جملة المدح والذم
المدح والذم من «الأساليب» الشائعة في العربية ، والأشهر في الدلالة عليهما فعلان ماضيان جامدان هما : نعم ، وبئس. وجملة المدح والذم قد تكون اسمية أو فعلية على ما سترى في إعرابها. ولننظر في هذا المثال :
نعم القائد خالد.
لك في هذه الجملة إعرابان :
أ ـ نعم : فعل ماض جامد مبني على الفتح.
القائد : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
خالد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
(الجملة على هذا الإعراب جملة اسمية لأن المخصوص بالمدح وقع مبتدأ مؤخرا والجملة الفعلية قبله وقعت خبرا مقدما ، وتقدير الكلام : خالد نعم القائد.)
ب ـ نعم : فعل ماض جامد مبني على الفتح.
القائد : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
خالد : خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو.
(والجملة على هذا الإعراب جملة فعلية لأن المخصوص بالمدح وقع خبرا لمبتدأ محذوف ، وتقدير الكلام : نعم القائد هو خالد.)
وهناك إعراب ثالث هو :
نعم : فعل ماض جامد مبني على الفتح.
القائد : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
خالد : بدل كل من القائد مرفوع بالضمة الظاهرة ، (والجملة على هذا الإعراب فعلية أيضا.)
* ولما كان نعم وبئس فعلين جامدين على الأصح (١) ، فإنهما يحتاجان إلى فاعل ، ويشترط في فاعلهما ما يأتي :
١ ـ أن يكون معرفا بأل كما في المثال السابق.
٢ ـ أن يكون مضافا إلى ما فيه أل ، مثل :
نعم قائد المسلمين خالد.
نعم : فعل ماض جامد مبني على الفتح.
قائد : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
المسلمين : مضاف إليه مجرور بالياء.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
خالد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
٣ ـ أن يكون مضافا إلى مضاف إلى ما فيه أل ، مثل :
نعم قائد جيش المسلمين خالد.
نعم : فعل ماض.
قائد : فاعل. وجيش مضاف إليه ، والمسلمين مضاف إليه.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
خالد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
٤ ـ أن يكون ضميرا مستترا وجوبا يفسره تمييز بعده ، مثل :
نعم قائدا خالد.
نعم : فعل ماض جامد مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو.
__________________
(١) يرى الكوفيون أنهما اسمان ، والمعمول به هو ما قدمناه. وهما فعلان جامدان ؛ إذ لا يستخدم لهما مضارع ولا أمر ولا شئ من المشتقات.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
قائدا : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.
خالد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
ويجوز الجمع بين فاعل نعم الظاهر والتمييز فتقول :
نعم الطالب مجتهدا زيد.
نعم : فعل ماض جامد.
الطالب : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
مجتهدا : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.
زيد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
٥ ـ أن يكون كلمة «ما» أو «من» :
نعم ما تفعل الخير.
نعم : فعل ماض جامد مبني على الفتح.
ما : اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل رفع فاعل.
تفعل : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، والجملة من الفعل والفاعل صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
والجملة من نعم وفاعلها في محل رفع خبر مقدم.
الخير : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
وفي هذه الجملة إعراب آخر هو :
نعم : فعل ماض. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
ما : تمييز مبني على السكون في محل نصب.
تفعل : فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب صفة.
الخير : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
(الخلاف في إعراب (ما) قائم على الخلاف في اعتبار نوعها ، أهي اسم موصول؟ أم اسم نكرة؟. إن كانت موصولا فهي الفاعل والجملة بعده صلة له ، وإن كانت نكرة فهي تمييز والجملة بعده صفة له ويكون تقدير الكلام : نعم شيئا تفعل الخير.)
نعم من تصادق زيد.
نعم : فعل ماض جامد.
من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
تصادق : فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت والجملة من الفعل والفاعل صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
زيد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
(ويمكنك إعراب «من» تمييزا والجملة بعده صفة ، وفاعل نعم ضمير مستتر وجوبا تقديره هو ، على التفصيل السابق.)
تستعمل (بئس) هذا الاستعمال نفسه فنقول :
بئس الخلق الإهمال.
بئس خلق الطالب الإهمال.
بئس خلق طالب العلم الإهمال.
بئس خلقا الإهمال.
بئس ما يقول الكذب.
* يستعمل الفعل «ساء» استعمال «بئس» ، ويكون فعلا ماضيا جامدا لإنشاء الذم ، بالشروط نفسها ، فتقول :
ساء الخلق الإهمال.
ساء : فعل ماض جامد مبني على الفتح.
الخلق : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
الإهمال : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
ساء خلقا الإهمال.
ساء : فعل ماض جامد. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
خلقا : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.
الإهمال : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
* يستعمل الفعل «حبّ» استعمال نعم وبئس ، فإن كان مثبتا كان للمدح وإن كان مسبوقا بحرف النفي (لا) كان للذم ، ولكن يشترط فيه :
(١) أن يكون الفاعل هو اسم الإشارة «ذا» ، مثل :
حبّذا الصدق.
حب : فعل ماض جامد مبني على الفتح.
ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع فاعل.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
الصدق : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
لا حبذا الكذب.
لا : حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
حب : فعل ماض جامد.
ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع فاعل.
والجملة في محل رفع خبر مقدم.
الكذب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
ويجوز أن يأتي بعد «ذا» تمييز ، فتقول :
حبذا صادقا زيد.
حبذا : فعل وفاعل في محل رفع خبر مقدم.
صادقا : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.
زيد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
(٢) إن كان الفاعل اسما غير «ذا» جاز لك فتح الحاء من حب أو ضمها.
وفي الحالة الأخيرة تعربه فاعلا ، فهو ليس فعلا مبنيا للمجهول ، فتقول :
حبّ الصادق زيد.
وحبّ الصادق زيد.
حبّ : فعل ماض جامد مبني على الفتح.
الصادق : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
زيد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة ويجوز جر الفاعل بباء زائدة ، فنقول :
حبّ بالصادق زيد.
حبّ بالصادق زيد.
حب : فعل ماض جامد.
الباء : حرف جر زائد مبني على الكسر لا محل له من الإعراب.
الصادق : فاعل مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
يد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
(٣) ويجوز أن يكون الفاعل ضميرا مستترا وجوبا يفسره تمييز بعده ، مثل :
حبّ صادقا زيد.
حب : فعل ماض جامد مبني على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو. والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
صادقا : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.
زيد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
* يمكن تحويل الفعل الثلاثي إلى وزن «فعل» ، فيدل على معنى نعم وبئس ويعمل عملهما بالشروط نفسها ، فتقول :
حسن الطالب زيد.
حسن : فعل ماض جامد مبني على الفتح.
الطالب : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة في محل رفع خبر مقدم.
زيد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
خبث الرفيق الشيطان.
خبث الرفيق : فعل وفاعل ، في محل رفع خبر مقدم.
الشيطان : مبتدأ مؤخر.
حسن طالبا زيد.
حسن : فعل ماض جامد. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو ، والجملة في محل رفع خبر مقدم.
زيد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
(انظر التفصيلات التي تذكرها كتب النحو في شأن تحويل الأفعال الثلاثية للدلالة على معنى المدح أو الذم
أو التعجب).
* * *
تدريب : أعرب ما يأتي :
١ ـ (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ ، نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ.)
٢ ـ (ولنعم دار المتقين الجنة.)
٣ ـ (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً.)
٤ ـ (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ.)
٥ ـ (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ.)
٦ ـ (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا.)
٧ ـ (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ، قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ.)
٨ ـ (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ ، إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً. إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً.)
٩ ـ (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ. مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ.)
١٠ ـ (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ ، وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً.)
* * *
٣١٧
ـ ٧ ـ
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء