pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


بيان الملك حسين الى الشعب حول موقف الأردن من اتفاق كامب ديفيد

بيان الملك حسين الى الشعب حول موقف الأردن من اتفاق كامب ديفيد

بيان الملك حسين الى الشعب حول موقف الأردن من اتفاق كامب ديفيد، عمان، الأردن، في 10 أكتوبر 1978، منشور من "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1978، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت مج14، ط1، ص 555 - 559"، عن جريدة الرأي، عمان، العدد الصادر في 11 أكتوبر 1978.






المنشور

ايها الاخوة المواطنون ،

احييكم اجمل تحية، واتمنى ان يكون كل واحد منكم بخير، وان يكون الشعب كله على ما نروم وما يستحق من الامن والقوة والراحة النفسية والعزم والتصميم.

اتحدث اليكم اليوم لاتابع معكم تطورات الاوضاع في منطقتنا، والاحداث الهامة الحاسمة التي تمر بها، ولا تذاكر معكم في متطلبات المرحلة التي نواجه ومقتضيات الثبات والنجاح وتحقيق الاهداف القومية المنشودة.

لقد تسارعت الاحداث مؤخرا في منطقتنا، حتى وصلت ذروتها باعلان اتفاقيتين تم عقدهما، مؤخرا، في الولايات المتحدة بين مصر واسرائيل، وشاركت فيهما الولايات المتحدة. هاتان الاتفاقيتان، كما وصفتا، ترسمان اطارا للتسوية النهائية للقضية الفلسطينية والنزاع القائم منذ أكثر من ثلاثة عقود بين اسرائيل والدول العربية المحيطة بها والشعب الفلسطيني. لقد استحوذت هذه التطورات على كل الاهتمام الوطني، وكذلك في الوطن العربي، كما يتركز عليها معظم الاهتمام العالمي. ولقد دخلت منطقتنا، والامة العربية، بهذه التطورات مرحلة تاريخية جديدة حاسمة وفي منتهى الدقة. وانني أود أن اضع أمامكم وأمام الامة العربية والعالم، بوضوح وايجاز، تقديرنا للموقف وتصوراتنا للمستقبل وتبعاته.

ان الاردن، كشعب وكدولة، اكثر الاقطار العربية اتصالا بالقضية الفلسطينية ، والتزاما بمسؤولياتها وواجباتها، والتحاما بآلامها وآمالها . لقد وقف الى جانب شعب فلسطين العزيز وهو يكافح، منذ بدايات هذا القرن، ضد السيطرة والتشريد والاندثار الحضاري والانساني. وعندما تطلبت ظروف الصراع القومي من أجل البقاء ان يرمي الاردن بثقله، عسكريا وسياسيا، الى جانب شعب فلسطين العربي، فعل الاردن ذلك غير آبه بالعواقب والتضحيات. وقد فعل الاردن ذلك في كل ظرف اقتضى الوقفة الشهمة الشجاعة ، لم يتردد ولم يتواكل. لم يقتصر حض الاردن بالتضامن ووحدة المصير ونداءات الواجب القومي على الهبات الشجاعة، بل تجاوز ذلك الى الانكباب الايجابي الموصول على رعاية الروابط، وتعميق أواصر الوحدة والمصير المشترك. ومع ادراك الاردن للاجماع العربي على ان مسؤولية القضية الفلسطينية مسؤولية عربية مشتركة، الا ان الاردن ظل يعتبر لنفسه واجبا خاصا تفرضه روابط روحية خاصة نمت وترعرعت في ظل المعاناة والآمال المشتركة.

الاردن، ايضا، ظل دائما حريصا على وحدة العمل العربي، ووحدة الجهد والغايات في كل ما يتعلق بالاهداف القومية والقضايا المشتركة. فالاردن، وريث الثورة العربية وحامل مشعلها ورايتها، قاعدة من قواعد الدعوة العربية، والكفاح المشترك، والتبشير بوحدة الاهداف ومسؤوليات المصير الواحد. هذه الروح تسري في جوانح الاردن، وتعمر قلبه ووجدانه.

لقد طرأت خلال الاشهر الاخيرة تطورات على الساحة العربية امتحنت هذه القناعات، وطرحت للاختبار معاني العمل العربي المشترك، ووحدة الالتزام بالقضية العربية، ووحدة المسؤولية تجاه القضية الفلسطينية. لقد كان الاردن، خلال السنتين الماضيتين، يعمل على بناء موقف عربي موحد من وسائل معالجة المواجهة مع العدوان التوسعي الاسرائيلي، واحلا ل السلام العادل المنشود، وكان يدعو لتوحيد العمل بين اطراف المواجهة العربية، بما فيها الشعب الفلسطيني. وكان يدعو الامة العربية للوقوف الى جانب هذا الموقف المتحد الذي يسعى اليه بين دول المواجهة والشعب الفلسطيني. ولكن المسرح العربي شهد تطورات ابتعدت بالوضع العربي عن وحدة الموقف المنشودة، فكان ان تنافرت الاتجاهات، وتكاثرت المحاور، وانتهى الوضع العربي الى ما هو عليه اليوم من انقسام خطير لا شبيه له منذ أكثر من ثلاثين سنة، يهدد بنهاية المعاني القومية الاساسية، ونهاية الفكرة العربية التى تعتمد على معاني الوحدة التاريخية والوقفة المتحدة أمام الاخطار الخارجية التي تهدد الوطن والامة.

لقد ساهمت معظم الدول والقوى والتيارات العربية في النتيجة التي وصلنا اليها اليوم، وفي حالة الانقسام التاريخي القائمة. والمهم ان نبحث عن طرق الخروج من هذه الازمة المستحكمة.

اننا في الاردن نواجه الثقل الاكبر للازمة الراهنة. وعلى قراراتنا وحكمة مواقفنا يتوقف، الى حد بعيد، مصير قضيتنا ومصالح أمتنا الحيوية.

لقد أدى توقيع اتفاقيتي كامب ديفيد إلى نشوء وضع جديد يواجه الاردن اخطر تبعاته. ان الدلائل تشير الى ان اتفاقيتي كامب ديفيد لا ترتبطان معا برابط الزامي محدد. وهذا الامر يعني انه اذا لم تتقدم المباحثات حول مستقبل الضفة الغربية وغزة والقدس وباقي الاراضي العربية المحتلة ، فان خطوات السلام بين مصر واسرائيل لن تتوقف، ولن تتعطل. وهذا يعني ان ثقل مصر العربي والعالمي، العسكري والسياسي، سيخرج، في هذه الحالة، من ميدان المشاركة الكاملة مع الدول العربية المواجهة لاسرائيل، وان القضية الفلسطينية ستفقد عنصرا رئيسيا يلتحم مع هذه القضية بوحدة المصير والكفاح الواحد. لقد ظللنا عقودا طويلة نعمل مع مصر كشقيقة كبرى في معركة الكفاح من اجل العدل والسلام الشريف. ظللنا نتساند واياها، ونتعاون واياها، ونتحمل الصدمات والآلام معا، ونعمل معا من اجل الحل العادل والسلام المعقول. ومعظم العرب لا يزالون يأملون في أن لا تصل مصر العربية الى نقطة اللارجوع فتعزل نفسها عن تاريخها وعروبتها، بل وعن نفسها. ان التغير في هذا الامر يعني تغيرا ستراتيجيا خطيرا في أوضاع منطقتنا، ويعني ان الاوضاع في مشرقنا العربي يجب ان تتصوب لتتناسب مع هذا التطور الخطير. كما يعني ان الفكر السياسي العربي، بمجمله، يجب ان يتجاوب مع ما تتطلبه المرحلة الجديدة من نضوج ومسؤولية. ان على الامة العربية الآن ان تتجاوز ردود الفعل العاطفية او الكلامية التي لا يترتب عليها عمل ولا مسؤولية، وان عليها ان تواجه التطورات والاحداث بروية وتصميم وبعد نظر. لا مجال لاية جهة عربية ان تجعل من الحماس الكلامي او الغموض والعبارات القومية العامة، بديلا عن تحمل المسؤولية المشتركة، ومواجهة الواقع في المنطقة، واتخاذ القرارات الصعبة التي يتطلبها الظرف والواجب العربي. وفي هذا الموقع اقول: ان العالم بأسره يعجب كيف أن أمة تملك اليوم هذه الموارد الهائلة، والثروات الضخمة، والموقع الستراتيجي الفريد، لم تتمكن حتي الآن من وضع هذه الموارد الضخمة والامكانيات العظيمة في خدمة قوتها الذاتية، وقدرتها على الصمود ومجابهة التحديات وبناء المستقبل على اسس سليمة صالحة. ان الاردن وهو يقف في مقدمة النضال العربي من اجل الحقوق العربية المشروعة، والسلام العادل، يتوقع من الدول العربية الشقيقة ان تقف الى جانبه، وتشاركه مسؤولياته الكبرى، وان تتحمل نصيبها من واجبات القضية الفلسطينية التي تتعلق بجميع العرب ولا تقتصر على بعضهم.

في هذا الاطار، اود ان اؤكد من جديد، باسمكم جميعا، موقفنا من الصراع الدائر في منطقتنا ومن قضية السلام ومسؤولياته.

ان الاردن مع السلام العادل. والاردن يؤيد تحقيق تسوية عادلة للقضية الفلسطينية وللصراع الذي نجم عنها ويستمر بسببها. الاردن لم يقف في السابق موقف المتفرج تجاه مسألة الحقوق الفلسطينية، وتجاه الاحتلال الجاثم على الارض العربية المحتلة منذ حزيران [ يونيو ] عام 1967، وتجاه الجهود الدولية المبذولة لاحلال السلام على أساس تسوية عادلة. لقد ساهمنا في استصدار قرار مجلس الامن 242 في تشرين الثاني [ نوفمبر ] عام 1967. ولقد قبلناه، وتعاونا مع كل الجهود الدولية التي بذلت على اساسه ولاجل تطبيقه. وكانت غاية الاردن، من ذلك، تحقيق تسوية عادلة شاملة يتم، بموجبها، جلاء الاحتلال الاسرائيلي عن جميع الاراضي العربية المحتلة، ويتسنى للشعب الفلسطيني فيها ممارسة حقه في تقرير المصير بحرية كاملة، ويقوم على اساسها سلام دائم مقبول. يعلم كل العرب اننا لم نتخل يوما عن مسؤوليتنا تجاه الاخوة في الارض المحتلة، ويعلم العالم اننا لم نتخل قط عن مسؤوليتنا تجاه السلام في منطقتنا . ولكن الكل يعلم ايضا اننا، في سعينا لانقاذ الشعب والارض العربية وقضية السلام، لم نضح قط بمبادئنا وكرامة أمتنا وتراثنا والتزاماتنا التي نحتضنها ونعتز بها.

هذا الموقف تعرفه جيدا الولايات المتحدة الاميركية وباقي دول العالم. وعندما جاء الرئيس الاميركي، جيمي كارتر، لمسؤولية الرئاسة الاميركية، استوعب بسرعة حقائق الاوضاع في المنطقة، وابدى تفهما كبيرا لسياستنا الثابتة والمواقف التي نتخذها. لقد رحبنا في الاردن بالنوايا الطيبة التي عبر عنها الرئيس الاميركي، منذ بداية ولايته، تجاه قضية السلام العادل في منطقتنا والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ولقد بنينا معه جسورا من الثقة والتفاعل القائم على الاحترام المتبادل. لم نخف قط، عنه وعن العالم بأسره، مفهومنا للسلام العادل ومتطلبات تحقيقه. لم نترك مجالا للغموض في موضوع تمسكنا بالانسحاب الشامل، والسيادة العربية على القدس العربية، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وحل جميع جوانب النزاع وعلى كل الجبهات العربية حلا شاملا عادلا، وعندما وجه الرئيس كارتر دعوته لمصر واسرائيل للقاء في كامب ديفيد، بعثت للرئيس كارتر وللرئيس محمد انور السادات بايضاحات مفصلة حول هذه المواضيع، تمنع الالتباس، وتشرح موقفنا من جديد بوضوح كامل. ولقد حذرت، في هذه المراسلات، بأن التصلب الاسرائيلي في رفض المطالب العربية المشروعة قد يؤدي لانهيار الجهود السلمية المخلصة، وان من أخطر المزالق في هذه الجهود تغطية هذا الخلاف الجوهري بين الموقف العربي والموقف الاسرائيلي المتعنت بالبيانات والاطر الغامضة التي لا تعالج المشكلة بوضوح، وانما توفر لاسرائيل غطاء اعلاميا ودبلوماسيا لا تستحقه ولا يحق لها ان تناله.

من هنا جاء رد فعلنا على نتائج مؤتمر كامب ديفيد. اننا، كما قلت، مع التسوية العادلة ومع السلام الشريف. ولكن قرارات كامب ديفيد اشتملت على ثغرتين رئيسيتين: اولهما، هي انها لم تربط ربطا لازما بين الاتفاقية المصرية - الاسرائيلية وحل باقي جوانب المشكلة العربية الاسرائيلية على الجبهات الاخرى. وثانيهما، هي انها لم توضح نهاية الطريق بالنسبة لمستقبل الضفة الغربية والقدس وغزة وتقرير المصير للفلسطينيين. وفي اطار هذا الغموض، طلبت اتفاقية كامب ديفيد من الاردن أن يشارك في ترتيبات المرحلة الانتقالية المقترحة، وان يشترك في مسؤوليات الامن وبناء سلطة الحكم الذاتي، دون أن يكون الاردن موقنا او مطمئنا الى ان المرحلة الانتقالية، التي يكتنفها الغموض في أكثر جوانبها والتي تدعوه الاتفاقية للمشاركة فيها، ستنتهي بالجلاء الاسرائيلي وحق تقرير المصير لابناء فلسطين.

إن بين الايجابية وحب السلام من جهة، والتضحية بالمواقف القومية والمصالح الوطنية والحقوق التاريخية، فرقا واضحا نعرفه. نحن مع الاولى وضد الثانية. وحرصا منا على المسؤولية الكاملة، وعلى ابقاء السبل مفتوحة أمام فرص السلام والحل العادل، فاننا لم نتخذ مواقف عاطفية او انفعالية تجاه التطورات الاخيرة. لقد أعلنا اننا لسنا طرفا في قرارات كامب ديفيد، واننا لا نعتبر انفسنا مرتبطين بأية التزامات تترتب على المشاركين فيها. وفي نفس الوقت، عملنا على فتح حوار جدي مع الولايات المتحدة، يستهدف استيضاح مختلف جوانب الموقف الاميركي من الحل الشامل، ويسعى لتصويب الاسس التي يجري على أساسها العمل لتحقيق التسوية والسلام الدائم. وأعلنا اننا لن نغلق بابا يمكن أن يؤدي لانقاذ الشعب الواقع تحت الاحتلال، ويحرر الارض العربية، ويحقق السلام العادل الذي يرضى به الضمير العربي.

هذا الموقف هو الموقف الذي نعتبره اقرب ما يكون لخدمة الاهداف الوطنية المشروعة لشعبنا وأمتنا، وأقرب ما يكون للواقعية وللمسؤولية وللالتزام بمصالح اخوتنا تحت الاحتلال واقطارنا التي يمتد الى أراضيها عدوان الاحتلال. وهو موقف طرحناه، ايضا، امام الدول العربية الشقيقة ليكون مفهوما لديها، ولكي تقف معنا، ونحن نتبناه ونحمله للعالم.

لقد سمعنا رأيا دوليا يقول بأن على العرب ان يتحلوا بالصبر والواقعية، وبأن قبول الاطراف العربية بالحكم الذاتي لابناء الارض المحتلة يسمح بزرع بذرة الكيان الوطني الفلسطيني المتنامي الذي لن تستطيع اسرائيل الوقوف في وجهه حين ينضج ويقوى عوده خلال السنوات القادمة، وان هذا سيؤدي بالضرورة لتقرير المصير والجلاء الاسرائيلي. ان الاردن، كدولة ملتزمة بالغايات القومية المعروفة، وبحكم معرفته بما يخطط له الخصم الاسرائيلي وما ينفذه، يؤكد ان هذا المنطق يبقى قاصرا ما لم يقترن بالتزام واضح بأن نهاية الطريق ستؤمن مبادىء التسوية العادلة التي أجمع عليها العالم. ان اسرائيل تزرع المستوطنات والسكان الاسرائيليين في الارض المحتلة كل يوم، وتغير معالم الارض المحتلة ماديا وسكانيا، وزعماء اسرائيل يصرحون بأن المفاوضات مع الجانب العربي لن تحول دون مطالبتهم بالسيادة على الضفة الغربية وغزة خلال المفاوضات وبعد مرحلة الانتقال، ويكررون كل يوم بأن القدس العربية جزء من عاصمتهم الى الابد. في هذا المجال أقول:

ان القدس العربية امانة عربية اسلامية منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لا يملك احد في العالمين العربي والاسلامي التصرف بها، او النزول عنها. ولن تتمكن اسرائيل ولا سواها من تغيير هذا الواقع ولو بدا ذلك ممكنا. الى حين.

ان الاردن يطالب العالم بتفهم هذه الحقائق، والضغط على المحتل لايقاف اجراءاته التعسفية الباطلة في الارض المحتلة، كما يطالب المجتمع الدولي بابقاء جهود السلام في دائرة الالتزام بالانسحاب الكامل وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني كأساس لكل مباحثات تستهدف تحقيق تسوية سلمية عادلة. هذا ما يفرضه القانون الدولي والمواثيق الدولية، وهذا ما تقتضيه المتطلبات العملية للسلام الدائم المستقر القائم على العدالة.

وفي نفس الوقت، فاننا في الاردن ندرك صعوبة ودقة الاوضاع التي يعيش في ظلالها اخواننا ابناء الارض المحتلة. اننا لن نتخلى عنهم مطلقا في أزمتهم الراهنة. لن نضن عليهم بالدعم والمساندة معنويا وماديا، وبكل طاقاتنا وقدراتنا. ولن نفرض عليهم آراءنا ومواقفنا فيما يتعلق بمستقبلهم ووسائل التعجيل بانهاء الاحتلال وبناء الكيان الوطنى الحر. وستوسع الحكومة نطاق التشاور معهم للتباحث حول سبل الصمود والعمل البناء من أجل الغايات المشتركة في المرحلة القادمة.

أيها الاخوة المواطنون،

ان الظروف التاريخية قد فرضت على هذا البلد المجاهد الصابر ان يتحمل تبعات قومية كبرى، كان يكون قاعدة للعمل العربي الواعي الصادق الاصيل. ان هذا شرف عظيم لبلدنا، علينا ان نرتفع لمستواه ابدا. وفي نفس الوقت، فان على الوطن العربي، بأسره، أن يرتفع لمستوى التحدي الراهن، وان يتجاوز على عاداته القديمة والاساليب البالية التي قادت الامة الى دوامة العجز والضعف والنكسات. على الدول العربية جميعها، وعلى القيادات العربية، أن تنتقل بالامة الى مرحلة جديدة تبتعد فيها عن أجواء المزايدات والصراعات الصغيرة والهروب من المسؤولية، وان تضع مواردها الهائلة وطاقاتها في خدمة العمل الواقعي الشجاع من اجل حماية وجودنا القومي والحضاري، ولدرء الاخطار، والسير بثقة نحو المستقبل. ومن هذا المنطلق، نرحب بالدعوة للقاء القمة العربى، وهي دعوة طالما رددناها، املا منا في أن يكون المؤتمر اداة لوضع برنامج شامل مسؤول للعمل العربي المشترك، يبتعد عن أجواء الصيغ الكلامية البراقة والعواطف التي لا توضح لنا الطريق، ويركز على السبل البناءة التي تتناسب مع ضخامة التحدي وواجبات المرحلة المصيرية.

وعليكم جميعا ايها الاخوة المواطنون، ان تتحدوا في وقفة واحدة صامدة، تمكنا من تجاوز المحن والاخطار والازمات، ملبين نداء الوطن حين يدعو لتقديم التضحيات او تأدية الواجب المادي والمعنوي للوطن، بوعي وبصبر وبنفس طويل.

وسيظل بلدنا عزيزا بكم، قويا بقوتكم، واثقا بعزمكم وارادتكم.

والله يوفق الوطن والامة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكرا لتعليقك