جملة التعجب
و «التعجب» أيضا من «الأساليب» الشائعة في العربية ، وتستعمل فيه أنواع كثيرة من التراكيب ، لكن التعجب «القياسي» المعروف له صيغتان :
ما أفعله.
أفعل به.
وهما جملتان مختلفتان من حيث النوع : فالأولي اسمية ، والثانية فعلية على ما سترى في إعرابهما ، لكنهما تشتملان على فعلين : (أفعل ، أفعل) ، وهما فعلان جامدان ماضيان ، لا تلحقهما علامات تأنيث أو تثنية أو جمع.
ومع أنهما فعلان ماضيان فإنهما ـ في الأرجح ـ خاليان من الدلالة على الزمن إلا إذا كانت هناك قرينة تدل على ذلك ، فنحن حين نقول :
ما أصبر المؤمن.
أصبر بالمؤمن.
فإننا لا نتعجب من صبر المؤمن في وقت معين ، وإنما هو تعجب عام ، ومن ثم قال النحاة إن جملة التعجب ليست جملة خبرية على الأغلب ، بل هي جملة إنشائية تدل على إنشاء التعجب أو على «الانفعال» بشئ ما.
وهذان الفعلان لا يصاغان إلا بشروط معينة تفصلها كتب النحو ، ونجملها لك هنا بأنه يشترط في صياغتها أن تكون من كل فعل ثلاثي متصرف قابل للمفاضلة مبني للمعلوم تام مثبت ليس الوصف منه على أفعل فعلاء.
فإذا استوفى الفعل هذه الشروط صحّت الصياغة منه ، وأعربته على النحو التالي :
ما أجمل السماء.
ما : اسم تعجب مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.
أجمل : فعل ماض مبني على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقدير هو (١) عائد على ما. والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر.
السماء : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
(ومعنى هذا الإعراب : شئ عظيم جعل السماء جميلة).
أجمل بالسماء.
أجمل : فعل ماض جاء على صيغة الأمر.
الباء : حرف جر زائد.
السماء : فاعل مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
(ومعنى هذا الإعراب : جملت السماء).
(ولك في هذه الصيغة إعراب آخر هو : أجمل فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، والباء حرف جر ، والسماء مجرورة بالباء وعلامة الجر الكسرة الظاهرة ، والجار والمجرور متعلق بفعل الأمر أجمل ، وكأن معنى الإعراب هنا : يا جمال أجمل بالسماء. والإعراب الأول هو المعمول به).
فإذا تخلف شرط من الشروط السابقة جاز لك أن تصوغ التعجب من فعل مساعد مناسب للمعنى وبعده مصدر صريح أو مؤول من الفعل الذي لم يستوف الشروط ، مثل :
ما أجمل استغفار المؤمن.
ما : ام تعجب مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
أجمل : فعل ماض مبني على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو عائد على ما ، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر.
استغفار : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
المؤمن : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
أجمل باستغفار المؤمن.
أجمل : فعل ماض جاء على صيغة الأمر.
الباء : حرف جر زائد.
استغفار : فاعل مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
المؤمن : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
* إن كان الفعل منفيا أتينا بمضارعه مسبوقا بأن ؛ فمثلا جملة : ما نجح المهمل ، نقول في التعجب منها :
ما أعدل ألا ينجح المهمل.
ما : اسم تعجب مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
أعدل : فعل ماض مبني على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو عائد على ما ، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر.
ألا : مكونة من أن+ لا ، أن حرف مصدري ونصب ، ولا حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
ينجح : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
والمصدر المؤول من أن والفعل في محل نصب مفعول به.
المهمل : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
أعدل بألّا ينجح المهمل.
أعدل : فعل ماض جاء على صيغة الأمر.
بألا : الباء حرف جر زائد ، وأن حرف مصدرى ونصب ، ولا حرف نفي.
ينجح : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة
والمصدر المؤول من أن والفعل في محل رفع فاعل.
المهمل : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
* فإذا كان الفعل مبنيا للمجهول آتينا به مسبوقا بما المصدرية ، فتتعجب من جملة (كوفئ المجدّ) :
ما أجمل ما كوفئ المجدّ.
ما : اسم تعجب مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
أجمل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو عائد على ما ، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر.
ما : حرف مصدري مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
كوفئ : فعل ماض مبني على الفتح والمصدر المؤول من ما والفعل في محل نصب مفعول به.
المجد : نائب فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
أجمل بما كوفئ المجدّ.
أجمل : فعل ماض جاء على صيغة الأمر.
الباء : حرف جر زائد.
ما : حرف مصدري.
كوفئ : فعل ماض مبني على الفتح.
والمصدر المؤول من ما والفعل في محل رفع فاعل.
المجد : نائب فاعل مرفوع بالضمة.
أما إذا كان الفعل ملازما للبناء للمجهول ـ كما بينا في النائب الفاعل ـ فالأصح جواز صياغة التعجب منه مباشرة ؛ فجملة (هرع زيد نتعجب منها على الوجه التالي :
ما أهرع زيدا.
أهرع بزيد.
* ورد في العربية : ما أخصر هذا الكلام.
وهو خارج عن القياس ؛ لأن الفعل منه غير ثلاثي ، ثم هو مبني للمجهول :
أختصر. لكن هذا هو المستعمل.
* يجوز أن تزاد «كان» بين ما التعجبية وفعل التعجب ، مثل :
ما كان أكرم عليّا.
ما : اسم تعجب مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
كان : فعل ماض زائد مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
أكرم : فعل ماض مبني على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو عائد على ما ، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر.
عليا : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
* يجوز حذف الباء من صيغة (أفعل به) بشرط أن يكون المعمول مصدرا مؤولا من أن والفعل أو أنّ ومعموليها :
أجمل أن يزورنا زيد.
أجمل : فعل ماض جاء على صيغة الأمر.
أن : حرف مصدري ونصب.
يزور : فعل مضارع منصوب بالفتحة الظاهرة ، والمصدر المؤول من أن والفعل ـ مع تقدير حرف جر زائد ـ في محل رفع فاعل.
والمعنى : أجمل بزيارة زيد.
أجمل أنّك ضيفنا.
أجمل : فعل ماض جاء على صيغة الأمر.
أنك : حرف توكيد ونصب ، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب اسم إن.
ضيفنا : خبر أنّ مرفوع بالضمة الظاهرة ، ونا ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
والمصدر المؤول من أنّ ومعموليها ـ مع تقدير حرف جر زائد ـ في محل رفع فاعل.
والمعنى : أجمل بكونك ضيفنا.
* إذا كان الفعل ناقصا وله مصدر أتينا به ، فنتعجب من جملة (كان زيد كريما) على الوجه التالي :
ما أعظم كون زيد كريما.
أعظم بكون زيد كريما.
فإذا لم يكن له مصدر أتينا بالفعل مسبوقا بما ، فتتعجب من جملة (كاد المهمل يهلك) على الوجه التالي :
ما أكثر ما كاد المهمل يهلك.
ما : اسم تعجب مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
أكثر : فعل ماض مبني على الفتح. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو عائد على ما ، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر.
ما : حرف مصدري مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
كاد : فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
والمصدر المؤول مما في معنى ما والفعل في محل نصب مفعول به.
أكثر بما كاد المهمل يهلك.
أكثر : فعل ماض جاء على صيغة الأمر.
الباء : حرف جر زائد.
ما : حرف مصدري.
كاد : فعل ماض ناقص.
والمصدر المؤول مما في معنى ما والفعل في محل رفع فاعل.
ملحوظة : الجملة القياسية الأولى : ما أفعله ، مثل :
ما أجمل السماء.
«ما» هنا ليست اسم استفهام ، وليست اسما موصولا ، لكنها «اسم تعجب» ، أصبحت خالصة لهذه الوظيفة ، وهي ـ بذلك ـ ليست معرفة ، بل نكرة تامة ؛ لأن معناها هنا هو : شئ ، أو شئ هائل ، أو شئ عظيم ، ونحن نعرب المتعجّب منه هنا مفعولا به ، والواقع أن هذا من الناحية الشكلية الإعرابية فقط ، فهو ليس مفعولا به على الحقيقة ؛ بل هو في الأصل فاعل لهذه الجملة ، لأن تقديرها كما ذكرنا : جملت السماء.
* * *
تدريبات :
أعرب ما هو مكتوب بخط واضح :
١ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ.)
٢ ـ (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً.)
٣ ـ (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.)
٤ ـ (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ.)
* * *
٣٠٩
ـ ٦ ـ
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء