النسب
والنسب ظاهرة لغوية مهمة التفت إليها القدماء فخصوها بدراسة مستفيضة ولعلها أكثر أهمية فى عصرنا الحاضر لكثرة الحاجة إلى استعمالها بسبب انتشار العلوم ومناهج التفكير ومذاهب الأدب والفنون والسياسة والاجتماع. وأنت لا تكاد تقرأ صفحة واحدة من كتاب أو صحيفة أو غيرهما إلا وتلتقى بكلمات من نحو : غربى ـ شرقى ـ اشتراكى ـ وجودى ـ علمى ـ موضوعى ـ يمينى ـ يسارى ... الخ.ويتم النسب بشيئين :
١ ـ زياة ياء مشدودة فى آخر الاسم تسمى ياء النسب ، مع ضرورة كسر ما قبلها ؛ فتقول فى النسب إلى : عرب ـ إسلام ـ نحو ـ صرف :
عربّى ـ إسلامىّ ـ نحوىّ ـ صرفّى.
٢ ـ إجراء تغييرات معينة فى آخر الاسم الذى تتصل به ياء النسب ، وتغييرات أخرى فى حروف داخل الاسم وهو ما نفصل أحكامه الآن.
أولا : التغييرات التى تحدث آخر الاسم :
١ ـ الاسم المنتهى بياء مشددة :
قلنا إن النسب يتم بزيادة ياء مشددة فى آخر الاسم مع كسر ما قبلها ، فماذا تفعل إذا كان الاسم منتهيا بياء مشددة قبل النسب؟
إن ذلك يتوقف على عدد الحروف التى قبل هذه الياء ، وذلك على النحو التالى :
أ ـ إن كانت مسبوقة بحرف واحد لم يحذف منها شىء ، وأنت تعلم أن الحرف المشدد مكون من حرفين ؛ وعلينا أن نفك الياء ، ونقلب الثانية واوا ، وننظر فى الأولى ، فإذا كان أصلها واوا أعدناها إلى أصلها ، وإن كان أصلها ياء تركناها ياء كما هى ، مع فتحها على كل حال ، فنقول : طى وطووىّ فالذى حدث أننا قلبنا الياء الثانية واو ، ثم أعدنا الياء الأولى إلى أصلها الواو (لأن الفعل طوى) ، مع الفتح ، ثم زدنا ياء النسب ، وهكذا نقول :
رىّ ـ رووىّ. حىّ ـ حيوىّ.
ب ـ فإن كانت الياء المشددة مسبوقة بحرفين ، وجب حذف الياء الأولى (أى الساكنة) ، وقلب الياء الثانية واوا مع فتح ما قبلها مثل :
عدىّ ـ عدوىّ. قصىّ ـ قصوىّ.
ح ـ وإن كانت الياء المشددة مسبوقة بثلاثة أحرف أو أكثر ، وجب حذفها كاملة ، فنقول :
كرسىّ ـ كرسىّ. شافعىّ ـ شافعىّ.
«وقد تتساءل : ما الذى حدث للاسم؟ إنه هو نفسه دون تغيير. غير أن القدماء يجيبون بأن الاسم قبل النسب غيره بعد النسب ، فكلمة كرسىّ مثلا إذا جمعت قبل النسب كانت كراسىّ وهى ممنوعة من الصرف لأنها على صيغة منتهى الجموع ، أما إذا جمعت بعد النسب لتصير كراسىّ أيضا فإنها تكون غير ممنوعة من الصرف ، لأن ياء النسب زائدة فهى ليست من صلب الكلمة أى أنها خرجت بها عن صيغة منتهى الجموع ، أما من الناحية المعنوية فالأمر ظاهر ، فالإمام الشافعى اسمه هكذا ، فإذا كنت أنت من أتباع مذهبه فى الفقه فأنت شافعى ، وأنت غير الإمام بلا شك ، بل أنت من متبعى مذهبه ...»
٢ ـ الاسم المنتهى بتاء التأنيث :
تحذف تاء التأنيث وجوبا قبل ياء النسب فنقول :
غزّة ـ غزّى. مكّة ـ مكّى.
بصرة ـ بصرى. كوفة ـ كوفّى.
فإذا طبقنا القاعدة السابقة مع كلمة مثل «أميّة» فإننا نحذف تاء التأنيث فتصير الكلمة «أمىّ» أى أن فيها ياء مشددة قبلها حرفان ، فتحذف الياء الأولى ، ونقلب الياء الثانية واوا فتصير الكلمة ـ أموىّ.
* نقرأ فى الصحف كثيرا كلمة «حياتىّ» فى النسب إلى «حياة» ، وهو خطأ واضح ، والصواب : حيوىّ.
* ونقرأ ونسمع كثيرا أيضا كلمة «وحدوىّ» فى النسب إلى «وحدة» وهو خطأ ظاهر ، والصواب حذف تاء التأنيث مع زيادة ياء النسب ، فمن أين أتت هذه الواو؟ .. فيكون النسب الصحيح هو : وحدىّ.
٣ ـ الاسم المنتهى بألف :
يحدث فى هذا الاسم تغييرات ، لكن ذلك يتوقف أيضا على عدد الأحرف التى قبلها ، وذلك على النحو التالى.
أ ـ إن وقعت الألف ثالثة وجب بقاؤها وقلبها واوا فنقول :
فتى ـ فتوىّ. ربا ـ ربوىّ.
ب ـ فإن وقعت الألف رابعة ، فإننا ننظر ؛ إن كان الحرف الثانى متحركا وجب حذف الألف ، مثل :
جمزى ـ جمزىّ (الجمزى : السريعة)
وإن كان الحرف الثانى ساكنا ، جاز حذف الألف وقلبها واوا مثل :
حبلى ـ حبلىّ أو حبلوى. ملهىّ ـ ملهىّ وملهوى
ج ـ فإذا قلبت الألف واوا جاز زيادة ألف قبل الواو ، فنقول :
حبلى ـ حبلوىّ أو حبلاوىّ.
ملهى ـ ملهوىّ أو ملهاوىّ.
د ـ فإن كانت الألف خامسة فصاعدا وجب حذفها ، فنقول :
مصطفى ـ مصطفىّ. حبارى ـ حبارىّ. (اسم طائر)
* نسمع كثيرا كلمة «فرنسىّ» ـ بكسر الفاء والراء ـ فى النسب إلى «فرنسا» ، وهو خطأ واضح ، ذلك أننا ننطق «فرنسا» بفتح الفاء والراء ، فمن أين جاءهما الكسر ، والصواب إذن : «فرنسى».
٤ ـ الاسم المنتهى بالهمزة الممدودة :
يحدث فى الاسم تغييرات ، لكن ذلك يتوقف على نوع الهمزة ، وذلك على النحو التالى :
أ ـ إن كانت الهمزة أصلية وجب بقاؤها ، مثل :
قرّاء ـ قرّائىّ. بدّاء ـ بدّائى.
ب ـ وإن كانت الهمزة للتأنيث وجب قلبها واوا ، مثل.
صحراء ـ صحراوىّ. حمراء ـ حمراوىّ.
ج ـ وإن كانت الهمزة منقلبه عن أصل ، جاز بقاؤها وقلبها واوا ، مثل :
كساء ـ كسائىّ أو كساوىّ. بناء ـ بنائىّ أو بناوىّ.
٥ ـ الاسم المنقوص :
تجرى فيه تغييرات وفقا لعدد الأحرف التى قبل يائه الأخيرة ، وذلك على النحو التالى :
أ ـ إن كانت الياء ثالثة وجب قلبها واوا وفتح ما قبلها ، فنقول :
الرّضى ـ الرّضوىّ. الشّجى ـ الشّجوىّ.
ب ـ فإن كانت الياء رابعة فالأفضل حذفها ، ويجوز ـ فى الاستعمال القليل ـ قلبها واوا وفتح ما قبلها ، مثل :
القاضى ـ القاضىّ (والقاضوىّ) ـ
الهادى ـ الهادىّ (والهادوىّ).
ج ـ فإن كانت الياء خامسة أو سادسة وجب حذفها ، مثل :
المهتدى ـ المهتدىّ. المستعلى ـ المستعلىّ.
* إذا كان الاسم ثلاثيا ، وحرفه الأخير واو أو ياء قبلها سكون ، لم يحدث فيه تغيير ، فنقول :
ظبى ـ ظبيىّ. غزو ـ غزوىّ.
غير أن المسموع فى النسب إلى «قرية» هو «قروىّ» وكان القياس «قريىّ» والمتبع هو ما ورد عن العرب سماعا.
** فإن كان الاسم ثلاثيا ، وحرفه الثالث ياء قبلها ألف فالأغلب قلب الياء همزة فنقول : غاية ـ غائىّ.
٦ ـ الاسم المنتهى بعلامة تثنية :
تحذف علامة التثنية عند النسب ، مثل :
زيدان ـ زيدىّ. محمدان ـ محمدىّ.
(ويميز النسب إلى المثنى من النسب إلى المفرد بالقرائن).
٧ ـ الاسم المنتهى بعلامة جمع المذكر السالم :
تحذف علامة جمع المذكر السالم عند النسب ، مثل :
زيدون ـ زيدىّ. حمدون ـ حمدىّ.
(ويميز النسب بالقرائن أيضا).
٨ ـ الاسم المنتهى بعلامة جمع المؤنث السالم :
ينسب إلى مفرده فى مثل :
زينبات ـ زينبىّ. عائشات ـ عائشىّ.
فإن كان الحرف الثانى ساكنا والألف رابعة ، جاز حذف علامة التأنيث بكاملها (الألف والتاء) ، وجاز حذف التاء وحدها وقلب الألف واوا ، ثم جاز زيادة ألف قبل الواو ، فنقول :
هندات ـ هندىّ أو هندوىّ هنداوىّ.
٩ ـ الاسم المكون من حرفين :
يتحدث الصرفيون كثيرا عن النسب إلى اسم مكون من حرفين على أن يكون الحرف الثانى معتلا ، ونحن لا نرى استعماله اليوم ، وهم يقولون بوجوب تضعيف حرف العلة الثانى فى هذه الحالة وذلك كأن تنسب إلى كلمة «لو» إذا كانت اسما فنقول : لوّىّ. غير أنه من الكلمات المستعملة النسب إلى اسم مكون من حرفين والحرف الثانى صحيح ، وهم يقولون هنا بجواز تضعيف الحرف الثانى وعدم تضعيفه ، كأن ننسب إلى كلمة (كم) ، فنقول كمّىّ أو كمىّ.
١٠ ـ الاسم المحذوف الآخر :
إن كان آخر الاسم محذوفا فإننا ننظر :
أ ـ إن رجع فى التثنية أو جمع المؤنث السالم وجب إرجاعه عند النسب فنقول :
أب = أبوىّ. (المثنى : أبوان بإرجاع اللام).
أخ = أخوىّ. (المثنى : أخوان).
سنة = سنوى أو سنهىّ (الجمع : سنوات أو سنهات).
أخت ـ أخوىّ (الجمع : أخوات).
ب ـ فإن لم يرجع الحرف الأخير المحذوف فى التثنية أو جمع المؤنث السالم جاز رده عند النسب وجاز عدم رده ، فنقول :
يد ـ يدىّ أو يدوىّ. دم دمى أو دموى.
شفة ـ شفى أو شفهى أو شفوى. (الأغلب أن الحرف الأخير المحذوف هو الهاء ومنهم من يرى أنه واو).
ح ـ إن حذف الحرف الأخير وعوض عنه ألف وصل جاز رده عند النسب وعدمه ، فنقول :
ابن ـ ابنىّ وبنوىّ
ثانيا : التغييرات التى تحدث داخل الاسم :
١ ـ العين المحركة بالكسر :
عرفنا أن ياء النسب المشددة تقتضى كسر الحرف الذى قبلها. فإذا
كان الاسم ثلاثيا مكسور العين ، وجب قلب هذه الكسرة فتحة حتى لا تتوالى كسرتان ، فنقول :
دنل = دؤلىّ. / ملك = ملكىّ. / إبل = إبلىّ.
٢ ـ الياء المشددة داخل الاسم :
إذا كان قبل آخر الاسم ياء مشددة مكسورة ؛ أى أنها مكونة من يائين ؛ الأولى ساكنة والثانية مكسورة ، فإنه يجب حذف الياء الثانية المكسورة والإبقاء على الياء الساكنة ، فنقول :
سيّد ـ سيدىّ. طيّب ـ طيبىّ.
٣ ـ ياء فعيلة :
إذا كان الاسم على وزن «فعيلة» فإن ياءه تتعرض لما يلى :
أ ـ إذا كانت العين صحيحة واللام صحيحة ، ولم تكن العين مضعفة ، فإن هذه الياء تحذف ويفتح ما قبلها ، فنقول :
حنيفة ـ حنفىّ. بديهة ـ بدهى.
(من الواضح أننا حذفنا تاء التأنيث أولا حسب القواعد السابقة ، ثم حذفنا ياء فعيلة وفتحنا ما قبلها.)
وقد ورد على غير هذه القاعدة كلمات لم تحذف فيها الياء ، مثل :
سليقة ـ سليقىّ. سليمة ـ سليمىّ.
وهناك رأى حديث يجيز عدم حذف الياء مطلقا بناه على عدد كبير من الكلمات واردة عن العرب ، وهو رأى لا بأس من العمل به ، وعليه نستطيع أن نقول :
طبيعة ـ طبيعىّ. بديهة ـ بديهىّ.
ب ـ فإذا كانت العين مضعفة مثل (دقيقة) ، أو كانت معتلة واللام صحيحة مثل (طويلة) ، فإن الياء تبقى دون تغيير ، فنقول :
دقيقة ـ دقيقىّ. طويلة ـ طويلىّ.
٤ ـ ياء فعيل :
إذا كان الاسم على وزن (فعيل) فإن ياءه تتعرض لما يلى :
أ ـ إذا كان الاسم معتل اللام مثل «علىّ وعدىّ» ، وجب حذف الياء ، مع فتح ما قبلها ، مع ضرورة قلب اللام واوا ، فنقول :
علىّ ـ علوىّ. عدىّ ـ عدوىّ.
ب ـ وإذا كان الاسم صحيح اللام لم تحذف الياء فنقول.
جميل ـ جميلىّ. سمير ، سميرىّ.
٥ ـ ياء فعيلة :
إذا كانت الاسم على وزن (فعيلة) فإن ياءه تتعرض لما يلى :
أ ـ إن كانت العين صحيحة واللام صحيحة ، والعين غير مضعفة ، وجب حذف الياء ، فنقول :
جهينة ـ جهنىّ. قريظة ـ قرظى
ب ـ إن كانت العين مضعفة مثل (جديدة) ، أو كانت معتلة واللام صحيحة مثل (نويرة) ، بقيت الياء دون حذف ، فنقول :
جديدة ـ جديدىّ. نويرة ـ نويرىّ.
٦ ـ ياء فعيل :
إذا كان الاسم على وزن «فعيل» وكان معتل اللام ، وجب حذف الياء ، مع قلب لامه المعتلة واوا ، فنقول :
قصى ـ قصوىّ.
فإذا كانت اللام صحيحة لم تحذف الياء ، مثل :
ردين ـ ردينىّ.
وقد ورد سماعا بحذف الياء مع صحة اللام :
قريش ـ قرشىّ. هذيل ـ هذلىّ.
٧ ـ واو فعولة :
إن كان الاسم علي وزن (فعولة) ، وكانت العين صحيحة غير مضعفة حذفت الواو وفتح ما قبلها ، مثل :
شنوءة ـ شنئىّ.
فإن كانت العين معتلة مثل (قؤولة) ،. ومضعفة مثل (ملولة) ، لم تحذف الواو ، فنقول :
قوولة ـ قوولىّ. ملولة ـ ملولىّ.
النسب إلى جمع التكسير :
إذا كان الاسم جمع تكسير وجب أن ننظر إلى ما يلى :
أ ـ إن كان الاسم دالا على الجمع ، فالرأى الأغلب عند القدماء النسب إلى المفرد ، فنقول :
طلّاب ـ طالبىّ. دول ـ دولىّ. مدارس ـ مدرسى.
(ومعنى ذلك أن ما نسمعه اليوم من قولهم : دولىّ ، إنما هو خطأ على هذا الرأى. غير أن الكوفيين يحيزون النسب إلى جمع التكسير ب ـ فإن لم يعد الاسم دالا على الجمع ، بأن انتقل إلى الدلالة على مفرد ، وجب النسب إليه كما هو ، وذلك مثل :
الجزائر ـ الجزائرىّ. (الجزائر هنا ليست جمعا وإنما هى علم على الدولة العربية المعروفة).
الأهرام ـ الأهرامىّ. (الأهرام هنا ليست جمع هرم وإنما هى علم على الصحيفة العربية.)
صيغ أخرى للنسب :
عرفت اللغة العربية صيغا أخرى للدلالة على النسب ، غير الياء المشددة التى تحدثنا عنها ، وهذه الصيغ هى :
أ ـ فعّال : للدلالة على النسب إلى حرفة معينة ، مثل :
حدّاد ـ بقّال ـ نجّار ـ نحّاس.
ب ـ فاعل وفعل : للدلالة على صاحب شىء ، مثل :
تامر : صاحب تمر. طاعم أو طعم : صاحب طعام.
لابن أو لبن : صاحب لبن.
صور شاذة من النسب :
وردت عن العرب أسماء منسوبة على غير القواعد التى فصلناها ، وعليك أن تعرف ما ورد فى اللغة سماعا لأنه هو المستعمل ، وأشهر هذه الأسماء ما يلى :
مرر = مروزىّ. / الرّىّ = رازىّ. / دهر = دهرىّ.
جلولاء = جلولىّ. أميّة = أموىّ وأميتى.
فوق = فوقانى. / تحت = تحتانىّ. / البصرة = بصرى.
بادية = بدوىّ.
* * *
تدريب :
انسب إلى الأسماء الآتية :
ثورة ـ هواء ـ نساء ـ عيسى ـ قضاء ـ كتاب ـ شديدة.
مدينة ـ سيّد ـ ربا ـ دنيا ـ صحف ـ مصطفى ـ صحيفة ـ إمام ـ محام ـ هدى ـ قدر ـ غىّ ـ قريظة.
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء