pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


القصيدة التى كتبها أحمد شوقى فى رثاء حافظ إبراهيم

القصيدة التى كتبها أحمد شوقى فى رثاء حافظ إبراهيم
ومن روائع ما كتب شوقي في الرثاء هذه القصيدة التي يرثي فيها شاعر النيل حافظ إبراهيم الذي توفي سنة 1932م، ومطلع القصيدة يبين مبلغ تقدير شوقي لحافظ، ووفائه له                      
ثم يصف رحيل حافظ إلى مثواه الأخير في مقابر الإمام بالقاهرة، ولقائه بالإمام محمد عبده الذي رحل من قبله، وقد اشتهر حافظ في حياته باكتساب عطفه ورضاه، ويصف حلاوة هذا اللقاء بينهما في عالم الأموات، وكيف أن الموت قد جمع بينهما بعد طول فرقة      فهذه القصيدة الوحيدة التي قالها «شوقي» في «حافظ» تعبر عن مأساته بفقد زميله، ورفيق كفاحه الذي اقترن اسمه باسمه وفي مطلع القصيدة كان «شوقي» يتمنى أن يسبق هو ويرثيه «حافظ»؛ لأن «حافظا» إذا رثى أبكى و يقول شوقى :-
قَــدّ كُـنَتُ أوْثُـرُّ أَنَّ تَقِـوَلَ رِثْـائِيُّ          . يُـا مُنْصِـفَ الْمَـوْتِى مْـنِ الْأَحْيَـاءِ 
لَكِـنْ سَـبِقتُ, وَكَـلُّ طَـوَلِّ سَـلَامَّةٍ            قَـــدَرٌّ, وَكَــلٌ مَنِيَّــةٍ بِقَضَــاءِ 
الْحَـقُّ نَـادَّى فَاسْـتَجَبّتِ, وَلَـمْ تَـزِلْ          با لْحَقِّ تَحْــفِلُ عَنْـدَ كُـلِّ نِـدَاءِ 
وَأَتَيْـتِ صَحَّـرَاءَ الْإِمْـامِّ تَـذَوْبَ              مِنْ طُــوَلِّ الْحَـنِيْنِ لَسِّـاكُنْ الَصَحَـرَاءِ 
 فَلَقِيَــتَ فَـيَ الّـدَارِ الْإِمْـامَ                  . فًــيُ زُمْــرَةِ الْأَبِــرَارِ وَالحَنّفَـاءِ 
أَثَــرُ الْنَّعْيِــمَ عَـلِىَ كُـرِيَمِ                 ... وَمُرَاشَـــدُ الْتَّفْسِـــيُرِ وَالْإِفْتُــاءِ
فَشَّــكَوْتُما الْشَّـوْقَ الْقَـدِيَمَ, وَذُقْتُمُـا           طِيْــبَ الْتَـدَانِيَ بَعْـدَ طَـوَلِّ تَنْـائِيُّ 
إِنْ كُــانْتَ الْأُوَلِــىٍ مِنْـازَلَّ فُرْقَـةٍ            فَالَسَّــمحَّةً الْأُخْــرَىْ دَيَّــارُ لِقَـاءِ 
وَوَدِدْتُ لِـوَ أَنْـيٍ فًـدَاكَ مْـنَ الِـرَّدَى         وَالْكُـــاذِبُوْنَ الْمُرْجِــفُوْنَ فِــدَائِيّ 
الَنْــاطِقُونَ عَـنَ الْضَّغِينُـةِ وَالْهَـوَىَ          الْمُوغِــرُوْ الْمَـوَتَّىْ عَـلِىَ الْأَحَيٌّـاءِ 
مْــنّ كُــلِّ هَــدَامِ وَيَبِنّـىَ مَجْـدَهْ               بِكَـــرَائِمَ الْأَنَقُــاضِ وَالْأَشْــلَاءِ 
مْـا حَـطُمُوكَ, وَإِنَّمَـا بَـكَ حُـطَّمُوا            مْــنّ ذَا يُحِـطِّمَ رَفْـرَفَّ الْجَـوَزَاءٍ? 
انْظُـرَّهِ, فًـأَنْتَ كَـأَمْسِ شَـأَنّكِ بِـاذخً          فًـيُ الَشْـرَقِ, وَاسْـمُكَ أَرْفَعُ الْأَسْمَاءِ 
بِــالْأَمْسِ, قَــدّ حَــلَّيْتَنِي بِقُصّيّـدَةٍ            غَــرَاءَ تُحِــفَظُّ كُــالْيَدِ الْبَيْضَـاءِ 
غِيِّـظَ الْحَسُّـوَدُ لَهُـا وَقُمْـتُ بِشَـكَرْها         وَكَمْــا عِلْمٍــتَ مَــودتِيّ وَوَفِّـائِيُّ 
فًــيُ مَحْــفَلٍ بَشَّـرْتُ آَمَـالَيَّ بِـهِ              لَمْــا رَفَعَـتَ إِلَـىَ الْسَـمَاءِ لِـوَائِيّ
يُــا مُـانِحَ الْسُّـوَدَّانِ شَـرْخَ شَـبَابِهِ            وَوَلِيَّــهُ فَــيُ الْسَّــلَمِ وَالْهَيْجُــاءِ 
لِـمَّــا نْـزِلْتُ عَـلِىَ خَمَائِلِـهِ ثَـوَىَ             نَبْــعُ الّبِيّــانِ وَرَاءَ نَبْــعَ الْمَـاءِ 
قَلَّدْتَــهُ الْسَــيُفَ الْحُسْـامَ, وَزِدْتَـهُ             قَلْمًــا كَصَــدَرِ الْصَّعْـدَةِ الْسَـمِرَاءِ 
قُلْـمِ جَـرَىْ الْحِـقِبَ الْطِّوَالَ فَمَا جَرَىْ        يُوَمًـــا بِفَاحِشَـــةٍ وَلَا بَهِجِــاءِ 
يُكْسَــوَ بِمَدحَتِــهِ الْكِــرَامَ جَلَالِـةً             وَيُشَــيِّعُ الْمَــوْتِى بِحِسٍّــنِ ثَنِّـاءِ 
إِسْــكَنْدَرِيَّةُ يُــا عَــرُوْسَ الْمَــاءً            وَخَمِيلُـــةَ الْحُكْمُــاءِ وَالْشَّــعَرَاءِ 
نَشْــأَتْ بِشَــاطِئِكِ الْفَنْـوَنُ جَمِيْلٌـةً          وَتَرِعَــرَعَتْ بَسّــمَائِكَ الْزَّهْــرَاءِ 
جَــاءتْكِ كُــالْطَّيْرِ الْكَـرِيَمِ غَرَائِبُـا           فَجَمِعَتِهُـــا كُـــالْرَّبْوَةِ الْغُنَّـــاءِ 
قَـدَ جَـمُلُوكَ, فُصِّـرْتِ زَنْبقَـةَ الْثَّرَى        لِلَّوَافَـــــدِيَنِ وَدُرَّةَ الْدَّأْمُــــاءِ 
غْرَسُـوَا رُبَّـاكِ عُـلِىَ خَمّـائِلِ بِـابِلٍ          وَبَنَـوْا قُصَّـوَرَكَ فًـيٍ سَـنَا الْحَمْرَاءِ 
وَاسْــتَحَدَّثُوْا طُرُقًـا مُنَّـوَّرَةُ الَهَـدَىَ         كّسّـبِيَلِ عِيْسَـىَ فًـيُ فِجّـاجِ الْمَـاءِ 
فُخُــذِيْ كّـأَمِسْ مْـنَ الْثَّقَافُـةِ زُيِّنَـةً          وَتَجَـــمَليّ بِشَـــبِابَكِ الْنُّجَبِــاءِ 
وَتَقِلَّــدَيَّ لَغُــةَ الْكِتَــابِ; فَإِنَّهُــا             حَجَّــرُ الْبُنِّــاءِ, وَعُــدَّةُ الْإِنِشْـاءِ 
بَنَــتِ الْحَضِّـارَةَ مَـرَّتَيْنِ, وَمَهَّـدّتْ          لِلْمّلَــكِ فًــيَ بِغَــدَادَ وَالْفَيْحُــاءِ
وَسَــمَتْ بقَرَطبّـةٍ وَمُصَـرَ, فَحَلَّتْـا           بِيَـــنَ الْمُمْـــالْكِ ذِرْوَةِ الْعَلِيُّــاءِ 
مْـاذَا حَشَّـدَتِ مِـنَ الْدُّمْـوَعَ "لِحَافِظٍ         وَذَخًـرْتِ مْـنَ حْـزَنٍ لِـهِ وَبُكْـاءِ? 
وَوَجَــدْتِ مِـنَ وَقَـعَ الّبِـلَاءِ بِفَقْـدِهِ           إِنَّ الْبَــلَاءَ مَصْــارِعُ الْعَظْمُــاءِ 
الَلَّــهُ يَشْــهَدُ قَــدَ وَفِيْـتِ سَـخَيّةً             بِــالْدَّمْعِ غَــيَرَ بَخِيْلٌــةِ الْخَطْبُـاءِ 
وَأَخٍـذَتِ قِسْـطا مْـنَ مَنَّاحِـةِ مَـاجِدّ          جَــمِّ الْمَــآَثِرِ, طَيِّــبِ الْأَنْبَــاءِ 
هَتَّــفَ الَـرُّوَاةِ الْحَـاضَرُونَ بِشَـعْرَهُ         وَحَــدا بُــهِ الْبَـادَّوْنَ فًـيُ الْبَيْـدَاءِ 
لَبَنٍــانُ يَبْكِيَـهِ, وَتَبْكِـيُ الَضْـادُّ مْـنَ          حَــلُبٍّ إِلَـىَ الْفَيْحَـا إِلَـىَ صَنْعَـاءِ 
عَـرَبُّ الْوَفِـاءِ وَفَـوْا بِذَمٍّـةِ شَـاعِرِ          بِــانّىْ الْصَّفِّـوَفِّ, مُـؤَلفْ الْأَجْـزَاءِ 
حَـافِظَ الْفِصْحِـىَ, وَحَـارْسَ مَجْدِهِـا         وَإِمَّــامَ مَــنْ نَجَـلَتْ مَـنَ الْبُلَغَـاءِ 
مْــا زِلْـتَ تُهْتُـفُ بِـالْقَدِيْمِ وَفَضْلٍـهِ          حَــتَّىَ حَــمَيْتَ أَمَانٌــةَ الْقُدُمِــاءِ 
جَــدَّدَتْ أُسّــلَوْبَ (الْوَلِيّدِ) وَلَفَظَــهِ          وَأَتَيْــتَ لِلْدَّنْيِّــا بِسْــحَرَّ (الْطَّائِيِّ) 
وَجَـرَيْتْ فًـيُ طَلَـبِ الْجَدِيدِ إِلَىَ الْمَدَىَ      حَــتَّىَ اقْـتُرُنْتَ بُصّـاحِبُّ الْبُؤْسِـاءِ

مْـاذَا وَرَاءَ الْمَـوَتَ مْـنَ سَلْوَىْ              دَعَـةٍ, وَمَـنّ كُـرَمٍ, وَمَـنَ إِغْضَاءِ? 
اشْـرَحْ حَقَّـائِقَ مْـا رَأَيْـتَ, وَلَمْ تَزَلْ        أَهٍــلَا لِشَــرْحَ حَقَّــائِقِ الْأَشْـيَاءِ 
رُتْـبُ الَشْـجَاعَةِ فًـيُ الْرِّجَـالِ جَلائِلَ        وَأَجَـــــلَهُنَ شَــــجَاعَةُ الْآَرَاءِ 
كُـمْ ضِقْـتَ ذَرْعًـا بِالْحَيِّـاةِ وَكَيْدِهِـا          وَهَتَفَــتَ بِالْشَّــكَوَىْ مْـنَ الْضَّـرَاءِ 
فَهَلُــمَّ فًـارِقْ يُـأْسَ نَفْسِـكُ سَـاعَةً           وَاطِلَـعْ عَـلَىْ الَّـوَادِيْ شُـعَاعَ رَجَاءِ 
وَأَشْــرْٕ إِلَـىَ الْدُّنْيَـا بِوُجُـهٍ ضَـاحْك           خُــلِقَتْ أَسِــرَّتُهُ مْــنَ الْسَّــرَاءِ 
يُــا طَالِمْــا مَـلَأَ الَنَّـدِيَّ                      وَهُــدَىَ إِلَيَّــكُ حَــوَائِجَ الْفَقْـرَاءِ 
الَيَّــوَمَ هِـادّنتِ الْحَـوَادِثَ                    عِـبْءَ الْسَـنِيْنَ, وَأَلْـقِ عِـبْءَ الْدَّاءِ 
خَــلَّفْتُ فًــيُ الْدُّنْيَـا بْيَانًـا خَـالِدا             وَتَــرَكْتَ أَجِيْــالّا مْــنَ الْأُبَنٌــاءِ 
وَغَـدا سَـيُذَكِّرُكَ الْزَمْـانُ, وَلَـمْ يَزَلْ         للدُهُــرِ إِنَّصْــافٌ وَحِسْـنُ جَـزَاءِ
شكرا لتعليقك