من دروس علم البديع :
5 - التصريع
التصريع : اتفاق قافية الشطر الأول من البيت الأول مع قافية القصيدة ويكون في
البيت الأول يندر أن يقع في غيره و هو تشابه نهاية الشطر الأول مع نهاية الشطر
الثاني في البيت الأول.
قال المتنبي :
على
قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على
قدر الكرام المكارم
نجد
أن القصيدة ميمية ولو لحظنا أن الشطر الأول كذلك انتهى بحرف الميم
وقال الأعشى :
ودع
هريرة إن الركب مرتحل وهل تطيق وداعاً أيها الرجل
وفي
قصيدة الأعشى انتهى الشطر الأول بحرف اللام والقصيدة لامية
قال
عنترة :
سكت فغر أعدائي السكوتُ وظنوني لأهلي قد نسيتُ
فى
البيت تصريع حيث ختم الشطر الأول من البيت بحرف مماثل للحرف الاخير من البيت قافية
القصيدة ويعطى نغمة موسيقية تطرب لها الأذن وترتاح النفس
مثال:
اختلاف
النهار والليل ينسي اذكـــرا لــي الصــبا وأيام أنسي
كم تشتكى
وتقول إنك معدم والأرض ملكك
والسماء والأنجم
·
سر جماله يحدث نغما موسيقيا يطرب الأذن .
·
فى البيت تصريع حيث ختم الشطر الأول من
البيت بحرف مماثل للحرف الاخير من البيت قافية القصيدة ويعطى نغمة موسيقية تطرب
لها الأذن وترتاح النفس
التصريع على ضربين : عروضي ، وبديعي
فالعروضي : عبارة عن استواء عروض البيت وضربه في
الوزن والإعراب والتقفية، بشرط أن تكون العروض قد غيرت عن أصلها لتلحق الضرب في
زنته
والبديعي : هو استواء آخر جزء في الصدر، وآخر جزء في
العجز في الوزن والإعراب والتفقيه، ولا يعتبر بعد ذلك أمر آخر، وهو في الأشعار
كثير، لا سما في أول القصائد، وكثير ما يأتي في أثناء قصائد القدماء؛ ويندر مجيئه
في أثناء قصائد المحدثين، ووقوعه في الأعشار دليل على غزر مادة الشاعر، وحكمه في
الكثرة والقلة حكمن بقية أنواع البديع، إذ كل ضرب من البديع متى كثر في شعر سمج،
كما لا يحسن خلو الكلام منه غالباً، وكل ما جاء منه متوسطاً من غير تكلف فهو
المستحسن، وقد يأتي بعض أوائل القصائد مصمتاً، ويأتي التصريع في أثنائها بعد ذلك.
وقد قسمه أهل الصناعة قسمين: قسم سموه تصريع التكميل، وقسم سموه تصريع
التشطير، ورأيت منهم من جعل هذا القسم الثاني باباً مفرداً يسميه التشطير
من غير أن يضيف إليه لفظة التصريع
ومثال التصريع
العروضي قول امرئ القيس طويل
ألا عم
صباحاً أيها الطلل البالي وهل
يعمن من كان في العصر الخالي
ومثال التصريع
البديعي قوله في أثناء هذه القصيدة
ألا إنني بال على جمل بال
يقود
بنا بال ويتبعنا بال
وقوله أيضاً بعد تصريع أول القصيدة المعلقة، وإن كان
إطلاق التصريع عليها إطلاقاً بديعياً، لا عروضياً، إذ أولها عند العروضين مقفى لا
مصرع طويل
ألا
أيها الليل الطويل ألا انجلي
بصبح
وما الإصباح منك بأمثل
ومثال ما وقع في
أثناء القصيدة وأولها مصمت قوله متقارب
تروح
من الحي أم تبتكر وماذا
يضيرك لو تنتظر
فإن أول هذه
القصيدة على أصح الروايتين
لا وأبيك ابنة
العامري لا يدعي القوم أني أفر
ثم والى التصريع
بعد قوله
تروح من الحي أم
تبتكر
فقال :
أمرخ
خيامهم أم عشر أم القلب في إثرهم منحدر
وشاقك
بين الخليط الشطر وفيمن أقام من الحي هر
وأهل البديع
يسمون التقفية تصريعاً، إذ لا يعتبرون الفرق بينهما. والتصريع في أثناء القصائد
والإصمات في أوائلها يستحسن من القدماء، ويستحسن من المحدثين، لأنه من العرب يدل
على قوة العارضة وغزر المادة، وعدم الكلفة وتخلية الطبع على سجيته، وهو من
المحدثين دليل على قوة التكلف غالباً، ولا يحسن التصريع لأنه لا يأتي منهم إلا
مقصوداً، ولا يحسن التصريع إلى ابتداء شعر غير الشعر الذي تقدم ألا ترى إلى كون امرئ القيس لما فرغ من ذكر
الحماسة في القصيدة الرائية التي ذكرنا منها الأبيات المتقدمة، وشرع في ذكر النسيب
صرع، وإذا استقريت أشعارهم وجدت أكثرها كما ذكرت لك
أمثلة
على التصريع في الشعر :
يقول الشاعر :
نَثَرَ الجوُّ على الأرْضِ بَرَدْ أيّ دُرٍّ لنحورٍ لو جَمَدْ
( كلمة برد وجمد يوجد بينهما التوافق بالوزن
والقافية وعلامة الإعراب)
يقول الشاعر :
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ أَحَلَّ
سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ
( كلمة العلم والحرم يوجد بينهما التوافق
بالوزن والقافية وعلامة الإعراب)
يقول الشاعر
اِختِلافُ
النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي اذكُرا
لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي
( كلمة ينسى وأنسى يوجد بينهما التوافق
بالوزن والقافية وعلامة الإعراب)
يقول الشاعر :
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
( كلمة العزائم والمكارم يوجد بينهما
التوافق بالوزن والقافية وعلامة الإعراب)
يقول الشاعر :
في المَوتِ ما أَعيا وَفي أَسْبابِهِ كُلُّ
امْرِئٍ رَهْنٌ بِطَيِّ كِتابِهِ
( تشابهت نهاية الشطرين في القافية واختلفا
في الوزن)
يقول الشاعر :
آذَنَتْنا بِبَيْنِها أسْماءُ رُبَّ
ثاوٍ يملُّ منه الثَّواءُ
( التصريع على البحر الخفيف، فقد جاء ضربه
على وزن وعروضه على وزن)
يقول الشاعر :
بِأَبي وَروحي الناعِماتِ الغِيدا الباسِماتِ
عَنِ اليَتيمِ نَضِيدَا
(التصريع على البحر الكامل ، فقد جاء ضربه
على وزن وعروضه على وزن)
قال امرؤ القيس :
تروح من الحي أم
تبتكر وماذا
عليك بأن تنتظر؟
أمرخ خيامهم أم
عشر أم
القلب في إثرهم منحدر
وشاقك بين الخليط
الشطر وفيمن أقام من الحي هر
فوالى بين ثلاثة
أبيات مصرعة في القصيدة، وقد يجعلون أولها
أحار بن عمرو
كأني خمر ويعدو
على المرء ما يأتمر
وقال عنترة
العبسي :
أعياك رسم الدار
لم يتكلم حتى
تكلم كالأصم الأعجم
ثم قال بعد بيت
واحد
هل غادر الشعراء
من متردم أم
هل عرفت الدار بعد توهم؟
يا دار عبلة
بالجواء تكلمي وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي
فصرع البيت الأول
والثالث والرابع
وقولنا في شعر
امرئ القيس وعنترة وغيرهما مما يستأنف مصرع إنما هو مجاز وجرى على عادة الناس؛
لئلا يخرج عن المتعارف، وإلا فقد بينت ذلك أولاً
ومن الناس من لم
يصرع أول شعره قلة اكتراث بالشعر، ثم يصرع بعد ذلك، كما صنع الأخطل إذ يقول أول
قصيدة :
حلت صبيرة أمواه العداد وقد كانت
تحل وأدنى دارها نكد
وأقفر اليوم ممن حله الثمد فالشعبتان فذاك الأبلق الفرد
فصرع البيت الثاني دون الأول وقال ذو الرمة أول قصيدة
أداراً بحزوى هجت للعين عبرة فماء
الهوى يرفض أو يترقرق
فى الأبيات
تصريع حيث ختم الشطر الأول من البيت بحرف
مماثل للحرف الاخير من البيت قافية القصيدة ويعطى نغمة موسيقية تطرب لها الأذن
وترتاح النفس
أمثلة أخرى على التصريع :
يعرَّف التصريع أيضًا بأنَّه
توافق في القافية بين الصدر والعجز في البيت بغض النظر عن اختلاف الوزن، ويظهر ذلك
في الأمثلة فيما يأتي:
في المَوتِ ما أَعيا وَفي أَسْبابِهِ كُلُّ
امْرِئٍ رَهْنٌ بِطَيِّ كِتابِه
بيت لأحمد شوقي فيه تصريع واضح، حيثُ تشابهت نهايتا الشّطرين في القافية
واختلفتا في الوزن، فجاء نهاية الصدر على وزن: مستفعلن، ونهاية العجز على وزن:
متفاعلن.
بِأَبي
وَروحي الناعِماتِ الغِيدا الباسِماتِ عَنِ اليَتيمِ نَضِيدَا
بيت لأحمد شوقي أيضًا على البحر الكامل، وفيه تختلف النهايتان في الوزن،
فالأولى جاءت: مفعولن، والثانية على وزن: فعلاتن
لَم يَبْقَ رَسْمٌ للأدَبْ أوْدَى
ضَياعًا وَذَهَبْ
هذا البيت للشاعر ابن الأبار على بحر الرجز، فيه تصريع اختلفت فيه
النّهايتان، فجاءت فيه نهاية الصدر على وزن: مستفعلن، والثانية: مفتعلن.
طَرَقَتْ أسماءُ
والرَّكْبُ هُجودُ والمطايا جُنَّحُ الأزْوارِ قُود
في قول الشاعر ابن الرومي على وهو وزن الرمل،
وجاءت فيه العروض على وزن: فعلاتن، وضربه على وزن: فاعلاتن.
آذَنَتْنا بِبَيْنِها
أسْماءُ رُبَّ
ثاوٍ يملُّ منه الثَّواءُ
في قول الحارث بن حلزة تصريع في
بيت على البحر الخفيف، فقد جاءت ضربه على وزن:
فاعلاتن، وعروضه على وزن: فاعلاتن:
-----------------------------------------------------------------------------------
كتاب البلاغة السهلة
للأستاذ / عبدالرحمن معوض
أشدو بها وَسْطَ
النّدِيِّ الحاشِدِ وَضّاحَةً مِن غُرَرِ المَراشِدِ
قول ابن الأبار أيضًا على البحر
الرجز، حيث جاءت ضربه وهي نهاية الشطر الأول على وزن: مستفعلن، وعروضه أي نهاية
الشطر الثاني على وزن: متفعلن
ومنه ما كانتِ العَروض في البيت تابعةً لضربه
وزنًا وزيادةً ونقصًا، تَزيد بزيادته، وتنقص
بنقصه فالعَروض تبعت الضرْب في الوزن حيث جاءتْ على "فعولن" مثله
: الزيادة
نحو قول امرئ القيس
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَعِرْفَانِ رُسُومًا عَفَتْ آيَاتُهَا مُنْذُ أَزْمَانِ
حيث جاءت عَروض هذا البيت فقط على "مفاعيلن"، بينما بقية عَروض
القصيدة على "مفاعلن"؛ وذلك لمجيء الضرْب على "مفاعيلن"
للتصريع.
: النقص: نحو قول الشاعر
لَمَنْ طَلَلٌ أَبْصَرْتُهُ فَشَجَانِي كَخَطِّ
زَبُورٍ فِي عَسِيبِ يَمَانِي
الضرب "يماني" على فعولن، والعَروض
أيضًا "شجاني" على فعولن، حيث جاءتِ العَروض ناقصة بدلاً مِن
"مفاعلن" للتصريع، والقصيدة كلها عروضها "مفاعلن
----------------------------------------------------------------------------------
كتاب البلاغة السهلة
للأستاذ / عبدالرحمن معوض
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء