pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


صور من العفة وسمو النفس في شعر عنترة بن شداد

صور من العفة وسمو النفس في شعر عنترة بن شداد
كان عنترة بن شداد العبسي: من أشهر فرسان العرب في الجاهلية، فضلا عن أنه كان من أهم شعرائها، فهو من شعراء الطبقة الأولى، وهو واحد من أصحاب المعلقات التي بقيت في التاريخ، وتوارثتها الأجيال حتى يومنا هذا.
ولم يكتسب عنترة هذه المنزلة الشعرية والسيرة الحميدة في قوة الأخلاق وسمو النفس من فراغ: فأشعاره تعج بالقيم الأخلاقية الحميدة، التي تدعو لمجاهدة النفس ومخالفة الهوى.
.بالإضافة إلى سماته النفسية والجمسية، فهو من أحسن العرب شيمة، ومن أعزهم نفسا، ويوصف بالحلم رغم قدرته وشدة بطشه، وفي شعره رقة وعذوبة.
ولعل المعاناة والظروف القاسية التي نشأ فيها عنترة، وقوة شعره وإنسانيته، وفروسيته الطاغية، كانت وراء ذيوع صيته وشهرته عبر الأزمان، فقد وُلد عنترة لأب عربيّ، وأمّ حبشيّة، فجاء مختلفاً عن بقية أقرانه، في ضخامة خلقته وعبوس وجهه وشَعره المفلفل، وطول قامته، وقد ذاق عنترة مرارة الحرمان، وشظف العيش والمهانة؛ لأن أباه لم يلحقه بنسبه في بادئ الأمر.
ويصف عنترة أمه السوادء مفتخرا بها قائلا في قصيدة له:
وأَنا ابْنُ سوْداءِ الجبين كأَنَّها     *    ضَبُعٌ تَرعْرَع في رُسومِ المنْزل
الساق منها مثلُ ساق نعامة      *    والشَّعرُ منها مثْلُ حَبِّ الفُلْفُل
   والثغر من تحتِ اللثام كأنه      *    برْقٌ تلأْلأْ في الظّلامَ المُسدَل
     ويذكر في لاميته: أنه وإن كان في عدد العبيد، الذين قد يظن بعض قصار النظر أنهم بلا عاطفة أو رغبات، فإنه يمتلك سموا وهمة ترفع إلى الثريا وهي نجوم السماء، والسماك الأعزل هو نجم كبير يقارب القمر، وهذه الصورة الجمالية كناية عن الارتفاع والسمو النفسي الذي لا يبلغه غير عنترة! فيقول:
واختَرْ لِنَفْسِكَ منْزلاً تعْلو به      *  أ وْ مُتْ كريماً تَحْتَ ظلِّ القَسْطَل
 فالموتُ لا يُنْجيكَ منْ آفاتِهِ       *     حصنٌ ولو شيدتهُ بالجندل
موتُ الفتى في عزهِ خيرٌ له      *    منْ أنْ يبيتَ أسير طرفٍ أكحل
      إنْ كُنْتُ في عددِ العبيدِ فَهمَّتي   *    فوق الثريا والسماكِ الأعزل
          وكان عنترة كما تصفه المصادر الأدبية: عفا كريم النفس، فكان إذا استبى إحدى الحرائر، دفع إليها مهرها وتزوجها، وأبى أن يسترقها كما يفعل غيره
وكان يحرص على غض بصره، ولا ينظر إلى ما لا يحل له، ، صيانة للنفس وتكريما لها، فيقول:
وأَغُضُّ طرفي ما بدَتْ لي جارَتي     *     حتى يُواري جارتي مأْواها
إني امرؤٌ سَمْحُ الخليقة ماجدٌ           *      لا أتبع النفس اللجوج هواها
كان عنترة بن شداد: أحد الشعراء الذي أتاحت سيرتهم الشخصية والشعرية مجالا وسعا للمبدعين العرب، على مر العصور، باعتباره أحد رموز الفروسية الأخلاقية، ولشدة تأثر الناس بشعره الذي يحض على الفضيلة ومكارم الأخلاق، فإن البعض قال: إن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكره وأثنى عليه بقوله صلى الله عليه وسلم: "لم أسمع وصف عربي أحببتُ أن أقابله أكثر من عنترة".

لكن العلماء قالوا: إن هذا الحديث لم يرد في كتب السنة والآثار، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يذكر عنترة بن شداد العبسي (المتوفى سنة 22 قبل الهجرة) في حديث واحد، ولا يجوز نسبته إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولا يجوز التحديث به إلا على وجه الرد والتضعيف.
شكرا لتعليقك