pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


كتاب البلاغة السهلة 13 المجاز العقلى والمجاز المرسل

 

  من دروس علم البيان  :       رابعا :   المجاز

  أقسام المجاز :                 ==============

يقسم علماء البلاغة المجاز قسمين:

١المجاز العقلي ويكون في الإسناد، أي في إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له  ويسمى المجاز الحكمي، والإسناد المجازي، ولا يكون إلا في التركيب.

٢المجاز اللغوي:  ويكون في نقل الألفاظ من حقائقها اللغوية إلى معان أخرى بينها صلة ومناسبة. وهذا المجاز يكون في المفرد، كما يكون في التركيب المستعمل في غير ما وضع له  وهذا المجاز اللغوي نوعان  :  

أالاستعارة:   وهي مجاز لغوي تكون العلاقة فيه بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي المشابهة.

بالمجاز المرسل وهو مجاز تكون العلاقة فيه غير المشابهة.

وسمي مرسلا لأنه لم يقيد بعلاقة المشابهة، أو لأن له علاقات شتى.

 المجاز العقلي :

عرف السكاكي المجاز العقلي بأنه الكلام المفاد به خلاف ما عند المتكلم من الحكم فيه لضرب من التأويل إفادة للخلاف لا بواسطة وضع،

 كقولكأنبت الربيع البقل، وشفى الطبيب المريض، وكسا الخليفة الكعبة، وهزم الأمير الجند، وبنى الوزير القصر 

وعرف الخطيب القزويني هذا المجاز بقوله هو إسناد الفعل أو معناه إلى ملابس له غير ما هو له بتأويل   وللفعل ملابسات شتى، فهو يلابس الفاعل والمفعول به والمصدر والزمان والمكان والسبب، فإسناد الفعل إلى الفاعل إذا كان مبنيا له حقيقة، وكذا إسناده إلى المفعول إذا كان مبنيا له  أما إسناد الفعل إلى غيرهما لمشابهته لما هو له في ملابسة الفعل فمجاز، كقولهم في المفعول بهعيشة راضية، وماء دافق، وكقولهم في عكسه  سيل مفعم، وفي المصدر  شعر شاعر، وفي الزمان  نهاره صائم   وليله قائم، وفي المكان طريق سائر، ونهر جار، وفي السبب  بنى الأمير المدينة 

أما عبد القاهر الجرجاني فيسمي هذا الضرب من المجاز المجاز الحكمي   ويفهم من كلامه أنه يقصد به المجاز الذي لا يكون في ذات الكلمة ونفس اللفظ، ففي قولك  نهارك صائم وليلك قائم  ليس المجاز في نفس  صائم وقائم  ولكن في إجرائهما خبرين على  النهار والليل .

وكذلك في قوله تعالى "  فما ربحت تجارتهم  " ليس المجاز في لفظة  ربحت  نفسها ولكن في إسنادها إلى  التجارة  فكل لفظة هنا أريد بها معناها الذي وضعت له على وجهه وحقيقته  فلم يرد بصائم غير الصوم، ولا بقائم غير القيام، ولا بربحت غير الربح 

ولما كان الكلام السابق مجملا فإنا نورد فيما يلي طائفة من الأمثلة ثم نعقب عليها بالشرح والتحليل توضيحا لحقيقة هذا الضرب من المجاز.

الأمثلة :

١   - أعمير إن أباك غير رأسه              مر الليالي واختلاف الأعصر

 ٢ - بنى خوفو الهرم الأكبر.

 ٣ - ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا        ويأتيك بالأخبار من لم تزود

٤ - يغني كما صدحت أيكة                  وقد نبه الصبح أطيارها

٥قال تعالى  :  "  أولم نمكن لهم حرما آمنا  ؟."

٦قال تعالى :  "   إنه كان وعده مأتيا. "

٧ - تكاد عطاياه يجن جنونها               إذا لم يعوذها برقية طالب

فإذا تأملنا المثال الأول رأينا أن المجاز العقلي هو قول الشاعر غير رأسه مر الليالي ، ومعنى غير رأسه، أي لون شعر رأسه فحوله من السواد إلى البياض، وقد أسند تغيير لون الرأس إلى مرور الليالي وتواليها وهذا لا يشيب، وإنما الشيب يحدث عادة من ضعف في أصول الشعر ومواطن غذائه. ولكن لما كان مر الليالي وتعاقبها سببا في هذا الضعف أسند تغيير لون الشعر إلى مر الليالي  ففي الإسناد مجاز عقلي علاقته السببية.

---------------------------------------------------------------------------------

        كتاب البلاغة السهلة                                                                 للأستاذ / عبدالرحمن معوض

كذلك إذا تأملنا المثال الثاني وجدنا أن الفعل  بنى  قد أسند إلى غير فاعله، فإن خوفو لم يبن وإنما الذين بنوا هم عماله، ولما كان خوفو سببا في البناء أسند الفعل إليه  ففي الإسناد هنا مجاز عقلي علاقته السببية أيضا.

وإذا نظرنا إلى المثال الثالث وجدنا الفعل  ستبدي  أسند إلى  الأيام  أي أسند إلى غير فاعله الحقيقي. لأن فاعله الحقيقي هو  حوادث الأيام ، والذي سوغ هذا الإسناد أن المسند إليه  الأيام  زمان الفعل فإسناد الإبداء إلى الأيام مجاز عقلي علاقته الزمانية.

وفي المثال الرابع الأيكة الشجرة وهي لا تغني ولا تصدح، فالفعل  صدحت أسند إلى  الأيكة  أي إلى غير فاعله، لأن فاعله الحقيقي هو  الطيور  التي تتخذ من الأيكة مكانا لها تصدح من فوقه. وعلى هذا فإسناد الصدح إلى الأيكة مجاز عقلي علاقته  المكانية  لأنها مكان الطيور التي تصدح.

وفي المثال الخامس يقول الله تعالىأولم نمكن لهم حرما آمنا ؟.

فالحرم لا يكون آمنا لأن الإحساس بالأمن صفة من صفات الأحياء وإنما الحرم مأمون بمعنى يؤمن، ولهذا أسند

الوصف المبني للفاعل  آمن  إلى ضمير المفعول  وهذا مجاز عقلي علاقته  المفعولية .

وإذا تدبرنا المثال السادس وهو قوله تعالىإنه كان وعده مأتيا، نجد أن كلمة  مأتيا  جاءت بدل كلمة «آت ، فاستعمل هنا اسم المفعول مكان اسم الفاعل، أو بعبارة أخرى أسند الوصف المبني للمفعول إلى الفاعل، وهذا مجاز عقلي علاقته  الفاعلية .

وفي المثال السابع والأخير نجد أن المجاز العقلي هو في قول الشاعر  يجن جنونها  فالفعل  يجن  أسند إلى مصدره ولم يسند إلى فاعله، وإسناد الفعل إلى مصدره مجاز عقلي علاقته  المصدرية .

فمن معالجة هذه الأمثلة نرى أن أفعالا أو ما يشبهها لم تسند إلى فاعلها الحقيقي، بل أسندت إلى سبب الفعل أو زمانه أو مكانه، أو مصدره، وأن صفات كان من حقها أن تسند إلى المفعول أسندت إلى الفاعل، وأخرى كان يجب أن تسند إلى الفاعل أسندت إلى المفعول.

        كتاب البلاغة السهلة                                                                 للأستاذ / عبدالرحمن معوض

كذلك رأينا أن هذا النوع من الإسناد غير حقيقي، لأن الإسناد الحقيقي هو إسناد الفعل إلى فاعله الحقيقي. فالإسناد إذن هنا إسناد مجازي ويسمى بالمجاز العقلي، لأن المجاز ليس في اللفظ كالاستعارة والمجاز المرسل، بل في الإسناد وهذا يدرك بالعقل.

على ضوء هذا الشرح نستطيع أن نستنبط القواعد التالية :

١المجاز العقلي: هو إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة الإسناد الحقيقي.

٢الإسناد المجازي يكون إلى سبب الفعل أو زمانه أو مكانه أو مصدره، أو بإسناد المبني للفاعل إلى المفعول أو المبني للمفعول إلى الفاعل.

٣ - من القاعدة السابقة يتضح أن علاقات المجاز العقلي هي السببية أو الزمانية أو المكانية أو المصدرية أو المفعولية أو الفاعلية.

ولمزيد من الإيضاح نقدم طائفة أخرى من الأمثلة مع بيان المجاز العقلي في كل منها وعلاقته.

أ أمثلة للمجاز العقلي والعلاقة السببية :

١قال تعالى  :  "  يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات. "

ففي إسناد بناء الصرح إلى هامان وزير فرعون مجاز عقلي علاقته السببية، لأن هامان لم يبن الصرح بنفسه، وإنما بناه عماله، ولكن لما كان

هامان سببا في البناء أسند الفعل إليه.

٢ - إنا لمن معشر أفنى أوائلهم          قيل الكماة ألا أين المحامونا ؟

فإسناد الإفناء إلى قول الكماة مجاز عقلي علاقته السببية، لأن قول الكماة   ألا أين المحامون؟  سبب في هجوم هؤلاء المحامين وقتلهم.

٣ - يفعل المال ما تعجز عنه القوة.

فإسناد الفعل إلى المال إسناد غير حقيقي لأن المال لا يفعل وإنما صاحبه هو الذي يفعل، فهنا مجاز عقلي علاقته السببية، لأن المال هو الذي يدفع صاحبه إلى الفعل.

٤ - لها وجه يصف الحسن .

فإسناد وصف الحسن إلى الوجه هو إسناد الفعل إلى غير فاعله الحقيقي لأن الذي يصف حسن الوجه إنما هو من يراه، ولما كان الوجه وما أودع فيه من جمال هو السبب في دفع الناس إلى وصفه أسند الوصف إليه. وهذا مجاز عقلي علاقته السببية.

٥قال المتنبي :

                والهم يخترم الجسيم نحافة          ويشيب ناصية الصبي ويهرم  

الفعل  يخترم  بمعنى يهلك وقد أسند  الهم  أي إلى غير فاعله

الحقيقي، لأن الهم لا يهلك الجسم وإنما الذي يهلكه هو المرض الذي سببه الهم، وكذلك الفعل «يشيب» أسند إلى ضمير الهم، أي إلى غير فاعله الحقيقي أيضا، لأن الهم لا يشيب الرأس وإنما الذي يشيبه هو الضعف في جذور الشعر الناشئ عن الهم. وعلى هذا فإسناد الاخترام والإشابة إلى الهم مجاز عقلي علاقته  السببية .

   بأمثلة للمجاز العقلي والعلاقة الزمانية :

١  - نهار الزاهد صائم وليله قائم.

إذا تأملنا هذا المثال وجدنا أن  الصوم  أسند إلى ضمير  النهار ، وأن  القيام  أسند إلى ضمير  الليل ، مع أن النهار لا يصوم، بل يصوم من فيه، وأن الليل لا يقوم بل يقوم من فيه. وعلى هذا فكل من الوصفين  صائم وقائم  أسند إلى غير ما هو له، والذي سوغ ذلك الإسناد أن المسند إليه زمان الفعل. وعلى هذا فإسناد الصوم إلى ضمير النهار وإسناد القيام إلى ضمير الليل مجاز عقلي علاقته  الزمانية .

٢  - ضرب الدهر بينهم وفرق شملهم.

في هذا المثال أسند الضرب والتفريق إلى الدهر مع أن الدهر في حقيقته لا يضرب ولا يفرق، وعلى هذا فإسناد الضرب والتفريق إليه هو إسناد لكل من هذين الفعلين إلى غير فاعله الحقيقي، لأن الذي ضرب بينهم وفرق شملهم هو الحوادث والمصائب التي حدثت في الدهر. فالمجاز هنا مجاز عقلي علاقته  الزمانية .

٣  - ضرسهم الزمان وطحنتهم الأيام.

في إسناد فعل التضريس إلى الزمان وفعل الطحن إلى الأيام إسناد

إلى غير الفاعل الحقيقي لأن الذي يضرس ويطحن هو الحوادث والكوارث التي تقع في الزمان والأيام. فإسناد التضريس إلى الزمان والطحن إلى الأيام إذن مجاز عقلي علاقته  الزمانية .

٤قال المتنبي :

  صحب الناس قبلنا ذا الزمانا        وعناهم من أمره ما عنانا

  وتولوا بغصة كلهم منه              وإن سر بعضهم أحيانا

  ربما تحسن الصنيع لياليه           ولكن تكدر الإحسانا

  كلما أنبت الزمان قناة               ركب المرء في القناة سنانا 

في البيت الثاني الفعل  سر  فاعله ضمير يعود على  الزمان  قبله، وإسناد هذا الفعل إلى ضمير الزمان إسناد للفعل إلى غير فاعله الحقيقي، لأن الزمان وهو الوقت لا يسر وإنما تسر الحوادث التي به. وإذن فإسناد السرور إلى الزمان مجاز عقلي علاقته  الزمانية . كذلك في كل من  تحسن الصنيع لياليه  وفي  تكدر الإحسانا  مجاز عقلي علاقته  الزمانية ، فإسناد إحسان الصنيع وتكدير الإحسان إلى الليالي إسناد غير حقيقي، لأن الذي يفعل ذلك هو الحوادث التي تقع في الليالي التي هي زمان. ومن أجل ذلك قلنا إن إسناد إحسان الصنيع وتكدير

الإحسان إلى الليالي إسناد غير حقيقي، لأن الذي يفعل ذلك هو الحوادث التي تقع في الليالي التي هي زمان. ومن أجل ذلك قلنا إن إسناد إحسان الصنيع وتكدير الإحسان إلى الليالي مجاز عقلي علاقته  الزمانية

وفي البيت الأخير  كلما أنبت الزمان قناة  أسند إنبات القناة إلى الزمان أي إلى غير فاعله الأصلي، لأن الزمان ليس في قدرته وطبيعته

الإنبات، وإنما الذي يفعل إنبات القناة حقيقة حوادث تجد في الزمان.

وعلى هذا فإسناد إنبات القناة إلى الزمان مجاز عقلي علاقته  الزمانية

جأمثلة للمجاز العقلي والعلاقة المكانية :

        كتاب البلاغة السهلة                                                                 للأستاذ / عبدالرحمن معوض

 

١قال الشاعر:

                    ملكنا فكان العفو منا سجية         فلما ملكتم سال بالدم أبطح  

في قول الشاعر   سال بالدم أبطح  مجاز عقلي. وتفصيله أن سيلان الدم أسند إلى أبطح، أي إلى غير فاعله، لأن الأبطح مكان سيلان الدم، وهو لا يسيل وإنما يسيل ما فيه وهو الدم. فإسناد سيل الدم إلى الأبطح مجاز عقلي علاقته  المكانية

٢ - يجري النهر.

في هذا المثال أسند الجري إلى النهر، أي إلى غير فاعله الحقيقي، لأن النهر مكان جري الماء، وهو لا يجري، وإنما يجري ما فيه وهو الماء.

فإسناد الجري إلى النهر إسناد مجازي غير حقيقي، وهو لهذا مجاز عقلي علاقته  المكانية 

٣ - ذهبنا إلى حديقة غناء.

ولفظة غناء  مشتقة من الغن، والحديقة التي هي مكان لا تغن، وإنما الذي يغن عصافيرها أو ذبابها، ففي الكلام مجاز عقلي علاقته  المكانية .

٤ - جلسنا إلى مشرب عذب.

 المشرب  وهو مكان الشرب لا يكون عذبا، وإنما يعذب الماء الذي يكون فيه، فإسناد العذوبة إلى مكان الشرب إسناد مجازي غير حقيقي، وهو لهذا مجاز عقلي علاقته  المكانية .

دأمثلة للمجاز العقلي والعلاقة المفعولية:

١ - كان المنزل  عامرا  وكانت حجره  مضيئة

في هذا المثال المنزل لا يعمر غيره وإنما هو معمور بغيره، والحجرة ليست مضيئة لأن الإضاءة لا تقع منها في حقيقة الأمر وإنما تقع عليها، فهي لهذا مضاءة. وإذن ففي كل من «عامر  و  مضيئة  مجاز عقلي علاقته  المفعولية .

٢قال الشاعر:

                 لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى         ونمت وما ليل المطي بنائم

فالمجاز هو في قول الشاعر وما ليل المطي بنائم  فإسناد النوم إلى ليل المطي مجازي غير حقيقي، لأن ليل المطي لا يحدث منه النوم على الحقيقة، وإنما يقع فيه الفعل، أي ينام فيه. إذن الليل ليس بنائم وإنما هو منوم فيه، وعلى هذا ففي كلمة  نائم  مجاز عقلي علاقته  المفعولية .

٣من أقوال العرب عجب عاجب

فالعجب الأمر الذي يتعجب منه لخفاء سببه، وهو لهذا لا يمكن أن

يعجب، أي أن يسند إليه العجب على الحقيقة، لأن العجب صفة من صفات العقلاء، ولكن العجب يدعو إلى تعجب الناس، فاستعمل اسم الفاعل  عاجب  هنا مكان اسم المفعول  متعجب منه   وهذا مجاز عقلي علاقته  المفعولية .

٤قال النابغة الذبياني:

     فبت كأني ساورتني ضئيلة          من الرقش في أنيابها السم ناقع 

فالمجاز هو في قول الشاعر السم ناقع  وإسناد النقع إلى ضمير السم إسناد مجازي غير حقيقي. لأن السم لا يفعل النقع على الحقيقة ، وإنما هو الذي يفعل به النقع، وبمعنى آخر أن السم لا يكون ناقعا وإنما يكون منقوعا

في ماء أو نحوه  ففي كلمة  ناقع  مجاز عقلي علاقته  المفعولية .

 هـأمثلة للمجاز العقلي والعلاقة الفاعلية :

وذلك فيما بني للمفعول وأسند للفاعل الحقيقي ، 

نحو سيل مفعم بضم الميم الأولى وفتح العين ،    لأن السيل هو الذي يفعم أي يملأ، وأصله أفعم السيل الوادي، أي ملأه. فالفاعل الحقيقي الذي أسند إليه الإفعام هو السيل  فلو أريد الإسناد الحقيقي لقيل  سيل مفعم بكسر العين .

ولكن الذي حدث أنه جيء بالمسند مبنيا للمفعول  مفعم  بفتح العين، ثم أسند إلى غير فاعله الحقيقي وقيل  سيل مفعم  بفتح العين. فالإسناد

هنا مجازي، وهو مجاز عقلي علاقته  الفاعلية

 

  و- أمثلة للمجاز العقلي والعلاقة المصدرية.

١ - سيذكرني قومي إذا جد جدهم           وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

فالمجاز في البيت هو في  جد جدهم  حيث لم يسند الفعل  جد  إلى فاعله الحقيقي وإنما أسند إلى مصدره  جدهم ، وذلك بجعل ما هو مصدر في المعنى فاعلا لفظيا على سبيل المجاز  ومن هذا يرى أن الفعل أسند إلى غير ما هو له لعلاقة مع قرينة مانعة من الإسناد الحقيقي  فهنا مجاز عقلي علاقته  المصدرية

٢قال تعالى  فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة.

فالفعل  نفخ  المبني للمجهول لم يسند إلى نائب فاعله الحقيقي وإنما أسند إلى مصدره «نفخة  أي أسند إلى غير ما هو له لعلاقة المصدرية.

فهذا مجاز عقلي علاقته  المصدرية .

٣ - قد عز عز الألى لا يبخلون على        أوطانهم بالدم الغالي إذا طلبا

فالفعل  عز  لم يسند إلى فاعله الحقيقي وإنما أسند إلى مصدره  عز  وذلك بجعل ما هو مصدر في المعنى فاعلا لفظيا على سبيل المجاز. فالفعل في البيت قد أسند إلى غير ما هو له لعلاقة المصدرية، وهذا مجاز عقلي علاقته المصدرية .

ألا ترى أنه لا يمكنك أن تثبت للفعل في قولك أقدمني بلدك حق لي على إنسان  فاعلا سوى  الحق  وكذلك لا تستطيع في قوله:

وصيرني هواك وبي      لحيني يضرب المثل

وفي قول أبي نواس :

يزيدك وجهه حسنا          إذا ما زدته نظرا

أن تزعم أن ل  صيرني  فاعلا قد نقل عنه الفعل فجعل للهوى كما فعل ذلك في  ربحت تجارتهم . ولا تستطيع كذلك أن تقدر ل  يزيد  في قولك يزيدك وجهه  فاعلا غير الوجه.

فالاعتبار إذن بأن يكون المعنى الذي يرجع إليه الفعل موجودا في الكلام على حقيقته. معنى ذلك أن  القدوم  في قولك أقدمني بلدك حق لي على إنسان  موجود على الحقيقة. وكذلك  الصيرورة  في قوله :

 صيرني هواك ، و  الزيادة  في قوله يزيدك وجهه  موجودتان على الحقيقة.

وإذا كان معنى اللفظ موجودا على الحقيقة لم يكن المجاز فيه نفسه، وإذا لم يكن في نفس اللفظ كان لا محالة في الحكم. فاعرف هذه الجملة وأحسن ضبطها حتى تكون على بصيرة من الأمر

تدريبات :

وضح المجاز العقلي فيما يلي وبيِّن علاقته

 

  جُن جُنونُ سعيد

 

  ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلًا = ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزوِدِ

 

  بنى عَمرو بن العاص مدينة الفسطاط

 

  ازدحمت الشوارعُ بالمارة

   ﴿ وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ﴾    

وضح المجاز العقلي فيما تحته خط وبين علاقته وقرينته :

(1) قال تعالى : «أولم نمكن لهم حرما آمنا؟».

(2) كان المنزل عامرا وكانت حجره مضيئة.

(3) عظمت عظمته وصالت صولته  

(4) لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى
 

 

ونمت وما ليل المطى بنائم  
 

(5) ملكنا فكان العفو منا سجية
 

 

فلما ملكتم سال بالدم أبطح
 

 

 

 

 

 

-----------------------------------------------------------------------------------

        كتاب البلاغة السهلة                                                        للأستاذ / عبدالرحمن معوض

من دروس علم البيان :

                                      ثانيا :  المجاز المرسل

المجاز المرسل :-

* هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة ، ويجب أن تكون هناك قرينة تمنع المعنى الأصلي للفظ .

*أو هو كلمة لها معنى أصلي لكنها تستعمل في معنى آخر على أن يوجد علاقة بين المعنيين دون أن تكون علاقة مشابهة ، وتعرف تلك العلاقة من المعنى الجديد المستخدمة فيه الكلمة .

* مثال لذلك : " قبضنا على عين من عيون الأعداء" فلفظ عين هنا ليس المقصود منها العين الحقيقية وإنما المقصود منها الجاسوس ، و القرينة التي تمنع المعنى الأصلي للفظ هنا أنه لا يمكن القبض على العين فقط دون بقية جسد الجاسوس !

س1 : لماذا سمي المجاز بالمجاز المرسل ؟

جـ : سمي المجاز بالمجاز المرسل ؛ لأنه غير مقيد بعلاقة واحدة ، كما هو الحال في الاستعارة المقيدة بعلاقة المشابهة فقط ، ولأن علاقاته كثيرة .

* وعلاقات المجاز المرسل كثيرة أهمها :

1 - الجزئية : 

 الجزئيةوهي تسمية الشيء باسم جزئه، وذلك بأن يطلق الجزء ويراد الكل، نحو قوله تعالى في شأن موسى عليه السلام:

" فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها"  وتقر عينها  أي تهدأ، ولفظة المجاز هنا هي  عينها  والذي يهدأ هو النفس والجسم لا العين وحدها، ولهذا أطلق الجزء وهو  العين  وأريد به الكل وهو النفس والجسم. وهذا مجاز مرسل علاقته الجزئية .

ومنه قولهم الإسلام يحث على تحرير الرقاب ، فالمقصود من  الرقاب  أشخاص العبيد لأرقابهم ليس غير، ولكن لما كانت الرقاب عادة موضع وضع الأغلال في العبيد المأسورين أطلقت عليهم. ففي كلمة الرقاب مجاز مرسل علاقته الجزئية

  * قال تعالى: (فتحرير رقبة مؤمنة) فكلمة (رقبة ) مجاز مرسل علاقته الجزئية ؛ لأنه عبر بالجزء (الرقبة) وأراد الكل (الإنسان المؤمن) .

* قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أصدق كلمةٍ قالها شاعر كلمة لبيد : ألا كُلُّ شيءٍ ما خلا الله باطلُ ) فــ ( كلمة) مجاز مرسل علاقته الجزئية ؛ لأنه عبر بالجزء (كلمة) وأراد الكل (الكلام)

.

       ويشترط في علاقة الجزئية: أن يكون لهذا الجزء مزيد اختصاص بالمعني المطلوب من الكل المسمي باسم الجزء، أو أن يكون الكل مركبا تركيبا حقيقيا، أو أن يكون الجزء أشرف

 

أجزاء الكل، ومنها قول الشاعر:

ولا يشد على ما فى خزائنهم

 

قبض الأنامل إلا ريث يقتسم
 

فهو يصف بنى أمية بفيض العطاء، وخزائنهم مفتوحة، ولهذا فاضت البلاد خيرا، ولا يستطيع أحد منع ما فى هذه الخزائن عن الناس سوى بطء التقسيم، وقد صور لنا المجاز المرسل (قبض الأنامل) هذا الأمر، والعلاقة كما هو واضح: الجزئية؛ فالأنامل جزء لا يستطيع الإنسان التحكم فيه والسيطرة عليه، والمراد: الأصابع

2 – الكلية :    

وهذا يعني تسمية الشيء باسم كله، وذلك فيما إذا ذكر الكل وأريد الجزء، نحو قوله تعالى على لسان نوح عليه السلام:

 "قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا، فلم يزدهم دعائي إلا فرارا وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم "، فالكلمة موضع المجاز في هذه الآية الكريمة هي أصابعهم  فقد أطلقت وأريد أناملها أو أطرافها، لأن الإنسان لا يستطيع أن يضع إصبعه كلها في أذنه. وكل مجاز من هذا النوع يطلق فيه الكل ويراد الجزء هو مجاز مرسل علاقته  الكلية فــ ( أصابعهم) مجاز مرسل علاقته الكلية ؛ لأنه عبر بالكل (أصابعهم) وأراد الجزء (أناملهم أي أطراف أصابعهم)

والغرض منه هنا هو المبالغة في الإصرار على عدم سماع الحق بدليل وضع أصابعهم في آذانهم.

ومنه قوله تعالى  يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم   فالإنسان لا يتكلم بفمه وإنما يتكلم بلسانه فإطلاق الأفواه على الألسنة مجاز مرسل علاقته  الكلية

ومنه كذلك  :    أقام أبو الطيب المتنبي في مصر فترة من حياته.

فالمراد أن المتنبي أقام في بعض بلاد مصر ولم يقم في القطر جميعه، فإطلاق  مصر وإرادة بعض بلادها مجاز مرسل علاقته  الكلية .

* شربتُ ماء زمزم . فــ ( ماء زمزم ) مجاز مرسل علاقته الكلية ؛ لأنه عبر بالكل

 (ماء زمزم) وأراد الجزء (  زجاجة ماء مثلاً ) .

3 – المحلية :  

ذلك فيما إذا ذكر لفظ المحل وأريد الحال فيه، نحو قوله تعالى في زجر أبي جهل الذي كان ينهى النبي عن الصلاةكلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية. ناصية كاذبة خاطئة. فليدع ناديه. سندع الزبانية. كلا لا تطعه واسجد واقتربفالأمر في قوله تعالىفليدع ناديه خرج إلى السخرية والاستخفاف بشأن أبي جهل، والمجاز هو في كلمة  ناديه ، فإننا نعرف أن النادي مكان الاجتماع، ولكن المقصود به في الآية الكريمة من في هذا المكان من عشيرته وأنصاره، فهو مجاز مرسل أطلق فيه المحل وأريد الحال، فالعلاقة  المحلية

 

ومنه قول الشاعر:

لا أركب البحر إني      أخاف منه المعاطب

طين أنا وهو ماء .      والطين في الماء ذائب

فالمجاز في كلمة  البحر  حيث أراد بها الشاعر  السفن  التي تجري فيه، فالبحر هو محل جريان السفن، فإطلاق المحل  البحر  وإرادة الحال فيه  السفن  مجاز مرسل علاقته  المحلية  وفي كلمة  طين  في البيت الثاني مجاز مرسل علاقته  اعتبار ما كان

ومنه قول الحجاج من خطبته المشهورة في أهل العراق وإن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه نثر كنانته بين يديه فعجم عيدانها فوجدني أمرها عودا وأصلبها مكسرا فرماكم بي ، فالمجاز هنا في كلمة  كنانته  والكنانة لغة وعاء توضع فيه السهام، والوعاء لا ينثر، وإنما ينثر ما حل فيه.

فإطلاق المحل  الكنانة  وإرادة الحال فيها وهو  السهام مجاز مرسل علاقته  المحلية

 * قال الشاعر :

بلادي وإن جارت عليّ عزيزة        وقومي وإن ضنوا عليّ كرام

فــ ( بلادي) مجاز مرسل علاقته المحلّية ؛ لأنه ذكر البلاد وأراد أهلها فالعلاقة المحلية .

* قال تعالى: (واسأل القرية) فــ( القرية) مجاز مرسل علاقته المحلّية ؛ لأنه ذكر القرية وأراد أهلها الذين محلهم ومكانهم القرية ، فالعلاقة المحلية .

4 – الحاليّة :    عندما نعبر بلفظ الحال ونريد المكان نفسه.

*مثل : ( إِنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ) فقد استعمل (نعيم) وهو دال على حالهم ، وأراد محل ومكان النعيم وهو الجنة.

* نزلتُ بالقوم فأكرموني . المجاز المرسل في كلمة القوم ؛ لأن القوم لا يُنزل بهم ، وإنما يُنزل في المكان الذي يسكنه القوم ، فذكر الحال وهو (قوم) وأراد المحل وهو المكان .

ومن أمثلته شعرا قول شاعر يرثي معن بن زائدة:

ألما على  معن  وقولا لقبره    سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا

فالمجاز في كلمة  معن  يراد به قبره، فقد أطلق الشاعر الحال وهو   معن  وأراد المحل الذي حل فيه بعد وفاته وهو  القبر  بدليل قوله  وقولا لقبره  فالمجاز هنا مجاز مرسل علاقته  الحالية .

5 – السببية :       

 السببية وذلك بأن يطلق لفظ السبب ويراد المسبب، نحو قولهم رعينا الغيث  أي المطر، وهو لا يرعى، وإنما يرعى  النبات  الذي كان المطر سبب ظهوره. ومن أجل ذلك سمى النبات غيثا، لأن الغيث سبب وجود النبات وظهوره. فالعلاقة التي تمنع من إرادة المعنى الحقيقي في هذا المجاز المرسل هي  السببية .

ومنه قوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه، فالمجاز هنا في لفظة «الشهر ، والشهر لا يشاهد، وإنما الذي يشاهد هو  الهلال  الذي يظهر أول ليلة في الشهر، والهلال سبب في وجود الشهر، فإطلاق الشهر عليه مجاز مرسل علاقته  السببية .

ومنه كذلك قول السموأل:

      تسيل على حد السيوف نفوسنا         وليست على غير السيوف تسيل

فالشاعر السموأل أراد بالنفوس الدماء، لأنها هي التي تسيل على حد السيوف، ووجود النفس في الجسم سبب في وجود الدم فيه، فإطلاق النفوس على الدم التي هي سبب في وجوده مجاز مرسل علاقته  السببية .

وهي تسمية الشيء باسم سببه ، أو عندما نعبر بالسبب عن المسبَّب

*(رعت الماشية الغيث) المجاز في كلمة : الغيث ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الغيث لا يرعى ، وإنما الذي يرعى النبات . حيث أن الغيث سبب للنبات فعُبِّر بالسبب عن المسبَّب .

فاليد مجاز مرسل علاقته: السببية، ومنها قول عدي بن الرقاع العاملي:

فاذكر أمير المؤمنين بِمِدْحَةٍ
وله يدان؛ يدٌ يُخافُ عِقَابُها

 

إنّ الوليد له علىّ فُضُول
ويدٌ تَحَلَّبُ بالنَّدى وتُنِيلُ

يذكر الشاعر: الوليد بن عبد الملك، أمير المؤمنين من باب الواجب عليه كما يرى؛ لأن له عليه فضولا، وللوليد يدان: يد يخاف عقابها، ويد تحلب بالندى، وهما مجازان مرسلان بعلاقة السببية؛ فهما بمثابة العلة، دون أن تكون علة فاعلة، إذ العلة الفاعلة فى الحقيقة هي الإنسان.

أما اليد هنا فهي آلة للعقاب فى الأولى، وفيها يظهر قدرتها وقوتها وبطشها، وفى الثانية: آلة للعطاء، واستخدام لفظ واحد فى تعبيرين مختلفين يدل على عملية نفسية تمت" عند محاولة التقاط الدلالة، وتحديدها من اللفظ، وهذه الحركة الداخلية أو هذا

الحركة الداخلية أو هذا الاختلاج الذي يحدث فى الصدر عند اختطاف اللفظ ضرب من قوة الأسلوب وبلاغته وتأثيره  ومنها قول المتنبي:

له أياد علي سابغة

 

أعد منها ولا أعددها

وإذا أطلقت اليد على النعمة فمن شأنها أن تصدر عن اليد ومنها تصل إلى المقصود بها والموهوبة هي منها، وكذلك الحكم إذا أريد باليد القوة والقدرة، لأن القدرة أكثر ما يظهر سلطانها فى اليد، وبها يكون البطش والأخذ والدفع والمنع والجذب والضرب والقطع وغير ذلك من الأفاعيل التى تخبر فضل إخبار عن وجوه القدرة وتنبئ عن مكانها

 

6 – المسبَّبِيّة : 

المسببية    وذلك بأن يطلق لفظ المسبب ويراد السبب، نحو:

 أمطرت السماء نباتا ، فذكر النبات وأريد الغيث، والنبات مسبب عن

الغيث أي المطر   فهذا مجاز مرسل علاقته  المسببية .

ومن هذا النوع من المجاز قوله تعالىوينزل لكم من السماء رزقا، فالمجاز هنا هو في كلمة  رزقا ، والرزق لا ينزل

من السماء، ولكن الذي ينزل منها مطر ينشأ عنه النبات الذي منه طعامنا ورزقنا، فالرزق مسبب عن المطر، فهو مجاز مرسل علاقته  المسببية .

ومنه قوله تعالىإن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا. فالمجاز في الآية الكريمة هو في لفظة  نارا  أي: ما لا تتسبب عنه النار عقابا، فهنا أطلق لفظ المسبب «النار  وأريد به السبب  المال ، وهذا أيضا مجاز مرسل علاقته  المسببية

 *قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا ..) المجاز في كلمة : رزقًا ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الذي ينزل من السماء المطر وليس الرزق ، وعبر بالرزق عن المطر؛ لأن الأول (الرزق) متسبب عن الثاني (المطر) .

*قال تعالى : ( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ..) المجاز في كلمة : قوة ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن ما يعد السلاح وليس القوة ، وعبر بالقوة عن السلاح ؛ لأن الأول (القوة) متسبب عن الثاني (السلاح) .

7 - اعتبار ما كان :

أي تسمية الشيء باسم ما كان عليه، نحو قوله تعالىوآتوا اليتامى أموالهم، أي الذين كانوا يتامى. وتفصيل ذلك أن اليتيم في اللغة هو الصغير الذي مات أبوه، والأمر الوارد في الآية الكريمة ليس المراد به إعطاء اليتامى الصغار أموال آبائهم، وإنما الواقع أن الله يأمر بإعطاء الأمول من وصلوا سن الرشد والبلوغ بعد أن كانوا يتامى. فكلمة  اليتامى  هنا مجاز مرسل استعملت وأريد بها الراشدون ممن كانوا يتامى. وعلاقة هذا المجاز  اعتبار ما كان .

ومنه قولك من الناس من يأكل القمح ومنهم من يأكل الذرة والشعير وأنت تريد بالقمح والذرة والشعير  الخبز  الذي كان في الأصل قمحا أو ذرة أو شعيرا. فعلاقة المجاز المرسل هنا  اعتبار ما كان

ومثله أيضا قولك شربت البن  تريد بذلك: شربت  قهوة» كان أصلها بنا. فإطلاق البن على القهوة مجاز مرسل علاقته أيضا  اعتبار ما كان .

8 - اعتبار ما سيكون :  وهو تسمية الشيء باسم ما يؤول إليه  بأن يستعمل اللفظ الذي وضع للمستقبل في الحال .

* قال تعالى : ( إنَّكَ ميتٌ وإنهم ميتون ) المجاز في كلمة : ميتٌ ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن المخاطب بهذا هو النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد خوطب بلفظ (ميت) وهو لا يزال حيًا بالنظر إلى ما سيصير إليه أي باعتبار ما سيكون.

* قال تعالى: (إنّي أراني أعصر خمراً) أي عصيراً سيتحول إلى الخمر، إذ هو حال العصر لا يكون خمراً .

ونحو قوله تعالى على لسان نوح عليه السلام "وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا " ففي كلمتي  فاجرا وكفارا من قوله تعالى: ولا يلدوا

9- الآلية : وذلك إذا ذكر اسم الآلة وأريد الأثر الذي ينتج عنها،

نحو قوله تعالى: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ.

 فالمجاز في كلمة  لسان ، والمراد واجعل لي قول صدق أي ذكرا حسنا، فأطلق اللسان الذي هو آلة القول على القول نفسه وهو الأثر الذي ينتج عنه.
فإطلاق  اللسان  آلة القول وأداته وإرادة الأثر الناتج عنه وهو  القول أو الكلام  مجاز مرسل علاقته  الآلية .
ونحو قوله تعالى أيضا: فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ، أي على مرأى منهم، والأعين هي آلة الرؤية. فالمجاز في كلمة «أعين» حيث أطلقت وأريد الأثر الناتج عنها وهو الرؤية. فهذا مجاز مرسل علاقته  الآلية .

10 -  المجاورة : وذلك فيما إذا ذكر الشيء وأريد مجاوره.
ومن أمثلة ذلك قول عنترة

 فشككت بالرمح الأصمّ «ثيابه»       ليس الكريم على القنا بمحرّم
فالشاعر يعني بقوله: « شككت ثيابه » شككت قلبه: وأي مكان آخر من جسمه يصيب منه الرمح مقتلا. فالمجاز في كلمة « ثيابه » التي أطلقت وأريد بها ما يجاورها من القلب أو أي مكان آخر في الجسم يصيب الرمح منه مقتلا. فإطلاق الثياب وإرادة ما يجاورها من مقاتل الجسم بأي سلاح كان كالرمح مجاز مرسل علاقته  المجاورة

     أصابت الرصاصة درعَ الرجل فمات

 تشير كلمة درع إلى أن الرصاصة أصابت صدر الرجل، ودلت كلمة درع على الصدر للمجاورة.

      فرغت الراويةُ من الماء

 المقصود بها فرغت القربة، والراوية هي الدابة التي تحمل القربة، فدلَّت عليها بالمجاورة

* سر جمال المجاز : الإيجاز و الدقة في اختيار العلاقة و المبالغة المقبولة .

  هذه العلاقات كثيرة كما في الجدول التالي : -

 

----------------------------------------------------------------------------------

        كتاب البلاغة السهلة                                                                 للأستاذ / عبدالرحمن معوض

الأمثلة

العلاقة

المعنى المراد

التوضيح

- " فتحرير رقبة "

- " اركعوا مع الراكعين "

- ويبقى وجه ربك ذي الجلال والإكرام"

- وكم علمته نظم القوافي    فلما قال قافية هجاني

   - قبضنا على عين من عيون العدو    

-ألقى الخطيب كلمة جيدة                             

الجزئية

عبد

صلوا

ربك

الشعر

جاسوس

المعنى المذكور هو جزء من المعنى المقصود

- " يجعلون أصابعهم في آذانهم "

- يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم

- قامت المدرسة برحلة إلى القاهرة

- توضأت بماء البحر

الكلية

أناملهم

ألسنتهم

بعض الطلاب

جزء من ماء البحر

نعبر بالكل ونريد الجزء

- " فمن شهد منكم الشهر فليصمه "                      - رعت الماشية الغيث

- " فأرسلنا السماء عليهم مدرارا "

 - تسيل على حد السيوف نفوسنا

                وليست على غير السيوف تسيل

- وما من يد إلا يد الله فوقها                                                                                         *                      وما من ظالم إلا سيبلى بأظلم

- أبى له على يد لا أنكرها

السببية

الهلال           -  النبات

المطر

دماؤنا

 

قوة

نعمة وفضل

 

المعنى المذكور سبب للمعنى المقصود

 

- " وينزل لكم من السماء رزقا "

- " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم "

- " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة "

- " الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا "

المسببية

مطرا

العمل

أسلحة

 

حراما

المعنى المذكور مسبب (نتيجة)  للمعنى المقصود

- إن الأبرار لفي نعيم "    

   ففى رحمة الله هم فيها  خالدون

-  ألما على معن وقولا لقبره                                                                                      

                      سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا                    

الحالية

الجنة

 

 

قبر معن

يذكر فيه الحالّ ويقصد محله

- " إن كان كبر عليكم مقامي                          " ألم نشرح لك صدرك

- " فليدع ناديه "                                  واسأل القرية التى كنا فيها

- لا أركب البحر إني  أخاف من المعاطب

المحلية

نفسي          - قلبك

أهل ناديه

السفن

يذكر المكان أو المحل ويقصد ما به ( الحالّ)

- "وآتو اليتامى أموالهم "         

    أكلت قمحا

- " إنه من يأت ربه مجرما  ...  

 " ذق إنك أنت العزيز الكريم

اعتبار ما كان

من كانوا يتامى

 

من كان مجرما

يذكر الحالة السابقة للشيء

- " ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا "

- إني أراني أعصر خمرا "

- "إنك ميت وإنهم ميتون "

- وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن"

اعتبار ما سيكون

سيكون فاجرا

سيكون خمرا

ستكون ميتا

سيكون دهنا

يذكر ما سيكون عليه الشيء مستقبلا

س ما الفرق بين المجاز المرسل والاستعارة ؟

  هناك فرق بين المجاز المرسل والاستعارة أن العلاقة في الاستعارة هي المشابهة أي تشابه طرفي الاستعارة في صفة ما

 أما في المجاز المرسل فالعلاقة بين المعنى المذكور في الفقرة والمعنى المراد هو أي علاقة أخرى مما ورد في الجدول (غير المشابهة )

سر جمال المجاز المرسل :  

الإيجاز والمبالغة المقبولة  والدقة  حسن اختيار العلاقة

بلاغةُ المجازِ المرسلِ والمجازِ العقلي :

إنَّ للمجازِ المرسل، على أنواعه، وكذلك العقليِّ، على أقسامه، فوائدَ كثيرةً منها:

§         الإيجاز، فإنَّ قوله: بنَى الأميرُ المدينةَ أوجزُ من ذكر البَنّائينَ والمهندسينَ ونحوهِما، ونحوه غيره.

§         سعةُ اللفظِ وطرق التعبير، فإنه لو لم يجزْ إلا جرَى ماءُ النهرِ كان لكلِّ معنَى تركيبٌ واحدٌ، وهكذا بقيّةُ التراكيب.

§         إيرادُ المعنى في صورةٍ دقيقةٍ قريبة إلى الذهنِ، إلى غير ذلك من الفوائدَ البلاغيةِ.

§         المبالغة الموجودة، ففي إسناد بناء الجامعة إلى الوزير، مبالغة لطيفة.

§         جمالية الدقة في اختيار العلاقة.

أسئلة على المجاز المرسل  :

وضح كل مجاز مرسل وعلاقته في الأمثلة الآتية :

§         (أ) قال تعالى: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا ﴾ [يوسف: 82].

§         (ب) قال تعالى: ﴿ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [آل عمران: 107].

§         (ج) قال تعالى: ﴿ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43].

§         (د) قال تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ [البقرة: 178].

§         (هـ) شربت ماء زمزم.

§         (و) سكن ابن خلدون مصر.

§         (ز) سقت الدلو الأرض.

§         (ح) أذل خالد ناصية زيد.

§         (ط) يلبَسون القطن الذي تنتجه بلادهم.

§         (ى) ألقى الخطيب كلمة لها كبير الأثر.

§         (ك) أوقدوا نارًا في هذا المكان.

§         (ل) سال الوادي.

تدريبات :

س1 اختر الإجابة الصحيحة من بين القوسين :

1- لولا الذى غرس الشتاء بكفه           لاقى المصيف هشائما لاتثمر

1-  المجاز المرسل فى كلمة :

( أ ) -   الشتاء   ( ب )  - بكفه   ( ج )  -  المصيف    ( د )   -   هشائما لا تثمر

2-    (الشتاء )   مجاز مرسل علاقته :

( أ ) -   الكلية       ( ب )    - السببية   ( ج )  - المسببية    ( د )   - الحالية   

 

3-     تفيض جوانحى بالحب حتى                أظن الناس كلهم الحبيبا

-        المجاز فى كلمة ( جوانحى )علاقته  :

  ( أ )   - الجزئية        ( ب )  – الكلية  ( ج ) - المحلية    ( د ) - السببية  

 

-        يقول الشاعر مصطفى صادق الرافعى :

-        بلادى هواها فى لسانى وفى دمى             يمجدها قلبى ويدعو لها فمى

-        المجاز المرسل فى كلمة:

 

  ( أ )  -   لسانى    ( ب )  -   دمى    ( ج )    -  قلبى     ( د ) -  فمى  

 

-        المجاز فى كلمة ( لسانى ) علاقته :

   ( أ )    - الكلية      ( ب )  - الجزئية     ( ج ) - السببية      ( د ) - المحلية  

قال المتنبى :

وكل امرئ يولى الجميل محبب            وكل مكان ينبت العز طيب

وأظلم أهل الظلم من بات حاسدا            لمن بات فى نعمائه يتقلب

---------------------------------------------------------------------------------

        كتاب البلاغة السهلة                                                                 للأستاذ / عبدالرحمن معوض

1-  المجاز فى ( يولى الجميل ) علاقته :

  ( أ )  -   المحلية    ( ب )     - السببية      ( ج )  - الحالية     ( د ) - الجزئية  

2-  المجاز المرسل فى   ( نعمائه ) علاقته

   ( أ )    -  الحالية    ( ب ) - المحلية      ( ج )    - السببية    ( د ) -  المسببية  

قال المتنبى :

أنا الذى نظر الأعمى إلى أدبى          وأسمعت كلماتى من به صمم

المجاز المرسل فى كلمة :

      ( أ ) -   الأعمى     ( ب ) -     أدبى      ( ج )     3   - كلماتى   ( د )  - صمم  

علاقة المجاز المرسل فى كلمة (كلماتى ) هى :

      ( أ ) – الكلية    ( ب )  - الجزئية  ( ج )   -     السببية        ( د )  - المسببية   

قال الشاعر إيليا أبو ماضى :

نسى الطين ساعة أنه طين              حقير فصال تيها وعربد

المجاز المرسل فى كلمة :

    ( أ ) -   الطين    ( ب )  - ساعة     ( ج )   - حقير       ( د )    -  عربد    

علاقة المجاز المرسل فى كلمة الطين هى :

 ( أ )  - اعتبار ما سيكون  ( ب )   - الحالية    ( ج ) - اعتبار ما كان  ( د )  -  السببية  

  6- قال ابن الزيات في رثاء زوجته :

ألا من رأى الطفل المفارق أمه         بعيد الكرى عيناه تنسكبان

-المجاز المرسل فى كلمة :

     ( أ )   -  الكرى      ( ب )  - عيناه        ( ج )    - تنسكبان     ( د )    - أمه   

-        علاقة المجاز المرسل فى كلمة ( عيناه )

( أ )     - الكلية    ( ب )    - المحلية     ( ج )    - الجزئية    ( د ) - المسببية  

س 2 بين كل مجاز مرسل وعلاقته فيما يأتي :

  قال تعالى : (  فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ..)

1- شربت ماء النيل .

2- يلبس المصريون القطن الذي تنتجه بلادهـم .

3- سرق اللص المنزل .

4- تفرقت كلمة العرب .

5- وقال تعالى على لسان نوح عليه السلام:

     (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً)

7- للسموء ل :

 تسيل على حد السيوف نفوسنا       وليس على غير السيوف تسيل

8- وما من يد إلا يد الله فوقها        ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم

 

9- (  فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ .. )

10- " عينان لا تمسهما النار ، عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله " .

 11- قال الشاعر :

  كفي بالمرء عيبا أن تراه                   له وجه وليس له لسان 

12- قال الشاعر :

إن العدو وإن تقادم عهده                 فالحقد باق في الصدور مغيب

13- قال الشاعر :

ألِمَّا علي معن وقولا لقبره               سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا

 

 

----------------------------------------------------------------------------------

        كتاب البلاغة السهلة                                                            للأستاذ / عبدالرحمن معوض

شكرا لتعليقك