ج ـ المفعول المطلق
أنت تعلم أن المفعول المطلق هو اسم منصوب يكون مصدرا أو نائبا عنه ، ويأتي لتأكيد عامله أو تبيين نوعه أو عدده ، مثل :عمّر المسلمون الأرض تعميرا.
تعميرا مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة. (وهو مؤكّد لعامله الذي هو الفعل عمّر.)
رحل المستعمر رحيل الذليل.
رحيل : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
الذليل : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
(وهو هنا مبين لنوع العامل ، ومعناه : رحل رحيلا مثل رحيل الذليل.)
قرأت الكتاب قراءتين.
قراءتين : مفعول مطلق منصوب بالياء.
والعبارة الغالبة في إعرابه أن نقول إنه «مفعول مطلق» لكنك قد تجد في الكتب القديمة ـ خاصة ـ تعبيرا آخر هو «منصوب على المصدرية» ، ويعنون به المفعول المطلق.
* والعامل الأصلي في المفعول المطلق هو الفعل كما في الأمثلة السابقة ، وقد يكون معمولا لما ينوب عن الفعل ، مثل :
إن التّوكّل على الله توكّلا حقيقيا يقودك إلى الفوز في الدارين.
اسم إن
خبر إن
توكلا : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
حقيقيا : صفة منصوبة بالفتحة الظاهرة.
(فالذي نصب المفعول المطلق هنا مصدر من نفس لفظه ومعناه .. التوكل توكلا .. وهو هنا مبين للنوع لأنه موصوف.)
٢ ـ اسم الفاعل :
إن المتوكّل على الله توكّلا حقيقيا فائز في الدارين.
اسم إن ـ خبر إن
توكلا : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
(والعامل فيه هنا اسم الفاعل «المتوكل».)
٣ ـ اسم المفعول :
هذا الرجل محبوب حبّا شديدا بين قومه.
هذا : ها حرف تنبيه مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، وذا اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
الرجل : بدل مرفوع بالضمة الظاهرة.
محبوب : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
حبا : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
شديدا : صفة منصوبة بالفتحة الظاهرة.
(المفعول المطلق معمول لاسم المفعول «محبوب».)
ما يصلح مفعولا مطلقا :
المفعول المطلق ـ كما قلنا ـ هو المصدر الذي يأتي لفائدة معنوية مع عامله ؛ توكيدا أو بيان نوع أو بيان عدد. وقد عرفت العربية استعمالات كثيرة ليس فيها المفعول المطلق مصدرا ، بل كلمة أخرى قالوا عنها إنها تنوب عن المصدر في صلاحيتها للمفعول المطلق ، وأشهر هذه الاستعمالات نوردها على النحو التالي :
١ ـ اسم المصدر :
وهو يختلف عن المصدر في أنه ليس جاريا في الاشتقاق على فعله بمعنى أن حروفه تنقص عن حروف الفعل غالبا ، بالإضافة إلى أنه ـ في الأصل ـ يدل على اسم معين ، ثم أردنا أن ندل به على معنى الحدث ، أي على المعنى الذي يدل عليه المصدر ، فمثلا عندنا الفعل (اغتسل) ، مصدره (اغتسال) ، نجد أن حروفه هي حروف الفعل كاملة ويدل على الحدث دون اقترانه بزمان ، أما إذا قلنا (غسل) فإنا نلحظ أن حروفه تنقص عن حروف الفعل إذ ليس فيه تاء الافتعال لا يدل على الحدث بالضرورة ، بل يدل على اسم الشئ الذى هو الغسل. ويوضح ذلك أن تقول : كلّم ، فالمصدر الجاري عليه «تكليم» أما «كلام» فليس مصدرا لأن حروفه أنقص من حروف الفعل إذ لم يظهر أثر التضعيف الموجود في عين الفعل «كلّم» ، ثم إنه لا يدل على حدث التكليم بل يدل على الكلام الملفوظ نفسه ، فإذا نقلنا معناه من معنى الكلام الملفوظ لكي يدل على الحديث أي على التكليم سميناه اسم مصدر ، ويصلح أن يكون مفعولا مطلقا مثل :
لم أعرف بهذا من أحد آخر بل كلمني به هو كلاما.
كلاما : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
ومن العبارات الشائعة في هذا قولك اغتسل غسلا ، استمع سماعا حسنا ، توضأ وضوءا ، افترق فرقة ، انتصر نصرا مؤزرا ... الخ.
فكل هذه ليست مصادر لكنها اسماء مصادر.
٢ ـ الألفاظ التي تدل على العموم أو البعضية ، وأشهرها كلمتا «كلّ» و «بعض» ، فتقول :
زيد يجدّ كلّ الجد.
كلّ : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
الجد : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
اعمل بجد ثم روّح عن نفسك بعض الترويح.
بعض : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
الترويح : مضاف إليه مجرور بالفتحة الظاهرة.
ونلاحظ أن كلمتي «كل» و «بعض» لابد أن يضافا هنا إلى مصدر ، وهذا المصدر كان ـ في الأصل ـ هو المفعول المطلق. ومعنى الجملة الأولى : زيد يجدّ الجدّ كلّه ، والثانية : روّح عن نفسك الترويح بعضه. والمعروف أن هاتين الكلمتين لا يتحدد موقعهما في الجملة إلا مما يضافان إليه.
٣ ـ اسم الإشارة ، مثل :
يقرأ عليّ تلك القراءة التي يسمعها من الأستاذ.
يقرأ عليّ : فعل وفاعل.
تلك : تي اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول مطلق. واللام للبعد ، والكاف حرف خطاب مبني لا محل له من الإعراب.
القراءة : بدل منصوب بالفتحة الظاهرة.
(ونلاحظ هنا أيضا أن اسم الإشارة يأتي بعده بدل مصدرا كان هو المقصود بالمفعول المطلق ، لأن تقدير الجملة يقرأ عليّ قراءة كتلك التي ...)
٤ ـ العدد ، مثل :
قرأت ثلاث قراءات.
قرأت : فعل وفاعل.
ثلاث : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
قراءات : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
قابلته خمسين مقابلة.
قابلته : فعل وفاعل ومفعول.
خمسين : مفعول مطلق منصوب بالياء.
مقابلة : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.
(وذلك لأن العدد أيضا لا يعرف موقعه إلا من معدوده ، ومعنى الجملة الأولى : قرأت قراءات ثلاثا ، والثانية : قابلته مقابلات خمسين.)
تنبيه : في بعض الكتب المدرسية ، وفي بعض كتب الأعاريب المتأخرة نجد عبارة «نائب مفعول مطلق» تحليلا للكلمات السابقة ، وهي عبارة غير صحيحة ؛ لأن المفعول المطلق «وظيفته نحوية» يستعمل «المصدر» فيها. والكلمات السابقة لا تنوب عن المفعول المطلق ، إنما تنوب عن المصدر في الدلالة على المفعول المطلق. ذلك أن هذه الكلمات مبهمة بطبيعتها ، وهي تكتسب ذواتها مما بعدها ، ومن ثم فهي تكون فاعلا أو مفعولا أو ظرفا مثل :
كافأت كلّ الطلاب.
هو يعمل بعض الوقت.
فكلمة «كل» مفعول به ، ولا نقول : نائب مفعول به ، وكلمة «بعض» ظرف زمان ، ولا نقول : نائب ظرف زمان ، فلم نقول إنها نائب مفعول مطلق؟
٥ ـ نوع من أنواع المصدر ، وأكثر هذه الأنواع استعمالا قولك :
جلس زيد القرفصاء.
مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة. (وهو نوع من الجلوس).
رجع القهقرى.
مفعول مطلق منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها التعذر. (وهو نوع من الرجوع).
٦ ـ الضمير العائد على المصدر ، مثل :
أحب زيدا حبّا لا أحبّه أحدا غيره.
أحب : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا.
زيدا : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
حبا : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
لا : حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
أحبه : أحب فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا.
والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول مطلق.
أحدا : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
* وتستعمل العربية أساليب شائعة في المفعول المطلق يكون فيها العامل محذوفا ، مثل :
١ ـ قياما .. جلوسا ... سكوتا
أي : قوموا قياما ... واجلسوا جلوسا .. واسكتوا سكوتا.
٢ ـ في الدعاء مثل :
اللهم نصرا.
أي : انصرنا نصرا.
ومنه قولهم : سقيا .. ورعيا.
٣ ـ في الاستفهام ، مثل :
أإهمالا وأنت مسئول؟
أي : أتهمل إهمالا؟
٤ ـ قولهم : صبرا ، لا جزعا.
حمدا وشكرا لا كفرا.
(كل ذلك مفعول مطلق لفعل محذوف).
٥ ـ قولهم : إني أعرفه يقينا
هذا كتابي قطعا.
كنت سعيدا به حقا.
(كل ذلك مفعول مطلق وتقديره : أوقن يقينا ، وأقطع برأيي قطعا ، وأحق حقا ..)
ومثله أيضا :
لم أره ألبتة.
فهو مفعول مطلق لفعل محذوف ، ومعناه (القطع) والأفصح في همزته أن تكون همزة قطع ، وهناك كلام كثير حول التاء التي في آخره ليس مهما هنا ، والأفضل أن تعرب الكلمة كما هي :
ألبتة : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
* ومن الاستعمالات الشائعة أيضا :
ويحه ...
وويله.
مفعول مطلق لفعل مهمل. أي أن المصدر ليس له فعل من نوعه.
لبّيك ...
وسعديك
حنانيك ...
دواليك.
(كل ذلك مفعول مطلق ، وصورته مسموعة على المثنى ، ومعناها : ألبي لبّيك ، أى تلبية بعد تلبية ، وسعديك أي أساعد مساعدة بعد مساعدة ، ودواليك أي أداول دواليك ...) وتعربها على النحو التالي :
مفعول مطلق منصوب بالياء ، والكاف ضمير متصل مبنى على الفتح في محل جر مضاف إليه ، والعامل محذوف.
* ومن ذلك أيضا :
سبحان الله.
معاذ الله.
حاش الله.
وهو مفعول مطلق ملازم للإضافة دائما ، ومعناه :
سبحان الله : تنزيها لله وبراءة له من السوء.
معاذ الله : استعانة به ولجوءا إليه
حاش الله : تنزيها له.
* * *
تدريب : أعرب ما يأتي :
١ ـ (فَشُدُّوا الْوَثاقَ ، فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ ، وَإِمَّا فِداءً.)
٢ ـ (فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ.)
٣ ـ (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً.)
٤ ـ (صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً.)
٥ ـ (فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ.)
٦ ـ (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ.)
٧ ـ (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً.)
٨ ـ (وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ.)
٩ ـ (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً.)
١٠ ـ (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ. فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ ، فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً.)
١١ ـ (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا ، وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا.)
١٢ ـ (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها.)
* * *
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء