ثانياً : التشبيه المركب
التشبيه المركب ،
هو التشبيه الذي يكون المشبه فيه مركّباً ، والمشبه به مركباً يراد بالمركب هنا ا لصورة المكونة من عدد من العناصر المتشابكة
المتماسكة،
فقولنا : هذا الرجل السمين الذي يرقص فى الساحة
يشبه الفيل في حلبة الألعاب فتعبيرنا عن ( الرجل ) لم يكن مفرداً، أو بالأصح مجردا من كل
صفة، و إنما قصدنا الرجل المتصف بالسمن والراقص فى الساحة و هذه الأوصاف هي التي
جعلته (مركباً )
وهو التشبيه الذي
يكون على شكل لوحة تُصَوَّرُ أكثر من مفرد، ووجه الشبه فيه لا يكون مأخوذا من مفرد
بعينه، بل يكون مأخوذا منه و من غيره، أو من الصور العامة.
احتل موقف
التشبيه المركب في علم البيان كأحد أقسام التشبيه باعتبار طرفيه عن غيره من
التشبيهات الأخرى، هي: التشبيه المفرد، وتشبيه التسوية، وتشبيه الجمع، والتشبيه
المتعدد، والتشبيه المركب ويندرج تحت
التشبيه المركب نوعان اثنان من التشبيه، وإن هذا النوع من التشبيه يقتصر
على البحث فى قضية المشبه والمشبه به فقط دون ركني التشبيه من وجه الشبه وأداة
التشبيه
أوجه الفروق
بين التشبيه المفرد والمركب :
التشبيه باعتبار طرفيه، أو تشبيه شيء بشيء قائم
على ملاحظة وجود عنصر أو أكثر من عناصر التشابه بينهما، وبهذا ينقسم التشبيه إلى
قسمين :
القسم الأول : التشبيه البسيط (
التشبيه المفرد )
التشبيه البسيط عبارة أخرى عن التشبيه المفرد، وهو
التشبيه المشتمل على التشبيه بمفرد، لأن المشبه يشابه المشبه به بوجه من الوجوه،
أو جانب من الجوانب كتشبيه الجاهل بالأعمى، والعالم بالبصير، والجهل بالظلمات،
والعلم بالنور والمفرد فى البلاغة غير
المركب، فإذا قلنا : هذا الولد نظيف، فإن قولنا يدل على مفرد، وكذلك لو قلنا :
هذان الولدان نظيفان، وهؤلاء الأولاد نظيفون، فهي جميعا مفردة بلاغياً.
القسم الثاني
: التشبيه المركب :
وهو
التشبيه الذي يكون على شكل لوحة تُصَوَّرُ أكثر من مفرد، ووجه الشبه فيه لا يكون
مأخوذا من مفرد بعينه، بل يكون مأخوذا منه و من غيره، أو من الصور العامة. أو
الصورة المكونة من عدد من العناصر المتشابكة المتماسكة التي يكون المشبه فيه
مركّباً، والمشبه به مركباً.
وجهتان من التشبيه المركب وأمثلتهما :
وهذا التشبيه المركب
يكون على وَجْهَيْنِ :
الوجه الأول : ما كان على شكل
عناصر متلاقية تقابل أمثالها في المشبه به ، كتشبيه الإنفاق في سبيل الله بإخلاص ،
بالزرع الذي تزرع فيه الحبوب في أرض طيبة مباركة ، فتنبت الحبة منها سبع سنابل، في
كل سنبلة مائة حبة.
هنا نلاحظ
أن الإنفاق يشبه عملية الزرع، وتنمية الله له يشبه النبت الجيد، مضاعفة الأجر تشبه
تكاثر السنابل من الحبة الواحدة، وتكاثر الحب في كل سنبلة. هذا التشبيه نجده فى قوله تعالى :(
مَثَلُ الَّذِيْنَ نيُنْفِقُوْنَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيْلِ اللهِ كَمَثَلِ
حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَاِبِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَ
اللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيْمٌ ).
ومنه قول
أبي فراس الحمداني يصف رَوضَتَيْنِ مُزَيَّنَتَينِ بأنواع الزهور ذات الألوان
المختلفة الزاهية، ويجري بينهما نهر صافٍ :
وَ المـاءُ
يَفصِلُ بَينَ رَوضِ الَّـــزهرِ فىِ الـــشَّطَّينِ فَــــــصْلا
كَبِســـــاطِ وَشْــــــيٍ جَــــــــرَّدَت أَيدِي القُيُونِ عَلَيـــهِ نَصْــــلا
وجه الشبه في هذا
التشبيه منتزع من متعدد في صورة واحدة، إلا أننا لدى تحليل هذا التشبيه نلاحظ أنه
جاء على شكل عناصر متلاقية تقابل أمثالها فى المشبه به.
- فالنهر بين الروضتين يشبه السيف المجرد الصقيل
المطروح في وسط البساط الموشّى
- والروضة الواقعة على
يمين النهر تشبه قسم البساط الواقع على يمين السيف المجرد
- والروضة الواقعة على يسار النهر تشبه قسم البساط
الواقع على يسار السيف المجرد
دلّ تجريد
القيون للسيف على أنه سيف جديد صقيل يتلامع، وهذا يدل على أن ماء النهر صافٍ شديد
الصفاء، وهذا يدل على أنه نهر جارٍ من نبع، فليس ماءً راكداً آسناً، وليس ماء سيل
كدر.
الوجه
الثاني :
ما كان على شكل وحدة مركبة متداخلة تعطي بجملتها وجه الشبه، دون ملاحظة التقابل
الجزئي بين المشبه والمشبه به.
كالمثل
الذي ضربه الله عز وجل لفريق من المنافقين، بقوله :
( مَثَلُهُمْ
كَمَثَلِ الّذِى اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ
بِنُوْرِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُوْنَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يُبْصِرُوْنَ )
تضمن
هذا التمثيل تشبيها لحالة الصنف الأشد من صنفي المنافقين، وهو الصنف الذي مرد على
النفاق، بعد رؤيته أضواء هداية القرآن، وسماعه إنذارات عذاب الله للكافرين، ولما
مرد على النفاق ملتزما الثبات في موقع الكفر، طمس الله بصيرته بقانونه القدري الذي
اتخذ هو أسبابه.
شبه الله
عز وجل الصورة الكلية لهذا الصنف بصورة من استوقد ناراً في مفازة مظلمة موحشة ضمن ليل دامس، فلما أضاءت هذه النار ما
حوله من أرض المفازة، ورأى صراطه، وعرف سبيل هدايته، ووجد أنه على غير ما يهوى
ويشتهي، اتخذ وسيلةً أبعد بها عنه شعاع الضوء، رافضا الاهتداء بالنور، متأبيا أن
أن يسلك الصراط المستقيم إصراراً على الباطل، ومعاندة للحق، فوقع عليه قانون ذهاب
النور الذي تسبب هو في إذهابه، فأمسى كالأصم الأبكم الأعمى، غير مستعد لأن يرجع
إلى مواطن النور.
فوجه الشبه
فيه صورة منتزعة من متعدد، والتشبيه قائم على تمثيل صورة ذات عناصر مختلفة بصورة
ذات عناصر مختلفة، والجامع بينهما وجه شبه يمثل أيضا صورة منتزعة من عناصر
متعددة.
ومنه قول المهلبي
الوزير :
الشَّمشُ مِن مَشرِقِهَا قَد بَدَت مُشرِقَــةً لَـــيسَ لَــهَا
حَاجِبٌ
كَأَنَّـــهاَ بــوتَقـــةٌ
أُحمــــِيَت يَجُــولُ
فِـــيهاَ ذَهَــــبٌ ذَائِــبٌ
شبه المهلبيّ الشمس
ببوتقة الصائغ التي يُذِيب بها الذهبَ على النار، ووجه الشبه هنا منتزع من متعدد،
إذ هو الهيئة الحاصلة من لون الذهب، واستدارة البوتقة في هيئة مختلطة مركبة.
كتاب البلاغة السهلة للأستاذ / عبدالرحمن معوض
ô أنواع التشبيه المركب :
4 - التشبيه التمثيلى
التشبيه التمثيلي هو: ما
كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة من متعدد أمرين أو أمور. وهذا مذهب جمهور
البلاغيين. ولا يشترط فيه تركيب الوجه سواء كان الوجه فيه حسيا، أم عقلياً،
حقيقيًا أو غير حقيقيًا.
هو تشبيه صورة بصورة أوهيئة يهيئة ولا يكون وجه الشبه فيه مفردا بل
صورة منتزعة من أشياء متعددة .
كيف
نميز التشبيه التمثيلي عن غيره ؟
التشبيه التمثيلي
نجده متمثلًا في القرآن الكريم بكلمة مثل ، على عكس التشبيه الضمني الذي لم يرد في
القرآن .
يرد التشبيه
التمثيلي في الشعر، وحتى نميز التمثيلي عن غيره نلاحظ في صدر البيت الشعري ورود
أمرين أو أكثر مقابل ورود أمرين أو أكثر في عجز البيت
يكثر في التشبيه
التمثيلي ورود الصوت والحركة واللون فهو أقرب للتصوير والتمثيل
أكثر أبيات الشعر
المتمثل فيها التشبيه التمثيلي فيها أداة تشبيه أو ما يدل عليها كقولنا حسبتها أو
خلتها أما أبيات الشعر في التشبيه الضمني فأكثرها يخلو من أدوات التشبيه
مثلا:
- يدخل
الطلاب الصف كتدفق السيل.
فقد
شبهنا الطلاب بالماء، وحركتهم وتموجهم بحركة الماء
وتموجه، ولا ننسى أن المشبه عدة صور فهناك طلاب وهناك صف وهناك المدخل أو الباب ويدخل فيه الطلاب
ôمثل : قول الله تعالى :
(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ
سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ) .
شبه الله سبحانه وتعالى هيئة الذين ينفقون أموالهم
في سبيل الله ابتغاء مرضاته ويعطفون على الفقراء و المساكين بهيئة الحبة التي أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، والله سبحانه وتعالى يضاعف لمن يشاء ووجه الشبه
ليس صفة واحدة بل صورة وهيئة منتزعة من عدة صفات وهى أن
الشئ القليل إذا وضع في المكان المناسب نما وتكاثر وزاد أضعافا مضاعفة
ôقال تعالى في شأنِ اليهود :
(مَثَلُ الَّذِينَ
حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ
أَسْفَاراً ...)
حيث شبهت الآية حالة وهيئة اليهود الذين
حُمَّلوا بالتوراة ثم لم يقوموا بها ولم يعملوا بما فيها بحالة
الحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفاراً (كتباً)، فهي بالنسبة إليه لا تعدو(لا
تتجاوز) كونها ثقلاً يحمله
ووجه الشبه (الهيئة الحاصلة من التعب
في حمل النافع دون فائدة.. )
*مثال قوله تعالى " مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد
اشتدت به الريح فى يوم عاصف "
فهو تشبيه لحالة الكفار وأعمالهم
الباطلة التي لافائدة لها بحال الرماد الذي يتطاير
في يوم عاصف ووجه الشبه هنا صورة منتزعة من
عدة أشياء وهى أن الشئ بفائدته وليس بكثرته
*مثال قوله تعالى :-
مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه
عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى
فهو يشبه حال المؤمنين في ترابطهم
وتعونهم ووحدة مشاعرهم بحال الجسد إذا تألم
منه عضو شاركته بقية الأعضاء في الألم
ووجه الشبه هنا صورة منتزعة من عدة أشياء وهى
المشاركة
قال تعالى : " إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء
فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن
أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلًا أو نهارًا فجعلناها حصيدًا كأن لم تغني
بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون " .
- المشبه : حال
الدنيا في سرعة تقضيها وانقراض نعيمها بعد الإقبال .
- المشبه به: حال
النبات في جفافه وذهابه حطاماً بعدما التفَّ وتكاثف وزيّن الأرض بخضرته .
- وجه الشبه : صورة
شيء مبهج يبعث الأمل في النفوس في أول أمره ثم لا يلبث أن يظهر في حال تدعو إلى
اليأس والقنوط.
-----------------------------------------------------------------------------
كتاب البلاغة السهلة للأستاذ / عبدالرحمن معوض
قال تعالى : "
اعلموا أن الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم
وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرًّا ثم
يكون حطامًا وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا
متاع الغرور"
- المشبه : حال الحياة الدنيا في مسراتها وسرعة تقضّيها .
- المشبه به : حال
مطر أنبتت زرعًا فنما وقوي وأعجب به الزرّاع ثم أصابته آفة فيبس واصفرّ وتفتت .
- وجه الشبه : صورة
شيء يعجب الناظرين في أول أمره ثم لا يلبث أن تزول نظارته ويسوء حاله .
قال تعالى :
" والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن
ماء حتى إذا جاءه لم يجده ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب ( 39 ) أو
كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا
أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور "
- المشبه : صورة
أعمال غير المؤمنين من حيث إنها تظهر جميلة خيّرة ولكنها في الحقيقة حابطة لا ثواب
فيها.
- المشبه به : حال
السّراب بفلاة يظنه الظمآن ماء فيذهب إليه فلا يجده شيئا أو كظلمة في بحر عميق .
- وجه الشبه : صورة الشيء يخدع منظرة ويسوء مخبره .
أمثلة على التشبيه التمثيلي :
وجه الحسناء في
المرآة كالقمر في صفحة الماء
الصافي
- المشبه : وجه المرأة الجميلة عندما تنظر إلى نفسها في المرآة
- المشبه به : صورة القمر وهو منعكس على الماء الصافي
- وجه الشبه : صورة شيء جميل ينعكس صورته وجماله على شيء صافٍ
* و كقول علي
الجارم في العروبة :
توحّد حتى صار قلباً تحوطه قلوب
من العُرْب الكرام وأضلع
حيث شبه هيئة الشرق المتحد في الجامعة العربية يحيط به حب العرب وتأييدهم بهيئة القلب الذي تحيط به
الضلوع ووجه الشبه الاتحاد والتكاتف
وقال بشار بن برد في وصف
المعركة :
كأن مثار النقع فوق رؤوسهم وأسيافنا ليل تهوى كواكبه
فنجد أن الشاعر بشار بن برد يأتينا بصورة تخييلية
يشبه لنا فيها صورة الغبار المتصاعد في أجواء المعركة
– ولونه أسود - بينما تلمع السيوف وسطه- بيضاء
مشرقة متهاوية - فوق رؤوس الأعداء .يشبه هذه الصورة بصورة أخرى أخرى مماثلة هي صورة الليل - الدامس المظلم - الذي راحت كواكبه تتهاوى - بيضاء ساطعة
فوجه الشبه هنا مأخوذ من أمور متعددة هي : صورة الظلام
والبياض والإشراق معا
المشبه : الغبار المثار في معمعة القتال يثيرها الجنود من راجل وفارس ، والسيوف
اللامعة بأيدي المقاتلين وهي تسقط على رقاب الأعداء .
المشبه به : ليل دامس
الظلام تتهاوى فيه أجرام سماوية لامعة تخطف الأبصار .
وجه الشبه : سقوط الشيء
اللامع في جوانب شيء مظلم وتظهر الحركة فيها .
قال الشاعر يصف
الشمس حين طلوعها :
ولاحت الشمس تحاكي عند مطلعها
مرآة تبر
بدت في كف مرتعش
الشاعر
يشبه الشمس أثناء بزرغها - وهي تبدو حمراء لامعة - بمرآة ذهبية حمراء ،وهي تضطرب في كف
مرتعشة.
فلو
تلمسنا وجه المشبه لما رأيناه مفردا في كلمة واحدة - الحال في التشبيهات السابقة -
وإنما نراه ممثلا في صورة منتزعة في أمور متعددة.
فوجه
الشبه هنا ليس هو اللمعان فقط ، ولا اللون الأحمر فقط ،ولا الاضطراب فقط ، وإنما هو صورة مركبة من اللون الأحمر الذهبي
اللامع المضطرب معا ، وفي وقت واحد
1- قال المتنبي يصف جيشا
لسيف الدولة :
·
مثال :-
يهزُّ الجيشَ
حوَلكَ جانبيهِ كما نفضتْ جناحيها العقابُ
المشبه : الجيش المكون من ميمنة وميسرة يتحركان على جانبي سيف الدولة وفق أوامره يضطربان وفق تضاريس الأرض.
المشبه به : العقاب الذي يملك جناحين قويين يتحركان بكل قوة ومرونة
وفق حاجة العقاب يمينا ويسارا .
وجه الشبه : القوة والعظمة والقدرة
على السيطرة والتحكم لتحقيق الهدف المنشود .
قال ابن الرومي:
ما أنس لا أنس خبازا مررت به يدحو الرقاقة وشك اللمح بالبصر
ما بين رؤيتها في كفه كرة
وبين رؤيتها قوراء كالقمر
إلا بمقدار ما تنداح دائرة في صفحة الماء ترمي فيه بالحجر.
المشبه :حال عجينة الرّقاقة
في يد الخبّاز؛ تكون في أول أمرها كرة صغيرة ثم تنبسط وتستدير بسرعة.
المشبه به : حال دائرة في الماء
ناشئة من إلقاء حجر فيه؛ تكون في أول أمرها صغيرة ثم تنداح سريعا.
وجه الشبه : صورة شيء يبدو في أول أمره صغيرا مستديرا ثم يأخذ
في الاتساع والانبساط وشيكا.
وقال ابن الرومي :
أول
بدء المشيب واحدة تشعل ما جاورت من الشّعر
مثل
الحريق العظيم تبدؤوه أول
صول صغيرة الشّرر
- المشبه : حال الشّيب
يبتدئ بشعره تؤثر فيما جاوزها من الشّعر الأسود فتشبيه جميعًا.
- المشبه
به : حال الحريق العظيم تبدؤوه شرارة صغيرة
وجه الشبه : صورة شيء صغير يبدو أولًا ثم لا يلبث أن ينتج أمرًا عظيمًا
وخطيرًا.
اصبر على مضض الحسود فإن صبرك
قاتله فالـنار تأكـــل بعضـــــــها إن لم تجد
ما تأكل
المشبه : صورة الحسود إذا صبرت عليه وعلى حسده وسكتّ عنه وتركته في غيظه
المشبه به : صورة النار عندما تأكل وتحرق الحطب ، ولا تجد شيئًا تحرقه ، تعود لتحرق
بعضها بعضًا.
وجه الشبه : صورة شيء يُترك فلا يُلحق الأذى بغيره بل بنفسه
ولنا
قدرٌ تقلب العظام
كما يقلب الصبي المهاد
المشبه : صورة القدر الكبيرة التي يتقلّب فيها اللحم بفعل الغليان
المشبّه به : السرير الذي يتقلب فيه الطفل بتأثير الهزّ
وجه الشبه : وجود شيء يتحرّك في شيء آخر
كأن سُهَيْلًا والنُّجُوْمُ
وَرَاءَهُ صُفُوْفُ صَلاةٍ قَامَ
فِيهاَ إِمَامُها
إن ( سُهَيْلًا ) نجم
من نجوم السماء، فهو في هيئته، والنجوم الأخرى مصطفة خلفه، يشبه المسجد الذي وقف
في محرابه للصلاة، ووقف الناس وراءه – صفوفا متتابعة متراصة.
فالمشبه هنا مركب من
سهيل النجوم والأخرى وراءه، والمشبه به كذلك مركب من الإمام القائم فى المحراب،
والمصلون وراءه صفوف متتابعة.
قال المتنبي :
وأَصبح شِعْرِي منهما في مكانه وفى عَنقِ الحْسَناء يسْتحْسن
العِقْد
- المشبه : حال
الشعر يثني به على الكريم فيزداد الشعر جمالًا لحسن موضعه
- والمشبه به :
حال العقد الثمين يزداد بهاء في عنق الحسناء
- وجه الشبه :
زيادة جمال الشيء لجمال موضعه
وقال المتنبي :
كَرَمٌ تَبَيَّن في كلامِك
مَاثلاً ويبين عِتقُ الْخيْل من
أَصوَاتِها
- المشبه : حال
الكلام وأنه ينم عن كرم أصل قائله.
- والمشبه به :
حال الصهيل الذي يدل على كرم الفرس.
- وجه الشبه :
دلالة شيء على شيء.
ومن أمثلته
قول شاعر يمدح فارسا :
وتراه في ظلم الوغى فتخاله قمرا
يكر على الرجال بكوكب
فالمشبه هنا هو
صورة الممدوح الفارس وبيده سيف لا مع يشق به ظلام غبار الحرب، والمشبه به صورة قمر
يشق ظلمة الفضاء ويتصل به كوكب مضيء، ووجه الشبه هو الصورة المركبة من ظهور شيء
مضيء يلوح بشيء متلألئ في وسط الظلام
ومنه قول ابن
المعتز يصف السماء بعد تقشع سحابة :
كأن سماءنا لما تجلت خلال
نجومها عند الصباح
رياض
بنفسج خضل نداه تفتح
بينه نور الأقاح
فالمشبه صورة
السماء والنجوم منثورة فيها وقت الصباح والمشبه به صورة رياض من أزهار البنفسج
تخللتها أزهار الأقاحي، ووجه الشبه هو الصورة الحاصلة من شيء أزرق انتشرت في
أثنائه صور صغيرة بيضاء
ولنا
قدرٌ تقلب العظام كما يقلب الصبي المهاد
المشبه: صورة
القدر الكبيرة التي يتقلّب فيها اللحم بفعل الغليان
المشبّه به:
السرير الذي يتقلب فيه الطفل بتأثير الهزّ
وجه الشبه: وجود
شيء يتحرّك في شيء آخر
وقال ابن الرومي :
أول
بدء المشيب واحدة تشعل ما جاورت من الشّعر
مثل
الحريق العظيم تبدؤوه أول صول صغيرة الشّرر
- المشبه : حال الشّيب يبتدئ بشعره تؤثر فيما جاوزها من الشّعر الأسود
فتشبيه جميعًا.
- المشبه
به : حال الحريق العظيم تبدؤوه شرارة صغيرة
وجه الشبه : صورة شيء صغير يبدو أولًا ثم لا يلبث أن ينتج أمرًا عظيمًا
وخطيرًا.
ومنه قول أبي
تمام في مغنية تغني بالفارسية :
ولم
أفهم معانيها ولكن ورت كبدي فلم أجهل شجاها
فبت
كأنني أعمى معنى بحب
الغانيات وما يراها
فالمشبه هنا حال
الشاعر يثير نغم المغنية بالفارسية في نفسه كوامن الشوق وهو لا يفهم لغتها،
والمشبه به حال الأعمى يعشق الغانيات وهو لا يرى شيئا من حسنهن، ووجه الشبه هو
صورة قلب يتأثر وينفعل بأشياء لا يدركها كل الإدراك
ومنه قول شاعر في
صديق عاق :
إني
وإياك كالصادي رأى نهلا ودونه
هوة يخشى بها التلفا
رأى
بعينيه ماء عز مورده وليس يملك دون الماء منصرفا
فالمشبه حال
الشاعر مع صديقه العاق يدعوه الوفاء إلى الإبقاء على مودته، ويدعوه ما يراه فيه من
العقوق إلى قطعه ، وهو بين الأمرين حائر، ولكنه يصغي أخيرا إلى داعي الوفاء،
والمشبه به حال عطشان رأى ماء تحول بينه وبين الشرب منه هوة يخشى منها الهلاك على
نفسه لو دنا منه، فوقف حائرا ولكنه لا يستطيع الانصراف عن الماء، ووجه الشبه هو
صورة من يريد شيئا فتحول العقبات دونه فتدركه الحيرة ولكنه لا ييئس
وجه
الحسناء في المرآة كالقمر في صفحة الماء الصافي
- المشبه : وجه
المرأة الجميلة عندما تنظر إلى نفسها في المرآة
- المشبه به :
صورة القمر وهو منعكس على الماء الصافي
- وجه الشبه :
صورة شيء جميل ينعكس صورته وجماله على شيء صافٍ
أمثلة إضافية على
التشبه التمثيلي :
يا صاحبيّ تقصّيا نظريكما تريا وجوه الأرض كيف تصوّر
تريا نهارا مشمسا
قد شابه زهر
الرُبا فكأنما هو مقمر
شبه النهار
المشمس في الروض البهي المكلل بالأزاهير بالليل المقمر الساطع .
بين نوع التشبيه فى الأمثلة التالية :
كأنهم والأعادي نصب أعينهم سيل
يفيض على أعدائهم عرم
كأنّك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لـم يبد منهنّ كوكب
يقول الشاعر :
أَغارُ مِنَ الزُجاجَةِ وَهيَ تَجري عَلى شَفَةِ الأَميرِ أَبي الحُسَينِ
كَأَنَّ بَياضَها وَالراحُ فيها بَياضٌ مُحدِقٌ بِسَوادِ عَينِ
يقول
الشاعر :
والماء يفصل بين الزهر الروض في الشطين فصلا
يقول الشاعر :
وكأنَّ الهِلالَ نونُ لُجَينٍ غَرِقَتْ في صحيفةٍ زَرقاءِ
يقول الشاعر :
كَأَنَّ سَماءَها لَمّا تَجَلَّت خِلالَ نُجومِها عِندَ الصَباحِ
رِياضُ بَنَفسَجٍ خَضِلٍ نَداهُ تَفَتَّحَ بَينَهُ نَورُ الأَقاحي
يقول
الشاعر :
أولُ
بدءِ المشيب واحدة تُشعِل ما
جاورتْ من الشعر
مثل
الحريق العظيم تبدؤهُ أولَ صولٍ صغيرةُ الشرر
قال الشاعر :
مالت
علي الماء الغصون وقد جري هدب
تحف بمقلة زرقاء
ذهب
الأصيل علي لجين الماء والريح تعبث بالغصون وقد جري
وكقول الطرماح في وصف ثور وحشي
يبدو وتضمره البلاد كأنه سيف على شرف يسل ويغمد
وكقول البحتري في وصف الندى تحمله شقائق النعمان
شقائق يحملن الندى فكأنه دموع
التصابي في خدود الخرائد
-----------------------------------------------------------------------------------
كتاب البلاغة السهلة للأستاذ / عبدالرحمن معوض
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء