pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


الحكم و الأمثال

الحكم و الأمثال
فنان نثريان وصلا إلينا كما نطق بها أصحابها، بلا تغيير أو تحريف، ولا زيادة أو نقص، لما تمتاز به من تركيز بالغ، وإيجاز شديد، وقبول للحفظ والشيوع على الألسنة في كل مناسبة، وبذلك تكون أصح ما بقي من النصوص الجاهلية، وأقربها إلى أصولها الأولى، وإن كانت لا تقدم صورة كاملة عن النثر الجاهلي.
والحكم والأمثال جمل قصيرة بليغة، خالية من الحشو، أوحت بها تجارب الحكماء والمعمرين في الحياة والعلاقات بين الناس، وهي ثمار ناضجة من ثمرات الاختبار الطويل، والرأي المحكم. وقد اشتهر عند العرب في العصر الجاهلي طائفة من أولئك الحكماء، مثل لقمان عاد وهو غير لقمان الحكيم، المذكور في القرآن الكريم، وأكثم بن صيفي، وعامر بن الظرب، وأكثم بن عامر، وهرم بن قطبة، ولبيد بن ربيعة. وبعض هؤلاء يُعدون في الخطباء، وحكام المنافرات أيضاً. ولا يكاد يوجد في العصر الجاهلي سيد، أو شريف، أو خطيب مشهور إلا أضيفت إليه جملة من الحكم والأمثال
المثل :عبارة موجزة مختصرة مأثورة وردت في حادثة ما - حقيقية أو خيالية - ، وانتشرت على
ألسنة البشر ، فأصبح يضرب في كل حالة مشابهة للحالة التي قيل فيها ، ولكل مثل مورد   ومضرب
المقصود بمورد المثل : المناسبة التي قيل فيها المثل في البداية (أي أول مرة).
المقصود بمضرب المثل : وهو الحالة الجديدة التي تشبه تلك المناسبة التي قيل فيها

المثل في أول مرة ، و يجب أن يقال المثل بلفظه ؛ فالأمثال لا تُغيّر. 
وأكثر تلك الحكم والأمثال لا يعرف أصحابها أو قائلوها، وقد سيقت بأسلوب سهل، لا أثر للصنعة الإنشائية فيه، وبعضها بل أكثرها، يعد من الإنشاء الرفيع، والسبك الجيد. وكثير منها أشطار موزونة، ربما كانت مقتطعة من أبيات كاملة، مثل: «رضيت من الغنيمة بالإياب» وهو عجز بيت لامرئ القيس، و«خلا لك الجو فبيضي واصفري» وهو أيضاً عجز بيت لطرفة. «والبس لكل حالة لبوسها» وهو رجز قديم، لا تعرف تتمته ولا صاحبه. 
ولا تخلو صياغة بعض الحكم والأمثال أحياناً، من خروج على النظام اللغوي. كقولهم: «مكره أخاك، «أعط القوس باريها» و«أجناؤها أبناؤها» والقياس: «جناتها بناتها» لأن أخاك «فاعل» لا يجمع

وهذه الحكم أو الأمثال هي - على كل حال - صورة لحياة العرب في الجاهلية، ولأساليبهم ولهجاتهم، وجانب من نثرهم، فيها البساطة والسهولة التي لا تخلو أحياناً من السجع والاحتفال بتوازن الكلمات وجمال الصنعة والتصوير لذلك عُدت منتهى بلاغة العرب .
شكرا لتعليقك