pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


 أبو فراس الحمدانى

                                            أبو فراس الحمدانى
أبو فراس الحمداني هو أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني التغلبي الوائلي، ولد سنة 320 هـ (932 م) من أسرة أمراء، وقد اشتهر جده حمدان بالبأس في القتال، وبالكرم وحسن السياسة.
حياته
كان ظهور الحمدانيين في فترة ضعف العنصر العربي في جسم الخلافة العباسية وهيمنة الفرس و الترك. فباشر الحمدانيون الحروب لدعم حكمهم و ترسيخ سلطتهم ، فاحتل عبد الله ، والد سيف الدولة الحمداني وعم شاعرنا، بلاد الموصل و بسط سلطة بني حمدان على شمال سوريا بما فيها حلب وما حولها و تملك سيف الدولة حمص ثم حلب حيث أنشأ بلاطاً جمع فيه الكتاب والشعراء واللغويين .
ترعرع أبو فراس في كنف ابن عمه سيف الدولة في حلب ، بعد موت والده باكراً، فشب فارساً شاعراً ، وراح يدافع عن إمارة ابن عمه ضد هجمات الروم ويحارب الدمستق قائدهم وفي أوقات السلم كان يشارك في مجالس الأدب فيذاكر الشعراء وينافسهم ، ثم ولاه سيف الدولة مقاطعة منبج فأحسن حكمها والذود عنها.
أبو فراس في الأسر.
انتصر العرب أكثر من مرة في معارك كرٍ و فرٍ ، و بعد توقف لفترة من الزمن عاد القتال بينهم وبين الروم الذين أعدوا جيشاً كبيراً وحاصروا أبا فراس في منبج وبعد مواجهات وجولات كر وفر سقطت قلعته سنة 350 هـ (962 م) ووقع أسيراً وحُمل إلى القسطنطينية حيث أقام نحواً من أربع سنوات ، وقد وجه الشاعر جملة رسائل إلى ابن عمه ، فيها يتذمر من طول الأسر وقسوته ، ويلومه على المماطلة في افتدائه.
ويبدو أن إمارة حلب كانت في تلك الحقبة تمر بمرحلةٍ صعبة لفترة مؤقتة فقد قويت شوكة الروم وتقدم جيشهم الضخم بقيادة نقفور فاكتسح الإمارة واقتحم عاصمتها حلب ، فتراجع سيف الدولة إلى ميّافارقين ، واعاد سيف الدولة قوته ترتيب وتجهيز وهاجم الروم في سنة 354 هـ (966 م) وهزمهم وانتصر عليهم واستعاد إمارته وملكه في حلب ، واسر اعدادا من الروم وأسرع إلى افتداء أسراه ومنهم ابن عمه أبو فراس الحمداني بعد انتصار على الروم ، ولم يكن أبو فراس ٍ يتبلغ اخبار ابن عمه ، فكان يتذمر من نسيانه له ، ويشكو الدهر ويرسل القصائد المليئة بمشاعر الألم والحنين إلى الوطن ، فتتلقاها أمه باللوعة حتى توفيت قبل عودة وحيدها .
تم افتداء وتحرير أبو فراس وبعد مضي سنةٍ على خروجه من الأسر توفي سيف الدولة 355 هـ (967 م) وكان لسيف الدولة مولى اسمه قرغويه طمع في التسلط ، فنادى بابن سيده أبي المعالي، أميراً على حلب آملاً أن يبسط يده باسم أميره على الإمارة بأسرها ، وأبو المعالي هو ابن أخت أبي فراس.
أدرك أبو فراسٍ نوايا قرغويه فدخل مدينة حمص، فأوفد أبو المعالي جيشاً بقيادة قرغويه، فدارت معركةٌ قُتل فيها أبو فراس. وكان ذلك في ربيع الأول سنة 357 هـ (968 م .
أشعاره
قال الصاحب بن عباد: بُدئ الشعر بملك، وخُتم بملك، ويعني امرأ القيس وأبو فراس.
لم بجمع أبو فراس شعره وقصائده ، إلا أن ابن خالويه وقد عاصره جمع قصائده فيما بعد ، ثم اهتم الثعالبي بجمع الروميات من شعره في يتيمته ، وقد طبع ديوانه في بيروت سنة 1873 م ، ثم في مطبعة قلفاط سنة 1900 م ، وتعتمد الطبعتان على ما جمعه ابن خالويه . وقد نقل وترجم بعض شعر أبو فراس إلى اللغة الألمانية على يد المستشرق بن الورد ، وأول طبعةٍ للديوان كاملاً كانت للمعهد الفرنسي بدمشق سنة 1944 م.ويؤكد الشاعر العراقي فالح الحجية في كتابه في الأدب والفن يكاد يتفق النقاد أن أجمل قصيدة للشاعر هي قصيدة أراك عصي الدمع التي أخذت مكانها في الشهرة بين قصائد الغزل العربية:

هو صاحب البيت الشهير
:
الشعر ديوان العرب -  أبداً وعنوان الأدب


وفي قصيدة "أراك عصيّ الدمع" الشهيرة يقول:
أراك عصيّ الدمع شيمتك الصبر    -  أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمر؟
بلى أنا مشتاق وعنـديَ لوعةٌ -        -   ولكنّ مثلي لا يُذاع له سـرُّ
إذا الليل أضواني بسطتُ يدَ الهوى   - وأذللتُ دمعاً من خلائقهِ الكِبْرُ 
وفي بيت اخر من نفس القصيدة يقول:
فان عشت فالانسان لابد ميتاً    -   وان طالت الأيام وانفسح العمر
ولا خير في دفع الردى بمذلة   -   كما ردها يوماً بسوءته عمرو 
ومن روائع شعره ما كتبه لأمه وهو في الأسر:
لولا العجوز بـمنبجٍ    -   ما خفت أسباب المنيّـهْ
ولكان لي عمّا سألت   -   من فدا نفـس أبــيّهْ 

وقبل وفاته رثى نفسه بأبيات مشهورة موجهة إلى ابنته
.
أبنيّتـي لا تـحزنـي            كل الأنام إلى ذهابْ
أبنيّتـي صبراً جـميلاً          للجليل مـن الـمـصابْ
نوحي علـيّ بحسـرةٍ         من خلفِ ستركِ والحجابْ
قولـي إذا ناديتنـي            وعييتُ عـن ردِّ الجوابْ
زين الشباب أبو فراسٍ       لم يمتَّعْ بالشبـابْ

وأجمل قصائده القصيدة الميمية التي ينصر فيها آل الرسول يقول:
الحق مهتضم والدين مخترم    -    وفي آل رسول الله منقسم 




شكرا لتعليقك