pregnancy

الأستاذ / عبد الرحمن معوض - معلم خبير لغة عربية وتربية إسلامية - السنبلاوين - دقهلية


(7 ) قيمة الحب

  

(7 ) قيمة الحب

الحديث الشريف

عن أَنسٍ عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِواهُما، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلَّا للَّهِ، وَأَنْ يَكْرَه أَنْ يَعُودَ في الكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ في النَّارِ متفقٌ عليه

وعن أبي هريرة   عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: سبْعَةٌ يُظِلُّهُم اللَّه في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالمَسَاجِدِ، ورَجُلان تَحَابَّا في اللَّهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ، وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، ورَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقال: إِنِّي أَخافُ اللَّه، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا، حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ متفقٌ عَلَيهِ   

 عن أبي هريرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: إنَّ اللَّه تَعَالَى يقولُ يَوْمَ الْقِيَامةِ: أَيْنَ المُتَحَابُّونَ بِجَلالِي؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَومَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي رواه مسلم  

  عن أبى هريرة قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوه تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بينَكم رواه مسلم

 

كلمة عن قيمة الحب فى الله

الحب في الله يحقق مبدأ الترابط الجماعي الخالص بين المؤمنين وهو الترابط النقي من شوائب المصالح الشخصية والأهواء النفسية والشهوات المادية، إذ هو حب خالص لوجهه، و له منزلة ومكانة عالية تتبين من خلال ما يلي

أن الحب في الله دليل حلاوة الإيمان لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ( من سره أن يجد حلاوة الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله عز و جل ) رواه أحمد وبه يكون المرء في ظل الرحمن يوم القيامة لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... وذكر منها: ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه، وتفرقا عليه ) رواه البخاري ومسلم

فهي محبة حقيقية لا يقطعها شيء من أمور الدنيا، فهي باقية إلى أن يفرق بينهما الموت، ولولا أنها محبة خالصة لله تعالى ما كتب لها البقاء والدوام

كما أن المحب في الله يحبه الله تعالى كما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال : ( ما من رجلين تحابا في الله بظهر الغيب إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حبا لصاحبه ) رواه الطبراني في الكبير وصححه الالباني

وفي الحديث القدسي : قَالَ اللَّهُ تباركَ وَتعالى : ( وجبت محبَّتي للمتحابِّين فيَّ والمُتجالسين فِيَّ والْمتزاورين فيَّ والْمتباذلِين فيَّ ) رواه مالك في الموطأ

والحب الخالص في الله من كمال الايمان كما في حديث أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من أحبَّ لله وأبغض لِلّه وأعطى للَّه ومنع لِلَّه فقد استكمل الإِيمان ) رواه أبو داود

وهذا فيه أن كل حركات القلب والجوارح إذا كانت كلها لله، فقد كمل إيمان العبد بذلك باطنا وظاهرا، ويلزم من صلاح حركات القلب صلاح حركات الجوارح، فإذا كان القلب صالحا ليس فيه إلا إرادة الله وإرادة ما يريده لم تنبعث الجوارح إلا فيما يريده الله، فسارعت إلى ما فيه رضاه وكفَّت عما يكرهه

ويتقوى هذا الحب ويزداد بأمور منها

ـ الهدية ولها أثرٌ بالغ في تحقيق السعادة ودوام المحبة والألفة، فإنها تُذهِب السخيمة، وتزيل البغضاء، ومهما كانت الهدية بسيطة ويسيرة فإن لها من الآثار النفسية ما يصعب حصره وتعدد مزاياها، وفي الحديث توجيه إلى تبادل الهدايا لتقوية المحبة في الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تهادوا تحابوا ) رواه البخاري في الأدب المفرد

وقال الشاعر :

إن الهديةَ حُلْـــــوَةٌ           كالسحرِ تجتلبُ القلوبا

تدني البعيد من الهوى        حتى تُصَيِّرَهُ قريبا

ـ ويتقوى بإفشاء السلام كما في حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم ) رواه مسلم

فالسلام أوَّل أسباب التَّآلف، ومفتاح اِستجلاب المَودة، وفِي إِفشائه تمكَّنُ ألفَة الْمسلمين بعضهم لبعض، وإِظهار شِعارهمْ الْمميِّز لَهم من غيرهم من أهل الْملل

ـ ويتقوى بإخباره بالحب في الله، لما روى أبو ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله عز و جل ) رواه أحمد

وورد أن إعلام المسلم أخاه بأنه يحبه في الله سبب في الألفة والمحبة ما رواه علي بن الحسين مرفوعا: ( إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليبين له، فإنه خير في الألفة و أبقى في المودة ) رواه وكيع في الزهد، قال المناوي رحمه الله: وهذا أبقى للألفة وأثبت للمودة، وبه يتزايد الحب ويتضاعف، وتجتمع الكلمة وينتظم الشمل بين المسلمين، وتزول المفاسد والضغائن، وهذا من محاسن الشريعة

هذه بعض أسباب تقوية المحبة في الله، وكلما كان الحب في الله خالصا لله، كلما قوي واستمر بهذه الأسباب

----------------------------------------------------------------------------------- 

كتاب الإذاعة المدرسية للغة العربية                               للأستاذ / عبدالرحمن معوض

كلمة أخرى عن قيمة الحب

الحبّ ذاك الشّعور الغامض بالانجذاب والإعجاب نحو شخص أو شيء ما، تعلّق شديد متمكّن من الصّعب التخلّص منه، هو باقة من المشاعر الإيجابية والحالات العقلية قويّة التأثير غير قابلة للحصر وللتّعريف الدّقيق، طالما حاول العلم إخضاعه لنبراسه ليبقى عصيّا على الفهم، يبدو كعلاقة فيزيائية أو معادلة كيميائية ليتجاوز منطق الفيزياء والكيمياء

اتّخذ العديد من الأسماء بتجلّيات متنوّعة وبدرجات متفاوتة وكان بين محبّ ومحبوب، بين زوجين، تجاه والدين، أبناء، بين إخوة، أصدقاء، أفراد عشيرة، وطن، أو تجاه أشياء. غالبا ما كان تعبيرا لأحاسيس وتفاعلات بين مخلوقات، قتلك الكائنات الفانية النسبيّة كانت دوما ما تبحث عن إشباع وإكمال نقصها بأشباهها من الصّور والأشباح وغالبا ما ينتهي وهمها إلى شقاء ومأساة حتّى صار العشق الحقيقي (العذري، الأفلاطوني، الرّومانسي، الطّاهر، العفيف، الصّادق بدون غايات) أحاديث كتب وروايات وشعر وكلمات (جميل بثينة، مجنون ليلى، عروة بن حزام، روميو وجوليات) وتبلّد الحسّ حتّى صار الحبّ لا يعرف نفسه بكثرة التشوّهات وتحجّرت القلوب وأصيبت بالعجز على أن تشعر أو تعبّر عن سميّ الأحاسيس خصوصا مع عصرنا المتوحّش. هكذا صار الحبّ بين المخلوقات لتجاهلها عدم توجيهه نحو من هو أحقّ بالحبّ من الكائنات

حبّ الله

رأينا أنّ حبّ الله يتبعه ضرورة حبّ خلقه وأوّلهم وأجدرهم بذلك خير خلقه سيّد الكونين مركز الثّقلين المبعوث رحمة للعالمين، من علّمنا كيف نحبّ، حبيبنا الّذي كان مدرسة الإحساس الرّاقي الرّحيم

الله أولى بأن يحبّ بل إنّ حبّه هو فرض وأمر وما العبادات والطّاعات إلا تحقّق لذاك الحبّ وتعبير عنه. الله الحيّ القيّوم السّميع المجيب الحنّان المنّان الودود العفوّ الرّؤوف الرّحيم ذي الطّول شديد العقاب المنتقم ذو الجلال والإكرام، تقدّست اسماؤه وتنزّهت صفاته وتعاظمت أفعاله، يُحبّ ويَحبّ، رحمته وعذابه محبّة، حبّه وفضله سابقان لخلقه، وإسباغ محبّته على عبده لها تجلّيات عدّة

يقول أعزّ من قائل في سورة آل عمران: "قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "  ويقول في سورة البقرة: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ"   )

لمحبّة الله لعبده تجلّياتها، وإشراقة الإيمان تتبعها وجوبا تطبيقات عمليّة وسلوكيّة، من علامات تلك المحبّة كثرة الطّاعات وحتّى الابتلاءات، يقول الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم: "إنّ عِظم الجزاء من عظم البلاء، وإنّ الله عز وجل إذا أحبّ قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرّضا، ومن سخط فله السّخط" (رواه الترمذي وابن ماجه)

وفي حديث قدسي: "حقَّت محبتي للمتحابين فيّ، وحقت محبّتي للمتزاورين فيّ، وحقت محبّتي للمتباذلين فيّ، وحقت محبّتي للمتواصلين فيّ" (رواه أحمد). وفي حديث آخر: "وما زال عبدي يتقرب إليَ بالنوافل حتى أحبَه"، ومحبّة الله لعبده ليس لها حدّ، تأمّلوا هذا الحديث القدسي: (إن الله تعالى قال: مَن عادى لي وليًّا، فقد آذنتُه بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إلي بالنّوافل حتى أحبّه، فإذا أحببتُه كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورِجْله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه) رواه البخاري  

تأمّلوا ثمرة المحبّة في حديث للرّسول صلى الله عليه وسلّم: "إذا أحبَّ الله العبد نادى جبريل إن الله يحبّ فلاناً فأحببه فيحبّه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحبّ فلانا فأحبّوه فيحبّه أهل السّماء ثم يوضع له القبول في الأرض". (البخاري) أرأيتم هذه المحبّة العابرة للقارّات للأكوان والموجودات؟

حبّ خلق الله

رأينا أنّ حبّ الله يتبعه ضرورة حبّ خلقه وأوّلهم وأجدرهم بذلك خير خلقه سيّد الكونين مركز الثّقلين المبعوث رحمة للعالمين، من علّمنا كيف نحبّ، حبيبنا الّذي كان مدرسة الإحساس الرّاقي الرّحيم. محبّة رسول الله هي من و في محبّة الله، بل يمكن أن نغالي فيها كما نرى في الأثر: عَن عَبْد اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ إِلاَّ مِنْ نَفْسِى. فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "لاَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ". فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: "فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى" فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم "الآنَ يَا عُمَرُ"  صحيح البخاري

ومن نبع هذه المحبّة يمسّ فيضها كلّ الأحبّة وتشمل الكون بما فيه وحتّى في باب مجاهدة النّفس والمفاسد فهي من باب المحبّة. الّلهمّ صلّ على سيّدنا محمّد بقدر حبّك فيه وزدنا يا مولانا حبّا فيك وفيه

-----------------------------------------------------------------------------------
شكرا لتعليقك