ثالثا - الاستعارة التمثيلية
===============
يقسّم البلاغيون
الإستعارة من جهة الإفراد والتركيب إلى قسمين: مفردة ،
ومركبة.
الاستعارة المفردة: وهي ما
كان المستعار فيها لفظاً مفرداً، كما هو الحال في الإستعارة التصريحية والمكنيّة، وقد سبقت الإشارة إليهما.
الاستعارة (المركبة) التمثيلية
: وهي ما كان
المستعار فيها مثلاً، أو تركيباً، استعمل في غير ما وضع له مع وجود علاقة مشابهة
بين المستعار منه والمستعار له. وهذا النوع من الاستعارة فيه روائع التعبير الفني
يستخدمه الأديب عن طريق قول مأثور، أو حكمة، أو مثل مضروب.
هي التي يصرح فيها بذكر المشبه به على أن يكون صورة مركبة من أشياء
والاستعارة التمثيلية قريبة من التشبيه التمثيلي غير أن المشبه فيها محذوف مع أداة
التشبيه.
مثال : أراك تقدم رجلاً وتؤخر أخرى :
ونعني بذلك أن حالة في تردده في الإقدام على أمرٍ ما حال من يقدم رجلاً
ويؤخر أخرى.
فالمشبه به مصرح به
وهو (من يقدم رجل ويؤخر أخرى ) والمشبه محذوف ونقدره
( الإنسان المتررد )
والفرق بين
الاستعارة التمثيلية والتصريحية وجود صور متعددة في الاستعارة التمثيلية أما
الاستعارة التصريحية فتقتصر على صورة واحدة.
مثال آخر : قول
الشاعر
من يك ذا فم مر مريض
يجد
مرا به الماء الزلالا
تم تشبيه حال الذام
للشاعر في عدم تذوقهم شعره بحال المريض الذي لا يستسيغ الماء الزلال،
تأمّل الأمثلة
التالية :
قال الله تعالى : ﴿ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي
الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴾
هؤلاء هم اليهود،
الذين أمرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجلاء عن المدينة، فصاروا يخربون
بيوتهم قبل الخروج منها، ولكن هذا التعبير يمكن أن يطلق على كلِّ حالة تشبه الحالة
التي قيل فيها لأوّل مرة، فمثلاً، ربُّ الأُسرة، الذي يبذّر أمواله فيما لا نفع
فيه لأسرته، ويترك ما فيه تربيتهم وسعادتهم, تقول عنه ﴿ يُخْرِبُونَ
بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ ) كأنّما
صارت العبارة مثلاً يطلق على كل حالة تشبه الحالة التي قيل فيها من قبل، فالتعبير
يشبّه حالاً بحال، حال ، أو من يترك تدبير شؤون أُسرته، بحال من يخرب بيته بيده،
قال المتنبي :
إذا رأيتَ نيُوب الليث بارزةً فلا
تظنَّنَّ أنّ الليثَ يبتسمُ
يقول
المتنبي: إذا رأيت الأسد،
فاغر الفم، بارز الأنياب، فلا تظنَّ أنه يبتسم لك، فلو ظننت ذلك، فأنت مقضيٌ عليك،
وهذا المعنى تُشبّه به حال من يخدعك مظهره عن حقيقة أمره، وعندئذٍ يكون استعمال
اللّيث في مثل هذه الحال مجازاً، وقد نقل التركيب الدال على المشبّه به، للمشبّه
على سبيل الاستعارة التمثيلية، والعلاقة بين الطرفين المشابهة، وهي ظهور الأنياب
لغير الضحك، والقرينة حالية.
قال الشاعر:
أُعلّمه الرِّماية كلَّ يومٍ فلما
اشتدَّ ساعدُه رماني
يقول الشاعر: إنّه
يعلّم الرماية بالسهام لمن يتوقع معاونته والوقوف إلى جانبه، ولكن ما إنْ أتْقَنْ
هذا التلميذ الجاحد الرماية حتى وجه سهامه إلى معلمه، ويقال هذا المعنى حينما يريد
أن يشبّه حال مَن يأخذ بيد إنسان ويعلمه ويدرّبه على أمور تنفعه في حياته، فلا
يلبث أن ينقلب عليه مستخدماً ما تعلّمه في الكيد لأُستاذه وولي نعمته. والعلاقة
بين الطرفين هي المشابهة كما هو واضح.
روي عن النبيّ صلى
الله عليه وآله وسلم: " لا يلدغ المؤمن من جُحرٍ
مرتين "
لحديث الشريف، تجده
سار مسار الأمثال، فقد شبهت به حال من يخطئ مرة، ويستفيد من هذا الخطأ، فلا يعود
ثانية إليه، بحال المؤمن الذي لدغ مرة من ثعبان مختبئ في حجره فلم يَعُد يقترب من
الجحر أو من غيره ثانية، فتقول لهذا الإنسان: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.
والحديث لا يريد هذا المعنى بل قصد المعنى المجازي الذي بيّناه.
٢ - قال الشاعر:
ومن ملك البلاد بغير حرب يهون
عليه تسليم البلاد
يقال لمن يبعثر فيما
ورثه عن والديه
فالمعنى الحقيقي
للبيت هنا هو أن من يستولي على بلاد بغير تعب وقتال يهون عليه تسليمها لأعدائه.
والشاعر لم يستعمل البيت في هذا المعنى الحقيقي، وإنما استعمله مجازيا للوارث الذي
يبعثر فيما ورثه عن والديه لعلاقة
مشابهة بينهما
ولقرينة تمنع من إرادة المعنى الحقيقي .
إذن في هذا التركيب
الذي اشتمل عليه البيت استعارة، وإذا
شئنا إجراءها قلنا: شبهت
حال الوارث الذي يبعثر فيما ورثه عن والديه بحال من استولى على بلاد بغير تعب
وقتال فهان عليه تسليمها لأعدائه، بجامع التفريط فيما لا يتعب في تحصيله في كل، ثم
استعير التركيب الدال على المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية.
والقرينة حالية.
قال المتنبي :
ومن يجعل الضرغام للصيد بازه تصيده
الضرغام فيما تصيدا
يقال مثلا للتاجر اختار مشرفا
على متجره فنهبه واغتاله
فالمعنى الحقيقي
للبيت أن من اتخذ الأسد وسيلة للصيد افترسه الأسد في جملة ما افترس. والمتنبي لم
يستعمل البيت في هذا المعنى الحقيقي، وإنما استعمله مجازيا للتاجر اختار مشرفا على
متجره فنهبه واغتاله، لعلاقة مشابهة بين الحالين، ولقرينة تمنع من إرادة المعنى
الحقيقي .
وعلى هذا يكون البيت
بتركيبه قد اشتمل على استعارة يقال في إجرائها: شبهت حال التاجر اختار مشرفا على متجره فنهبه واغتاله بحال من اتخذ
الأسد وسيلة للصيد فافترسه في جملة ما افترس من الصيد، بجامع سوء البصر بما يستخدم
ورجاء الخير مما طبع على الشر. ثم استعير التركيب الدال على المشبه به للمشبه على
سبيل الاستعارة التمثيلية.
والقرينة هنا
كالقرائن السابقة حالية تفهم من سياق الكلام.
أمثلة على الاستعارة التمثيلية :
1- إنَّك لا تَجْني
من الشَّوْكِ العنبَ.
2- يبتغي الصَّيْدَ
في عرِّيسَة الأسد
3- أنت تضرب في حديد
بارد.
4- هو يبني قصوراً
بغير أساس.
5- المورد العذب كثير
الزحام.
6- اعقلها وتوكل.
7- لكل جواد كبوة
8- رجع بخفي حنين
9- سبق السيف العذل
10-فمن يزرعِ الشوك
يجنِ الجراح،
11- قال
المتنبي :
غاض الوفاء فما تلقاهُ في عِدّة ٍ وأَعْوز الصّدقُ في الأخبار والقسمِ
12-قال
البحتري :
إذا ما الجرحُ رُمَّ
على فَساد ٍ
تبيّن فيه إهمال الطّيبِ
13-وقال الشاعر :
متى يبلغُ البنيانُ يوماً تمامَهُ إذا
كنت تبنِيهِ وغيرُكَ يهدمُ
س- أيهما أكثر بلاغة : التشبيه، أم الاستعارة ؟ ولماذا ؟
الاستعارة أقوى من التشبيه؛
لأنها تقوم على تناسي التشبيه، فيتصور الأديب أن المشبه هو المشبه به والعكس، وهذا
يجعل الاستعارة أقوى في التشبيه وأشد في الانفعال.
* سر جمال الاستعارة
:
للاستعارة سر جمال
يتحدد على أساس طرفي التشبيه من المادية والمعنوية:
وهى مثل التشبيه
( التشخيص - التجسيم - التوضيح ).
كتاب البلاغة السهلة للأستاذ / عبدالرحمن معوض
ميّز الاستعارة المكنية
والتصريحية مما تحته خط :
"اشتروا الضلالة بالهدى "1-
2- اهدنا الصراط المستقيم ".
3- " أومن كان ميتا فأحييناه ".
والتقدير من كان ضالاً
فهديناه.
4- قوله تعالى (وآية
لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون).
5- قوله تعالى ( فاصدع بما
تؤمر) الحجر : 94
6- - دقّاتُ قلب المرء
قائلةٌ له إنّ الحياة دقائقٌ وثوان.
7- فإن تعافوا العدل
والإيمانا فإن في إيماننا نيرانا .
8- لا تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيبُ برأسه
فبكى.
9- قومٌ إذا الشر أبدى
ناجذيه لهم طاروا إليه زرافات ووحدانا.
10- فتى كلما فاضت عُيُونُ
قبيلة دماً ضحكت
عنه الأحاديثُ والذكرُ
11- حتى متى أنت في لهوٍ
وفي لعبٍ * والموت نحوك يهوي فاغراً فاهُ
. أبو العتاهية
12- السيف أصدق إنباء من
الكتب * في حدّه الحدّ بين الجدّ واللعبِ . أبوتمام
13 - جردتْ عيناي سيفاً مرهفا * حذَراً منه بأن لا يُقطفا . ابن بقي
14 -تعرض لي السحابُ وقد قفلنا***فقلتُ إليك
إنّ معي السحابا
تدريبات على الاستعارة المكنية و الاستعارة
التصريحية
التدريب الأول :
ميّز
الاستعارة المكنية والتصريحية مما تحته خط .
1- " اشتروا الضلالة بالهدى".
2- اهدنا الصراط المستقيم ".
3-
" أومن كان ميتا فأحييناه ".
والتقدير من كان ضالاً فهديناه.
4-
قوله تعالى (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم
مظلمون).
5-
قوله تعالى ( فاصدع بما تؤمر) الحجر : 94
6- - دقّاتُ
قلب المرء قائلةٌ له إنّ
الحياة دقائقٌ وثوان.
7- فإن
تعافوا العدل والإيمانا فإن في إيماننا نيرانا .
8- لا
تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيبُ برأسه
فبكى.
9- قومٌ
إذا الشر أبدى ناجذيه لهم طاروا إليه زرافات ووحدانا.
10- فتى
كلما فاضت عُيُونُ قبيلة
دماً ضحكت عنه الأحاديثُ
والذكرُ
التدريب الثاني :
أجرِ
الاستعارة في الأمثلة الآتية :
1- حتى
متى أنت في لهوٍ وفي لعبٍ *** والموت نحوك يهوي فاغراً فاهُ . أبو العتاهية
2-
السيف أصدق إنباء من الكتب ***
في حدّه الحدّ بين الجدّ واللعبِ . أبوتمام
3- جردتْ
عيناي سيفاً مرهفا *** حذَراً منه بأن لا يُقطفا . ابن بقي
4- تعرض
لي السحابُ وقد قفلنا *** فقلتُ إليك إنّ معي السحابا
(المتنبي)
------------------------
التدريب الثالث :
حدد
كلمة المجاز فيما يأتي مبيناً السبب وبين نوعه .
1- لا
تعجبي يا سلمُ من رجلٍ *** ضحك المشيبُ برأسه فبكى . دعبل
2- وأقبل
يمشي في البساط فما درى *** إلى البحر يسعى أم إلى البدر يرتقي
الإجابة
:
1-
كلمة المجاز (المشيب) السبب: لأن الشيب لا يضحك وإنما الضحك من صفات
الإنسان.
والعلاقة
بين الشيب والإنسان علاقة مشابهة . نوع المجاز : استعارة مكنية .
حذف المشبه به ودل عليه كلمة الضحك.
2-
المجاز في البحر والبدر كلمتان استعملتا في غير معناهما الحقيقي والمقصود معنى
مجازي وهو الممدوح ( الخليفة ) السبب : المشي على بساط قصر الخليفة لعلاقة
المشابهة.
-
نوع المجاز : استعارة تصريحية ، حذف المشبه وصرح بالمشبه به.
كتاب البلاغة السهلة للأستاذ / عبدالرحمن معوض
التدريب الرابع :
اشرح الاستعارة في الأبيات التالية وبين نوعها .
في وصف القلم قال المتنبي ذلك البيت :
يمج ظلاما في نهارٍ لسانُه ويفهم عمَّن قال ما ليس يسمع
لمدح سيف الدولة يقول المتنبي
هذا البيت :
مَا تَرَى ظَفَراً حُلْواً سِوَى ظَفَرٍ تَصافَحَتْ فيهِ بِيضُ الهِنْدِ وَاللِّممُ
في قصيدة المتنبي وجدت تلك : الإستعارة
ولمّا قَلّتِ الإبْلُ امْتَطَيْنَا إلى
ابنِ أبي سُلَيْمانَ الخُطُوبَا
وفي
بيت آخر :
ألمَجْدُ عُوفيَ إذْ عُوفيتَ وَالكَرَمُ وَزَالَ عَنكَ إلى أعدائِكَ الألَمُ
وفي
المدح يقول الأعرابي :
فُلانٌ يَرمي بِطَرْفِهِ حَيْثُ أَشَارَ الكَرمُ
وفي
آخر يقول :
تَطَلَّعتْ عيونُ الفضلِ لكَ ، وأَصغتْ آذانُ المجدِ إليك
ولمدح
القوم بالشجاعة سرد هذا
أَقْسمتْ سيوفُهمْ ألا تُضيع حقًّا لهم
في قصيدة السري الرفاء الموصلي
رصدنا تلك الإستعارة
كلُّ زَنْجيَّة كأَنَّ سوَادَ الْـلَيْل أَهْدى
لها سَوادَ الإِهَابِ
في
وصف سقوط الثلوج من على الجبال، يقول الشاعر
:
أُلِمُّ برَبعِها حَذِر اًفألقَى مُلِمَّ الشَّيبِ في لِمَمِ
الجِبالِ
في وصف القلم، قال أحدهم :
وأهيفُ إنْ زعزعتهُ البنا نُ أمطَرَ في الطّرْسِ لَيلاً أحَمّ
وفي فخر حسان بن ثابت بقوله
وشعره، يقول ذلك البيت :
لساني صارم لا عيب فيه وبحري لا تكدره الدلاء
---------------------------------------------------------------------------------
كتاب
البلاغة السهلة للأستاذ / عبدالرحمن معوض
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء