس كوبري الجيش الثاني من
القنطرة شمالاً إلى الدفرسوار جنوباً، ورأس كوبري الجيش الثالث من البحيرات المرة شمالاً
إلى بورتوفيق جنوباً، وكان رأس كوبري كل جيش يصل إلى عمق حوالي 10 كم، وظلت هناك ثغرة
بين رأسي كوبري الجيشين بطول 30-40 كم، وهي منطقة خارج نطاق مظلة الدفاع الجوي المصري
ولذلك كان التحرك داخلها محدود.
حشدت القيادة الإسرائيلية في يوم 8 أكتوبر/تشرين
الأول ثمانية ألوية مدرعة منظمة في ثلاث فرق، فرقتان من ثلاثة ألوية مدرعة الأولى في
القطاع الشمالي بقيادة الجنرال برن أدان، والثانية في القطاع الأوسط بقيادة الجنرال
أرئيل شارون، أما الفرقة الثالثة فمشكلة من لواءين مدرعين في القطاع الجنوبي بقيادة
الجنرال ألبرت ماندلر.
وفي هذا اليوم كان حجم القوات المصرية والإسرائيلية
يكاد يكون متساوياً من حيث العدد، حيث كان لدى القيادة الإسرائيلية 960 دبابة، في حين
كان لدى القيادة المصرية 1000 دبابة، إلا أن التفوق النوعي كان في صالح الدبابات الإسرائيلية
حيث تميزت بأن جميع مدافعها عيار 105 ملم ومجهزة بوسائل تقدير المسافة والتسديد، في
حين اختلفت أعيرة مدافع الدبابات المصرية ما بين 200 دبابة مدفع عيار 115 ملم، 500
دبابة مدفع عيار 100 ملم، 280 دبابة مدفع عيار 85 ملم، 20 دبابة مدفع عيار 76 ملم،
وبالتالي كان للدبابات الإسرائيلية الأفضلية من حيث مدى المدافع، كما أنها لم تكن مرتبطة
تكتيكياً بالدفاع عن المشاة مما أعطاها حرية المناورة والتحرك من قطاع إلى قطاع خلال
ساعات قليلة، فيما لم تحظى الدبابات المصرية بتلك الميزة نظراً لأن تدريبها كان مقصوراً
على معاونة المشاة والدفاع عنها ورفع القدرات القتالية لفرق المشاة، وهو الوضع الذي
اختارته القيادة المصرية بحيث يناسب ما تمتلكه في ذلك الوقت من تسليح، وثبت نجاح استخدام
إمكانيات الدبابات المصرية ضمن تشكيلات المشاة وتحاشيها لمعارك الدبابات المفتوحة خلال
الأيام التالية للمعركة.
مع إطلالة صباح يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول
نفذت القوات الإسرائيلية هجومها المضاد في عدة اتجاهات فهاجمت الفرقة 18 مشاة بقيادة
فؤاد عزيز بلواء مدرع في اتجاه القنطرة، والفرقة الثانية مشاة بقيادة حسن أبو سعدة
بلواء مدرع آخر في اتجاه الفردان، وصدت القوات المصرية الهجوم. وبعد الظهيرة قامت القوات
الإسرائيلية بالهجوم بلواءين مدرعين على الفرقة الثانية مشاة في اتجاه الفردان، بينما
هاجم لواء مدرع ثالث الفرقة 16 مشاة في اتجاه الإسماعيلية، وتصدت الفرق المصرية للهجمات
بنجاح.
معركة بورسعيد]
شهدت بورسعيد يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول
أشد المعارك بين قوات الدفاع الجوي المصرية والقوات الجوية الإسرائيلية، حيث بلغ عدد
الطائرات الإسرائيلية المهاجمة لبورسعيد في بعض الطلعات أكثر من 50 طائرة، ونجحت قوات
الدفاع الجوي المصرية في إيقاع الكثير من الخسائر بتلك الطائرات وتشتيت الهجمة الجوية
الإسرائيلية على بورسعيد.
معركة الفردان]
في 9 أكتوبر/تشرين الأول عاودت القوات الإسرائيلية
هجومها ودفعت فرقة أدان بلواءين مدرعين ضد الفرقة الثانية مشاة ولواء ثالث مدرع ضد
الفرقة 16 مشاة بقيادة عبد رب النبي حافظ في قطاع شرق الإسماعيلية ودارت معركة الفردان
بين فرقة آدان والفرقة الثانية مشاة بقيادة حسن أبو سعدة الذي نصب كميناً للدبابات
الإسرائيلية المندفعة نحو القناة وفتح النار عليها من ثلاث جهات في وقت واحد باستخدام
المشاة المحملين بالأسلحة المضادة للدبابات والدبابات والمدفعية مما اضطر أدان لسحب
قواته بعد تكبده خسائر جسيمة وأسر قائد هجومه العفيد عساف ياجوري.
ولم يشن الإسرائيليون أي هجوم مركز بعد
ذلك اليوم. وبذلك فشل الهجوم الرئيسي الإسرائيلي يومي 8 و9 أكتوبر/تشرين الأول من تحقيق
النصر وحافظت فرق المشاة المصرية على مواقعها شرق القناة. باستثناء هجوم يوم 10 أكتوبر/تشرين
الأول لكتيبة دبابات إسرائيلية مدعمة بعناصر مشاة في عربات مدرعة على الجناح الأيسر
للفرقة الثانية مشاة تم صده وإرغام قواته على الانسحاب ليلاً.
تطوير الهجوم شرقاً (في اتجاه
المضايق]
خلال أيام 11 أكتوبر/تشرين الأول و12 أكتوبر/تشرين
الأول طلب وزير الحربية المصري الفريق أول أحمد إسماعيل من رئيس الأركان الفريق سعد
الدين الشاذلي أكثر من مرة تطوير الهجوم إلى المضائق بهدف تخفيف الضغط على الجبهة السورية،
إلا أن الشاذلي عارض بشدة أي تطوير خارج نطاق الـ15 كيلو شرق القناة التي تقف القوات
فيها بحماية مظلة الدفاع الجوي، حيث يعني أي تقدم خارج تلك المظلة وقوع القوات البرية
فريسة سهلة للطيران الإسرائيلي دون أن تعود بأي فائدة على الجبهة السورية، وللمرة الثالثة
أصر الوزير على تطوير الهجوم معللاً ذلك بأنه قرار سياسي، ويجب أن يبدأ صباح يوم
13 أكتوبر/تشرين الأول، فقامت القيادة العامة بإعداد التعليمات الخاصة بتطوير الهجوم
وإرسالها إلى قيادات الجيشين الثاني والثالث. إلا أن قائدي الجيشين اللواء سعد مأمون
واللواء عبد المنعم واصل اعترضا على تنفيذ الأوامر لنفس أسباب الفريق الشاذلي، فاستدعوا
جميعاً إلى اجتماع بالقيادة العامة عرض فيه كل منهم وجهة نظره، إلا أن الوزير أصر على
تطوير الهجوم لأنه قرار سياسي، وتأجل فقط تطوير الهجوم من يوم 13 إلى 14 أكتوبر/تشرين
الأول.
وبناءً على أوامر تطوير الهجوم شرقاً، استخدمت
القيادة المصرية 4 ألوية مدرعة ولواء مشاة ميكانيكي في أربعة اتجاهات مختلفة، فكانت
عبارة عن لواء مدرع في اتجاه ممر ممتلا (القطاع الجنوبي)، لواء مشاة ميكانيكي في اتجاه
ممر الجدي (القطاع الجنوبي)، لواءان مدرعان في اتجاه الطاسة (القطاع الأوسط)، لواء
مدرع في اتجاه بالوظة (القطاع الشمالي). ونتيجة لسرعة تعويض القوات الإسرائيلية لخسائرها
في الدبابات التي وصلت إلى 260 دبابة في أيام 8 و9 أكتوبر/تشرين الأول، أصبح لديها
900 دبابة موزعة على 8 ألوية مدرعة يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول، فكانت مواجهة غير متكافئة
بين 900 دبابة إسرائيلية متفوقة من حيث مدى المدفعية و400 دبابة مصرية في المكان المناسب
للقوات الإسرائيلية وتحت نيران قواتها الجوية، عدها البعض مقامرة غير محسوبة خسرت فيها
القوات المصرية 250 دبابة وهو رقم يزيد على مجموع خسائر القوات المصرية في الأيام الثمانية
الأولى للحرب، وعلى ذلك انسحبت القوات المصرية مرة أخرى إلى داخل رؤوس الكباري شرق
القناة. وعلى إثر تعرض قواته إلى ضربات قوية أصابت اللواء سعد مأمون أزمة صحية استدعت
أن يترك موقعه ويتم إخلاؤه إلى المستشفى وذلك على غير رغبته حيث أراد أن يبقى وسط جنوده.
ثغرة الدفرسوار]
طبقاً لخطة الهجوم المصرية عبر الجيشين
الثاني والثالث القناة بمجموع 1020 دبابة تقريباً واحتُفظ بـ 330 دبابة غرب القناة
بحوالي 20 كم، وكانت تلك الدبابات ضمن تشكيل الفرقة 21 المدرعة التي كانت تحمي ظهر
الجيش الثاني والفرقة الرابعة المدرعة التي كانت تحمي ظهر الجيش الثالث، وكان بقاء
الفرقتين في أماكنهما غرب القناة كفيل بصد أي اختراق تقوم به القوات الإسرائيلية على
طول الجبهة، إلا أن قرار تطوير الهجوم شرقاً ترتب عليه تحرك الفرقتين 21 و4 عدا لواء
مدرع إلى الشرق، وبذلك لم يكن لدى القيادة المصرية سوى لواء مدرع واحد غرب القناة فاختلت
الموازين وأصبح الوضع مثالياً للقوات الإسرائيلية للتسلل خلف خطوط الجيشين الثاني والثالث.
في عصر يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول حلقت
طائرة استطلاع أمريكية من نوع إس آر-71 فوق منطقة القتال وقامت بتصوير الجبهة بالكامل
ولم تستطع الدفاعات الجوية المصرية إسقاطها بسبب ارتفاعها فوق مدى صواريخ الدفاع الجوي
على ارتفاع 30 كم وبسرعة 3 ماخ. وفي خلال يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول قامت نفس الطائرة
برحلة استطلاعية أخرى فوق الجبهة والمنطقة الخلفية، وبذلك تحققت القوات الإسرائيلية
من خلو المنطقة غرب القناة وأنه يمكن اختراقها. وعلى ذلك اقترح القادة العسكريون على
وزير الحربية إعادة الفرقتين 21 و4 غرب القناة إلى أمكانها الأصلية لتأمين تلك المنطقة
وإعادة التوازن الدفاعي إليها، إلا أن الوزير بناءً على تعليمات سياسية رفض على أساس
أن سحب القوات قد يؤثر على الروح المعنوية للجنود، وقد تعتبره القيادة الإسرائيلية
علامة ضعف فتزيد من ضغطها على القوات المصرية ويتحول الانسحاب إلى فوضى.
تركيز الهجوم]
ركزت القوات الإسرائيلية هجومها يوم 15
أكتوبر/تشرين الأول ضد الجانب الأيمن للجيش الثاني بمنطقة الدفرسوار وذلك على ضوء المعلومات
التي قدمتها طائرات الاستطلاع الجوي الأمريكي، بغرض اختراق الجبهة غرب القناة وكانت
القيادة الإسرائيلية تمتلك فرقتان مدرعتان تعمل شرق الدفرسوار بقيادة كل من الجنرال
شارون والجنرال أدان، فكانت الفرقتان في مواجهة الفرقة 16 مشاة يدعمها لواء مدرع بقيادة
العميد عبد رب النبي حافظ، وتمثلت مهمة فرقة شارون في إقامة معبر ورأس كوبري في منطقة
الدفرسوار لتعبر من خلاله فرقة أدان إلى الضفة الغربية، إلا أن فرقة شارون خلال ليلة
15 أكتوبر/تشرين الأول قابلت رداً عنيفاً من فرقة عبد رب النبي حافظ مما حد من تقدمها
ولكن لعدم تكافؤ المواجهة (مدرعات ضد مشاة) تكبدت الفرقة 16 مشاة خسائر شديدة.:
معركة المزرعة الصينية]
في صباح يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول تصاعدت
حدة القتال في منطقة المزرعة الصينية شرق الدفرسوار "وهي مزرعة للتجارب أقامتها
وزارة الزراعة"، حيث اضطرت القيادة الإسرائيلية إلى إقحام فرقة أدان في المعركة
لدعم فرقة شارون وتمكينها من فتح الممر، فاشتبكت فرقة عبد رب النبي حافظ مع فرقة أدان
في معركة شهيرة سميت باسم "معركة المزرعة الصينية" تكبد فيها الطرفان خسائر
كبيرة في الأرواح والمعدات، ونظراً لضراوة مقاومة الفرقة 16 مشاة نقلت القيادة الإسرائيلية
لواء مظلات إلى المعركة تكبد هو الآخر خسائر فادحة ولم يخلصه إلا الدبابات الإسرائيلية
التي استطاع بعضها الوصول إلى غرب القناة ومهاجمة كتائب الدفاع الجوي لإعطاء فرصة للطيران
الإسرائيلي بضرب الأهداف المصرية.
محاولة سد الثغرة]
القوات الإسرائيلية تعبر القناة
حاولت القيادة المصرية يوم 17 أكتوبر/تشرين
الأول سد الثغرة من الشرق لمنع وصول أي قوات إسرائيلية إضافية وعزل القوات الموجودة
في الغرب، وذلك عبر دفع أحد ألوية الفرقة 21 المدرعة جنوباً من منطقة الجيش الثاني،
في حين يقوم الجيش الثالث بدفاع اللواء 25 مدرع في اتجاه الشمال لغلق الثغرة في حين
يتصدى اللواء 23 مشاة ميكانيكي للقوات الإسرائيلية الموجودة بالغرب، إلا أن اللواء
25 مدرع أثناء اتجاهه لإتمام المهمة قوبل بقصف جوي إسرائيلي شديد وفي نفس الوقت هوجم
بفرقة كاملة من المدرعات من المدرعات الإسرائيلية استطاعت تدميره، وبالتالي لم تنجح
عملية سد الثغرة من الشرق واستطاعت فرقة أدان إسقاط كوبري بالقناة في خلال ليلتي
17 و18 أكتوبر/تشرين الأول عبرت عليه فرقتي شارون وأدان المدرعتين.
اتجهت فرقة شارون شمالاً في اتجاه الإسماعيلية
لتهديد مؤخرة الجيش الثاني إلا أن قوات الجيش بقيادة اللواء عبد المنعم خليل واجهت
تلك الهجمة باللواء 150 مظلات وكتيبتين من الصاعقة واللواء 15 مدرع وأمكنها إيقاف تقدم
الفرقة الإسرائيلية عند ترعة الإسماعيلية ومنعها من تطويق الجيش الثاني.
وقف إطلاق النار الأول]
بعد تطور الأوضاع ودخول أمريكا الحرب بأسلحتها
الحديثة لإنقاذ إسرائيل، أيقن الرئيس السادات أنه يواجه أمريكا بثقلها في حين لم يلبي
الاتحاد السوفيتي طلباته من السلاح، فقبل العرض الذي طرحه كيسنجر في 16 أكتوبر/تشرين
الأول بوقف إطلاق النار، فاجتمع مجلس الأمن في مساء 21 أكتوبر/تشرين الأول وأصدر صباح
يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول القرار 338 الذي يقضي بوقف إطلاق النار بين جميع الأطراف
المشتركة في موعد لا يزيد على 12 ساعة من لحظة صدور القرار، ووافقت كل من مصر وإسرائيل
رسمياً على القرار، إلا أن إسرائيل لم تحترم القرار فعلياً نظراً لأنها لم تحقق حتى
ذلك التوقيت أي أهداف عسكرية أو استراتيجية فلم ترغم القوات المصرية على سحب قواتها
إلى غرب القناة مرة أخرى ولم تستطع قطع خطوط مواصلات الجيشين الثاني والثالث وفشلت
في احتلال مدينة الإسماعيلية.
حصار الجيش الثالث ومدينة السويس
(معركة السويس)]
دفعت إسرائيل خلال أيام 22 و23 و24 أكتوبر/تشرين
الأول بفرقة مدرعة ثالثة إلى غرب القناة بقيادة الجنرال كلمان ماجن التي استطاعت مع
فرقة أدان الضغط على الفرقة الرابعة المدرعة بقيادة العميد عبد العزيز قابيل لاكتساب
مزيد من الأرض في ظل حالة عدم التكافؤ سواء العددي أو العتادي وتحت القصف الجوي للطيران
الإسرائيلي فاستطاعت تطويق مدينة السويس وبحلول يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول تم حصار
الجيش الثالث الموجود شرق القناة وعزله عن مركز قيادته بالغرب وتدمير وسائل العبور
بمنطقته من كباري ومعديات. وحاول لواءان من فرقة أدان اقتحام السويس يوم 24 أكتوبر/تشرين
الأول إلا أنهم قوبلوا بمقاومة شعبية شرسة من أبناء السويس مع قوة عسكرية من الفرقة
19 مشاة التي كانت تحت قيادة العميد يوسف عفيفي، ودارت معركة بين المدرعات والدبابات
الإسرائيلية من جهة وشعب السويس ورجال الشرطة مع قوة عسكرية من جهة أخرى فيما سمي بمعركة
السويس تكبدت خلالها القوات الإسرائيلية خسائر فادحة ولم تستطع اقتحام المدينة وتمركزت
خارجها فقط، وأصبح يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول عيداً قومياً لمدينة السويس رمزاً لفدائية
وشجاعة أهلها. وبعد ضغط من الاتحاد السوفيتي أعلنت إسرائيل قبولها وقف إطلاق النار
الثاني يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول طبقاً لقرار مجلس الأمن رقم 339، كما أصدر مجلس الأمن
قراره رقم 340 الذي قضى بإنشاء قوة طوارئ دولية لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، إلا
أن القوات الإسرائيلية استمرت في عملياتها خلال أيام 25 و26 و27 أكتوبر/تشرين الأول
ولم يتوقف القتال فعلياً حتى يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول حين تقرر عقد مباحثات الكيلو
101 بين الطرفين برعاية أمريكا لبحث تثبيت وقف إطلاق النار وإجراءات توصيل الإمدادات
لقوات الجيش الثالث.
مباحثات الكيلو 101
في صباح يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول تقرر
إجراء محادثات بين كل من مصر وإسرائيل بتنسيق من الولايات المتحدة وافق عليها الطرفان
لتثبيت وقف إطلاق النار وبحث إجراءات توصيل الإمدادات الغير عسكرية للجيش الثالث شرق
القناة، وفي نفس الوقت بحث في كيفية تخليص القوات الإسرائيلية غرب القناة من نزيف خسائرها
المستمر بعد فشلها في احتلال الإسماعيلية أو السويس ومناقشة الاعتبارات العسكرية لتنفيذ
قرارات مجلس الأمن 338 و339 وتبادل الأسرى، على أن تحدد مصر مكان وتوقيت الاجتماع ورتبة
ممثلها في المباحثات. اختار الرئيس السادات اللواء عبد الغني الجمسي "رئيس هيئة
العمليات" رئيساً للوفد المصري في المفاوضات فيما مثل الوفد الإسرائيلي الجنرال
أهارون ياريف "مساعد رئيس الأركان"، وبحضور الجنرال سيلاسفيو ممثلاً للأمم
المتحدة، واختير الكيلو متر 101 طريق القاهرة - السويس الصحراوي مكاناً لعقد المباحثات
تحت إشراف الأمم المتحدة، والتي بدأت مساء يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول وتكررت بعد ذلك
عدة مرات.
اتفاقية فض الاشتباك الأولى]
نجحت مباحثات الكيلو 101 في تثبيت وقف إطلاق
النار وتبادل الأسرى وإمداد الجيش الثالث ومدينة السويس باحتياجاتها برعاية الولايات
المتحدة، لكن لم تنجح في الوصول إلى نتائج إيجابية لفض الاشتباك بين الطرفين. في 6
نوفمبر/تشرين الثاني 1973 أجريت مفاوضات بين السادات وكسنجر في القاهرة كانت نتيجتها
وضع اتفاقية النقاط الست التي وافقت عليها مصر وإسرائيل. ثم أجريت مباحثات أخرى في
مصر وأخرى في جنيف في إطار مؤتمر السلام اعتباراً من 21 ديسمبر/كانون الأول 1973، وظلت
المفاوضات جارية بين جميع الأطراف حتى أعلن كسنجر في 11 يناير/كانون الثاني 1974 أنه
تمت الموافقة من قبل مصر وإسرائيل على اقتراح أمريكي لفك الاشتباك والفصل بين القوات
وفي 18 يناير/كانون الثاني 1974 وُقعت اتفاقية فض الاشتباك الأولى في الكيلو متر
101، مثل مصر في التوقيع اللواء عبد الغني الجمسي بصفته رئيس أركان حرب القوات المسلحة
"عين في هذا المنصب خلفاً للفريق سعد الدين الشاذلي في 12 ديسمبر/كانون الأول
1973"، ومثل إسرائيل الجنرال دافيد إلعازار بصفته رئيس أركان القوات الإسرائيلية،
وتم تبادل وثائق التنفيذ في 24 يناير/كانون الثاني 1974 ودخلت حيز التنفيذ منذ ذلك
التاريخ، فانسحبت القوات الإسرائيلية من غرب القناة إلى شرقها عند ممرات متلا والجدي،
واحتفظت القوات المصرية بالخطوط التي وصلت إليها خلال الحرب، فيما قامت بتخفيض عدد
قواتها بالشرق، وبقيت منطقة فاصلة بين القوات بين الخطوط الأمامية للطرفين تعمل فيها
قوات الطوارئ الدولية.
اتفاقية فض الاشتباك الثانية]
افتُتحت قناة السويس للملاحة في الدولية
في يونيو/حزيران 1975. وبعد جولات طويلة من المفاوضات بين الجانبين المصري والإسرائيلي
برعاية الولايات المتحدة التي مثلها وزير خارجيتها هنري كسنجر، تم التوصل في 1 سبتمبر/أيلول
1975 لاتفاق حول فض الاشتباك الثاني وقعه بالأحرف الأولى عن مصر الفريق محمد علي فهمي
"رئيس الأركان في ذلك الوقت"، وعن إسرائيل الجنرال موردخاي جور "رئيس
الأركان"، ثم وقع بالكامل في جنيف بواسطة اللواء طه المجدوب ممثلاً عن مصر، والجنرال
هرتزل شامير ممثلاً عن إسرائيل. نص هذا الاتفاق على استمرار وقف إطلاق النار بين الطرفين،
وتقدم القوات المصرية لاسترداد 4500 كم² من أرض سيناء بعمق بلغ أقصاه 35 كم، وانسحاب
القوات الإسرائيلية بحيث يصبح خط قواتها الأمامي يبعد 55 كم عن قناة السويس.
الجبهة السورية (الجولان)]
خط آلون
أنشئت إسرائيل على طول الجبهة السورية خط
آلون الدفاعي وهو عبارة عن خندق مضاد للدبابات يمتد عبر خط متعرج بطول 70 كم تقريباً
وعرض 4 أمتار وعمق 4 أمتار، وكان مقاماً على جانبه الغربي من جهة إسرائيل ساتر ترابي
لمنع الدبابات من التقدم إلى جانب حقول الألغام والأسلاك الشائكة، ونشر على طول هذا
الخط لواء مشاة ميكانيكي داخل 11 موقع حصين تمتد من «مسعدة» إلي «تل الساقي». وعلى
مسافة 3 إلي 5 كم من هذا الخط تمركز اللواء المدرع 37 داخل حفر رمي، واللواء المدرع
السابع المتمركز بالجزء الجنوبي من الجبهة، وحوالي 11 إلى 20 كتيبة مدفعية.
الهجوم السوري]
في نفس التوقيت (الساعة الثانية بعد الظهر
يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول) وحسب الاتفاق المسبق مع القيادة المصرية قام الجيش السوري
بهجوم شامل تحت ستار المدفعية الثقيلة في هضبة الجولان مركزين على نقطتين شمال وجنوب
القنيطرة وشنت الطائرات السورية هجوماً كبيراً على المواقع والتحصينات الإسرائيلية
في عمق الجولان وهاجمت التجمعات العسكرية والدبابات ومرابض المدفعية الإسرائيلية ومحطات
الرادارات وخطوط الإمداد وحقق الجيش السوري نجاحا كبيرا وحسب الخطة المعدة بحيث انكشفت
أرض المعركة أمام القوات والدبابات السورية التي تقدمت عدة كيلو مترات في اليوم الأول
من الحرب مما اربك وشتت الجيش الإسرائيلي الذي كان يتلقى الضربات في كل مكان من الجولان.
استطاعت القوات السورية اختراق الخطوط الإسرائيلية في الحسنية جنوب القنيطرة وبدأت
تتقدم نحو الطرق التي تربط مرتفعات الجولان ببحر الجليل. ووصل مجموع الدبابات السورية
في موجة للهجوم إلى 500 دبابة ووصل مجموع القوات السورية على الجبهة إلى 350 طائرة،
1700 دبابة، 1300 بطارية مدفع، 45 ألف جندي.
شكلت الجبهة السورية "الجبهة الشمالية
لإسرائيل" منبع الخطر الأكبر على عمق إسرائيل ومدنها المأهولة بالسكان، فلم تكن
مرتفعات الجولان تبعد أكثر من 15 ميلاً عن تل أبيب، لكنها في نفس الوقت كانت الأقرب
في نقل المعدات وتوصيل احتياطي الجنود للاشتراك بالمعارك. وخلال يوم 7 أكتوبر/تشرين
الأول انهارت الدفاعات الإسرائيلية في القطاع الجنوبي أمام القوات السورية التي بدأت
تتجه إلى نهر الأردن، وتمكنت القوات السورية في من الاستيلاء على مرصد جبل الشيخ في
عملية إنزال للقوات الخاصة السورية وقتلت وأسرت كافة أفراد الجيش الإسرائيلي في الموقع،
وأخلت إسرائيل المدنيين الإسرائيليين الذين استوطنوا في الجولان حتى نهاية الحرب. فلجأت
القيادة الإسرائيلية إلى سلاح طيرانها لقصف المدرعات السورية في عملية مستمرة دون توقف
لتعطيل القوات السورية عن التقدم وتمكينها من توصيل الإمدادات إلى الجبهة]
الهجوم المضاد الإسرائيلي]
الجبهة السورية
خلال يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول استمر الطيران
الإسرائيلي في هجومه المركز على المدرعات والقوات السورية، مما أدى إلى تدمير عدد كبير
من المدرعات السورية، وهو ما ساعد القوات البرية الإسرائيلية على صد الهجوم السوري.
وابتداء من يوم اليوم الثالث للقتال شن الطيران الإسرائيلي هجماته في العمق السوري
فقصف أهداف عسكرية ومدنية على السواء في دمشق، فأغارت طائرات الفانتوم على مبنى وزارة
الدفاع ومبنى قيادة القوات الجوية ومحطة الإذاعة ومحطة الكهرباء ومصفاة النفط في حمص،
وخزانات النفط في طرطوس واللاذقية.
وأمام التقدم السوري في القطاع الجنوبي
دفعت القيادة الإسرائيلية بهجوم مضاد وتقدمت القوات الإسرائيلية في منطقة "العال"
متجهة شمالاً، حتى بلغت خط الجوخدار ـ الرفيد. وعلى المحور الأوسط، تقدمت القوات الإسرائيلية
حتى أوشكت أن تغلق الطرف الشمالي للكماشة المطبقة على الخشنية، وجرت معارك عنيفة بتلك
المنطقة، حتى اضطرت القوات السورية إلى الانسحاب من الخشنية يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول
خشية تعرضها لعملية التفاف. أما في القطاع الشمالي فقد انطلقت القوات السورية بقوة
في الهجوم في المنطقة الواقعة إلى الشمال من مدينة القنيطرة واستمر الهجوم في أثناء
الليل. وبعد قتال استمر طوال يومي 7 و8 أكتوبر/تشرين الأول وألحقت المزيد من الخسائر
في صفوف الجيش الإسرائيلي.[51][52][53]
في يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول انسحبت القوات
السورية الرئيسية من هضبة الجولان، وأعادت القوات الإسرائيلية احتلال مدينة القنيطرة،
وتقدمت القوات الإسرائيلية حتى وصلت إلى خط وقف إطلاق النار المحدد بعد حرب 1967 المعروف
باسم "الخط الأرجواني"، وبالتالي عاد الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب.[
وبدأت إسرائيل الإعداد لشن هجوم عام على العمق السوري وصولاً إلى دمشق، مما أرغم القيادة
السورية على إشراك احتياطيها الإستراتيجي الأخير بالمعركة وهو الفرقة الثالثة المدرعة
التي كانت تتمركز شمال دمشق. وفي يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول بدأت القوات الإسرائيلية
هجومها على محورين بعد هجمات جوية عنيفة، إلا أنه في يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول لم
تستطع القوات الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك بسبب الخسائر الفادحة للفرق الإسرائيلية
في الأرواح والمعدات، وعودة القوات السورية إلى مواقعها الحصينة على الخط الأرجواني،
وانضم إليها الفرقة الثالثة المدرعة العراقية وكذا اللواء 40 المدرع الأردني اللذان
بدءاً في الوصول اعتباراً من يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول. فانتهت بذلك المعارك على تلك
الجبهة يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول عند الخط الأرجواني في الجزأين الأوسط والجنوبي،
وفي الجزء الشمالي تقدمت القوات الإسرائيلية 15 كم شمال هذا الخط مكونة ما يعرف بجيب
سعسع وهي مدينة تقع على مسافة 40 كم من دمشق
حرب الاستنزاف السورية]
في 7 مارس/آذار 1974 قرر الرئيس السوري
حافظ الأسد خوض حرب استنزاف ضد القوات الإسرائيلية لتكبيده أكبر خسائر ممكنة، وذلك
بعد احتلال إسرائيل لهضبة الجولان مرة أخرى ووصولها إلى جيب يبعد عن دمشق 40 كم تقريباً.
تركزت الهجمات السورية على منطقة جبل الشيخ، واستمرت 82 يوماً حتى توسطت الولايات المتحدة
عبر وزير خارجيتها هنري كسنجر للتوصل إلى اتفاق لفك الاشتباك العسكري بين سوريا وإسرائيل.]
اتفاقية فض الاشتباك]
وقعت سوريا وإسرائيل اتفاقية فك الاشتباك
في 31 مايو/أيار 1974 في جنيف، بعد اشتباكات حرب الاستنزاف المتواصلة التي خاضتها القوات
السورية عقب احتلال القوات الإسرائيلية لهضبة الجولان مرة أخرى. نصت الاتفاقية على
انسحاب إسرائيل من الجيب الذي احتلته ويبعد عن دمشق حوالي 40 كم، وكذلك من مدينة القنيطرة،
وأرض مساحتها 60 كم² من حولها، وإقامة حزام أمني منزوع السلاح على طول الحدود، عرضه
يبدأ بعشرات قليلة من الأمتار في النوب جنوباً، ويتسع ليصبح بعرض 6 كم في القنيطرة
ثم يصبح عرضه 10 كم في جبل الشيخ. وتم الاتفاق على منطقتين أخريين محدودتي السلاح على
جانبي الحدود الأولى وعرضها 10 كم ويسمح فيها لكل طرف بإدخال 75 دبابة و6000 جندي فقط،
والثانية وعرضها أيضا 10 كم، ويسمح لكل طرف بأن يدخل فيها 450 دبابة من دون تحديد عدد
الجنود. كما تم الاتفاق على أن يتمتع كل طرف بحرية الطيران العسكري في سماء بلاده ولكن
الاتفاقية فرضت على سوريا أن لا تدخل صواريخ «سام» مضادة للطائرات في الأرض السورية
بعمق 25 كم. وتقرر إقامة قوة دولية لتراقب تطبيق الاتفاقية في الحزام المنزوع السلاح،
وكذلك في المحورين الآخرين. وفي كل سنة يتم تجديد المصادقة على وجود هذه القوات في
مجلس الأمن الدولي]
لجنة أجرانات]
بعد وضع الحرب أوزارها تشكلت في إسرائيل
لجنة أطلق عليها «لجنة أجرانات» نسبة إلى القاضي الإسرائيلي شمعون أجرانات الذي شغل
منصب رئيس المحكمة العليا في إسرائيل في الفترة من 1965 إلى 1976، وذلك بهدف محاكمة
المتسببين في خسائر إسرائيل على جبهة الحرب، ومن بين الذين استجوبتهم اللجنة: جولدا
مائير "رئيسة الوزراء"، موشيه ديان "وزير الدفاع"، دافيد إلعازار
"رئيس الأركان"، إيلي زعيرا "رئيس المخابرات العسكرية" «أمان».
أوصت اللجنة بعزل رئيس الأركان من منصبه ونقل رئيس المخابرات العسكرية إلى أماكن غير
حساسة.]
المساعدات المقدمة خلال الحرب]
شاركت تسع دول عربية بتقديم الدعم العسكري
على الجبهتين المصرية والسورية، وهي على الترتيب من ناحية قوة التأثير (العراق، الجزائر،
ليبيا، الأردن، المغرب، السعودية، السودان، الكويت، تونس)،[1]:230 وهذا الترتيب قائم
على أساس القوات العسكرية فقط بخلاف الدعم المالي الذي قدمته الدول العربية في الحرب،
وقياساً على أساس أن السرب الجوي يعادل 20 نقطة، اللواء المدرع يعادل 10 نقاط، لواء
المشاة يعادل 5 نقط، كتيبة مشاة تعادل نقطة واحدة، وفي حالة تعادل النقاط تعطى الأسبقية
لتاريخ الوصول.
كوريا الشمالية تواجدت قبل اندلاع الحرب تجريدة كورية من
30 طياراً و8 موجهين جويين و5 مترجمين و3 عناصر للقيادة والسيطرة وطبيباً وطباخاً منذ
يوليو/تموز 1973 ، فيما أدار المصريون شبكة الدفاع الجوي والشئون الإدارية الخاصة بهذا
السرب. واشتبك الطياريون الكوريون ضد الإسرائيليين سواء قبل حرب أكتوبر أو خلالها مشاركة كورية الشمالية في حرب أكتوبر
سلاح البترول (الحظر النفطي]
في أغسطس/آب 1973 قام السادات بزيارة سرية
للعاصمة السعودية الرياض والتقى بالملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود حيث كشف له السادات
عن قرار الحرب على إسرائيل إلا أنه لم يخبر الملك فيصل بموعد الحرب مكتفياً بالقول
أن الحرب قريبة. وقد طلب السادات خلال اللقاء أن تقوم السعودية ودول الخليج بوقف ضخ
البترول للغرب حال نجاح خطة الهجوم المصرية.
في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1973 قرر الملك
فيصل استخدام سلاح النفط في المعركة، فدعا إلى اجتماع وزراء البترول العرب في الكويت
وقرروا تخفيض الإنتاج العربي بنسبة 5% فوراً، وتخفيض 5% من الإنتاج كل شهر حتى تنسحب
إسرائيل إلى خطوط ما قبل يونيو/حزيران 1967، وقررت ست دول بترولية من الأوبك رفع سعر
بترولها بنسبة 70%، وقررت بعض الدول العربية حظر تصدير البترول كلية إلى الدول التي
يثبت تأييدها لإسرائيل بما فيها الولايات المتحدة. واستدعى الملك فيصل السفير الأمريكي
في السعودية وأبلغه رسالة للرئيس نيكسون تتضمن ثلاث نقاط هي: إذا استمرت الولايات المتحدة
في مساندة إسرائيل، فإن مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية سوف تتعرض لإعادة النظر،
وأن السعودية سوف تخفض إنتاجها بنسبة 10% وليس فقط 5% كما قرر وزراء البترول العرب،
وألمح الملك إلى احتمال وقف شحن البترول السعودي إلى الولايات المتحدة إذا لم يتم الوصول
إلى نتائج سريعة وملموسة للحرب الدائرة.
في 20 أكتوبر/تشرين الأول 1973 رداً على
الحظر النفطي، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستدعم إسرائيل بمبلغ 2 مليار و100 مليون
دولار كشحنات أسلحة جديدة، وفي اليوم نفسه أعلنت الدول العربية حظر تصدير النفط تماماً
إلى الولايات المتحدة. وصرح الملك فيصل في أعقاب تلك الخطوة بأن الحظر لن يرفع قبل
انسحاب إسرائيل من كل الأراضي العربية التي احتلت عام 1967. في 8 نوفمبر/تشرين الثاني
1973 عقب تضخم آثار أزمة النفط في الولايات المتحدة وحلفائها والتي ظهرت واضحة في طوابير
السيارات التي ليس لها آخر عند محطات الوقود، قام هنري كسنجر وزير الخارجية الأمريكية
بزيارة إلى الرياض، في محاولة لإقناع الملك فيصل باستئناف تصدير النفط، إلا أن العاهل
السعودي تمسك بضمان الولايات المتحدة لانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وتخليها
عن تأييد إسرائيل.]
الجسر الجوي الأمريكي]
دخلت مصر وسوريا الحرب وهي تعتمد على ما
تملكه من سلاح سوفيتي ليس الأحدث في تلك الفترة، فيما كان السلاح الأمريكي المتطور
هو أساس تسليح الجيش الإسرائيليوخلال الفترة من 10 إلى 13 أكتوبر/تشرين الأول طورت
الولايات المتحدة خطتها لنقل أكبر كمية من السلاح إلى إسرائيل في أقصر وقت فيما سمي
بعملية عشب النيكل، ووظفت إسرائيل لذلك مجهودات طيرانها المدني لنقل تلك الأسلحة والمعدات،
فيما حاولت الولايات المتحدة تقصير المسافة على عملية النقل باستخدام ما تملكه من طائرات
نقل عسكرية لنقل الحمولات إلى جزر الأزور في المحيط الأطلنطي ومنها تقوم الطائرات الإسرائيلية
باستكمال عملية النقل، ولكن لم تحقق تلك الفكرة السرعة الكافية المطلوبة لدعم الجبهة
الإسرائيلية لتعويض خسائرها، فاتُخذ قرار بإنشاء جسر جوي أمريكي تستخدم فيه طائرات
النقل العسكرية الأمريكية للقيام بعمليات النقل من الولايات المتحدة إلى إسرائيل مباشرة.:
في 13 أكتوبر أمر الرئيس الأمريكي ريتشارد
نيكسون القوات الجوية الأمريكية بالبدء بعملية عشب النيكل وبدأت الطائرات الأمريكية
بالتوافد على إسرائيل بدءاً من يوم 14 أكتوبر حيث وصلت أول طائرة في الساعة العاشرة
من مساء الرابع عشر من أكتوبر من نوع C-5 غلاكسي في مطار بن غوريون الدولي في تل
أبيب بإسرائيل[66] وقد نقلت الطائرات الأمريكية إلى إسرائيل نحو 12,880 طن من الأسلحة
والذخائر حتى يوم 25 أكتوبر[67] وبالرغم من أن وقف اطلاق النار في 26 أكتوبر إلا أن
الجسر الجوي استمر حتى 14 نوفمبر بمجموع 567 رحلة لمطار بن غوريون [66] وبحمولة إجمالية
بلغت 22,300 طن من المعدات والأسلحة والذخيرة[66] وذلك عبر استخدام نحو 228 طائرة ،
كما قامت طائرات شركة العال الإسرائيلية من جانبها بنقل نحو 5,500 طن إضافي من المعدات
نقلت بواسطة طائرات الشركة. ودعمت أمريكا هذا الجسر الجوي بجسر بحري لنقل المعدات كبيرة
الحجم بلغت أكثر من 65,000 طن من الدبابات والمدافع والعربات، وتكلفت عملية النقل الجوي
فقط 88.5 مليون دولار "في تلك الفترة"، بخلاف ثمن المعدات. وتمكنت أمريكا
من خلال هذا الجسر من رفع الكفاءة التسليحية للقوات الإسرائيلية بشكل أخل بميزان القوى
لصالح إسرائيل وساعدها على تنفيذ ثغرة الدفرسوار بنجاح.]
الجسر الجوي السوفيتي]
بدء الاتحاد السوفيتي مد أكبر جسر جوي في
تاريخه الحربي إلى كل من مصر وسوريا بعد مرور 3 أيام على شن الحرب، قامت خلاله الطائرات
السوفيتية المختلفة بتنفيذ 900 رحلة جوية نقلت خلالها 15,000 طن من المعدات الحربية.
إلا أن هذا الجسر كان متواضعاً بالمقارنة مع الجسر الجوي الأمريكي لإسرائيل سواء من
حيث كم الأسلحة أو نوعها، ووجه أكثر من نصف الجسر الجوي إلى الجبهة السورية كما قام
الاتحاد السوفيتي بعملية نقل بحري لنحو 63,000 طن من الأسلحة إلى القوات العربية وصلت
قبل وقف إطلاق النار، نقل أكثرها إلى سوريا.
طريق السلام[]
زيارة السادات للقدس]
خطاب الرئيس السادات في الكنيست
الإسرائيلي
بعد أربع سنوات من النتائج الغير مثمرة
للمفاوضات الغير مباشرة بين أطراف حرب أكتوبر بوساطة أمريكية، أعلن السادات في 9 نوفمبر/تشرين
الثاني 1977 من داخل البرلمان المصري استعداده للذهاب إلى الكنيست الإسرائيلي من أجل
دفع عملية السلام بين مصر وإسرائيل، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل العالم العربي
في ذلك الوقت. رحّب رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن ورئيس الولايات المتحدة جيمي
كارتر بإعلان السادات، وعلق عليها الرئيس الأمريكي بأن "السادات يشبه أول رجل
صعد إلى سطح القمر"، وتحدد لزيارته يوم السبت الموافق 19 نوفمبر/تشرين الثاني
1977. قام السادات أيضاً قبل زيارته إسرائيل بزيارة سوريا لتنسيق المواقف، فأعلن الجانب
السوري اعتراضه على تلك الزيارة إلا أن السادات قرر المضي قدماً بخطوة التفاوض المباشر،
وأعلن من داخل الكنيست الإسرائيلي أنه لم يجئ ليعقد اتفاقاً منفرداً بين مصر وإسرائيل
وأن الانسحاب الكامل من الأرض العربية المحتلة عام 1967 أمر بديهي لا يُقبل فيه الجدل
ولا رجاء فيه لأحد أو من أحد، وأنه لا معنى للحديث عن السلام مع استمرار احتلال الأرض
العربية. ودعا السادات بيجن لزيارة مصر، وعُقد مؤتمر قمة في الإسماعيلية في 25 ديسمبر/كانون
الأول 1977 بين الطرفين]
اتفاقية كامب ديفيد]
عقد مؤتمر كامب ديفيد خلال الفترة من 4
إلى 17 سبتمبر/أيلول 1978 بهدف الوصول إلى حلول نهائية للقضايا العالقة بين كل من مصر
وإسرائيل. ترأس الوفد المصري أنور السادات "الرئيس المصري" وبعضوية كل من
حسن التهامي "نائب رئيس الوزراء"، محمد إبراهيم كامل "وزير الخارجية"،
بطرس غالي "وزير الدولة للشئون الخارجية"، أسامة الباز، نبيل العربي
"المستشار القانوني لوزارة الخارجية"، عبد الرؤوف الريدي، أحمد ماهر، أحمد
أبو الغيط. وترأس الوفد الإسرائيلي مناحم بيجن "رئيس الوزراء" وبعضوية كل
من موشيه ديان "وزير الخارجية"، عيزر وايزمان "وزير الدفاع"، أهارون
باراك "المستشار القانوني". فيما قاد الوساطة الوفد الأمريكي برئاسة جيمي
كارتر "الرئيس الأمريكي" وبعضوية كل من زبغنيو بريجينسكي "مستشار الأمن
القومي"، سايرس فانس "وزير الخارجية"، وليام كوانت. في نهاية المفاوضات
وقع الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي على اتفاقية كامب ديفيد في مساء يوم
17 سبتمبر/أيلول 1978 داخل البيت الأبيض، والتي نصت على الانسحاب الإسرائيلي الشامل
وممارسة مصر سيادتها كاملة على سيناء، حرية ملاحة السفن الإسرائيلية في المضايق وخليج
السويس وقناة السويس، الاستخدام المدني للمطارات التي شيدتها إسرائيل في سيناء. أدى
توقيع الاتفاقية إلى غضب عارم في العالم العربي نتج عنه تجميد عضوية مصر في جامعة الدول
العربية ونقل مقر الجامعة إلى تونس بدلاً من القاهرة خلال الفترة من عام 1979 إلى عام
1989. في 10 ديسمبر/كانون الأول 1978 منح السادات وبيجن جائزة نوبل للسلام مناصفةً
احتفاءً بتوقيع الاتفاقية.]
معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل[]
الحدود المصرية الإسرائيلية
في 26 مارس/آذار 1979 وقع الرئيس السادات
ورئيس الوزراء مناحم بيجن على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في البيت الأبيض بواشنطن،
والتي نصت على إنهاء حالة الحرب بين الطرفين وإقامة سلام عادل بينهما، سحب إسرائيل
لكافة قواتها العسكرية وأفرادها المدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين
مصر وفلسطين واستئناف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء، إقامة الطرفين علاقات
طبيعية وودية بما في ذلك الاعتراف الكامل والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية
وإنهاء المقاطعة، إقرار الطرفين واحترامهم كل منهما سيادة الآخر وسلامة أراضيه واستقلاله
السياسي، التعهد بالامتناع عن تهديد الآخر باستخدام القوة وحل كافة المنازعات بالوسائل
السلمية، تعهد كل طرف بعدم صدور فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية، إقامة ترتيبات
أمن متفق عليها بما في ذلك مناطق محدودة التسليح في الأراضي المصرية والإسرائيلية وقوات
أمم متحدة ومراقبين دوليين وتعدل الترتيبات الأمنية باتفاق الطرفين بناءً على طلب أحدهما،
كفالة حرية الملاحة للسفن الإسرائيلية في قناة السويس وخليج السويس وخليج العقبة والمضايق
والبحر الأبيض المتوسط شأنها شأن جميع الدول، حل الخلافات الناشئة حول تطبيق أو تفسير
المعاهدة عن طريق التفاوض وإذا لم يتيسر حلها بتلك الطريقة تحال إلى التحكيم. وفي
9 أبريل/نيسان 1979 أقر مجلس الشعب المصري المعاهدة بالأغلبية.]
في أعقاب توقيع اتفاقية المعاهدة، أعلن
الرئيس الأمريكي جيمي كارتر تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل
مقابل الحفاظ على السلام في المنطقة. وتحولت تلك المعونة منذ عام 1982 إلى منح لا ترد
بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة
اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية.[]
تحرير سيناء[]
أدت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل إلى
انسحاب إسرائيلي كامل من سيناء، وعودة السيادة المصرية على كامل ترابها طبقاً لجدول
زمني للانسحاب المرحلي من سيناء على النحو التالي: في 26 مايو/أيار 1979 رفع العلم
المصري على مدينة العريش وانسحبت إسرائيل من خط العريش/رأس محمد. في 26 يوليو/تموز
1979 انسحبت إسرائيل من مساحة 6 آلاف كم² من أبوزنيبة حتى أبو خربة. في 19 نوفمبر/تشرين
الثاني 1979 تم تسليم وثيقة تولي محافظة جنوب سيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية.
في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1979 انسحبت إسرائيل من منطقة سانت كاترين ووادي الطور،
واعتبر ذلك اليوم هو العيد القومي لمحافظة جنوب سيناء. في 25 أبريل/نيسان 1982 خلال
عهد الرئيس محمد حسني مبارك رُفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح
بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء، وأُعلن هذا اليوم عيداً قومياً مصرياً في ذكرى
تحرير كل شبر من سيناء فيما عدا الجزء الأخير ممثلاً في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل
في آخر أيام انسحابها من سيناء، والتي تم تحريرها في النهاية عن طريق التحكيم الدولي.[]
تحرير طابا]
بعد عقد اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل
في 26 مارس/آذار 1979، والتي بموجبها بدأت إسرائيل انسحابها من سيناء، وفي أواخر عام
1981 الذي كان يتم خلاله تنفيذ المرحلة الأخيرة من مراحل هذا الانسحاب، سعى الجانب
الإسرائيلي إلى افتعال أزمة تعرقل هذه المرحلة، وتمثل ذلك بإثارة مشكلات حول وضع
14 علامة حدودية أهمها العلامة (91) في طابا، الأمر الذي أدى لإبرام اتفاق في
25 أبريل/نيسان 1982 والخاص بالإجراء المؤقت لحل مسائل الحدود، والذي نص على عدم
إقامة إسرائيل لأي إنشاءات وحظر ممارسة مظاهر السيادة، وأن الفصل النهائي في مسائل
وضع علامات الحدود المختلف عليها يجب أن يتم وفقاً لأحكام المادة السابعة من معاهدة
السلام المبرمة بين البلدين، والتي تنص على حل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير المعاهدة
عن طريق المفاوضات، وأنه إذا لم يتيسر حل هذه الخلافات بالمفاوضات فتحل عن طريق التوفيق
أو تحال إلى التحكيم. وبعد 3 أشهر من هذا الاتفاق افتتحت إسرائيل فندق سونستا وقرية
سياحية وأدخلت قوات حرس الحدود. فقامت الحكومة المصرية بالرد عن طريق تشكيل اللجنة
القومية للدفاع عن طابا أو اللجنة القومية العليا لطابا، وتشكلت بالخارجية المصرية
لجنة لإعداد مشارطة التحكيم برئاسة نبيل العربي ممثل الحكومة المصرية أمام هيئة التحكيم
في جنيف. عقب قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي بالموافقة على التحكيم، تم توقيع اتفاقية
المشارطة بمشاركة شمعون بيريز في 11 سبتمبر/أيلول 1986، والتي قبلتها إسرائيل بضغط
من الولايات المتحدة. وهدفت مصر من تلك المشارطة إلى إلزام الجانب الإسرائيلي بتحكيم
وفقاً لجدول زمني محدد بدقة، وحصر مهمة هيئة التحكيم في تثبيت مواقع العلامات ال14
المتنازع عليها. وفي 29 سبتمبر/أيلول 1988 تم الإعلان عن حكم هيئة التحكيم في جنيف
بسويسرا في النزاع حول طابا، وجاء الحكم في صالح مصر مؤكداً أن طابا مصرية، وفي 19
مارس/آذار 1989 كان الاحتفال التاريخي برفع علم مصر معلناً السيادة على طابا وإثبات
حق مصر في أرضها.]
اتفاقية أوسلو[]
في 13 سبتمبر/أيلول 1993 وقع ياسر عرفات
رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وإسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي "اتفاقية
أوسلو" برعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في البيت الأبيض بواشنطن، والتي أطلق
عليها هذا الاسم نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية بين
الطرفين في عام 1991. تعتبر الاتفاقية أول اتفاق رسمي مباشر بين إسرائيل ومنظمة التحرير
الفلسطينية، وتضمنت نصوص الاتفاقية التزام منظمة التحرير الفلسطينية بحق إسرائيل في
العيش في سلام وأمن والوصول إلى حل لكل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة
من خلال المفاوضات، بدأ حقبة جديدة خالية من العنف، إدانة منظمة التحرير لاستخدام الإرهاب
وأعمال العنف، اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل للشعب الفلسطيني
وبدء المفاوضات معها، إقامة سلطة حكم ذاتي انتقالي فلسطينية "السلطة الوطنية الفلسطينية"،
ومجلس تشريعي منتخب للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، لفترة انتقالية لا
تتجاوز الخمس سنوات، للوصول إلى تسوية دائمة بناء على قراري الأمم المتحدة 242 و338.
بما لا يتعدى بداية السنة الثالثة من الفترة الانتقالية، كما نصت الاتفاقية على أن
هذه المفاوضات سوف تغطي القضايا المتبقية، بما فيها القدس، اللاجئون، المستوطنات، الترتيبات
الأمنية، الحدود، العلاقات والتعاون مع جيران آخرين. تبع هذه الاتفاقية المزيد من الاتفاقيات
والمعاهدات والبروتوكولات مثل اتفاق غزة أريحا وبروتوكول باريس الاقتصادي الذي تم ضمهم
إلى معاهدة تالية سميت بأسلو]
معاهدة السلام بين الأردن إسرائيل]
في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1994 وقع رئيس
الوزراء الأردني عبد السلام المجالي وإسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي معاهدة سلام
بين البلدين في وادي عربة على الحدود الأردنية الإسرائيلية برعاية الرئيس الأمريكي
بيل كلينتون والتي اشتهرت باسم معاهدة وادي عربة. نصت أهم بنود المعاهدة على الوفاء
بإعلان واشنطن الذي وقعه الملك حسين وإسحاق رابين في 25 يوليو/تموز 1994 في البيت الأبيض
بواشنطن، والذي أنهى حالة العداء بين البلدين، تحقيق سلام عادل ودائم وشامل في الشرق
الأوسط مبني على قراري مجلس الأمن 242 و338 بكل جوانبهما، الاعتراف بحقهما وواجبهما
في العيش بسلام بينهما ومع كافة الدول ضمن حدود آمنة ومعترف بها، تنمية علاقات الصداقة
والتعاون بينهما، ضمان أمن دائم لدولتيهما وتجنب التهديد بالقوة واستعمالها فيما بينهما،
الاعتراف واحترام سيادة كل منهما على أرضه وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي، إقامة
سلام بينهما بموجب معاهدة السلام هذه، تنمية علاقات حسن الجوار والتعاون بينهما سيحلان
كل النزاعات بينهما بالوسائل السلمية، تحديد الحدود الدولية بينهما على أساس تعريف
الحدود زمن الانتداب، الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الخاصة بمنطقة الباقورة/نهاريم والتي
هي تحت السيادة الأردنية، وفيها حقوق امتلاك خاصة إسرائيلية، الامتناع عن الدخول في
أي ائتلاف أو تنظيم أو حلف ذي صفة عسكرية أو أمنية مع طرف ثالث أو مساعدته بأي طريقة
من الطرق أو الترويج له أو التعاون معه إذا كانت أهدافه أو نشاطاته تتضمن شن العدوان
أو أية أعمال أخرى من العداء العسكري ضد الطرف الآخر بما يتناقض مع مواد هذه المعاهدة،
الامتناع عن السماح بدخول أو إقامة أو عمل قوى عسكرية أو عسكريين أو معدات تعود لطرف
ثالث على أراضيها أو من خلالها في أحوال يمكن أن تخل بسلامة الطرف الآخر.]
القضايا العالقة]
حققت حرب أكتوبر أهدافها بتحريك عملية السلام
الراكدة، وإعادة تشكيل الرأي العام الإسرائيلي الذي ظن أن جيشه لا يقهر وأنه في مأمن
من أي هجمات عسكرية، واستعادة مصر كامل سيادتها على سيناء، إلا أن التعقيدات الكبرى
التي تحيط بالصراع العربي الإسرائيلي وخاصة بالوضع السوري والقضية الفلسطينية حالت
دون تحقيق سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط، فلا تزال هضبة الجولان محتلة من قبل إسرائيل،
ولا يزال الاستيطان والمستوطنون الإسرائيليون يقطعون أوصال الضفة الغربية بإحكام عن
قطاع غزة، وتتسارع مع مرور الوقت عمليات تهويد القدس]
حفظ تاريخ الحرب]
تخليداً لذكرى انتصارات أكتوبر تحتفل القوات
المسلحة المصرية بعيدها يوم 6 أكتوبر من كل عام.[84] وأُنشأت في مصر عدة متاحف سواء
في القاهرة أو في مدن القناة وضعت بها بعض القطع من خلفات الحرب، ولعل أشهر تلك المنشآت
بانوراما حرب أكتوبر بشارع صلاح سالم بالقاهرة والتي تعرض تسجيلات بالصوت والصورة تحكي
قصص المعارك الحربية المصرية بست لغات مختلفة هي العربية، الإنجليزية، الألمانية، الإيطالية،
الفرنسية، اليابانية.
افتتحت البانوراما في 5 أكتوبر/تشرين الأول
1989 وأقيمت على يد فنيون كوريون علي مساحة 31 ألف متر² يشغلها مبني وحديقة، بالإضافة
إلى ساحة انتظار سيارات بمسطح حوالي 6 ألاف متر². وتحتوي على منصتان للعرض المكشوف
إحداهما لعرض نماذج من أسلحة القوات التي شاركت في حرب أكتوبر سنة 1973، والأخرى لعرض
نماذج لبعض الأسلحة الإسرائيلية التي تم الاستيلاء عليها. أما المبني الرئيسي فشيد
على شكل أسطواني قطره 44 متر وارتفاعه 27 متر يعلوه برج من الحديد والنحاس ارتفاعه
10.5 متر وبه قاعات العرض الرئيسية التي تتضمن مكتبة تاريخية.]
فيما يمثل المتحف الحربي بقلعة صلاح الدين
أحد أهم المتاحف العسكرية التي تخلد التاريخ العسكري المصري. أنشئ المتحف عام 1937
بمبنى وزارة الدفاع القديم بشارع الفلكي، ثم انتقل إلى مبنى مؤقت بجاردن سيتي عام
1938، ثم انتقل إلى مقره الحالي بقصر الحرم بالقلعة وافتتح رسمياً في نوفمبر/تشرين
الثاني 1949. أعيد تجديد المتحف أكثر من مره كان أولها في 26 يوليو/تموز 1982، وفي
26 أبريل/نيسان 1988 بالاشتراك مع هيئة الآثار، وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1993 بالاشتراك
مع جمهورية كوريا الديمقراطية.
يشغل المتحف قصور الحرم الثلاث بالضلع البحري
الغربي للقلعة ويشرف على جبل المقطم والحطابة وباب المدرج (مدخل القلعة)، ويعود تاريخ
تلك القصور إلى عصر محمد علي باشا. أنشئ أولها القصر الأوسط في عام 1872 ثم تلاه القصر
الشرقي والغربي.[87]
وفي 31 مايو 2016 افتتح متحف القوات الجوية
المصرية لبضم أبرز أنواع المقاتلات التي شاركت في الحروب التي خاضتها مصر وعلى رأسها
حرب أكتوبر ومن تلك الطائرات الميج.]
المتحف الحربي السوري
أُنشأت في سوريا أيضاً عدة منشآت تخليداً
لذكرى حرب تشرين التحريرية منها بانوراما حرب تشرين التي تقع عند مدخل دمشق الشمالي
وسط حديقة كبيرة مساحتها نحو 62700 متر². صممت البانوراما على شكل جناحين جانبيين بينهما
قسم دائري مقبب بقطر 43.1 متر وبارتفاع كلي يبلغ 37.1 متر، وعلى طرفيه أدراج توصل إلى
الجناحين ثم إلى منصة العرض البانورامي التي تروي قصة معارك القوات السورية بأدق تفاصيلها
من جنود وأسلحة ودبابات وطائرات، بالإضافة إلى ساحتين لعرض الأسلحة مساحة كل منهما
1760 متر²، تضم الساحة الأولى نماذج لبعض الأسلحة والعتاد المستخدم في الحرب فيما تضم
الساحة الثانية نماذج للأسلحة والعتاد الإسرائيلي.]
بدأ تأسيس المتحف الحربي السوري عام
1957 في قصر العظم، ثم انتقل إلى التكية السليمانية التي شيدت عام 1554 على ضفة نهر
بردى الجنوبية في الجهة الغربية لمدينة دمشق، وافتتح رسمياً في 25 أغسطس/آب 1959. بدأ
المتحف بأربع قاعات عرض، ومنذ تاريخ افتتاحه حتى عام 1972 أضيفت إليه عدة أقسام، وأصبح
عدد القاعات خمسة هي (قاعة الأسلحة النارية الثقيلة، قاعة الأسلحة النارية الخفيفة،
القاعة التاريخية، قاعة الأسلحة البيضاء، قاعة الثورات السورية) وبعد حرب تشرين التحريرية
أضيفت قاعة سادسة تختص بنضال القوات المسلحة السورية ودورها في الحرب. في عام 2011
أوقف العمل بالمقر الحالي للمتحف، وتقرر نقله إلى موقع جديد]
إسرائيل]
وفي إسرائيل توجد بعض القطع من مخلفات الحرب
في المتاحف العسكرية الإسرائيلية ومنها متحف تاريخ قوات الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب
أو متحف باتي هاؤوسيف (بالإنجليزية: Batey ha-Osef
Museum)، ومتحف القوات الجوية الإسرائيلية
في حتسريم الذي تأسس في عام 1977 وافتتح للعامة في عام 1991، ومتحف ياد لا شيريون في
لطرون (بالإنجليزية: Yad La-Shiryon Museum).[92]
الحرب في الإعلام]
وثقت السينما المصرية لحظة النصر في حرب
السادس من أكتوبر بمجموعة من الأفلام رصدت فترة الحرب وسُجلت في تاريخ السينما كعلامات
معبرة عن تلك الفترة، والتي تُعرض على شاشات التليفزيون المصري في شهر أكتوبر/تشرين
الأول من كل عام احتفالاً بذكرى النصر، وتتمثل تلك الأفلام في كل من حتى آخر العمر
إنتاج عام 1975، تأليف يوسف السباعي، إخراج أشرف فهمي، بطولة محمود عبد العزيز ونجوى
إبراهيم. الرصاصة لا تزال في جيبي إنتاج عام 1974، تأليف إحسان عبد القدوس، إخراج حسام
الدين مصطفى، بطولة محمود ياسين ونجوى إبراهيم، أبناء الصمت إنتاج عام 1974، تأليف
مجيد طوبيا، إخراج محمد راضي، بطولة نور الشريف ومحمود مرسي. العمر لحظة إنتاج عام
1978، تأليف يوسف السباعي، إخراج محمد راضي، بطولة ماجدة وأحمد زكي. بدور إنتاج عام
1974، تأليف وإخراج نادر جلال، بطولة نجلاء فتحي ومحمود ياسين. الوفاء العظيم إنتاج
عام 1974، تأليف فيصل ندا، إخراج حلمي رفلة، بطولة نجلاء فتحي ومحمود ياسين. وذلك بخلاف
الأعمال العسكرية التي أعدتها إدارة الشئون المعنوية والأفلام القصيرة والأغاني الوطنية
التي لا زالت تُنتج حتى الآن.]
سوريا]
لم تتناول الأفلام الروائية الطويلة في
السينما السورية أحداث الحرب بشكل مباشر، لكنها تحدثت عن تداعياتها وآثارها، وانتجت
أفلام رصدت الفترة بين نكسة حزيران وحرب تشرين، أو أوردت مشاهد بالقرب من الجبهة باعتبارها
خلفية تاريخية للأحداث، أو إطاراً لبعض وقائعها، أو ذات تأثيرات على مصائر بعض الشخصيات.
ومن تلك الأفلام الأحمر والأبيض والأسود، إنتاج عام 1976، إخراج بشير صافيه. الاتجاه
المعاكس، إنتاج عام 1975، إخراج مروان حداد. حادثة النصف متر، إنتاج عام 1980. صندوق
الدنيا، إنتاج عام 2002، إخراج أسامة محمد. رسائل شفهية، إنتاج عام 1991، إخراج عبد
اللطيف عبد الحميد. ليالي ابن آوى، إنتاج عام 1990، إخراج عبد اللطيف عبد الحميد.[
وذلك بخلاف عدة أفلام وثائقية وتليفزيونية قدمت محتوى لخص بعض أحداث الحرب على الجبهة
السورية.[]
إسرائيل[]
تناولت السينما الإسرائيلية حرب يوم الغفران
في عدد قليل نسبياً من الأفلام بالمقارنة مع ما قدمته من أفلام عن حروبها السابقة،
وذلك لأنها أنهت صورة الجيش الذي لا يهزم في ذهن الكثيرين، وانصب الاهتمام الأكبر في
محتوى تلك الأفلام على كسب التعاطف الدولي بتصوير مآلات الحرب. من أبرز تلك الأفلام
Kippur، إنتاج عام 1973، إخراج عاموس
غيتاي. The Vulture، إنتاج عام 1981،
إخراج ياكي يوشا. Tzomet Volkan، إنتاج عام 1998،
إخراج ايرن ريكليس. Yom Hadin، إنتاج عام 1974،
إخراج جورج اوفاديا. Blues Lahofesh Hagadol إنتاج عام 1987، إخراج رينيه شور. وذلك
بجانب مجموعةً من الأعمال التليفزيونية والأفلام الوثائقية الإسرائيلية التي كان موضوعها
حرب يوم الغفران]
أنشأ الإسرائيليون سد ترابي على الضفة الشرقية
لقناة السويس بارتفاع يصل في الأماكن المهمة إلى 20 م، وبميل يتراوح ما بين 45 و65
درجة بهدف منع عبور أي مركبة برمائية من القناة إلى الضفة الشرقية. وعلى طول هذا السد
الترابي بني خط دفاعي قوي أطلق عليه "خط بارليف" يتكون من 35 حصن تتراوح
المسافة بينهم ما بين متر في الاتجاهات المهمة و5 كم في الاتجاهات الغير مهمة على طول
القناة، وفي منطقة البحيرات المرة تباعدت هذه الحصون لتصل المسافة بينها ما بين 5 إلى
10 كم.
كانت تلك الحصون مدفونة في الأرض وذات أسقف
يمكنها تحمل قصف المدفعية وكانت تحيط بها الألغام والأسلاك الشائكة الكثيفة لتصعيب
مهمة الاقتراب منها، وتمكينها من غمر القناة بالنيران الكثيفة لمنع أي مهمة عبور للقوات
المصرية، وبين تلك الحصون كانت هناك مرابض للدبابات يفصل بين كل منها 100 متر يمكن
للقوات الإسرائيلية احتلالها في حالات التوتر لصد الهجمات.
كفل تصميم الخط الدفاعي للدبابات الإسرائيلية
التحرك بحرية من مربض لآخر دون أن تراها القوات المصرية من الجانب الغربي للقناة، كما
تم تزويد تلك الحصون بمؤن وذخيرة تجعلها تكتفي ذاتياً لمدة سبعة أيام، وتم تأمين وسائل
اتصالها بشكل جيد مع قياداتها بالخطوط الخلفية. وخصصت القيادة الإسرائيلية لواء مشاة
لاحتلال تلك الحصون ولواء مدرع يعمل كاحتياطي قريب متمركز على بعد 8 إلى 8 كم، ولواءين
مدرعين يتمركزان بمنطقة أبعد على بعد 25 إلى 30 كم.[
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء