حب الوطن من
الإيمان
الوطن، وهو المكان الذي يقيم ويستقرّ فيه الإنسان وينتمي
إليه سواءً وُلد فيه أم في غيره، ويُطلق على الوطن الأصلي أو الوطن الذي وُلد فيه الإنسان
الوطن الأم، وإنّ الإنسان قد جُبل وفُطر على حبّ وطنه؛ إذ إنّ الإنسان إذا وُلد في
بلدٍ ما، ونشأ فيها، وترعرع في كنفها؛ فمن الطبيعيّ أن يحبّها، ويُواليها، وينتمي إليها،
ويجدر بالذكر أنّ الله -تعالى- ربط حبّ الأوطان بحبّ النفس في القرآن الكريم، حيث قال:
(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن
دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ)، وليس من السهل أن يفارق المرء وطنه الذي عاش في كنفه،
ولذلك اعتُبرت هجرة الصحابة -رضي الله عنهم- من أعظم فضائلهم، فقد بذلوا وطنهم في سبيل
الإسلام والدعوة، وممّا يؤكّد حب الإنسان لوطنه أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-
عندما هاجر إلى المدينة المنورة توجّه إلى الله -تعالى- بالدعاء أن يُحبّب المدينة
المنورة إليه.كما حبب إليهم مكه أو اشد فعن عائشة رضى الله عنها قالت " لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- المدينة وعك أبو بكر وبلال ، فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فقال
اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد ، وصححها وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل
حماها فاجعلها بالجحفة . متفق عليه
ومن واجبات المسلم أن يكون وفياً ومُحبّاً لوطنه، وحامياً
ومدافعاً عنه بكلّ ما يملكه ويستطيعه من قولٍ أو فعلٍ، وإنّ ما يؤيّد ذلك الفطرة السليمة
النقيّة للإنسان، والعقيدة الإسلاميّة، وسنة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وإنّ لحب
الأوطان صور عديدة؛ منها: حبّ الأوطان بالسلوكات والأفعال السليمة والسويّة، مع الالتزام
بالقيم والمبادئ الحسنة،
وإنّ من الواجب على كلّ فردٍ أن يحافظ على تماسك الوطن، ويعمل
على تنميته، ويسعى إلى ازدهاره، وحب الوطن يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأفعال الأفراد وتصرفاتهم
وليس فقط بالأقوال والشعارات والهتافات، ويجب على المسلم أن يُظهر حبّه لوطنه بالالتزام
بالقوانين والأنظمة، و نبذ أسباب الاختلاف والفرقة بين الأفراد والجماعات وإنّ من المعاني
المرتبطة بحبّ الأوطان في الإسلام؛ تكاتف وتعاضد أفراد الوطن مع بعضهم البعض دون عصبيّةٍ،
أو عنصريّةٍ، أو تفريقٍ، أو إقامة جماعات، وأحزاب، وفِرَق متباغضة ومتننافرة، فمن واجب
المسلم أن يسعى لوحدة أفراد المجتمع والوطن.
والدفاع عن الوطن في أيّ موقف يكون فيه الوطن بحاجة للدّفاع
عنه، ويكون الدفاع عنه إمّا بالقول وإمّا بالفعل.
ومواجهة أيّ أمر يؤدّي إلى زعزعة أمن واستقرار وسلامة الوطن،
وذلك بمختلف الوسائل، والطرق، والأساليب الممكنة.
والمساهمة الإيجابية بالقول، أو الفعل، أو الفكر، أو غير
ذلك من الوسائل المُمكنة في خدمة الوطن، ورفعة منزلته، ورُقيّه؛ إذّ إنّ هذا الأمر
واجب على كلّ فرد من أفراد الوطن؛ لأنّه يُحقّق مصلحة الأفراد جميعهم، ويعود عليهم
بالنّفع والخير.
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء