16- التضمين في علم البلاغة
التضمين
في علم البلاغة :
قال المحدثون في
تعريف التضمين: التّضمين هو أن يستعير
الشاعر شيئا من نظم غيره , ويدخله في نظم قصيدته" والتضمين نوعان: إما تضمين
بيت شعري كامل، أو شطر واحد ومن النص
ليس ذاتًا مستقلة أو مادة موحدة،
فالكاتب حين يكتب يرتكز إلى مخزون ثقافي مُتنوع
تكون من خلال حفظه، وتأثره بنصوص متعاقبة على ذهنه، وهو أساس انبثاق تجربته الإبداعية،
وهذه التجربة لا بدّ لها من تضمين لتأخذ قوتها ومرجعيتها، فالتضمين في علم
البلاغة: هو أن يُثبت الشاعر أو الكاتب شيئًا من كلام سواه يوافق موضوعه أو يدعم
كلامه، ولا بدَّ من الإشارة إلى موضع التضمين إن لم يكن مشهورًا عند البلغاء
والشعراء.
ويندرج
التضمين ضمن علوم البلاغة العربية تحت علم البديع، وهو من البديع المعنوي الذي
يعزز الفكرة التي يلقيها المرسل، في محاولة لإقناع المرسل إليه بالفكرة، ولإعلام
المرسل إليه بأن هذه الفكرة قد وافقت أفكار الآخرين،
وعن كيفية
وقوع التضمين يحدثنا ابن جني حيث يقول :
" اعلم أن الفعل إذا
كان بمعنى فعل آخر وكان أحدهما يتعدى بحرف والآخر بحرف آخر؛ فإن العرب قد تتوسع
فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه، إيذانًا بأن هذا الفعل في معنى ذلك الآخر؛ فلذلك
جيء بالحرف المعتاد مع ما هو في معناه؛
وقد قال العالم ابن
جني مادحًا هذا الفن البلاغي "فإنـه فصل في اللغة لطيف حسن يدعو إلى
الأنس" فهو فن بلاغي مستحسن عند العرب يدلُّ على سعة اطلاع الكاتب
التضميـن
في اللغة :
هو جعل الشيء في
باطن شيء آخر، وإيداعه إياه، ويقال: ضمن فلان ماله خزانته، فتضمنته هي، والخزانة
مضمن فيها، وهـي أيضًا متضمنة والمال متضمن
---------------------------------------------------------------------------------
كتاب البلاغة السهلة
للأستاذ / عبدالرحمن معوض
التضمين
في الاصطـلاح :
للتضمين مجموعة
من التعريفات أهمها:" أن يـؤدي (أو يتوسع) في استعمال لفظ توسعًا يجعله
مؤديًا معنى لفظ آخر مناسب له، فيعطي الأول حكم الثاني في التعدي واللزوم" ، وهو عند بعضهم: "إشراب لفظ معنى لفظ آخر،
وإعطاؤه حكمه؛ لتصير الكلمة تؤدي معنى الكلمتين"
إن الغرض من التضمين : إعطاء مجموع معنيين وذلك أقوى من
إعطاء معنى واحد
التضمين : هو أن يضمّن الشاعر كلامه من شعر غيره لشدّة جماله أو لشدّة علاقته بما
يقول، نحو قول الحريري على لسان الغلام الذي عرضه أبو زيد للبيع
على أنّي سأنشد
عند بيعـي * أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا
حيث ضمّن الشاعر
صدر بيت العرجيّ القائل :
أضاعوني
وأيّ فتى أضاعوا * ليوم
كريـــــه وســـداد ثغر
وذلك كقوله تعالى
:
" أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى
نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ "
وأنت لا تقول: (رفثت المرأة)، ولكن تقول: (رفثت
بها أو معها)، لكنه لما كان الرفث هنا في معنى الإفضاء، وكنت تعدي (أفضيت) بإلى؛
كقولك: أفضيت إلى المرأة؛ جئت بـ (إلى) مع الرفث إيذانًا وإشعارًا أنه بمعناه
أمثلة
على التضمين :
المثال
الأول: يقول بشار بن برد :
وذات دلٍّ كأن البدر صورتها باتت تغني عميد القلب سكرانا
إنَّ
العيون التي في طرفها حورٌ قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
البيت الأول للشاعر العباسي بشار بن برد، والبيت
الثاني قاله جرير الشاعر الأموي، فبشار اُعجب بقول جرير فضمنه كلامه، وهو مناسب
للمقام، ويجري مع سياق الكلام.
المثال الثاني :
كأنّه
كان مطويّا على إحن ولم
يكن في ضروب الشعر أنشدني
إنّ الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا من كان يألفهم في المنزل الخشن
فابن العميد قد ضمّن بيتا ليس له ولم ينبّه
عليه، وهذا البيت من قصيدة مشهورة لأبي تمام
المثال الثالث : ومن أمثلة تضمين جزء من بيت
قول القائل
أعذاره
الساري العجول ترفقًا مافي وقوفك ساعةً من بأس
فقد ضمن القائل شعره بعضًا من شعر أبي تمام وهو
عجر "الشطر الثاني"
من قول أبو تمام : مافي وقوفك ساعةً من بأس نقضي
ذمام الأَربُعِ الأَدراسِ
المثال الرابع: في هذا المثال ضمن القائل شعره أقل من شطر، فقال :
فبت
والأرض فراشي وقد غنّت "قفا نبك" مصاريني
فالشاعر ضمن قول
امرئ القيس في قصيدته، وقول امرئ القيس مشهور
وهو: قفا نبك من
ذِكرى حبيب ومنزل بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ
المثال الخامس: قال جحظة :
هات اسقنيها بالكبير وعنّني
ذهب
الذين يُعاش في أكنافهم
فالشطر الثاني قد ضمنه الشاعر جحظة من فول لبيد
بن ربيعة الذي يقول فيه
ذهب
الذين يُعاش في أكنافهم وبقيت في خلف كجلد الأجرب
المثال السادس: قول ابن لعبون :
ينشدني يوم انتوى
الكل برحيل هل عند
رسم دارس من معول؟
فضمن الشاعر بيته نصف بيت لامرئ القيس، والبيت
قد قاله امرؤ القيس كالآتي :
وإنّ
شفائي عبرة مهراقة هل عند
رسم دارس من معول؟
-----------------------------------------------------------------------------------
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء